غزة ولحظة الحقيقة

تابعنا على:   13:06 2018-08-06

يونس السيد

التحركات المحلية والإقليمية والدولية الجارية؛ لترتيب هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة، تحمل على الاعتقاد، بأنها وصلت إلى ربع الساعة الأخير، قبل الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بشأنها، وبالتالي معرفة تفاصيلها النهائية.

الثابت في كل هذه التحركات، أن هناك حقيقة لا تحتاج الانتظار؛ وهي أنها من حيث الجوهر تقوم على «مقايضة» الإنساني بالسياسي؛ لكن قبل ذلك، فإنها تضع غزة أمام خيارين؛ إما القبول بالهدنة الجديدة وترتيباتها والأثمان التي سيتوجب دفعها، بالمقابل، أو الذهاب إلى حرب جديدة، يبدو أن أحداً لا يرغب بإشعالها.

لا أحد ينكر، بطبيعة الحال، حجم المعاناة الإنسانية، التي يعيشها أهالي القطاع خلال 12 عاماً من الحصار الخانق، تخللتها ثلاثة حروب مدمرة، والتي قد تبرر الذهاب للبحث عن حلول للكارثة الاقتصادية والاجتماعية والحياتية والمعيشية للناس، أسوة بباقي البشر؛ لكن يبدو أن الأثمان المطلوب دفعها أكبر بكثير من المعروض، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالاستراتيجية والثوابت الفلسطينية.

التسريبات القادمة من هنا وهناك، تشير إلى أن الأطراف تدفع باتجاه خطة شاملة لهدنة طويلة الأمد (بين 5 و10 أعوام) بين غزة والاحتلال «الإسرائيلي»، وتتضمن أيضاً مصالحة فلسطينية، وإعادة السلطة ومؤسساتها إلى غزة. وبحسب التسريبات، فإن الخطة ستشمل عدة مراحل، تبدأ المرحلة الأولى خلال أسبوع؛ بإنهاء إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، مقابل إعادة فتح معبر «كرم أبو سالم»، وفتح معبر رفح بصورة دائمة، تليها المرحلة الثانية، التي تتضمن تحسين الظروف المعيشية وفك الحصار كلياً عن سكان القطاع، والسماح بدخول البضائع كافة، وزيادة التيار الكهربائي، ثم المرحلة الثالثة؛ حيث تقوم الأمم المتحدة بتنفيذ تعهدات ومشاريع إنسانية كانت قد طرحتها؛ مثل إنشاء ميناء وتشغيل مطار على الأراضي المصرية، إضافة إلى بناء محطة كهرباء في سيناء، ثم إعادة إعمار القطاع. وهناك أيضاً تباينات حول صفقة «تبادل أسرى»؛ حيث تصر «إسرائيل» على إتمامها في المراحل الأولى، بينما تفضل فصائل غزة إرجاءها إلى المراحل الأخيرة، ناهيك عن جوانب أخرى يجري البحث بشأنها؛ مثل: توفير التمويل اللازم، وتأمين رواتب الموظفين.

الحقيقية المرة هي أن الفلسطينيين باتوا أمام لحظة الحقيقية وجهاً لوجه؛ ذلك أنها تطرح الأسئلة الأكثر إلحاحاً، عما إذا كانوا بحاجة إلى اتفاق «أوسلو» جديد، وعن جدوى المقاومة نفسها، وعما إذا كان اتفاق هدنة طويل الأمد بالشروط، التي يتم الحديث عنها سيمس الثوابت الفلسطينية أم لا، وعما إذا كان كل ذلك يمهد للقبول ب«صفقة القرن» واختزال القضية الفلسطينية في بُعدها الإنساني فقط.

عن الخليج الإماراتية

اخر الأخبار