بعد زيارة عباس..فرنسا لن تعترف بالدولة الفلسطينية قريبا ولا مبادرة أوروبية للسلام..وماكرون وسيطا!

تابعنا على:   10:24 2018-09-22

أمد/ باريس: لم يسفر اجتماع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، أمس الجمعة، عن إعلان ما لمبادرة فرنسية فيما خص الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو الدعوة إلى اجتماع، أو مؤتمر دولي لإعادة إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 ولعل أهم ما أسفر عنه هو تكليف الرئيس الفرنسي بأن ينقل إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي سوف يلتقيه يوم الاثنين في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تفاصيل الموقف الفلسطيني وما تسعى إليه السلطة، وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية.

ورغم غياب الثمار التي كان محمود عباس يسعى إلى قطفها في باريس، فإن الأجواء بينه وبين ماكرون كانت لطيفة على ما يبدو الأمر الذي انعكس عناقاً وابتسامات بين الطرفين عند مغادرة الوفد القصر الرئاسي بعد اجتماع مغلق ثم موسع زاد قليلاً على الساعة.

وفي حديثه المختصر إلى الصحافة (أربع دقائق ونصف دقيقة)، أشار الرئيس الفلسطيني إلى أربعة أمور رئيسية، أولها «دور الوسيط» الذي تكفل به ماكرون مع ترمب، موضحاً أن الرئيس الفرنسي «سيحدثه بما تحدثنا به»؛ انطلاقاً من مبدأ أن الطرف الفلسطيني «على ثقة بموقف فرنسا» التي «تمتلك دائماً وأبداً رؤية واهتماماً بالتوصل إلى حل».

 وعمد الرئيس الفلسطيني خلال الاجتماع إلى شرح تقويمه للوضع الراهن ولما يتوقعه من باريس. وذهب «أبو مازن» إلى الإشادة بالمواقف الفرنسية تجاه القضية الفلسطينية معتبراً أنها «موضع افتخار» للطرفين. ولم يشر أبو مازن إلى اللقاء الذي يُخطط له بين ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

 لكن إذا حصل هذا الاجتماع، فسيكون بطبيعة الحال حول النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، وأفق العودة إلى طاولة المفاوضات وشروطها، ومناقشة «الأفكار» التي يحملها الرئيس الفرنسي.

ويتناول الأمر الثاني، بحسب «أبو مازن»، مسألة وجود «مبادرة» فرنسية سبق للرئيس ماكرون أن أشار إليها في خطابه أمام سفراء بلاده عبر العالم في 27 الشهر الماضي. ويفهم من كلام عباس أن باريس ليست بصدد إطلاق مبادرة منفردة، بل إنها ستسعى لبلورة مبادرة أوروبية.

وقال بهذا الصدد «فرنسا من أهم الدول الأوروبية وأعتقد أنها ستقود موقفاً أوروبياً، والرئيس حريص على هذا الدور». لكن متى سيبرز إلى العلن؟ أجاب «أبو مازن»، «لا أعرف».

ويتقاطع كلام الرئيس الفلسطيني مع ما ذكرته مصادر رئاسية فرنسية قبل ثلاثة أيام، حيث نفت وجود مبادرة فرنسية وأشارت إلى «أفكار» تتم بلورتها على المستوى الأوروبي. وواضح أن باريس تعتبر أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يكون «الرافعة» القادرة على دفع أفكارها وخططها إلى الأمام، وبالتالي فإن مبادرة أوروبية «جماعية» ستكون أكثر تأثيراً على الأطراف المعنية، وتحديداً الطرفين الأميركي والإسرائيلي.

أما الأمر الثالث الذي كانت له فسحة واسعة في محادثات باريس، أمس الجمعة، وبرز في تصريحات «أبو مازن» فيتناول ما سيطرحه في الأمم المتحدة في خطابه يوم الأربعاء وقوامه الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام. وسبق أن طرح هذه «الرؤية» على مجلس الأمن في اجتماع فبراير (شباط) الماضي. وقوام الطرح الفلسطيني بعد ما تعتبره السلطة الفلسطينية فشل الوساطة الأميركية المتحيزة لإسرائيل وانقطاع التواصل بين واشنطن ورام الله، هو مؤتمر دولي تنتج منه آلية دولية لرعاية المفاوضات ضمن مهلة زمنية محددة.

وقال «أبو مازن»، أمس، رداً على الاتهامات الإسرائيلية والأميركية، إنه لم يرفض أبداً المفاوضات، سرية كانت أم علنية، إنما «الرفض كان يأتي دائماً من نتنياهو». أما بالنسبة للمفاوضات المستقبلية، فإن أبو مازن «مستعد للذهاب إليها سراً أو علناً» لكن هذه المرة راعيها لن يكون الولايات المتحدة، بل «الرباعية الدولية زائد دول أخرى أوروبية أو عربية». وتأتي فرنسا بالطبع على رأس الدول الأوروبية.

تبقى مسألة رابعة، وهي الطلب الفلسطيني المتكرر من باريس الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وحتى اليوم، ما زالت باريس مترددة في اجتياز هذه الخطوة، ويبدو أن ترددها لن يزول. ولدى سؤاله عن هذا الموضوع، اختار الرئيس الفلسطيني تحاشي الإجابة مباشرة، مكتفياً بالقول إن الفرنسيين «بالتأكيد مهتمون بهذا الموضوع ويدرسونه أكثر فأكثر ويعتبرونه من أهم الموضوعات التي يجب أن تحوز على اهتمامهم»؛ ما يعني عملياً أن مسألة الاعتراف لن تحل غداً.

 وسبق لباريس أن هددت قبل ثلاثة أعوام باللجوء إلى الاعتراف الأحادي في حال فشلت جهودها السلمية و«المؤتمر» الذي كانت تريده حكومة الرئيس السابق فرنسوا هولاند. والحال أن فرنسا لم تجرؤ على السير على هذه الطريق.

وغابت عن حديث عباس مسألة العلاقة مع واشنطن والتدابير الزجرية والعقابية التي تتخذها، ومنها قطع مساهمتها المالية في منظمة الـ«أونروا». وبخصوص هذه المسألة الأخيرة، أشار «أبو مازن» إلى أن الأوروبيين ودولاً أخرى «يعملون بجدية للتعويض» عن الغياب الأميركي. وفهم من مصادر فلسطينية أن ما يريدونه هو الوصول إلى «آلية تمويل مستدامة» وليس سد العجز عندما يظهر هنا وهناك.

ومساء صدر بيان عن قصر الإليزيه أشار إلى أن الرئيسين تناولا «الوضع الحساس» للسلطة الفلسطينية بسبب الإجراءات الأميركية، وإلى التزام ماكرون بالعمل دبلوماسيا للخروج من وضع «لم يعد يطاق». وشدد الأخير، بحسب البيان، على تمسك فرنسا بحل الدولتين وبالمحددات الدولية المعروفة.

وبالنسبة إلى غزة، أشار البيان إلى تمسك الطرفين بتحسين الأوضاع الإنسانية وإلى الوساطة المصرية للمصالحة بين «حماس» والسلطة وعودتها إلى غزة وإجراء انتخابات ستشكل مدماكاً في قيام دولة فلسطين الديمقراطية. ولم يفت ماكرون التذكير بتمسكه بأمن إسرائيل وفي الوقت عينه تنديده بسياسة الاستيطان المتسارعة.

اخر الأخبار