صورة الفلسطينيين في تلفزيونهم

تابعنا على:   15:04 2018-09-02

راسم المدهون

كيف تبدو صورة الفلسطينيين في تلفزيونهم؟

السؤال ذاته كان متداولاً بصورة أكبر بالنسبة إلى الأدب، وكان الذين يطلقونه يشيرون إلى ازدحام الأدب الفلسطيني آنذاك بالنصوص المعلّبة التي جعلتهم كشعب شخصاً واحداً بملايين النسخ، إذ نأت عن ذواتهم وفردياتهم في حمَى مأساتهم الجماعية الكبرى. في التلفزيون تذهب المسألة إلى سياق آخر: يلتصق التلفزيون بفكرة أنه إعلام وينطق باسم ولسان الجهة التي يتبع لها فيظل أقرب إلى «ناطق رسمي» منه الى مساحة للتفاعل بين آراء ووجهات نظر مختلفة ومتعارضة.

صورة الفلسطينيين في قنواتهم مقيدة ومثقلة بمفاهيم وضعوها هم على أنفسهم والتزموا بها فاحتكرت فكرهم وأغرقتهم في بلاغة تلفزيونية معلبة تعيش في العام والمألوف ولا تغامر بالخروج عنهما.

يعيش الفلسطينيون في المدن والقرى والمخيمات، بل وفي بلدان الشتات كبشر بتفاصيل لا تحصى ولكنهم في شاشاتهم الصغيرة تختصرهم صور قليلة وموضوعات محدودة تنأى بهم عن قضايا حياتهم وهمومهم اليومية والتي تتغير بدورها من زمن إلى آخر.

لا جدل حقيقياً في القنوات الفضائية الفلسطينية، وما نشاهده لا يعكس حال التفاعل اليومي للفلسطينيين مع قضاياهم وهمومهم الى الحد الذي يدفعنا إلى القول إن تلك القنوات تعيش اغتراباً عن جمهور مشاهديها الذي هو منطقياً وبديهياً المعني بها وببرامجها وبكل ما تقدمه. لا تكفي الحوارات القليلة والمتسرعة التي نشاهدها بين وقت وآخر لنفي هذه الحقيقة أو حتى التقليل منها، خصوصاً أن الحاجة الفعلية لعلاقة تفاعلية بين التلفزيون والناس، والتي لا يجوز أن تكون ترفا أو حتى مجرد قضية فكرية، تتم مناقشتها بين المثفين من النخبة.

نعرف أنها قنوات تملكها الفصائل وتريدها منابر إعلامية – سياسية لها، لكننا لا نرى أن هذه الحقيقة مقنعة لتبرير هذه السياسة الإعلامية القاصرة والعاجزة عن مواكبة الحياة بكل ما فيها من غنى وتنوع ومن تطورات تحتاج متابعة يومية لا تتحقق إلا بعلاقة مباشرة وحيوية مع جمهور مشاهديها باعتبارهم أصحاب المصلحة المباشرة في كل عمل تلك الفضائيات ونشاطها، وهم في الوقت ذاته من يشكلون جمهور مشاهديها.

عن الحياة اللندنية

اخر الأخبار