"مسيرات العودة" حق أراد البعض منه باطلاً

تابعنا على:   13:23 2018-06-13

حافظ البرغوثي

نجحت حركة حماس في الالتفاف على الوضع المأساوي في غزة وإلقاء مسؤولية ذلك على الاحتلال والسلطة الفلسطينية معاً، بينما يلقي الاحتلال بلسان نتنياهو بالمسؤولية على السلطة. فقد اتخذت حركة حماس من «مسيرة العودة» التي بادر إليها مجموعة من الشبان من خانيونس منصة لها وقامت بتوجيهها بعد نجاح المسيرات الأولى.

فقد كان الوضع المأساوي على وشك الانفجار ضد سلطة حماس باعتبارها كانت تعرقل مسيرة المصالحة التي قادتها مصر ووصل الأمر الى محاولة اغتيال رئيس حكومة الوفاق على حاجز بيت حانون، حيث كان التنظيم الدولي للإخوان قد رفض المصالحة كلياً وخاصة الرعاية المصرية لها أو أي تعاون أمني بين حماس ومصر في ملاحقة الارهاب في سيناء.

ولهذا اتخذت حماس مسيرات العودة سلماً تسلقته لإعفاء نفسها من المسؤولية عن عرقلة المصالحة وعن تدهور الأوضاع الاقتصادية في غزة من حيث فرض الضرائب الباهظة لتمويل حكومة حماس التي لا تقدم شيئاً من الخدمات.

قبل مسيرات العودة كان قرار حماس هو عدم المشاركة في الاحتجاجات ضد قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس سواء في الضفة أو في غزة حتى بعد مرور مسيرتين من مسيرات الجمعة.

فحماس عملياً هي المسؤولة عن تردي الوضع الإقتصادي، وزاد الوضع تفاقما قيام السلطة بتخفيض رواتب موظفيها في غزة وهو ما أصاب حركة فتح تحديداً. وفجأة بدأت حماس تتباكى على موظفي حركة فتح بينما تقوم باعتقال النشطاء منهم. كان الاحتلال عندما انسحب أحاديا من غزة سنة 2005يخطط للتخلص من أعباء احتلال غزة وإلقائها الى مصر، وخطط شارون صاحب الفكرة لترسيم الحدود مع الضفة لاحقاً والاحتفاظ بالمناطق الحدودية ومناطق المستوطنات والقدس، وهو ما تضمنته «صفقة القرن» التي لم تعلن وقد لا تعلن لأن بنودها تطبق رويداً على الأرض من جانب «اسرائيل» وبدعم أمريكي.

وكان ممكناً أن تنعم غزة بعد الاحتلال بمستقبل من التنمية والاستقرار لكن انقلاب حماس أفسد كل ذلك وتولت قطر مهمة الوساطة لانهاء الوضع الجديد، لكن تبين أن حمد بن جاسم كان على علم بالانقلاب وزار غزة قبل أسبوعين من حدوثه، وبالتالي تم افساد المصالحة منذ البدء لأن التدخل القطري لاحقا جاء لإحباط اتفاق مكة المكرمة التي رعته المملكة العربية السعودية.

إن الحروب التي تعرضت لها غزة بعد ذلك خاصة بعد اختطاف الجندي شاليط كلفت غزة آلافا من الشهداء والجرحى والدمار وانقطاع الكهرباء، مع أن حركة حماس لم تختطفه بل عناصر من ثلاثة فصائل صغيرة، ثم قامت حركة حماس بشرائه منها مقابل أموال وعتاد، والحروب التالية جاءت بهدف إبراز حركة حماس لهويتها كقوة منفصلة ومسيطرة على غزة ويجب الاعتراف بها دوليا.أما «اسرائيل» فكان هدفها إضعاف حماس وليس تصفيتها.

فبالنسبة للاحتلال فإن الانقسام الفلسطيني هو كنز سياسي يجب الحفاظ عليه كما ورد في أكثر من تصريح لقادة الاحتلال، لأنه يؤكد أنه لا مجال لإقامة دولة فلسطينية طالما أن غزة خارج سيطرة السلطة. وفي العدوان الأخير إبان حكم محمد مرسي حاولت تركيا وقطر في مؤتمر باريس إخراج حل لغزة بإقامة ميناء يربطها بقبرص التركية، وإرسال رقابة أوروبية من حلف الناتو إليه، لكن الأوروبيين رفضوا ذلك. فالهدف كان انفصال غزة نهائياً عن الضفة واقامة دولة إخوانية هناك. وفي النهاية جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، وحملت من تل أبيب اتفاقاً للتهدئة كتبه إيجورا ايلاند مستشار الأمن القومي «الإسرائيلي» آنذاك وحملته إلى القاهرة.

بالنسبة للسلطة الفلسطينية أيقنت بعد محاولة اغتيال رئيس الحكومة أن حماس لا تريد المصالحة بالمطلق بل تريد الاستمرار في الهيمنة مع السماح لحكومة الوفاق بالصرف عليها فقط دون أدنى سلطة على الأرض وبالتالي اتخذت السلطة قرارات مالية أصابت أبناء حركة فتح فقط ما زاد من تفاقم الوضع الاقتصادي وانعكس على مالية حماس لأنها تعتمد على ما تجبيه من ضرائب وفواتير الكهرباء مع أنها لا تدفع أثمان الكهرباء التي تصل عبر عدة خطوط من الاحتلال ومن مصر.

مسيرات العودة هي حق فلسطيني أراد به البعض باطلاً، أي إيجاد مشروع يديم الانفصال وهو ما يجتهد من أجله قادة الاحتلال والمبعوث الأمريكي جيسون جرينبلات والممثل القطري لدى حماس محمد العمادي.

عن الخليج الإماراتية

اخر الأخبار