رسالة "الثلاثي الأمريكي" الى حماس..وقحة جدا!

تابعنا على:   11:30 2018-07-21

كتب حسن عصفور/ من المصادفات التي يقال عنها وربما رمية من غير رام، ان تقوم صحيفة "واشنطن بوست" بنشر رسالة "الثلاثي الأمريكي الصهويني جدا" كوشنر، غرينبلات وسفيرهم المستوطن فريدمان، الى حركة حماس بتوقيت يمكن إعتباره "خرافي" من الناحية السياسية، مع يوم إقرار الكنيست ما سمي بـ"قانون القومية"، والذي يجسد بلا رجعة بأن إسرائيل أصبحت دولة عنصرية طاردة لغير اليهود..

"رسالة الثلاثي الوقح" الى حركة حماس حول إختطافها قطاع غزة، وإعتباره أسيرا لديها، جسدت ليس سفالة سياسية غير مسبوقة لكنها تلخيصا مكثفا لرؤية الإدارة الأمريكية الراهنة بأنها سيفا واقيا لحماية الكيان، فكريا وسياسيا وإعلاميا الى جانب كل أشكال "الحماية المطلقة" التقليدية، بل يمكن القول أن أمريكا في عهد ترامب يمكن تسميتها بـ"الكيان الإسرائيلي أ" ودولة الكيان إسرائيل ب"..

مقالة كوشنر، غرينبلات وفريدمان، تعاملت مع التاريخ وكأنه لم يعد قائما، بل ولا وجود لسجلاته المكتوبة والمصورة، ولا تاريخ سوى ما تقرره واشنطن وتل أبيب، تجاهل مطلق لكل ما قامت به إسرائيل من جرائم حرب مسجلة في وثائق مؤسسات دولية وتقارير الأمم المتحدة، ولولا محمود رضا عباس لكانت قيادات الطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب أمام "العدالة الإنسانية" بعد تقرير غولدستون أثر الحرب العداونية على قطاع غزة 2008، تقرير كان وحده كاف لأن ترسل قيادة إسرائيل الى "المقصلة السياسية والجنائية"، لكن رئيس سلطة المقاطعة طالب الأمم المتحدة أن ترمي بذاك التقرير الى "سلة المهملات" كجزء من سداد "دينه الخاص" للكيان..

مفارقة الرسالة توقيتها الى جانب مضمونها، أن تقر إسرائيل باعتبارها أصبحت رسميا طاردة لغير "اليهود"، قامت ببناء اساس جديد لم تقدم عليه منذ قيامها إغتصابا فوق أرض فلسطين التاريخية، لم تعد تخجل من عنصريتها، فشرعنتها لتصبح الكيان الوحيد في  الكوكب الأرضي الذي يعلن "العنصرية قاعدة أساسية" للنظام القائم..

الثلاثي الوقح، تحدث عن "جرائم حماس" و"خطف غزة" ولم يتذكر بكلمة ولو من باب "رد العين"  أي جرم إسرائيلي، كي لا يحسدوا على "عبقريتهم" في إكتشاف الحقيقة الغائبة عن البشرية حتى وصل إليها هذا "الثلاثي الصيهوني الأشد كفرا"..حماس من أحال غزة الى كارثة إنسانية وجعل بحر غزة ملوثا بدل أن يكون "قبلة سياحية للعالم"، حماس هي من صنع كل مصائب القطاع ..

ولنفترض أن ما كان في تلك الرسالة صحيحا، فهل القدس والضفة تعيش حالة خطف حمساوية تحيلها الى كارثة إنسانية، هل يعتبر التهويد والإستيطان في الضفة والقدس "حق مشروع" "وفعل إنساني راقي"، وردا لجميل "الخدمات الأمنية - السياسية" لسلطة عباس منذ عام 2005 وحتى تاريخه..

"حماس حركة إجرام تستحق كل ما أصابها"، وعباس الذي لم يترك بابا ليقدم كل أشكال الولاء لواشنطن وتل أبيب، فتح الباب لتدمير النظام السياسي بعد أن لبى "النداء الأمريكي" بإجراء انتخابات بمقاس الحراك التدميري للمنطقة، أمريكا أمرته أن يحضر حماس الى "البرلمان" لتفوز بأغلبية ديمقراطية، ثم يعاقب الشعب على إستجابته للرغبة الأمريكية..عباس الذي رفض "مقترحات أولمرت" لعقد "صفقة سياسية" تتيح حلا للصراع على اساس 93.5% من الأرض المحتلة عام 67 ومعها أحياء عربية في القدس وتسوية وضع البلدة القديمة، فنادى المنادي الأمريكي لعباس أن يرفضها فكان لهم ذلك..

عباس قاوم كل "أشكال المقاومة" في الضفة والقدس نال إشادات علنية من أوباما ومخابراته وترامب ومخابراته، وقبلهما النظام الأمني الإسرائيلي بكافة مسمياته..والنتيجة التي حصل عليها، تجاهله كليا والتعامل معه بغير ذي صلة، بعد أن قدم لهم كل أنواع "الولاء المطلق"، قذفوه جانبا، لم يحصل على أي مكسب سياسي في الضفة والقدس ( مكتفين بما ناله وإسرته من مكاسب خاصة)، وبدلا من دعمه في مواجهة "عدوهم المشترك حماس" رموه جانبا وبدأوا بحث طرق التحاور معها، عبر قطر وتركيا وأدوات تابعة غيرهما..

أمريكا تخاطب حماس في رسالة الثلاثي الوقح، وكأنها هي ممثل الشعب الفلسطيني وليس عباس، رسالة تعلن صراحة أن "صديقها الوفي"، اصبح في طي النسيان السياسي، ليس لأنه "مقاوم لمشروعها" ابدا، فهو من صمم لهم أساسه وبدأ تنفيذه من خطاب أبريل في المنامة 2017 بإعلانه عقابا غير مسبوق ضد قطاع غزة، لتركيع أهله الى درجة الموات ثم القبول بما يمكن قبوله، إنقاذا..

أمريكا عبر "الثلاثي الوقح" تطالب حماس بالإعتراف بدولة الكيان وتتوقف عن العمل العسكري ومقابله لها "الشهد والعسل" و"جنة أمريكا على الأرض"..رسالة تعلن بكل صراحة أن م ت ف ليست طرفا مؤهلا منذ اليوم..وحماس هي المقصد..

لا نظن أن "الثلاثي الأشد كفرا" يجهلون أن "الإعتراف" لا يكون سوى بين الدول وليس حركة ودولة، فكيف لهم مطالبة حماس الإعتراف بـ"إسرائيل"، ما لم تعتبرها "كيانا سياسيا ممثلا لشعب"..وكأنها تعلن إلغاء الإعتراف المتبادل بين المنظمة وإسرائيل ( بدأت تطبيق قرارات شرعية فلسطينية سابقة تجاهلها عباس وفصيله فتح)، بل أنها أعلنت ان الشعب الفلسطيني بات "شعب غزة" وليس غيره..

للأسف مرت الرسالة الأكثر خطورة سياسية وكأنها خبر نشر وإنتهى أمره، لم يجد حملة وطنية شاملة رفضا لما به..صحيح "قانون القومية" و"التصعيد العدواني" سرق بعضا من حركة الرد لكن ذلك لا يلغي أبدا رفضا ضروريا لما بـ"رسالة الثلاثي الوقح"..فالصمت كارثة تفوق كارثة الثالوث الغبي!

ملاحظة وتنويه: مع أول قيام لطيران الاحتلال بقصف غزة سارعت "الرئاسة الفلسطينية" بإصدار بيان على غير عادتها، قالت ضمن ما قالت أن عباس يعمل على "إحتواء الأزمة" مع كل الأطراف..دون النيل من سخافة "إحتواء الأزمة" هل اتصل بقيادة حماس طيب..بتعرفوا ان وكالته الإخبارية "وفا" أوقفت البث بعد البيان تقريبا..فعلا جتكم نيلة!

اخر الأخبار