معضلة فتح مع "التهدئة" دون مصالحة مع حماس!

تابعنا على:   11:25 2018-08-05

كتب حسن عصفور/ بلا أدنى شك، كل المؤشرات الأخيرة أكدت أن حركة فتح (المؤتمر السابع) ورئيسها محمود عباس من يقف وراء تعطيل "الخطة المصرية" لإنهاء الإنقسام وعقد مصالحة وفقا لإتفاقات سابقة، وضمن آلية عمل تراعي مجمل التطورات التي شهدتها الساحة الفلسطينية منذ إنقلاب حماس وخطفها قطاع غزة يونيو 2007، وما لحقها من خطف عباس وفريقه "الشرعية الفلسطينية" وآخر نماذجها مجلس المقاطعة المزور وطنيا وقانونيا في أبريل 2018..

الخطة المصرية الأخيرة كان لها، أن تعيد ترتيب المشهد الفلسطيني، دون إحجاف لمجموع الحركة الوطنية، بعيدا عن "ثقافة الهيمنة" أو "الغطرسة"، وكآلية يمكنها أن تغلق أحد أخطر ملفات تدمير القضية الفلسطينية، الإنقسام - الإنفصال، وما تبعه من نتائج، مثلت "خدمة تاريخية" لدولة الكيان العنصري والفاشية الحاكمة في تل أبيب..

في التاريخ السياسي لا توجد مصالحات دون "تسويات" سوى لمن ينتصر عسكريا ونصرا حاسما، عندها يمكن له أن يفرض شروطه التي يراها مناسبة، وعندها توصف عادة بشروط أقرب الى الإستسلام، وليس شروط تسوية وسلام، وهو ليس قائما في الحالة الفلسطينية، رغم المظهر الخارجي أن فتح تسيطر على "مقاليد الحكم الرسمية" لكنها تفتقد الى أبسط أشكال ممارسة الحكم المستقل، وكل ما تقوم به في الضفة يجب أن ينال موافقة سلطات الاحتلال، ولذا فهي "سلطة حكم محكومة"..

فيما حركة حماس، والتي تسيطر بالكامل على مقاليد الحكم في قطاع غزة، تتصرف كما تراه مناسبا في كل مظاهره، لكنها تقف عاجزة أن تمرر أي خطوة في سياق القبول الوطني، لذل تعتبر حتى تاريخه "خاطفة حكم القطاع"..

وإستنادا لهذا الواقع، فالخطة المصرية، لتسمى ما تسمى، تمثل أكثر اشكال العمل للمرور نحو مسار جاد، إفتراضا أن هناك حقا من يريد الجدية، لوضع نهاية لمرحلة الإنقسام، ولرسم مسار "توحيدي" جديد في الواقع الفلسطيني..

مصر دون غيرها من يستطيع القيام بذلك، وأي رهان من هذا الطرف أو ذاك للتشويش عليها فهو ليس سوى تشويش على المصالحة، وعمليا خدمة لدولة الكيان، ولذا أصبح من الضرورة أن تعيد قيادة فتح (عباس) تقييمها للخطة المصرية وكذا لمضمون المصالحة، وأن تضع أولويات حقيقة، وتكف عن السير وراء مقولة "أطفال الأنابيب"، (نريد غزة من الباب للمحراب)، مقولة تثير كل أشكال السخرية، وكأنهم يملكون من أمرهم شيئا بالضفة، وهم ورئيسهم لا يخروجون من بيوتهم بدون موافقة "كميل"..

من يريد مصالحة حقيقية عليه أن يقرأ واقع الخريطة السياسية بشكل عملي، بعيدا عن "وهم التاريخ"، وضمن سياق مختلف كليا، بدأ يفرض ذاته ويسير في مسار علني وليس سري، ما بات يعرف بـ"التهدئة" بين حماس وإسرائيل..

"التهدئة" مع حماس مصلحة إسرائيلية كما قالها قيادات أمنية وسياسية في دولة الكيان، وهنا نسأل لماذا هي كذلك، لو أن المشهد العام في قطاع غزة لا يمثل "إرباكا" لهم، امنيا وسياسيا وإقتصاديا، فقطاع غزة، صداع مزمن لذلك الكيان، وإعتقدوا أن خطة شارون، (التي كان يعلمها محمود عباس قبل عرضها رسميا بعشر سنوات) ستريحهم، لكن تطورات المشهد أكدت أن ذلك ليس حلا، في ظل الحصار..

مسار التهدئة لن يقف أبدا بـ"تمترس" فتح ورئيسها عباس وراء مقولة ساذجة وسذاجة جدا من ألفها الى يائها، الباب والمحراب، وسيواصل البحث عن حل له، انسانيا وسيكون له بالتأكيد بعد سياسي يترك أثره على مجمل القضية الوطنية..المعضلة هنا، بين التهدئة والمصالحة، من يسبق من ومن سينفذ ما سيكون، تلك هي المسألة، التي تستحق التفكير والعمل السريع لحلها، خاصة وأن هناك تصور واضح للمضي قدما..

مفتاح الحل بيد فتح ( المؤتمر السابع) ورئيسها عباس، وهي أن ترسل موافقة بلا شروط لمصر على خطتها، وتبدأ فورا بالعمل ضمن آلية تنفيذ سريعة، ما سيؤجل بحث ملف التهدئة مع قطاع غزة، وعندها يصبح "التفاوض" على التهدئة قضية وطنية وليس مسألة حزبية، يمكن لفتح أن تكون طرفا مقررا في مسار التهدئة، ولها ان تعيد رسمه وفقا للمصلحة الوطنية العامة..

لكن أن تستمر فتح وعباس في الصراخ أن ذلك خطر على القضية الوطنية، وتكيل كل أشكال التهم لحماس، مع حصار مركب على القطاع، فذلك ليس سلوك طرف وطني مسؤول، بقدر ما يبحث عن "جعجعة سياسية" يعتقد انها تسجل للتاريخ..فالتاريخ واقعيا لا يقف أمام صراخ مهما على صوته، بل على عمل حقيقي يمكنه من التأثر والتغيير..

فتح وليس حماس من يملك إعادة صياغة مسار التهدئة - المصالحة لخدمة القضية الوطنية، ودونه ستخسر فرصتها في التأثر والفعل، وستبقى حاضرة في مكان "المتفرجين"..

ملاحظة: حماس بدأت بممارسة "ذكاءا سياسيا" في العلاقة مع أطراف الحركة الوطنية، رغم الشكاوي منها بأنها حركة فوقية مصابة بغرور قاتل..عقد لقاء عام لشرح ما وصلها خطوة على طريق التغيير، الهم ما يكون لقاء المرة الأخيرة!

تنويه خاص: كثر الحديث عن إقالة عيسى قراقع من منصبه وتولي "لجنة" إدارة الهيئة، أنه جزء من سباق الصراع على سلطة ما بعد عباس..فعلا الوقاحة بلا لون ولا هوية!

اخر الأخبار