أضواء على الصحافة الإسرائيلية 15 أيلول 2018

تابعنا على:   13:23 2018-09-15

أمد / مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي: العائق الباطني حول غزة لن يزيل تهديد الأنفاق بالكامل

قال ضابط كبير في سلاح اليابسة الإسرائيلي لصحيفة "هآرتس" إن الحاجز الذي يقام فوق وتحت سطح الأرض، حول قطاع غزة، والذي يهدف إلى منع تسلل الأنفاق إلى إسرائيل لن يزيل التهديد بالكامل. وقال "العائق يصد بشكل كبير انفاق حماس الخارقة للسياج... لكن لا يمكننا خداع انفسنا .. هناك إدراك اليوم بانه لا يوجد عائق لا يمكن خرقه، وسنواصل البحث عن أنفاق حتى بعد بناء العائق."

وتتناقض تصريحات الضابط الكبير مع المزاعم التي عبّر عنها كبار مسؤولي الجيش في الأشهر الأخيرة، ويؤكد الضابط في حديثه مع "هآرتس"، أن حماس تتعلم باستمرار. وقال موضحا: "في غزة اليوم هناك عالم كامل من الأنفاق تحت الأرض. وليس المقصود أنفاق كتلك التي نعرفها، مع مدخل ومخرج. بل المقصود شبكة كبيرة للغاية من الأنفاق التي يتم الدخول إليها من داخل منزل أو مصنع أو مؤسسة عامة وتقود إلى أماكن مختلفة، وترتبط بأنفاق مختلفة، هذه شبكة من الأنفاق، كتلك التي نعرفها من قطارات الأنفاق في مختلف البلدان في العالم".

ويدعي الجيش الإسرائيلي أنه على علم تام بالأصوات السياسية التي تطالب بشن حرب في غزة، على الرغم من أن القيادة السياسية في هذه المرحلة تقبل موقف المؤسسة الأمنية الداعي إلى استنفاد إمكانية التوصل إلى اتفاق. وتصر المؤسسة الأمنية على إنهاء بناء الجدار حول قطاع غزة، الذي ينظر إليه على أنه أكثر أهمية من أي عملية عسكرية داخل قطاع غزة.

وتعتقد القيادة الجنوبية أنه إذا طُلب من الجيش دخول القطاع في جولة أخرى من القتال، حتى لو كان ذلك محدودًا، فإن القوات ستواجه تحديات جديدة لم تشهدها حتى الآن. ووفقًا لتقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن حماس تقصد جعل الجيش يناور داخل قطاع غزة. وقال الضباط الرفيع: "تدرك حماس أن العائق هو مشكلة وتستثمر موارد أقل اليوم في بناء أنفاق تتسلل إلى إسرائيل، لكنها تواصل تعزيز شبكة أنفاقها داخل غزة. ستفعل حماس كل ما في وسعها لإجبار الجيش الإسرائيلي على دخول قطاع غزة. وهي تفهم بأنها تتمتع بتفوق هناك ولذلك تواصل بناء أنفاق داخل أراضيها".

وقال الضابط أيضا: "إذا طُلب من الجيش الإسرائيلي المناورة داخل غزة، فلا شك في أن مسألة الأنفاق ستكون التهديد الأكثر تحديًا للقوات. هذا لا يلزمنا على دخول أي نفق، ولكن من المتوقع أن تكون هناك حاجة تشغيلية للعمل داخل هذه الأنفاق، ومع كل الصعوبة، سنعرف كيف نفعل ذلك." ويشار إلى أن استعدادات الجيش الإسرائيلي للأنفاق تشمل إنشاء وحدات خاصة للتعامل فقط مع هذا التهديد. ووفقاً للضابط الكبير، فقد "تم أيضاً تدريب وحدات النخبة والدوريات على العمل ضد الأنفاق، وهناك الكثير من المعدات التي تم شراؤها للحرب تحت الأرض".

ويلاحظ الجيش الإسرائيلي، في الأشهر الأخيرة، عددا من المحاولات لوضع عبوات ناسفة بالقرب من السياج الأمني. وبالإضافة إلى العبوات التي يتم وصلها بالطائرات الورقية والبالونات، تم يوم الخميس الأخير، زرع عبوة قرب السياج، تمكن الجيش من تفكيكها. ورغم انخفاض عدد الطائرات الورقية والبالونات، إلا أن الجيش يشعر بالقلق إزاء فهم حماس للإمكانيات الكامنة في إرسال العبوات، الرخيصة والفعالة، التي تسبب صدى إعلاميًا، من جهة، وتسبب عدم الأمن لدى سكان غزة، من جهة أخرى. لذلك، يعتقد الجيش أن هذه الممارسة سوف تتكرر بطرق مختلفة إذا لم يتم الحفاظ على الهدوء الأمني.

ويدعي الجيش الإسرائيلي أن لدى حماس القدرة على إرسال الطائرات الشراعية التي ستستخدم أيضا كقنابل طائرة. وعلى النقيض من البالونات والطائرات الورقية، فإن الطائرات الشراعية والطائرات بدون طيار أكثر دقة ويمكن أن تجد أهدافا بسهولة وفعالية داخل البلدات الإسرائيلية أو بالقرب من قوات الجيش المرابطة بالقرب من السياج. وقال الضابط الرفيع: "نحن مستمرون في الاستعداد وتعلم موضوع العبوات المرتبطة بالبالونات والطائرات الورقية. حاليا يجري الحديث عن وسائل بسيطة، لكن التقدير هو أن حماس تدرك إمكانات هذا الشيء".

ووفقاً لادعاء الضابط، فقد حسّنت حماس في السنوات الأخيرة قدراتها في كل ما يتعلق بالعبوات الناسفة، سواء من حيث نوعية المتفجرات أو نوعية أنظمة التشغيل. ويمكن رؤية الأدلة على ذلك في حادثين وقعا مؤخرا وأصيب فيهما جنود. في إحدى الحالات، أصيب أربعة جنود بجروح في انفجار قنبلة قوية وضعت داخل سارية علم وتم تفعيلها من مسافة بعيدة. وفي حالة أخرى وقعت في شهر أيار من هذا العام، تم وضع عبوة ناسفة داخل أداة لقطع السياج - وهي طريقة فاجأت الجيش. وقال الضابط: "في العام الماضي، زادت حماس بشكل كبير من جودة تفجيراتها وعبواتها ضد قوات الجيش الإسرائيلي على طول السياج، لديهم أنظمة تشغيل أكثر تطوراً من الماضي. واذا كانت حماس لم تنجح خلال عملية الرصاص المصبوب بتفجير عبواتها بجانب قوات الجيش بشكل دقيق، فقد كان الأمر مختلفا خلال حملة الجرف الصامد، حيث أن العبوات التي أعدتها حماس ضد قوات الجيش انفجرت وكانت هناك بالتأكيد عبوات افضل مما كنا نعرف من قبل. ومنذ ذلك الحين يمكننا القول على وجه اليقين بأنهم تحسنوا أكثر".

شبان فلسطينيون يفجرون لقاء إسرائيليا - فلسطينيا بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاتفاقيات أوسلو

تكتب صحيفة "هآرتس" أن 15 شابا فلسطينيا، اقتحموا يوم الأربعاء، نشاطا إسرائيليا – فلسطينيا لإحياء الذكرى الـ25 لاتفاقيات أوسلو، في القدس الشرقية، وتسببوا بوقفه بعد فترة قصيرة من بدايته. وقد أقيم هذا النشاط في فندق American Colony ، بمناسبة صدور العدد الجديد من "مجلة فلسطين-إسرائيل" (Palestine-Israel Journal )، الخاص بالذكرى ألـ 25 لتوقيع الاتفاقيات. وشارك في الحدث عشرات الفلسطينيين والإسرائيليين والدبلوماسيين الأجانب. وكان من بين المشاركين قناصل وسفراء من الولايات المتحدة والنرويج والسويد وبلدان أخرى.

وقد اندفع الشبان عندما بدأ محرر المجلة، السياسي الفلسطيني زياد أبو زياد، بإلقاء كلمته، وقاموا بتحطيم أكواب الماء وألقوا بمكبرات الصوت ورددوا شعارات تندد بالتطبيع مع إسرائيل وتدين اتفاقيات أوسلو وتطالب بحرية الشعب الفلسطيني. ووفقاً للحاضرين، فإن أعمال الشغب لم تصل إلى عنف جسدي، لكن أحدهم على الأقل هدد أبو زياد.

بعد ذلك، طالب الشباب الجمهور بمغادرة المكان وتوقف النشاط. وقال المحرر الإسرائيلي للصحيفة، هليل شنكار: "لم يكن هناك خيار سوى تفريق النشاط وعدم الاستمرار في مواجهتهم. هذا لم يكن حفل غناء ورقص، بل كان حدثا للحديث عن السياسة بين الحلفاء، مع الناس الذين يريدون إنهاء الاحتلال، نحن لسنا العدو".

وقال البروفيسور مناحيم كلاين، من جامعة بار إيلان، أحد محرري المجلة والذي كان من المفترض أن يتحدث في هذا اللقاء: "كان الأمر حقيقياً للغاية، الكثير من طاقة الغضب، والمرارة والإحباط التي لا تجد مكانا لتفريغها غير هذا العمل. لا توجد في المؤسسة الفلسطينية أي طريقة لتفريغ هذه المشاعر. أنا أفسر هذا الأمر على أنه مسألة تتعلق بالجيل، وهي ليست ظاهرة عشوائية". وهذه هي المرة الثانية التي يشهد فيها كلين مثل هذا الحادث: فقبل عام ونصف، قامت مجموعة مماثلة بتفجير نشاط لمجموعة مبادرة جنيف في فندق امباسدور في المدينة.

شكيد ترد على البرلمان الأوروبي: إسرائيل تتصرف بشكل قانوني، السلطة الفلسطينية تستغل سكان خان الأحمر

تكتب "هآرتس" أن وزيرة القضاء اييلت شكيد، ردت يوم الخميس، على قرار الاتحاد الأوروبي ضد إجلاء سكان خان الأحمر، وقالت إن إسرائيل تتصرف بشكل قانوني. وكتب شكيد على تويتر: "أوصي أعضاء البرلمان الأوروبي بتكريس الوقت لقراءة آخر قرار للمحكمة العليا الإسرائيلية. لقد صدر هذا القرار بعد سنوات من الإجراءات القانونية عقب العديد من الالتماسات ضد البناء غير القانوني في خان الأحمر".

وكان البرلمان الأوروبي قد حذر في قراره من أن إخلاء القرية سيعتبر جريمة حرب وأن "النقل القسري" لسكان الأراضي المحتلة محظور بموجب اتفاقية جنيف ويشكل "خرقا جسيما للقانون الدولي".

كما كتبت شكيد أن "الحكومة الإسرائيلية مسؤولة عن الحفاظ على النظام العام في المنطقة، بما في ذلك تنفيذ قوانين التخطيط والبناء، وقد بذلت إسرائيل جهودًا كبيرة للتوصل إلى حل متفق عليه مع سكان خان الأحمر لتوطينهم بشكل قانوني. وبعد أشهر من المفاوضات رفض السكان كل الاقتراحات. من المؤسف أنه تم دفع السكان من قبل السلطة الفلسطينية لرفض كل الحلول البديلة التي قدمتها لهم السلطات، وأنه تم استغلال السكان بشكل ساخر لأغراض سياسية. إسرائيل ستواصل الحفاظ على سيادة القانون، وفقا للقانون الدولي وقرار المحكمة العليا".

وينص قرار البرلمان على أنه "يحذر إسرائيل من أن هدم قرية خان الأحمر والتهجير القسري لسكانها سيشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي". وهذا في إشارة إلى اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر نقل السكان في الأراضي المحتلة، وتقول إن هذا يشكل جريمة حرب. وأضاف أعضاء البرلمان أن هذه الخطوة من شأنها أن تعرض حل الدولتين للخطر، وطالبوا قيادة الاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوات ملموسة، من بينها مطالبة إسرائيل بدفع تعويضات عن هدم البنية التحتية في القرية التي أقيمت بتمويل أوروبي. ويدعو القرار إسرائيل إلى وقف سياسة الهدم في المنطقة (ج) وتوفير الخدمات الأساسية للسكان الفلسطينيين في المنطقة الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي.

كوشنر: الفلسطينيون يستحقون خسارة مساعداتنا لهم بعد أن أساؤوا لإدارة ترامب

تكتب "هآرتس" أن جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال إن الإجراءات العقابية التي تتخذها الإدارة الأمريكية ضد الفلسطينيين لا تقوض إمكانيات التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. جاء ذلك في إطار مقابلة منحها لصحيفة نيويورك تايمز بعد ثلاثة أيام من إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

ووفقا له، يستحق الزعماء الفلسطينيون فقدان المساعدات بعد أن أساؤوا لإدارة ترامب. وأضاف أن معظم المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة للأونروا والمنظمات الفلسطينية الأخرى قد أهدرت على أي حال. وقال "لا أحد لديه حق مكتسب للمعونة الأمريكية."

وادعى كوشنر إن ترامب في الواقع يحسن فرص السلام بإزالة "العروض الكاذبة" بشأن محاولات التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط. وأضاف: "هناك الكثير من العروض الكاذبة التي تم عرضها - عروض يعجب بها الناس - أعتقد أنه كان يجب أن تتغير. كل ما نفعله هو التعامل مع الأمور كما نراها، دون خوف من فعل الشيء الصحيح، وأعتقد أنه نتيجة لذلك هناك فرصة أكبر بكثير للتوصل إلى اتفاق سلام."

في هذا السياق تكتب "يسرائيل هيوم" أن سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أدلت بتصريح مشابه لتصريح كوشنر. وتكتب الصحيفة أن هيلي، دافعت عن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الإدارة ضد الفلسطينيين، وخلال مقابلة أجرتها معها شبكة فوكس نيوز، اتهمت الفلسطينيين أنفسهم بالمسؤولية عن القرارات الأميركية.

وقالت هيلي: "كل ما فعلوه هو مد أياديهم وطلب المال، بينما يلطخون اسم الولايات المتحدة ولا يتفاوضون على صفقة السلام، فلماذا يكون لدينا مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية؟ ولماذا نواصل تمويل الفلسطينيين؟ " وسُئلت السفيرة عما إذا كانت تعتقد أن النهج الصارم للإدارة سيقود السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات، وأجابت فقط بأن "الأمر يعتمد كليًا على السلطة". ومع ذلك، أصرت على أن العمل على خطة السلام التي وضعتها الإدارة - والتي يعمل بها المستشاران الخاصان للرئيس، جارد كوشنر وجيسون غرينبلات - ستتواصل بغض النظر عن الرفض الفلسطيني. وأضافت: "سنواصل المضي قدما وسنظل نأمل أن يرى الفلسطينيون انهم مخطئون ويعودون إلى طاولة المفاوضات وسنرحب بهم عندما يفعلون ذلك."

ولم تخض هيلي في التفاصيل، لكنها شددت على أن السلطة الفلسطينية لديها كل المصالح للدخول في الاتصالات. "إذا جاءت القيادة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات، فستكون هناك خطة سلام أوتوماتيكية بالفعل"، على حد تعبيرها، وأضافت: "ستجري المفاوضات، ولن يعجب بها أي من الطرفين، لكن للفلسطينيين مكاسب أكبر بكثير مما ستحصل عليه إسرائيل".

 

مقالات

منذ البداية كانت إسرائيل تنوي استغلال أوسلو لتعميق الاحتلال

تكتب عميرة هس في "هآرتس" أن "البنتوستانات" الفلسطينية ـ محميات أو جيوب ـ هي حقيقة واقعة، خلقها الحدث الجيوسياسي الأكثر بروزا في ربع القرن الماضي. يمكن القول إن بذورها غرست مع الاحتلال في 1967، لكنه تم تسريع العملية وتشكلت ونضجت وتعمقت بموازاة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين: في البداية محادثات مدريد، ثم واشنطن في نهاية 1991، وبعد ذلك مسيرة أوسلو.

من يؤمنون بالتصريحات حول السلام والشرق الأوسط الجديد سيواصلون الإيمان بأن الصدفة، وأخطاء إنسانية مؤسفة، وسوء حظ، وأخطاء تقنية، هي التي أدت إلى تشكل المحميات الفلسطينية، المدفونة في فضاء إسرائيلي متواصل بين البحر والنهر وتخفي كل منطق من تسوية منطقية بين إسرائيل والفلسطينيين، وحق تقرير المصير للفلسطينيين. آخرون سيواصلون الادعاء بأن كل شيء كان فقط ردًا على العمليات التي نفذها الفلسطينيون الذين عارضوا اتفاقات أوسلو وياسر عرفات.

ولكنني أرغب في الاعتراف بقدرة تخطيط المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، والدقة المحسوبة التي تقف من خلف القدرة على قول شيء نحو الخارج (السلام) وفعليًا عمل العكس (مواصلة الاحتلال بواسطة وكلاء ثانويين، من خلال التنصل من المسؤولية الاقتصادية والقانونية عن سكان محتلين).

نوايا إسرائيل غير سليمة

هذه هي الأضواء التحذيرية الأساسية التي أضيئت منذ لحظة التوقيع على إعلان المبادئ في السنوات الأولى بعد ذلك، وعلمتني منذ مرحلة مبكرة جدًا أن أشكك بنوايا إسرائيل من المفاوضات

٭ في الوقت الذي تقررت فيه خطوات تدريجية لتطبيق الاتفاق المرحلي لم يحدد هدف المفاوضات بصورة صريحة، أي لم يحدد بأن الهدف هو إقامة دولة فلسطينية على الأرض المحتلة في عام 1967، خلافًا لما استنتجه الفلسطينيون والكثيرين في معسكر السلام الإسرائيلي في حينه وفي الدول الأوروبية. ما هو المنطق في التقدم التدريجي نحو هدف غامض، الذي يفهمه الطرف الفلسطيني ومن يحبون الاتفاق في أوروبا فقط، كتطبيق لحق تقرير المصير، في حين أن الطرف القوي يحتفظ لنفسه بحق فرض تفسيراته الذاتية؟

٭ كلمة "احتلال" لا تظهر في إعلان المبادئ. وفي المقابل، التزم ياسر عرفات برسالة لإسحق رابين بأن م. ت. ف ستتخلى عن استخدام الإرهاب. إخفاء "الاحتلال" في وضع معين وكمصدر للعنف كان تعبيرًا عن التناقض الدبلوماسي ـ الإعلامي الذي قامت به إسرائيل بنجاح: علاقات القوة الحقيقية ـ بين المحتل والواقع تحت الاحتلال ـ ترجمت إلى "المطارَد" الإسرائيلي و "المطارِد" الإرهابي الفلسطيني. عبء الإثبات ألقي على الفلسطينيين (محاربة الإرهاب) وليس على إسرائيل (إنهاء الاحتلال).

المفاوضات على نقل الصلاحيات للسلطة الفلسطينية وضعت في أيدي الإدارة المدنية، رغم أنه في أقل من 15 سنة من وجوده تطور هذا الجسم كأداة لتنفيذ سياسة الاستيطان والسيطرة العسكرية بغطاء مدني على الفلسطينيين. وخلافًا للإعلان عن "تغيير القرص"، فإن الموظفين والضباط الذين أداروا المفاوضات المدنية لم يتمكنوا إلا من الحفاظ على هدف منظمتهم والحفاظ على العلاقة السيادية والمتعالية تجاه الفلسطينيين.

٭ في إعلان المبادئ الموقع في 13 أيلول 1993 كتب أن الطرفين يعتبران الضفة الغربية وقطاع غزة "وحدة جغرافية واحدة سيتم الحفاظ على سلامتها خلال الفترة الانتقالية". بدلا من ذلك، فعلت إسرائيل كل ما في استطاعتها من أجل فصل سكان القطاع عن الضفة من خلال نظام حظر الحركة. صحيح أن عدد الخارجين من قطاع غزة والداخلين إليه في التسعينيات كان كبيرًا مقارنة مع العدد الصغير لهم اليوم، لكنه نفسه كان قليلا مقارنة بالوضع الذي كان قبل 15 كانون الثاني 1991 عندما بدأت إسرائيل للمرة الأولى بنظام حظر الحركة الكاسح، وأجبرت الفلسطينيين على طلب تصاريح دخول شخصية (هذا كان قبل ثلاث سنوات من تنفيذ العمليات الانتحارية في إسرائيل).

٭ وفقًا لمطالبة إسرائيل تقرر أن المفاوضات ستواصل التحكم بالسجل السكاني الفلسطيني، أي سيكون في يدها القرار لمن تعطي إقامة فلسطينية ولمن لا. في الاتفاق المرحلي هناك بند يعطي الفلسطينيين صلاحية إجراء تغييرات محددة في تسجيل السكان، مثل تغيير العنوان والمكانة الشخصية، لكن يجب عليهم إبلاغ الجانب الإسرائيلي بهذا التغيير.

إسرائيل تتعامل مع القطاع كمنطقة منفصلة عن الضفة

في نهاية 1996 تبين للفلسطينيين أن إسرائيل ترفض الاعتراف بتغيير العنوان المسجل في بطاقة الهوية ـ من مدن القطاع إلى مدن الضفة الغربية (بالأساس لآلاف من مواليد القطاع الذين كانوا لسنوات في الضفة)، في حين أنها صادقت على تغيير العنوان داخل الضفة أو داخل القطاع. هذه الخطوة البيروقراطية الضئيلة كما يبدو هي ذات أهمية كبيرة: تثبت أن إسرائيل واصلت التعامل مع القطاع كمنطقة منفصلة عن الضفة الغربية، وغزة حسب رأيها هي جيب منفصل.

٭ في 1997 حظرت إسرائيل على سكان القطاع الدخول إلى الضفة الغربية عن طريق معبر اللنبي. منذ تم البدء بنظام تصاريح الحركة الشخصية في كانون الثاني 1991، والفلسطينيون الذين لم يحصلوا على تصاريح السفر عبر إسرائيل بين القطاع والضفة الغربية، اكتشفوا أنه يمكنهم القيام بالتفافة كبيرة: قاموا بالسفر عبر معبر رفح إلى مصر ومن هناك إلى الأردن ودخلوا إلى الضفة الغربية عبر جسر اللنبي

هؤلاء بالأساس كانوا طلابًا في جامعات الضفة ورجال أعمال وأصحاب عائلات منفصلة، وآخرون رفضت طلبات حصولهم على تصاريح والذين استخدموا بشكل اضطراري هذه الطريق الطويلة والمكلفة. منذ 1997 أصبح سكان القطاع ملزمين بطلب تصريح دخول عبر معبر اللنبي (الذي أعطي فقط في حالات نادرة) ـ هذا إثبات آخر على أن إسرائيل تتعامل مع جزئي المناطق الفلسطينية كمنفصلين، وهي تخرق بذلك المكتوب في إعلان المبادئ.

٭ بند المياه في الاتفاق المرحلي يعبر بصورة تهكمية بشكل خاص عن تعامل إسرائيل مع الضفة الغربية كجيب منفصل. وباستثناء عدة ملايين من الأمتار المكعبة التي ضخت إليها من إسرائيل (كتعويض عن المياه العذبة والصالحة التي سحبت من أراضيها لصالح المستوطنات) فإن قطاع غزة كان عليه وما زال أن يكتفي بخزان المياه الجوفية الموجود في حدوده. وهو الخزان الذي زود بالمياه حوالي 80 ألف شخص من الفلسطينيين الأصليين الذين عاشوا في مناطق القطاع قبل عام 1948، وواصل تزويد المياه أيضًا للسكان الفلسطينيين الذين أضيفوا في 1949 (200 ألف شخص تقريبًا)، وبعد ذلك للسكان الذين تكاثروا إلى أن وصلوا إلى حوالي 900 ألف شخص في 1994 وإلى حوالي مليوني نسمة الآن.

منذ نهاية الثمانينيات، يعاني قطاع غزة من تسرب مياه البحر إلى المياه الجوفية بسبب السحب الزائد. بدل الحل البسيط المتمثل بضخ المياه إلى القطاع من أراضيه (التي كانت تعوض بشكل قليل عن كميات المياه الكبيرة التي تسحبها إسرائيل من المصادر الموجودة في الضفة الغربية لصالح الإسرائيليين في إسرائيل وفي المستوطنات)، فرضت إسرائيل على القطاع أن يدير سوق مياه ذاتية. هكذا وصل القطاع إلى الوضع الكارثي اليوم الذي ما نسبته 97 في المئة من مياهه غير صالحة للشرب.

٭ مذبحة غولدشتاين؛ المستوطنون العنيفون في الخليل لم يتم إخلاؤهم من المدينة، بل إنهم وزيادة على ذلك حصلوا على جائزة. حكومة رابين عاقبت الفلسطينيين بسبب المذبحة التي نفذها إسرائيلي ـ يهودي بهم، وفرضت عليهم حظر تجول طويل. بعد ذلك تم فرض عدة قيود على الحركة، بالتحديد على الفلسطينيين، من أجل تطبيق مبدأ الفصل بينهم وبين المستوطنين، مفضلين راحة اليهود القليلين على حساب الأغلبية الفلسطينية.

٭ الانطباع بـ "التبادلية" و"التناظر" بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذي يحاول إعلان المبادئ خلقه، وبالرغم من طول عملية التفاوض، فإن مكانة الأسرى الفلسطينيين لم تساو مكانة الجنود الإسرائيليين الذين قادتهم (وهم الآن يجلسون ويتفاوضون مع الطرف الثاني) أرسلوهم للقتال والقتل. هؤلاء الذين أسماؤهم وأماكن سكنهم مكشوفة للجميع وصفوا كمجرمين، في حين أن الإسرائيليين وصفوا بالأبطال. إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين لم يذكر في إعلان المبادئ، وعمليات إطلاق السراح الجزئية التي أعقبت ذلك اقترنت دائمًا بالإهانة والمماطلة وتجاوزت بشكل صريح الفلسطينيين الذين قتلوا إسرائيليين قبل التوقيع على اتفاق أوسلو.

مواصلة هدم منازل الفلسطينيين

٭ إسرائيل واصلت في التسعينيات هدم منازل فلسطينية في الضفة الغربية بذريعة عدم وجود رخص، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أنه منذ السبعينيات وإسرائيل تبخل في إعطاء رخص بناء للفلسطينيين وفي تطوير مخططات هيكلية لهم.

٭ في تموز 1994 وأثناء أوسلو وتحت حكومة "العمل - ميرتس" أصدرت أوامر إخلاء للبدو من قبيلة الجهالين لصالح توسيع مستوطنة معاليه أدوميم. في أيار 1995 رفضت المحكمة العليا التماسًا ضد الإخلاء. أوامر إخلاء مشابهة صدرت لتجمعات أخرى من الرعاة والمزارعين، الذين وبصورة تقليدية ومن أجل كسب الرزق يقضون جزءًا كبيرًا من وقتهم في أراض خارج قراهم، مثلًا، قرب ما تحول فيما بعد إلى شارع 443 أو في غوش عتصيون.

٭ الاتفاق المرحلي نص على تقسيم غير عادل لمصادر المياه في الضفة الغربية، وحدد حصة لكمية المياه المسموح للفلسطينيين استهلاكها، ولكن هذا لم يفرض على المستوطنين. آبار المياه في غور الأردن واصلت وتواصل توفير كميات مياه لستة آلاف مستوطن تعادل حوالي ربع الكمية التي خصصت لـ 1.5 ـ مليون فلسطيني. في لجنة المياه المشتركة تبين للفلسطينيين أنه من الأفضل لهم المطالبة بالمصادقة على أنابيب مياه بقطر أصغر من القطر الذي خطط في البداية، وإلا فإن إسرائيل لن تصادق على المشروع المقترح.

٭ ورغم وجود مادة في الاتفاق تقول إن الطرفين لا ينفذان تغييرات تؤثر على نتائج الاتفاق الدائم، في 1995 بدأت وزارة الداخلية برئاسة حاييم رامون في إلغاء الإقامة لآلاف الفلسطينيين في القدس بذريعة أن مركز حياتهم ليس في المدينة. هكذا أعطي الضوء لما سمي بالترحيل الهادئ: طرد أشخاص من المدينة وتحويلهم بدون مكانة وبدون وثائق هوية شخصية، هكذا تطور نظام تفتيش وتجسس لوزارة الداخلية والتأمين الوطني على عشرات آلاف الفلسطينيين. وثمة قيود بناء الفلسطينيين في شرق القدس أيضًا بقيت على حالها، ونظام تصاريح الحركة قطع العلاقة الطبيعية التي كانت للفلسطينيين مع المركز الاقتصادي والديني والاجتماعي والثقافي هذا، الذي وفر لهم حتى الآن أيضًا خدمات صحية.

تقسيم الضفة إلى مناطق مختلفة

٭ في الاتفاق الانتقالي تم الاتفاق على تقسيم الضفة إلى مناطق سيطرة (أ) و (ب) و (ج) وفقًا لخطة إعادة الانتشار التدريجية للجيش الإسرائيلي (ما سمي بالخطأ انسحابًا) ـ أولاُ من المدن وبعد ذلك من القرى، وأخيرًا من المناطق المأهولة أقل التي تشكل احتياطًا للأرض والفضاء للكيان الفلسطيني. حتى لو تجاهلنا حقيقة أن إسرائيل حددت وتيرة إعادة الانتشار ووقفها، فإن الاتفاق لا يحدد ما هو حجم المنطقة التي ستخلى في النهاية. كل طرف فسر ذلك كما يشاء والغموض عمل مرة أخرى لصالح الطرف القوي ـ إسرائيل.

بعد 25 سنة، المناطق (ج) الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة هي أكثر من 60 في المئة من أراضي الضفة. لقد كان لإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي منطق أمني، لكن إبقاء الصلاحية المدنية ـ الإدارية في أيدي إسرائيل في المناطق (ج) أعطت للدولة مهلة للسيطرة على المزيد من الأراضي أثناء المفاوضات. إسرائيل حافظت وتحتفظ لنفسها بمعظم الضفة الغربية كمنطقة تقيد فيها حتى الحد الأدنى من البناء والتطوير الفلسطيني، وكاحتياط أرضي لتوسع المستوطنات.

٭ الطرق الالتفافية تم شقها من أجل عدم اضطرار المستوطنين للسفر إلى بيوتهم عبر المدن الفلسطينية. لقد مزقت مناطق الضفة الغربية بدون أن تهتم بالعلاقات المتبادلة بين المدن الرئيسية الفلسطينية وقراها وبلداتها، وقطعت طرق تاريخية. الطرق الالتفافية كانت وسيلة لتخليد الاتفاق الذي كان من شأنه أن يكون مؤقتًا. تنظيم الفضاء الجغرافي والبناء في المنطقة تمت حياكته حسب حاجات المستوطنين في الحاضر، التي هي أيضًا احتياجات المشروع الاستيطاني في المستقبل: مثلا تم شق شارع الأنفاق لتحويل غوش عتصيون إلى حي فاخر جنوبي للقدس. الوعود التي أعطيت للمستوطنين في الاتفاق الانتقالي تجعل الاتفاق النهائي زائدًا، والذي كان يلزم بإخلائهم، هكذا جذبوا المزيد من الإسرائيليين للمجيء والسكن في المستوطنات والمطالبة ببقائها.

٭ إسرائيل لم تجد من الصواب إظهار خطوات بناء ثقة في مسألة الأرض والفضاء. والجانب الإسرائيلي كان يمكنه تعويض الفلسطينيين عن مصادرة الأراضي لصالح الطرق الالتفافية، وذلك من خلال إعادة مئات آلاف الدونمات من الأراضي التي أعلن عنها في الثمانينيات كأراضي دولة، خارقين بذلك القانون الدولي. هذا لم يحدث لأنه منذ البداية لم تتنازل إسرائيل عن شعار "أكبر قدر من الأرض مع أقل قدر من العرب".

السيطرة على مناطق (ج)، وإبقاء الحظر على البناء والحركة للفلسطينيين، والبناء في المستوطنات وشبكة الطرق الالتفافية، كل ذلك معًا مكن من عملية استنساخ واقع جيب غزة في داخل الضفة الغربية، وخلق المزيد من الجيوب الفلسطينية التي ابتلعت في الفضاء الإسرائيلي، لكنها منفصلة عنه. نهاية تفكير: لم يكن هناك ومنذ البداية حديث عن السلام.

صفقة ربع القرن!

يكتب يوعاز هندل في "يديعوت احرونوت" أن من تربى تربية دينية ولا يزال يزور الكنس لا يمكنه أن يبقى لا مباليًا في هذه الفترة من السنة. هناك نموذجان في الموقف من الأيام الرهيبة: الأول يذوب في الصلوات، ويتأثر بالمنشدين وبالأنغام، يجلس صامتًا ملتفًا بمئزر الصلاة، والثاني ينفر من الصلوات ولا يستطيع الدخول لأكثر من 10 دقائق متواصلة إلى الكنيس. هذا ليس خوفًا من حساب النفس الذي يكون في عشرة أيام التوبة. وأنا أنتمي إلى النوع الثاني، أولئك الذين لم يتمكنوا أبدًا من الجلوس بارتياح. وفي السنوات الأخيرة أصل إلى هناك في أيام السبت وأسمع العزف وأقرأ الكتاب وأفكر فيما يجري حولي. وأسمح لنفسي بأن أخرج كل عشر دقائق لأشعر بالارتياح مع يهودية عديمة البخور. وماذا عن حساب النفس؟ هذا اختراع يهودي رائع لا يبدو أنه يناسب كل شخص في العصر الحالي. وكي يعمل عندي ينبغي لي أن أعرق. وفي يوم الغفران أجدني أرتاح ولا أحتاج للعرق؛ فهذا يخرج مني الخطايا التي لم أعرف بوجودها.

عندما نفحص دولة إسرائيل يتبين لنا أن هناك نماذج أخرى يصعب عليها التعايش مع حساب النفس في صيغته الحالية. فبعد 25 سنة من اتفاقات أوسلو لا يوجد تقريًبا حساب للنفس ليس فيه أمنيات سياسية. عدد لا يحصى من الكلمات سكبت على ما كان في حينه دون قدرة على الحديث عن النتيجة النهائية، وقد باتت نهائية لمن لم ينتبه

اتفاقات أوسلو التي تظاهرت ضدها هي حقيقة ناجزة، وما بدأ كرهان خطير من جانب اليسار وأدى إلى أنهار من الدم في العقد الأول أصبح الحل السياسي الوحيد الذي يتبناه اليمين في العقد الأخير. أما التغيير الدراماتيكي فيخلق موقفًا خاصا من التاريخ. يسهل على المرء أن يتعاطى مع خطايا الماضي وألا يسأل كيف ابيضت وأصبحت مصلحة. لا يهم ما يقوله الوزراء عن السلطة. المهم هي التعليمات التي يصدرونها للجيش الإسرائيلي لكي يحافظ عليها من كل شر… كُباد فلسطيني. 

كما أن الادعاءات التي يطرحها اليسار بين الحين والآخر بأن اليمين لا يوفر الحلول، صحيحة نظريًا فقط، أما في العالم العملي فاليمين انفصل عن الفلسطينيين. وبشكل عبثي فإن اتفاقات أوسلو هي الحل الذي يطرحه، فصل غير كامل، ولكنه فصل. الحدود تغيرت في أوسلو وفي فك الارتباط وليس هناك من يعيدها إلى الوراء. غزة أصبحت منذ الآن دولة عدو. السلطة - على 40 في المئة من المساحة - مفصولة عن إسرائيل. الحد الأقصى من الفصل السياسي، والحد الأدنى من الفصل الأمني. للحقيقة، إن اليمين واليسار يتحركان في الاتجاه نفسه. مشروع ألون حديث مع الغور كحدود شرقية، كتل مستوطنات كبرى وتجمعات سكانية فلسطينية في الوسط مع حكم محلي، وعلم، ونشيد قومي وقوة عسكرية ـ شرطية محدودة.

الأخيار، الأشرار وترامب

من يرد حسابا حقيقيًا للنفس عن اتفاقات أوسلو يجب أن يراجع ما يجري الآن في واشنطن. فخطوات إدارة ترامب بالنسبة للفلسطينيين هي المسمار الأخير في فهم المسيرة… إلغاء الميزانيات للوكالة، وإلغاء الممثلية، وتقليص أموال المساعدة. ترامب اختار جانبًا، ولبالغ حظنا اختارنا نحن. 

في بداية حرب فيتنام، حاول الجيش الأمريكي إقناع المحليين بالتمييز بين الخير والشر. الشيوعيون كانوا الأشرار، والأمريكيون الأخيار. لقد خططوا لتنفيذ هذا السحر بواسطة هوليوود. بث أفلام الغرب الجامح للقرويين لكي يفهموا منها الأمر. وقد نجح هذا جزئيًا. ولكن الأشرار انتصروا في النهاية. وفي هذه الأثناء انتقل الأمريكيون إلى الطرف الآخر. لقد أصبحت صدمة فيتنام العائق النفسي الأكبر أمام الأمريكيين لتبسيط الأمور. كل شيء بات مركبًا، متوازنًا، لا أخيار ولا أشرار، حتى عندما كان كهؤلاء في منطقتنا

اتفاقات أوسلو برعاية كلينتون كانت مركبة على نحو مخيف؛ فقد تضمنت الإرهاب الفلسطيني، وتخلت عن آليات الرقابة، وانطلقت من نقطة الافتراض بأن مصالح وعادات إرهابي مثل عرفات تتغير بمصافحة واحدة. كما تم التسليم بالتحريض في مناهج التعليم وتجاهل تام لعبث مثل الأونروا ـ وكالة الأمم المتحدة التي تبقي على إحساس اللجوء لدى الجيل الرابع، العائق للسلام. وبالمناسبة من حرص على رفاه الفلسطينيين كان يمكنه أيضًا أن يقيم آليات مساعدة لا تعزز إحساس اللجوء. أما ترامب، مع كنز الكلمات المحدود والمشاكل الشخصية، فقد عاد إلى الرؤيا المبسطة للأخيار والأشرار، وكنا نحن في جانب الأخيار.

من الصعب أن نقول إذا كان رابين قصد دولة فلسطينية مستقلة حين وقع على اتفاقات أوسلو (وقد ادعى أن لا)، ما يمكن قوله بيقين هو أن رابين ورجال أوسلو خلقوا حلا مؤقتًا يتمثل بالحكم الذاتي الفلسطيني، دولة ناقصة، والذي هو أيضًا الحل الوحيد. 

قبل بضعة أسابيع كتبت عن صفقة القرن التي يعرضها ترامب، وحسب المطلعين فإن الفكرة التي تظهر هنا هي "إلى هذا الحد أو ذاك.. الصفقة". التهديدات على مستقبل الدولة فارغة من المضمون، وإسرائيل لن تكون دولة ثنائية القومية، وهذا ليس بسبب الحلم الصهيوني، بل بسبب وجود قوى السوق، ولا يمكن تمويل مليوني فلسطيني (بعد أن سبق وتخلصنا من مليوني فلسطيني آخرين في غزة). التهديد الثاني هو الأبرتهايد. دولة مواطنين مع حقوق كاملة ومواطنين من الدرجة الثانية، وهذا لا يحصل في إسرائيل التي يشهر بها النواب العرب، المشرعون المتساوون. هذا لن يحصل في مناطق أخرى سيتم ضمها. إذن ماذا سيحدث؟ تطبيق المصلحة الصهيونية على أكثر ما يمكن من الأرض مع أقل ما يمكن من العرب من أجل منع إقامة دولة ثنائية القومية. اليسار رأى في هذه الصيغة في الماضي خطوط 1967، أما اليمين فيتردد بشأن مكان الخط. لا يوجد نموذج مشابه في العالم، ولكن هذا هو الموجود هنا منذ ربع قرن.

 

 

اخر الأخبار