جنوح البعض للتطرف في قطاع غزة: ظاهرة مبررة أم حالة عارضة؟!

تابعنا على:   13:46 2018-03-15

د.أحمد يوسف

توطئة:
قيل عن نظرية النسبية لآينشتاين: إن الشيء الوحيد الذي يجعلها صعبة الفهم هو سهولتها!! فعندما ننظر إلى ظاهرة التطرف أو العنف أو ما يسمى الإرهاب - كما يراها الباحث المغربي عبد الكريم أحمين - فإنها تبدو سهلة ممتنعة؛ سهلة من ناحية دلالتها اللغوية، وصعبة عند التفكير في الدوافع المؤدية إليها، وممتنعة عندما نريد الوقاية منها، وإبصار سبل العلاج والحلول.
لقد شدتني حالات الغلو والتطرف التي أخذت تتصاعد خلال السنوات العشر الأخيرة في قطاع غزة، للتفكير بدراستها، والبحث عن جذورها وسبل العلاج من خطر استفحالها، والمتمثل في حرف بوصلة نضالنا الوطني كشعب تحت الاحتلال، له أحلامه وتطلعاته في التحرير والعودة إلى مجتمع يقتل بعضه بعضاً، ويعمل على تبديد كل مقومات الصمود والوحدة وتحقيق الانتصار.
لقد أوشكت على الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على كتابي الموسوم (التيارات السلفية في قطاع غزة: بين الاعتدال والتطرف والحسابات الوطنية)، وإن كانت الخلاصات التي توصلنا إليها تجعل الإنسان بين التفاؤل والتشاؤم؛ أي في حالة من "التشاؤل" على رأي الأديب الفلسطيني أميل حبيبي.
في الحقيقة، إننا في قطاع غزة، لا يمكننا اليوم أن نتناول ظاهرة الغلو والتطرف في المجتمع الفلسطيني دون أن نُعرِّج على موضوع التطور الحاصل في الفكر السلفي - بشكل عام - من الفعالية الدعوية والتربوية إلى العمل الجهادي، والذي أخذ مساراً كان في بعض مظاهره وأفعاله العنفيِّة أقرب إلى الانحراف على مستوى السلوك والممارسة.
من الجدير ذكره، أن التيار السلفي في قطاع غزة قد برز دوره في الثمانينيات، حيث استطاع هذا التيار أن يستقطب الجماهير، وأن يلتف حوله الكثير من أبناء الأمة في قطاع غزة، بعيداً - بشكل نسبي - عن التطرف والغلو. وقد أشار الشيخ محمد أبو جامع؛ أحد أعمدة الحركة السلفية في قطاع غزة، أن هذه الدعوة قد استطاعت المحافظة على نقاء الهوية والعقيدة بالانتماء الصادق لوطنها وأمتها، حيث تصدت وبكل قوة لكل الأفكار المنحرفة والدخيلة ومحاولات الإفساد والإسقاط.. لقد كان هناك حقيقة تفاعل إيجابي من الكل الوطني لما يقوم به هذا التيار السلفي، من حيث المحافظة على قيم وأعراف المجتمع، ومنع المفسدين من التمادي - آنذاك - في فسادهم وإفسادهم، والذي كانوا يمارسونه لخدمة أجندات مرتبطة بالاحتلال وأعوانه.
ومع مجيء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، لم يدخر السلفيون في قطاع غزة جهداً لأجل إنجاح هذه السلطة الوطنية الوليدة، وسخَّروا طاقاتهم وجهودهم وعلاقاتهم لأجلها؛ باعتبار أنها طموح الجميع لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة.
غير أن مظاهر وممارسات الفساد أدت إلى تراجع الدعوة السلفية، وإحجام بعض واجهاتها الفاعلة عن المشاركة في الحياة العامة، حيث فرضت عليها بعض القيود من المتنفذين وأصحاب الأجندات.
وعند قيام الانتفاضة الثانية، سارع السلفيون في لملمة صفوفهم، والانطلاق من جديد لخدمة أبناء شعبهم؛ سواء من خلال الجمعيات الأهلية أو المساهمة الشخصية المباشرة، وهذا أمر لمسه الجميع طوال سنوات الانتفاضة.
التطرف: الأسباب والأخطار
لا شك بأن التنامي المتزايد لأعداد السلفيين في قطاع غزة في السنوات العشر الأخيرة، وميل البعض منهم للغلو والعنف والتطرف، يستدعي استقراء الأسباب والدواعي وراء هذا الاندفاع والجنوح في هذا الاتجاه، والذي اختلت بوصلته ومالت بزاوية من الانحراف الخطير، الذي يبعث حقيقة على الخوف والقلق.
وعليه؛ حتى نجيب على السؤال الذي يفرض نفسه علينا جميعاً: هل الغلو والتطرف الذي نشاهد بعض ملامحه في بيئتنا الفلسطينية يخدم مشروعنا الوطني، وهل السلفية في قطاع غزة هي ركيزة وطنية أم عبء وتهديد؟! نحتاج لئن نسأل أهل الذكر في الساحتين الدينية والوطنية، لإعانتنا على الإجابة، وتبصيرنا بالحلول.
فمن خلال حوارنا مع الأستاذ نور عيد؛ المدرس بكلية الدعوة التابعة لوزارة الأوقاف بقطاع غزة، أشار علينا - كباحثين معنيين باستقصاء حالة التطرف في مجتمعنا الفلسطيني - بضرورة القيام بدراسات مستفيضة حول بعض الظواهر المجتمعية التي تبين لنا أبعاد العلاقة بين التطرف ومدى ارتباطه بأشياء أخرى، مثل: التطرف والفقر، التطرف والظلم الاجتماعي أو السياسي، التطرف والطبقية، التطرف والزواج، التطرف والعنف، التطرف والأسرة.
فمن وجهة نظره، أنه بالإمكان رصد مجموعة من الأسباب لتلك الظاهرة، أهمها:
أولاً) غياب العدالة الاجتماعية، حيث إن الاقتراب من هؤلاء الشباب، ومحاولة التعُّرف على قصتهم بالتفصيل، ستجد أن عددًا منهم يعاني الفقر والبطالة، ويقترب عمره من الثلاثين وله سبعة إخوة، وبيتهم بسيط، ولا يدخل عليهم إلا القليل من المال.. لذا، ستجده يحقد على المجتمع أو يتحامل عليه وعلى كل شيء فيه، وستراه لكونه متدينًا يجنح نحو الغلو والتطرف كمتنفس جيد.
ثانياً) خذلان الأداء الحكومي، حيث لم يجد الشباب في حكومة غزة ما كانوا يأملونه، خاصة وأن خطاب الإسلاميين قبل الحكم كان مدغدغاً جداً للعواطف في كافة الجوانب، وعند التطبيق كان واقع الحال عكس ذلك!! أو بعبارة أخرى: غابت مظاهر الحكم الإسلامي الرشيد بالطريقة التي كان يجري الحديث عنها؟؟
ثالثاً) التربية الدينية التي يتلقاها الشباب؛ سواء في داخل تنظيماتهم الإسلامية، أو على المنابر التي يتلقى منها الناس العلم، فنحن كنا وما زلنا تلامذة على المدرسة السلفية (الوهابية)، هذه المدرسة – ومهما حاولنا أن ندافع عنها - تُربي على الغلو والتطرف؛ بقصد أو بدون قصد، وما زلنا غير منفتحين على المدارس الأخرى، مثل المدرسة المغربية.
رابعاً) طبيعة التربية الحركية لدى التنظيمات الإسلامية: فنحن مثلاً تعرَّفنا على سيد قطب ومحمد قطب، وسعيد حوى، ومحمد أحمد الراشد، ولم نتعرَّف على محمد عمارة، ومالك بن نبي، والطاهر بن عاشور، وراشد الغنوشي، وأحمد الريسوني، وغيرهم.. كما أننا نفتقد إلى العَالِم المربي، الذي يتعامل مع المتطرفين بعلم وحنان وإخوة واحتضان، وليس بطريقة أمنية بحتة.
وعلينا أن ننتبه أيضاً إلى أن المدرسة الإخوانية – مثلاً - لم تحسم رأيها بوضوح في مسائل عديدة، فهي لم تتبنَّ الدولة المدنية بتفاصيلها، ولم تأخذ بالطرح السلفي التقليدي بتفاصيله، وما زالت لديها مواقف متأرجحة إن صح التعبير، وهذا يفتح الباب للتطرف داخل المدرسة الإخوانية.
خامساً) تحتل التربية العسكرية الجانب الأكبر في تربية الشباب الإسلامي، مما يجعل الشاب لا يؤمن إلا بالحل العسكري، ويميل للعنف.. والتربية العسكرية إن غلبت وسيطرت، فهي تميل بصاحبها نحو التطرف، بخلاف ما لو كانت التربية المدنية والعلمية هي السائدة.
أما د. أحمد مسمح؛ طالب دكتوراه في الشريعة بجامعة إزمير كاتب تشلبي التركية، فيعتقد بأن يأس الشباب من واقع العالم العربي والإسلامي، واتساع مظاهر البطالة والظلم والفقر والقهر والاستبداد، قد دفعهم إلى أحضان بعض الجماعات أو المجموعات التي أوقعتهم في حلم الخلافة الإسلامية، فأرادوا الانتقام من الحكام والأنظمة العربية.
وإذا أخذنا أسباباً أخرى أوردها البعض من واقع ما هو مشاهد اليوم في قطاع غزة، فإن ما ذكره الصحفي إياد الدريملي يكتسب الكثير من الوجاهة والاعتبار، حيث أشار، قائلاً: إن استمرار حالة التدهور الخطير والحاد في البنية الاجتماعية، والاقتصادية، والخدماتية، وبداية سقوط الطبقة الوسطي في المجتمع، وانهيار القطاع الخاص، وتراجع دور المجتمع المدني، وارتفاع مؤشرات الفقر المدقع، والبطالة، وعزوف الشباب عن المشاركة، وشيوع حالة عدم الثقة وتقبل الآخر، وانتشار نسب الجرائم، وغيرها، ينذر - بلا شك - بعواقب خطيرة، وفي مقدمتها الجريمة والتطرّف والارهاب.
أما بشأن إعادة تأهيل الشباب المنحرف إلى جادة الوسطية والاعتدال، فإن هذه المهمة ليست باليسيرة؛ لأنها تحتاج إلى تكاتف الجهود من الجهات المختلفة، ولا يصح أن تقتصر المعالجة على الناحية الأمنية، فإن الفكر يواجه بالفكر، تبدأ تلك المسيرة من رابطة العلماء التي تقع عليها المسؤولية الكبرى في نشر ثقافة الوسطية والاعتدال، والجلوس مع أولئك الشباب، ومناقشتهم وتوضيح ما اختلط عندهم من آراء وفهم مغلوط عن الإسلام وتطبيق الشريعة وتحكيمها، وكذلك المسؤولية على الحكومة التي يجب عليها ألا تنتظر ظهور هذه الفئة من الشباب قبل أن تعالج أسبابها معالجة سلمية وليست أمنية، وذلك عن طريق استيعابهم في البرامج التي يرغبونها وليس تهميشهم وتنفيرهم، فأولئك الشباب قنبلة موقوتة في وجه من يعترض طريقهم، وكذلك لابدَّ من مراعاة وضع قطاع غزة كمجتمع محافظ - بشكل عام - تسود فيه أفكار وعادات وتقاليد متباينة، فهو لا يحتمل أفكار الانفتاح وكذلك أيضاً أفكار التشدد، فالمجتمع الفلسطيني محاط بمجموعة قيمية لا يمكن لأي أحد أن يتجاوزها، تحت أي ذريعة من الذرائع.
إن ذلك الشباب المتدين فيه الخير الكثير والإخلاص النقي والروح الطيبة، يفدي دينه ووطنه بروحه ودمه، فلابد من استثمار تلك الطاقات في بناء المجتمع وخدمة الدين والوطن، وتوجيه ذلك الحماس الزائد إلى ما هو مفيد ونافع للناس جميعاً، ليكون أداة بناء لا أداة هدم.
وكما أشار الأستاذ وسام أبو شمالة؛ أحد المسئولين بوزارة الثقافة، قائلاً: إن أي أفكار متطرفة لا تنشأ من فراغ، فهناك العديد من العوامل المساعدة على ظهور حالات لديها نزعة متشددة، خاصة النزعات ذات التوجه الديني.. إن الفكر السلفي الجهادي -مثلاً - يصعب أن يصبح طرفاً في المعادلة الفلسطينية، طالما بقي يحافظ على أفكاره القائمة على الغلو والتكفير والإقصاء، ومن المتعذر أن يكون جزءاً من الوحدة الوطنية وهو يتبنى الأفكار المتطرفة، إلا إذا قام بالعديد من المراجعات الفقهية، وتعمق أكثر في السياسة الشرعية، وتفهم تعدد المجتمع، وأنه لا يمكن فرض الأفكار والرؤى الدينية بالقوة.. لذا، فإن الحل في تفكيك هذا الفكر بالقضاء على أسبابه، خاصة في توسيع المشاركة السياسية، والقضاء على الفساد وتنمية الديمقراطية، وإعادة النظر في تربية الأجيال بطرق واقعية رشيدة ورصينة، والتركيز على أولوية التحرر الوطني في هذه المرحلة، والاصطفاف الوطني وترحيل الخلافات الأيدلوجية والفكرية لما بعد الاستقلال. وحذَّر قائلاً: إن المطلوب هو العمل على استيعاب هذه الأفكار في مهدها، ومحاصرتها قبل أن تتحول لظاهرة يصعب مواجهتها مستقبلاً.
التطرف والعنف ومخاوف التيار الوطني!!
أما الأستاذ أكرم عطا لله؛ الكاتب والمحلل السياسي، فيرى بأن هناك قلقاً تبدى في الآونة الأخيرة لدى الأجهزة الأمنية بقطاع غزة من تنامي تيار السلفية في قطاع غزة، وقد تعزز هذا التخوف بعد إقدام بعض عناصر السلفية في القطاع على تفجيرات هنا أوهناك أو تهديدات معينة أو قتل، كما حصل في جريمة اغتيال الشاب "مثقال السالمي" في مخيم الشاطئ.. فالعنف الصادر عن هذه الجهات، وحجم العنف المخزون، ربما أشعل الأضواء الحمراء لدى حركة حماس؛ كسلطة يقع على كاهلها مسئولية ضبط الأمن والاستقرار في قطاع غزة، حيث بدأت تجد نفسها أمام إشكال أمني حقيقي، يتوجب عليها نقاشه بهدوء ووضع حلول له.
إن التيارات الوطنية في القطاع ترى بالأنشطة العنفية الصادرة عن التيارات المتطرفة مصدر قلق كبير، ويتعزز هذا القلق بشدة ارتباطاً بما يحدث في الإقليم وتدمير الدول والمجتمعات، والحقيقة أن لديها مخاوف من تنامي هذا التيار، لمعرفتها بالتصنيف الذي تضعه لها هذه التيارات، مما يجعلها مصدر استهداف ارتباطاً بتلك المعرفة، قياساً بتجارب سابقة مع تيارات إسلامية أخرى كانت أقل سلفية مما هو قائم اليوم.. ومع ذلك، لم تخلُ التجربة من صدامات قامت على تصنيف شكَّل مقدمة لتلك الصدامات قبل أن تعقلن المسؤولية قيادة وكوادر ذلك التيار الإسلامي، فما بالنا بقوى أكثر تزمتاً.
إن مخاوف التيارات الوطنية من السلفية في القطاع لم تصبح أولوية حتى اللحظة، لسببين: الأول؛ أن هذه التيارات خرجت من رحم التيار الإسلامي ومن عناصره المحسوبة على الخط الجهادي، أو ممن وقفوا إلى جانب الإسلاميين قبل وصولها للحكم.. وبالتالي فإن قبضة هذا التيار الإسلامي وسيطرته بهذا الشكل على قطاع غزة قادر على مواجهة هذه الظاهرة، التي ترعرعت مستظلة بحمايته على مستوى الفكر والإطار المعنوي، وأيضا لشعور التيارات الوطنية بأن هذا التنامي هو تنامي طارئ وليس دائماً، وهو مرتبط بدرجة ما بتردي الحالة الاقتصادية والاجتماعية، التي نشأت في قطاع غزة خلال السنوات العشر الأخيرة، وأن الحل الحقيقي لتدارك هذا الأمر هو بتغيير الواقع الاقتصادي وبعض مظاهر الظلم الاجتماعي، وانفتاح قطاع غزة على العالم.. وللحق، فإن بعض التيارات الوطنية ترى أن لهجة الخطاب الوعظي الذي كان يطرح على الكثير من المنابر كان وراء تعزيز مثل هذا الفكر المتطرف، وبالتالي فإن العلاج يتطلب مراقبة المنابر الدعوية، والحد من جموح بعض أئمة المساجد ورجال الدعوة في الحركة الإسلامية.
إن التيارات الوطنية لا ترى بأن الحل يكمن فقط في المعالجات الأمنية؛ لأن ذلك قد يجعل الظاهرة أكثر سرية وأكثر اندفاعية، حيث إن معالجة المشكلة تحتاج إلى حوارات موسعة؛ تأخذ بعين الاعتبار خصوصية الوضع الفلسطيني، والاحتلال الإسرائيلي، وضرورة توجيه الإمكانيات تجاهه..
ويضيف: إن تجربة التيارات السلفية في العالم العربي تحمل معها كل ما يبعث على التوجس والقلق، حيث إنها وجَّهت بنادقها نحو الداخل قبل أن توجهها نحو الاحتلال!! وهنا، مكمن الخطر والخوف والفزع أحياناً، حيث إن الفكر الذي تقوم عليه هذه التيارات قائم على الصراع الداخلي والإقصاء والعنف تجاه المجتمع، وهذا يعني تدمير المجتمع وتصديع أركان أمنه واستقراره، والدخول في حالة من الفوضى التي لا مثيل لها، ولا خروج منها.
التطرف: رؤية في الحل
إن واحداً من الحلول التي أبداها د. عبد الكريم بكار في كتابة (تفكيك ثقافة الغلو)، هي التحذير من اللجوء إلى الحلول الأمنية، التي أثبتت فشلها في مناطق كثيرة من عالمنا العربي والإسلامي، وأشار قائلاً: إن استخدام القوة الباطشة في السجون والمعتقلات قد يدفع بعض السجناء من هؤلاء إلى تكفير كل من باشر بتعذيبهم أو أعطى الأوامر للقيام بذلك، بل قد يتجاوز الأمر إلى تكفير المجتمع كله؛ كونه سكت على هذا الظلم.. وأضاف: إن الحشر في الزاوية الضيقة قد يدفع بهؤلاء للتطرف والإرهاب، حيث إن هناك علاقة وثيقة بين حرية التعبير والشعور بالكرامة، وبين قوة الانتماء للبلاد والانصياع لأحكام القانون وسلوك الطريق السلمي في التغيير، وأن حظر الشباب وحرمانهم من ممارسة حقهم في النقد، سوف يدفع بفئة منهم إلى الغلو والتطرف والتذمر، وحتى القيام بأعمال تخريبية.
ختاماً: لقد حاورت جميع الأطراف ذات العلاقة بمسألة التطرف وسبل علاجها مجتمعياً وأمنياً لأكثر من عامين، واجتهدت في تقديم النصح لأصحاب العلاقة والشأن بوزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية، أو ممن هم في دائرة الاتهام؛ كقيادات لبعض التيارات السلفية، وكذلك المتخوفين من تنامي أخطارها في فصائل العمل الوطني، وكانت كلمتي لكل هؤلاء هي: خذوا حذركم، فالمعالجة لهذه الظاهرة من الانحراف الفكري تحتاج إلى جهدكم جميعاً، وعقل وحكمة الكل، حتى لا يخرق السفينة قلة من المتطرفين، حيث إن المطلوب منّا جميعاً الأخذ على يد هؤلاء الغلاة المنحرفين، ولكن بتوافقات وطنية يكون الكل فيها صاحب رأي وقرار.

اخر الأخبار