التقرير الأسبوعي حول الانتهاكات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينيــة المحتلــة (12 – 18 ابريل 2018)

تابعنا على:   19:02 2018-04-19

أمد/ واصلت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي خلال الفترة التي يغطيها التقرير الحالي (12/4/2018 – 18/4/2018)، انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة. وتجلت تلك الانتهاكات في استخدام القوة المسلحة ضد المدنيين الفلسطينيين، والإمعان في سياسة الحصار والإغلاق، والاستيلاء على الأراضي خدمة لمشاريعها الاستيطانية، وتهويد مدينة القدس، والاعتقالات التعسفية، وملاحقة المزارعين والصيادين.  وخلال الأسبوع الذي يغطيه هذا التقرير، رفعت قوات الاحتلال وتيرة الاستخدام المفرط للقوة ضد المشاركين في تظاهرات احتجاجية بعد تأجج الأجواء إثر إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي ونقل السفارة الأمريكية إليها، وهو ما شكل سابقة خطيرة تتناقض مع القانون الدولي.  تجري تلك الانتهاكات المنظمة في ظل صمت المجتمع الدولي، الأمر الذي دفع بإسرائيل وقوات جيشها للتعامل على أنها دولة فوق القانون.

وكانت الانتهاكات والجرائم التي اقترفت خلال الأسبوع الذي يغطيه هذا التقرير على النـحو التالي:

أعمال القتل والقصف وإطلاق النار:

استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام القوة المسلحة المميتة ضد المشاركين في المظاهرات السلمية التي جرى تنظيمها ضمن فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار في قطاع غزة، والذي شهد مسيرات سلمية على المنطقة الحدودية الشرقية للقطاع، شارك فيها عشرات الآلاف من المدنيين العزل من الشبان والنساء والأطفال والشيوخ. فقد شهد القطاع يوم الجمعة الموافق 13/4/2018 مسيرات سلمية شارك فيها عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين، واستمرت تلك المسيرات غير العنفية بشكل متفاوت على مدار أيام هذا الأسبوع، وأسفرت عن مقتل اثنين من المدنيين الفلسطينيين، ليرتفع بذلك عدد القتلى منذ بدء فعاليات المسيرة بتاريخ 30/3/2018 حتى إعداد هذا التقرير إلى (29) مدنياً فلسطينياً، بينهم (3) أطفال وصحفي واحد في قطاع غزة لوحده. وفي القطاع أيضاً أصيب خلال هذا الأسبوع (393) مدنياً فلسطينياً، بينهم (67) طفلاً، و(10) نساء و(4) صحفيين، و(3) مسعفين، وصفت إصابة (20) منهم بالخطرة. وفي الضفة الغربية، أصابت قوات الاحتلال (17) مدنياً فلسطينياً، بينهم (3) أطفال في حالات مختلفة.

ويدلل سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا بين قتيل وجريح في قطاع غزة، على استمرار قوات الاحتلال في اقتراف المزيد من جرائمها، واستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين الفلسطينيين، واستهتارها بأرواحهم بقرار سياسي رسمي.  ويشير المركز إلى أن تلك القوات استبقت المسيرات، التي أعلن القائمون عليها بشكل مسبق أنها سلمية، بإرسال رسائل تهديد وتخويف للمنظمين ولسكان القطاع، كما نشرت القناصة على طول الحدود مع قطاع غزة، وفق ما أعلنه الناطق باسمها على صفحته على فيسبوك منذ الشروع بالإعلان عن النية في تنظيم هذه المسيرات التي تزامن انطلاقها مع الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض.

تؤكد التحقيقات والمشاهدات الميدانية لباحثي المركز، على ما يلي:

على الرغم من تراجع أعداد الضحايا القتلى خلال هذا الأسبوع، إلا أن عشرات القناصة من قوات الاحتلال الذين تمركزوا خلف سواتر وتلال رملية، وسيارات الجيب العسكرية، داخل الشريط الحدودي الفاصل شرق القطاع، أطلقوا النار بشكل عمدي وانتقائي، وإن كان بشكل أخف من المرات السابقة، تجاه المشاركين في التجمعات السلمية التي ضمت عشرات الآلاف من المواطنين، في (5) مناطق شرق قطاع غزة.

تميزت المسيرات كعادتها بالطابع السلمي الكامل، ولم يشاهد باحثو المركز مظاهر مسلحة، أو مسلحين حتى بألبسة مدنية بين المتظاهرين، فيما كان بين المشاركين آلاف الشيوخ والنساء والأطفال، وبعضهم كانوا عائلات بأسرها، ومن مختلف الفئات العمرية الذين رفعوا الأعلام ورددوا الهتافات والأغاني الوطنية، وأطلقوا الطائرات الورقية، وأشعلوا إطارات سيارات، وأحرقوا أعلام إسرائيل، وفي الكثير من التجمعات جرت عروض فلكلورية ورياضية، ومع ذلك لم يسلموا من استهداف قوات الاحتلال.

مرة أخرى لم يكن هناك أي تهديد على حياة الجنود، ولم يجرح حتى الآن جندي إسرائيلي واحد. وعلى الرغم من الأعداد القليلة من المشاركين التي اقتربت من الشريط الحدودي وحاولت الرشق بالحجارة، إلا أنها لم تكن تشكل أي تهديد أو خطر على حياة جنود الاحتلال الذين كانوا يتمركزون خلف تحصينات وسواتر رملية تبعد ما بين 50 – 100 مترا داخل الحدود.

استخدمت قوات الاحتلال هذا الأسبوع قنابل الغاز المسيل للدموع على نطاق واسع، وعلى شكل رشقات، ووصلت إلى عمق ساحات الاعتصام وخلفها، بعيدًا عن المتظاهرين قرب الشريط الحدودي. كما أن تلك الغازات تسببت بحالات تشنج واختناق شديد جدًا، ونقل العديد منهم للمستشفيات.

استهدفت قوات الاحتلال المستشفى الميداني، والنقطة الطبية التابعة للجمعية الجزائرية، في خزاعة ومحيطهما، بـ 10 قنابل غاز، رغم أنهما تبعدان حوالي 800 متر عن الشريط الحدودي. كما تكرر استهداف أماكن تواجد طواقم الإسعاف في رفح ومخيم البريج، ما يشير إلى تعمد استهداف وإعاقة عمل الطواقم الطبية بشكل واضح للمرة الأولى منذ بداية الأحداث. وتسببت تلك القنابل بإصابة العشرات من الطواقم الطبية بحالات اختناق، إلى جانب إصابة عدد من المسعفين بالرصاص والارتطام المباشر بقنابل الغاز.

تكرر استهداف الطواقم الصحفية بشكل مباشر ما أدى إلى إصابة الصحفي أحمد محمد حسن أبو حسن، 24 عامًا، بعيار ناري تحت الإبط الأيسر خلال تغطيته الأحداث شرق جباليا، رغم أنه يرتدي سترة واقية مكتوب عليها press، إلى جانب ارتدائه خوذة، ووصفت حالته بالخطيرة، كما أصيب صحفيان بالأعيرة النارية وقنابل الغاز في رفح، وصحفي شرق مدينة خان يونس.

كما تشير تحقيقات المركز أن القتيلين اللذين سقطا هذا الأسبوع أصيب أحدهما بالصدر، فيما أصيب الآخر بالظهر.

وفقا لما صرحت به المصادر الطبية في المستشفيات من خلال تعاملها مع المصابين، فإن العديد من المصابين بالرصاص الحي كان لديهم تهتكات كبيرة في الأنسجة، وفتحات كبيرة مكان الإصابة، مما يدلل على أن الرصاص المستخدم هو من الرصاص الحي المتفجر.

وفي إطار استهدافها للمناطق الحدودية، فتحت قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة داخل الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، شرق مدينة دير البلح، المغازي، والبريج في المحافظة الوسطى، نيران أسلحتها الرشاشة تجاه المزارعين ورعاة الأغنام الفلسطينيين بتواريخ 14، و15، و16، و17، و18/4/2018، هذا فضلاً عن قصف موقع رصد تابع لأحد فصائل المقاومة الفلسطينية، ولم يبلغ عن وقوع إصابات في الأرواح في تلك الحالات.

وفي تاريخ 18/4/2018، أطلقت دبابات الاحتلال الإسرائيلي (6) قذائف مدفعية، وفتحت نيران أسلحتها الرشاشة بكثافة تجاه مجموعة من الشبان الذين كانوا يتواجدون على بعد عشرات الأمتار من الشريط الحدودي الفاصل بين القطاع وإسرائيل، وتجاه الأراضي الزراعية ونقطة تتبع قوة الضبط الميدان شرق بلدة خزاعة، شرق مدينة خانيونس. أسفر ذلك عن إصابة (5) شبان، وصفت حالة أحدهم بالخطيرة. وتسبب القصف بإلحاق أضرار مادية بمنزل سكني تقطنه عائلة قوامها (6) أفراد.

وفي إطار استهدافها لصيادي الأسماك الفلسطينيين في عرض البحر، استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في تصعيد وتيرة اعتداءاتها ضد صيادي الأسماك الفلسطينيين، وهو ما يشير إلى استمرار سياسة الاحتلال في محاربتهم في وسائل عيشهم ورزقهم. وخلال هذا الأسبوع رصد المركز (10) اعتداءات على الصيادين، منها (3) اعتداءات شمال غرب بلدة بيت لاهيا، و(7) اعتداءات غرب منطقة السودانية، غرب جباليا، شمال القطاع.

وفي الضفة الغربية، أصيب بتاريخ 12/4/2018، مدنيان فلسطينيان عندما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية شقبا، غرب مدينة رام الله، لتنفيذ أعمال تجريف منشآت مدنية فيها. تجمهر عدد من الأهالي في المكان، فأطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز والأعيرة المعدنية تجاههم، ما أسفر عن إصابة اثنين منهم بالأعيرة المعدنية في قدميهما.

وفضلاً عن الإصابات المشار إليها أعلاه، أصيب خلال هذا الأسبوع (15) مدنياً فلسطينياً، بينهم (3) أطفال، بجراح، بعد إطلاق النار وقنابل الغاز تجاههم بشكل مباشر، أثناء مشاركتهم في مسيرات سلمية، وإلقاء حجارة باتجاه جنود الاحتلال المتمركزين على مداخل التجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة. وتأتي تلك المسيرات في إطار الاحتجاجات التي ينظمها المدنيون الفلسطينيون، احتجاجا على قرار الرئيس الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، واستمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في جرائم الاستيطان ومصادرة الأراضي، وللتنديد بجرائم قوات الاحتلال ضد مسيرات الاحتجاج السلمي التي ينظمها الفلسطينيون على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

أعمال التوغل والمداهمة:

خلال الأسبوع الذي يغطيه التقرير الحالي، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي (78) عملية توغل على الأقل في معظم مدن وبلدات ومخيمات الضفة، فيما نفّذت (5) عمليات اقتحام في مدينة القدس وضواحيها.  أسفرت تلك التوغلات والاقتحامات عن اعتقال (59) مواطناً فلسطينياً على الأقل، بينهم (6) أطفال، في الضفة الغربية، فيما اعتقل (19) مواطنا آخرون، بينهم (4) أطفال وامرأة واحدة في مدينة القدس وضواحيها. وكان من بين المعتقلين خلال هذا الأسبوع الشيخ جمال الطويل، وهو أحد القادة السياسيين لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) في الضفة، وكان أسيراً سابقاً، وقضى 17 عاماً في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وفي قطاع غزة، توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 16/4/2018 مسافة تقدر بحوالي 70 مترا شرق بلدة الفخاري، جنوب شرقي مدينة خان يونس، جنوب القطاع، وشرعت بأعمال تسوية وصيانة للسياج الحدودي الثاني على امتداد الشريط الحدودي الفاصل بين القطاع وإسرائيل.

وفي تاريخ 17/4/2018، توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسافة تقدر بحوالي 70 مترا، شرق بلدة خزاعة، شرق مدينة خان يونس، جنوب القطاع، وشرعت في أعمال تسوية وصيانة للسياج الحدودي الثاني مقابل مخيم العودة المقام منذ 30/3/2018.

إجراءات تهويد مدينة القدس الشرقية المحتلة:

ففي إطار استهدافها لعمل مؤسسات المجتمع المدني في مدينة القدس الشرقية المحتلة، أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 18/4/2018، مؤسسة “ايليا للإعلام الشبابي” الكائنة في شارع صلاح الدين وسط المدينة. وعلقت مخابرات الاحتلال على الباب الخارجي والرئيس للمؤسسة قرارا يقضي بإغلاقها باعتبارها “جمعية تنظيم إرهابي”! وجاء في القرار الموقع من وزير جيش الاحتلال، أفيغدور ليبرمان ما يلي: “قرار إعلان مؤقت على اعتبار جمعية ايليا تنظيم إرهابي بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2016، وبعد قناعتي التامة بأن أعمال المؤسسة تتلاءم مع ما جاء في المادة رقم 4 للقانون، أعلن أن أي جهة، أو مكتب، أو مؤسسة، أو جمعية، أو شركة، أو هيئة، أو لجنة، أو مركز، يتبع لهذه الجمعية يعتبر منظمة إرهابية”!

جرائم الاستيطان والتجريف واعتداءات المستوطنين على المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم:

فعلى صعيد أعمال تجريف الأعيان المدنية، جرّفت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 12/4/2018 عدداً من المنشآت في منطقة “خلة مطاوع”، شمال قرية شقبا، غرب مدينة رام الله. وطالت أعمال التجريف (3) غرف زراعية، وأسوار إسمنتية بطول (600م)، وسلاسل حجرية، فضلاً عن مصادرة بيت متنقل (كرفان). جاءت عملية التجريف على خلفية البناء في المنطقة المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو، وتبعد المنطقة المقامة عليها تلك المنشآت عن مستوطنة “عوفريم” نحو 3 كم، وعن جدار الضم (الفاصل) نحو 2 كم، وعن شارع رقم (446) الاستيطاني نحو كيلو متر.

وفي تاريخ 16/4/2018، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ترافقها مركبة تابعة لدائرة التنظيم والبناء في (الإدارة المدينة) خربة زانوته، غرب بلدة الظاهرية، جنوب مدينة الخليل. شرع موظفو الدائرة المذكورة بهدم ومصادرة خيام جرى نصبها بعد تفكيك ومصادرة المدرسة بتاريخ 9/4/2018.

وعلى صعيد اعتداءات المستوطنين على المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، ففي تاريخ 13/4/2018 أقدمت مجموعة من المستوطنين على إضرام النار في مسجد الشيخ سعادة غرب بلدة عقربا، جنوب شرقي مدينة نابلس. سكب المستوطنون مادة مشتعلة في مدخل المسجد، وأضرموا النار فيها، فالتهمت النيران مدخل المسجد، وثلاجة المياه، وبعض مفاتيح الكهرباء، وذلك قبل أن يتمكن عدد من المواطنين الذين هرعوا إلى المسجد من إخمادها.

وفي التاريخ نفسه، أقدمت مجموعة من المستوطنين، انطلاقاً من مستوطنة “إيتمار” على تحطيم (7) شجرات زيتون في خلة راجح، شمال شرقي قرية روجيب، شرق مدينة نابلس، وتخريب بئر مياه وهدم جدار استنادي محيط بالأرض، وتخريب السياج حولها.

وفي تاريخ 14/3/2018، هاجمت مجموعة من المستوطنين، انطلاقاً من مستوطنة “حفات ماعون” المقامة على أراضي المواطنين المصادرة شرق مدينة يطا، جنوب محافظة الخليل، منازل المواطنين في خربة التوانة بالحجارة.

وفي تاريخ 17/4/2018، هاجمت مجموعة من المستوطنين قرية اللبن الشرقية، جنوب مدينة نابلس، واعتدت على المركبات الفلسطينية المتوقفة أمام المنازل أصحابها، وفي باحاتها، وفي شوارع القرية. خط المستوطنون شعارات معادية للعرب والمسلمين على جدران المنازل وهياكل السيارات، وثقبوا بآلات حادة إطارات (26) سيارة. وفي التاريخ نفسه، هاجمت مجموعة من المستوطنين قرية الساوية المجاورة، واعتدت على المركبات الفلسطينية فيها. خط المستوطنون شعارات معادية للعرب والمسلمين على جدران المنازل وهياكل السيارات، وثقبوا بآلات حادة إطارات (26) سيارة أخرى.

وفي تاريخ 18/4/2018 اعتدت مجموعة من المستوطنين، ممن تطلق على نفسها “مجموعات تدفيع الثمن”؛ انطلاقاً من مستوطنة “يتسهار” المقامة شرق قرية عوريف، جنوب مدينة نابلس، أرض المواطنين ناجح شحادة، ورائد صباح. حطم المستوطنون (29) شجرة زيتون ولوزيات وعنب، وخطوا شعاراً باللغة العبرية على كونتينر من الصفيح يعني “الموت للعرب”.

الحصار والقيود على حرية الحركة

واصلت سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي فرض سياسة الحصار غير القانوني على الأرض الفلسطينية المحتلة، لتكرس واقعاً غير مسبوق من الخنق الاقتصادي والاجتماعي للسكان المدنيين الفلسطينيين، ولتحكم قيودها على حرية حركة وتنقل الأفراد، ولتفرض إجراءات تقوض حرية التجارة، بما في ذلك الواردات من الاحتياجات الأساسية والضرورية لحياة السكان، وكذلك الصادرات من المنتجات الزراعية والصناعية.

 ففي قطاع غزة، تواصل السلطات المحتلة إجراءات حصارها البري والبحري المشدد على القطاع لتعزله كلياً عن الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس المحتلة، وعن العالم الخارجي منذ أكثر من 11 عاما متواصلة، ما خلّف انتهاكاً صارخاً لحقوق سكانه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبشكل أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية لنحو مليوني نسمة من سكانه.  ومنذ عدة سنوات قلصت سلطات الاحتلال المعابر التجارية التي كانت  تربط القطاع بالضفة الغربية وإسرائيل من أربعة معابر رئيسة بعد إغلاقها بشكل كامل إلى معبر واحد” كرم أبو سالم”، جنوب شرقي القطاع، والذي لا تتسع قدرته التشغيلية لدخول الكم اللازم من البضائع والمحروقات للقطاع، فيما خصصت معبر ايرز، شمال القطاع لحركة محدودة جداً من الأفراد،  ووفق  قيود أمنية مشددة، فحرمت سكان القطاع من التواصل من ذويهم وأقرانهم في الضفة وإسرائيل، كما حرمت مئات الطلبة من الالتحاق بجامعات الضفة الغربية والقدس المحتلة. أدى هذا الحصار إلى ارتفاع نسبة الفقر إلى 65%، بينما ارتفعت نسبة البطالة في الآونة الأخيرة إلى 47%، ويشكل قطاع الشباب نسبة 65% من العاطلين عن العمل. ويعتمد 80% من سكان القطاع على المساعدات الخارجية لتأمين الحد الأدنى من متطلبات حياتهم المعيشية اليومية. وهذه نسب تعطي مؤشرات على التدهور الاقتصادي غير المسبوق لسكان القطاع.

 وفي الضفة الغربية، تستمر قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي في تعزيز خنق محافظات، مدن، مخيمات وقرى الضفة الغربية عبر تكثيف الحواجز العسكرية حولها و/ أو بينها، حيث خلق ما أصبح يعرف بالكانتونات الصغيرة المعزولة عن بعضها البعض، والتي تعيق حركة وتنقل السكان المدنيين فيها.  وتستمر معاناة السكان المدنيين الفلسطينيين خلال تنقلهم بين المدن، وبخاصة على طرفي جدار الضم (الفاصل)، بسبب ما تمارسه القوات المحتلة من أعمال تنكيل ومعاملة غير إنسانية وحاطة بالكرامة.  كما تستخدم تلك الحواجز كمائن لاعتقال المدنيين الفلسطينيين، حيث تمارس قوات الاحتلال بشكل شبه يومي أعمال اعتقال على تلك الحواجز، وعلى المعابر الحدودية مع الضفة.

وفي سياق متصل، فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي حصاراً شاملاً على الأراضي الفلسطينية المحتلة بمناسبة الأعياد الإسرائيلية، بدأ بتاريخ 30/4/2018 حتى فجر يوم الجمعة الموافق 20/4/2018. وخلال الأسبوع الذي يغطيه هذا التقرير، قلصت تلك القوات ساعات العمل على معبر الكرامة (أللنبي) الحدودي مع المملكة الأردنية الهاشمية من الساعة 8:00 صباحاً وحتى الساعة 5:30 مساءً وذلك في يوم الأربعاء الموافق 18/4/2018.

 

اخر الأخبار