رسالة لسيادة اللواء أحمد عبد الخالق

تابعنا على:   20:38 2018-07-18

فهمي شراب

شاع خبر عودة اللواء أحمد عبد الخالق لتولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصرية أجواء مريحة ومطمئنة في أوساط الفلسطينيين، وتلقى أهل غزة تحديدا هذا الخبر بنوع من التفاؤل، برغم مأساوية الواقع الحالي، وتراكم الأزمات التي ستحتاج إلى فترة زمنية لتفكيكها وحلها.
وإن مثل اللواء عبد الخالق، ليعرف تماماً من أين يبدأ، فهو لا يحتاج لصناعة العربة من جديد، حيث انه مؤسس الملف الفلسطيني، وهو صاحب الدراية الواسعة بأدق تفاصيل الخلاف الفلسطيني، والصانع للأفكار والمقتربات والمقترحات التي قربت المسافات بين الإخوة (فتح وحماس)، وقد أذاب بسياساته الحكيمة وتحمله كتل الثلج بين الطرفين، وساهم في رفد السياسة الخارجية المصرية بنجاحات متراكمة عبر فترة عمله. وها هو فور توليه الملف مجددا يشمر عن ذراعيه من أول يوم، وتتجدد الدعوات المصرية لطرفي الانقسام الفلسطيني من اجل استكمال ما تم التوصل إليه ودفع المباحثات بشكل جدي إلى الأمام من اجل الوصول إلى نتائج متقدمة.

ولا نذيع سراً إذا قلنا بان الفلسطينيين فقدوا الثقة في قياداتهم الفلسطينية في الداخل والخارج، لذا، فسر النجاح في هذا الملف هو أن نشهد تزايدا لدور مصر الفعال، خاصة أن ذلك أصبح مطلباً فلسطينياً بامتياز، وخاصة أنها بمواقفها المعلنة تتحدى أي إرادة خارجية تحاول أن تفرض أي مشروع تآمري ضد الشعب الفلسطيني،، وهنا نسجل عدة ملاحظات متواضعة منها:
1-لا يوجد تعارض البتة بين رفع العقوبات عن غزة وتسهيل الحياة للمواطنين من جهة، وبين إحراز تقدم في المصالحة من جهة أخرى. فحالة اليأس التي تسكن قلوب وعقول أهل غزة من الحصار هي التي تدفع الشعب والقيادة لاختيار أسوأ الخيارات والتعنت والتشدد وحتى التطرف. بينما حالة الأمل والتنمية تشجع الجميع لاستعادة النظام السياسي وإعادة وحدانية التمثيل السياسي ورفد القضية بموقف فلسطيني موحد لمواجهة التحديات الخارجية. 

2- لا يوجد شيء اسمه الفرصة الأخيرة، والدور المصري كما عهدناه دورا ايجابيا ومستمرا، والفلسطينيين في أمس الحاجة لمصر، (السلطة الفلسطينية وحماس وباقي الفصائل)، لتزيد من حضورها بشكل مؤسساتي دائم، ولا يوجد أي عراقيل أو كوابح أمام مصر لتأخذ دور الطرف الأكثر تأثيرا في صنع الاستقرار داخل غزة بدل الاكتفاء بدور الوسيط. وحتى لا تسمح لادوار أخرى بالنفاذ إلى المنطقة عبر بوابة غزة.
3-بما إني أعيش في غزة فاني أرى بان حماس لطالما حاولت توصيل رسائل لمصر بأنها ليست كما الجماعات الأخرى وتريد أن تصبح جزء من النظام السياسي، وأنها قدمت وستقدم ما من شأنه أن يثبت ذلك مثل( الوثيقة السياسية الجديدة- التنسيق الدائم على الحدود- تأكيد مرارا بأنها تقبل بحدود 67 الخ...)،، فهذه فرص لإنهاء الانقسام الذي بدأ منذ أوسلو 1993 داخل المجتمع الفلسطيني والذي كان ابرز تداعياته ومن نتائجه الكارثية انقسام 2007. 
4-أهل غزة يودون من السلطة الفلسطينية أن تتعامل معهم كأناس كانوا على قيد الحياة أثناء فترة الانقسام، وكانوا يحيون ويتزوجون ويتوظفون، وكانوا في حاجة نيابة وقضاء وأمن وشرطة ووزارات خدماتية تعمل الخ... ولم يكونوا في ثلاجة الموتى أو محنطون، ويجب البناء على ما وصلت إليه غزة ولم شمل موظفيها ضمن الكادر الوظيفي في أسرع وقت لكي تعطي إشارة أمل وتشيع أجواء ثقة، هي منعدمة الآن للأسف.

5-ضرورة الحرص على إعطاء كل مصطلح مفهومه الدقيق وإبراز المقصود به تحديدا، حتى لا نقع في تفسيرات متعددة ومختلفة يستخدمها كل طرف على حسب هواه، وكما جاء في مقال للأخ د. حسام الدجني قبل أيام حيث ذكر أن (اتفاق القاهرة 2017م مصطلح التمكين، ولكن كل طرف فسر التمكين بطريقته وبما يخدم مصالحه الحزبية، من هنا مطلوب تفسير مصطلح التمكين تفسيرًا واضحًا، إضافة إلى المفاهيم والمصطلحات والنصوص الأخرى التي جاءت بكل اتفاقيات المصالحة).

6-وأخيراً، فان هناك ضحايا سقطوا مصدومين مظلومين على أبواب المعبر، ومنعوا من دخول مصر الحبيبة التي لا يختلف على حبها اثنين، وذلك بسبب التقارير الكيدية على أيدي عناصر فلسطينية تعمل لأجندات مختلفة ومتضاربة أحياناً،، وبالتأكيد هناك مخطئون متجاوزون للقانون يجب محاسبتهم، ولكن هؤلاء قد يمثلوا فقط على الأكثر 1% من نسبة الشعب، والذين يعتبرون حقاً خطراً على الأمن القومي المصري، وليس ما يقارب 10% من مجموع الشعب الفلسطيني المحب لمصر!. فهذه الظاهرة تحتاج إلى معالجة لكي تعزز أكثر الثقة بين جميع الأطراف وتعيد للمجتمع الفلسطيني الثقة بنفسه. وخاصة إذا علمنا بان آلاف من الشخصيات والنُخب المتنوعة – داخلة في هذا الإدراج والمنع، ومنها؛ أطباء ومرضى وطلاب، ومهندسين وكُتاب ودكاترة جامعات ومثقفين يحاربون جنباً إلى جنب مع المصريين في معركة التشدد والتطرف والإرهاب الذي ليس له دين أو جغرافية، و لا يميز بين مصري وفلسطيني.

اخر الأخبار