مصاب مرتين برصاص قوات الاحتلال.. "ياسر" صورة فلسطينية متكررة لمأسآة فعلية تنتظر صحوة انسانية- فيديو وصور

تابعنا على:   01:49 2018-08-07

أمد/ غزة- صافيناز اللوح: ذهبت معاناتهم أدراج الرياح، واستقلت أوجاعهم محركات البحث عبر جوجل علّها تجد إجابة من مسؤول استيقظ ولو متأخراً لينقذهم من ويلات الحصار والفقر، لكنهم! لم يجدوا أحداً سوى حجارةً صغيرة أو علم من قماش، يرفع في مسيرةٍ سلمية، ليعودوا مصابين برصاص الاحتلال الإسرائيلي، كي تبقيهم أسر الجرح الذي سببته لهم.

على شاطئ بحر شمال غزة، التفتت أنظاري إلى ذلك الفتى الذي يمشي بقدم ولا يستطيع السير على الأخرى المحصنة بالبلاتين الطبي، ومتنقلاً في خطواته ليوصل للزبائن مطالبهم بالمشروبات الساخنة.

 فلم أتمالك نفسي بعد رؤيته وهو ينقل قدمه بيده ليستطيع التحرك بها، ذهبت إليه وطلبت منه الجلوس معنا للحديث عن تواجده هنا، وسر الجرح الذي ألم به.

الجريح ياسر زياد أبو رمضان 17 عاماً من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، أحد جرحى مسيرة العودة بتاريخ 14/5/2018م، أثناء تواجده قرب الحدود في منطقة أبو صفية  شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة.

ياسر الذي أصيب برصاصٍ متفجر اخترقت الفخذ اليمنى إلى الفخذ اليسرى، جلس على أسرة مستشفى "العوة" شمال قطاع غزة، ليومٍ واحد فقط بسبب العدد الهائل للمصابين والشهداء نتيجة المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق المشاركين السلميين على الحدود الشرقية للقطاع.

يقول ياسر لـ "أمد للإعلام"، "شاركت مثل باقي أهل غزة في مسيرات العودة، في منطقة أبو صفية، كنت ماسك علم فلسطين ورافعه، وما كنت ماسك حجر ولا أي شيء، وأطلقوا عليا الرصاص بشكل مباشر".

وأضاف، "نقلوني على مستشفى العودة الخاصة قعدت فيها ليوم واحد، وحطولي بلاتين وأنا رجلي كان فيها رصاصة متفجرة، ومحتاجة متابعة، لكن الأطباء طلعوني، وقالولي رجلك منيحة بس بدك تبعد عن الماء".

وأوضح، "طلب الأطباء مني مراجعتهم، وعند مراجعتي يرفضوا إزالة البلاتين، وبقولولي رجلك لسا محتاجة علاج، وبدها متابعة، وبكتبولي مراجعة جديدة".

وتابع، أنا براجع في أطباء بلا حدود، بهتمو برجلي وبعالجوني، لكن أنا مش حاسس إنها بتتحسن، أنا مش قادر تعبان كتير ورجلي بقدرش أمشي عليها".

إصابة ياسر ليست فريدة من نوعها، فأكثر  من17500 جريح، ناهيك عن استشهاد 158 فلسطينياً، سقطوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

يكمل ياسر حديثه، "أواصل مراجعاتي الطبية في مستشفى العودة، حيثُ يتواجد فريق طبي أجنبي من أطباء بلا حدود، في كل مرة يقومون بتصوير أشعة للفخذ، ويقولون لي بأنّها تحتاج لمتابعة ومراجعة".

مأساة ووضع اقتصادي مزري

ياسر الفتى الذي وضعه الوضع الاقتصادي الصعب في مكان لا يمتلكه العقل، ولا حتى الضمير الإنساني الذي غاب عن الوعي منذ عقود، برؤية الغزيين ومعاناتهم ومأساتهم والحصار المفروض عليهم، يحاول أن يكسب قوت يومه مع شقيقه بائع مشروباتٍ غازية على شاطئ بحر غزة".

والد ياسر المشلول كان برفقته على شاطئ البحر، علّه يرفه عن نفسه، بديلاً عن المنزل الذي لا كهرباء ولا هواء فيه، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن القطاع لساعات تفوق الـ18 ساعة يومياً، إثر المناكفات السياسية بين المتناحرين على كرسي زائل لا معنى له، ناهيك عن عقوبات الاحتلال الإسرائيلي وحصاره، ليس بعد بل عقوبات ذي القربى أيضاً.

يكمل ياسر حديثه معنا، "أنا ووالدتي نعيش في بيت بالآجار، وأنا أعمل عند شقيقي حتى أستطيع أن أصرف على نفسي وعلى والدتي، لا يوجد لنا معيل آخر".

لم تكن هذه الإصابة الأولى لياسر، ولكنها الثانية حيثُ أصيب ببتر في الأصابع بيده اليسرى، نتيجة طلق ناري متفجر أطلق صوبه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في اليوم الذي استشهد به المقعد "ابراهيم أبو ثريا".

لم تثني ياسر إصاباته عن الذهاب لمسيرات العودة، لكنه يستمر بالمشاركة فيها، ويواصل التظاهر مع باقي الشبان.

وطالب "ياسر"، بمساعدته لتوفير عمل له بعد خروجه من المدرسة لمساعدة والدته المريضة في توفير قوت يومه، مناشداً، بتوفير راتب جريح له، الذي لم يتمكن من استلامه حتى اللحظة".

كما طالب بتوفير العلاج له، وإزالة "البلاتين عن فخذه لأنه يؤلمه كثيراً، مؤكداً أنّه يقوم بجلب العلاجات على حسابه الشخصي وعن طريق "الدين" من صيدلية "التقوى" في شمال غزة.

وناشد، بعمل حل له كمصاب وأن يتم مساعدته بالسفر إلى الخارج لاستكمال علاجه وعوده رجله لما كانت قبل الإصابة".

وأرسل رسالته للقيادات، بالنظر  إلى الجرحى والاطمئنان على حالتهم، وتوفير المساعدة لهم من أجل استطاعتهم بتواصلهم اليومي، وعملهم ".

الصحة تؤكد تواصلها مع الجرحى

وحول تواصل وزارة الصحة مع الجرحى وتعاملها معهم أكد الناطق باسم الوزارة د.أشرف القدرة في اتصالٍ هاتفي مع "أمد للإعلام"، أنّ أي مصاب من مصابي الجرحى ليس لديه أي مشكلة متعلقة بجراحه".

وقال، أنّ هذا الامر على علم به جميع الفصائل والمرافق الحقوقية والإعلامية، مطالباً الجرحى الذين لديهم أي مشكلة التواصل مباشرة بالمستشفى التي يتعالج بها، أو الاتصال على الرقم 103 التابع لوزارة الصحة، او الذهاب إلى مقر الوزارة وتقديم شكوته بهذا الخصوص".

وأوضح، أنّ أي جريح لديه مشكلة في علاجه أو مراجعته الطبية التواصل مع وزارة الصحة على الفور وبشكل مباشر، وأبواب وزارة الصحة مفتوحة لطافة جرحى مسيرة العودة دون استثناء".

وشدد، أنّ جميع مستشفيات القطاع لديها فريق يتابع جرحى مسيرات العودة، مشيراً أنّ وزارة الصحة معها، المجموعة الصحي المحلي أو الدولي، هناك فريق يتعامل مع الحالات "طبيعة الإصابة وما تحتاجها الحالة".

ونوّه إلى، أنّ مستشفى العودة هي مستشفى أهلية وغير تابعة لوزارة الصحة، لكن حتى لو فيها أي مشكلة من قبل الجرحى لديها، عليه التواصل مع وزارة الصحة لعمل اللازم".

إذن.. يبقى أمل الجرحى والمصابين في قطاع غزة متعلق بين فكي كماشة.. إصابتهم التي أعاقت عملهم وحياتهم اليومية، وفقدانهم لمن هم أهلاً للثقة لمساعدتهم في توفير المستلزمات العلاجية الخاصة بإصابتهم، أو الحصول على تحويلة علاج للسفر إلى الخارج وعودتهم للحياة كما كانت قبل.. فهل ستسمع صرخاتهم آذان صماء أغلقت أمام أصواتهم، أم أنّها ستبقى مغلقة حتى الأبد!.

اخر الأخبار