هل تحقق "تنفيذية عباس" نبوءة بريجنسكي!

تابعنا على:   10:21 2018-03-08

كتب حسن عصفور/ في "مفاجئة سياسية" يمكن اعتبارها أحد المفاجئات "السوداء" سياسيا في حياة الشعب الفلسطيني، قررت تنفيذية محمود عباس، (تنفيذية منظمة التحرير سابقا) يوم 7 مارس 2018، دعوة المجلس االوطني لعقدد دورة جديدة، بالتنسيق الكامل مع سلطات الاحتلال، وتحت حرابها قواتها الأمنية، في مدينة  رام الله في 30 أبريل 2018..

المفاجأة، في أن القرار جاء خلافا لسياق البحث عن تنفيذ اتفاقات المصالحة الوطنية، رغم كل ما حملت من "مطبات"، تم صياغتها للهروب من تنفيذها، حفاظا على "التعهدات" المقدمة لأطراف خارجية، بأن يستمر الانقسام، كما أن القرار التنفيذي الجديد، يمثل "طعنة في ظهر مصر"، التي تعمل بكل السبل، وبلا توقف، من أجل إزالة العراقيل لتنفيذ الاتفاقات، حتى أنها لم تسأل كثيرا عن تصريحات مندوب قطر في اللجنة المركزية لفتح، الرجوب، الذي وظفته مقابل ملايين الدولارات ووعد منها أن تساعده مع دولة الكيان ليكون "خليفة عباس"، لكيل الاتهامات للشقيقة الكبرى، ودون أي رد فعل من قيادة فتح ورئيسها، وكأنه بالون اختبار لدفع مصر للخروج من دورها السياسي المسؤول، لكن الخيبة كانت حاضرة، بل عمقت مصر من دورها السياسي، وزادت من فعاليتها ميداينا واتصالات، وقد تتسع رقعتها في المستقبل القريب..

قرار "تنفيذية عباس" بعقد مجلس "وطني" بمن حضر، وتحت حماية الإحتلال يمثل وضع حجر الأساس لمرحلة سياسية جديدة، تصبح بها كل "الخيارات ممكنة" للرد على هذه الخطوة "الإنقسامية الجديدة" لكنها الأخطر من المشهد القائم، لأنه أول قرار رسمي "يشرعن" لتقسيم - إنقسام منظمة التحرير الفلسطينية، للمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1964، وتطورها الكفاحي بقيادة الثورة الفلسطينية المعاصرة لها عام 1968، لتعيد رؤيتها بما يتوافق مع المرحلة الجديدة، في مواجهة العدو الوطني - القومي..

الإصرار على عقد "المجلس" في رام الله وبحماية قوات الاحتلال، يمثل "رخصة أمنية" لوضع شروط الكيان المناسبة لتحديد عضوية المؤتمر، وايضا لفرض "قواعد سياسية"، بل وتنظمية فيما يتعلق بانتخاب "تنفيذية جديدة"، لا تبعد كثيرا عن "هوى الحامي الأمني"، ولن تكون بعيدة عن أجواء المؤتمر السابع لحركة فتح، الذي فتح الباب لفرض "قائمة غرفة التنسيق الأمني"..

ويبدو، أن أصحاب قرار عقد مجلس بالحراسة الأمنية الإسرائيلية، يعتقدون أن "الشرعية" ليس سوى تسلط وخطف للقرار لتمرير أحد أكبر المؤامرات على القضية الفلسطينية، وأن استخدام "الشرعية الشكلية"سلاح لتمرير ما يخطط له من تصفية المشروع الوطني.. لتمرير مؤامرة التقسيم الجديد، المماثل لفرض الانتخابات الفلسطينية عام 2006 استجابة لطلب أمريكي، كمقدمة لفرض الإنقسام على طريق تطبيق مخطط شارون، المتفق عليه مع عباس في مزرعة الأخير بالنقب عام 1995، وعشية إغتيال رابين، وكأنه "تنسيق مسبق" بين الطرفين..

عشية عقد المجلس الوطني الفلسطيني 1996، حاول الخالد أبو عمار أن يدفع حماس للمشاركة بالدورة الجديدة، وكاد أن يصل الى هدفه الوطني، عندما قررت "شخصيات حمساوية" المشاركة في دورة المجلس، لكن التهديد الرسمي من حماس للموافقين، كان سببا للتراجع عن المشاركة، علما بأن الخالد "كسر القانون" بتأجيل باب اغلاق الانتخابات 24 ساعة للسماح للقادة الأربعة من حماس بالترشح، حاول الخالد بكل السبل مشاركة حماس في المجلس، رغم أن وضع السلطة - المنظمة عربيا ودوليا وشعبيا كان في حالة أفضل كثيرا مما هي اليوم..

عباس ومع معه، قرر أن يكرس الإنقسام ويطوره نحو بعد جديد، فلم يعد كافيا دوره بتنفيذ "الأمر الأمريكي -الشاروني" لتمرير صفقة انتخابات 2006، رغم معرفته الكاملة بنتائجها أثر تدمير مقومات السلطة الوطنية بعد العدوان الاسرائيلي – الأمريكي واغتيال الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات..إصرار أمريكي اسرائيلي ومشاركة عباس، كان الخطوة الأولى لتشريع "الإنقسام"..ويبدو أنه مصر أن يكمل دوره بعد أن حقق النجاح المطلق لتمريرذلك المخطط، بالتوجه الى صياغة بعد تقسيمي جديد في إطار منظمة التحرير الفلسطينيةـ بصفتها الممثل الشرعي الوحيد، بعقد مجلس بـ"مقاس اسرائيلي - أمريكي" لتمرير "صفقة ترامب الكبرى"، رغم كل الكذب السياسي برفضها..

ولو كانت دولة الكيان، وقبلها أمريكا تريان "خطورة في خطوة عباس" لما سمحت له إطلاقا أن يخرج من باب بيته ليصل الى مكتيه، وهو شخصيا يعلم تماما تلك "الحقيقة"، بعد مؤامرة حصار أبو عمار، وحينها نال اللقب الذي لن يمحى من الذاكرة الوطنية" كرازي فلسطين" وما حدث له من مجموعة فتحاوية أمام التشريعي في مارس 2003، وكأن شهر مارس بات يمثل له "عقدة نفسية"، فقرر طعن الممثل الشرعي بقفزة جديدة نحو تقسيم آخر الأطر الموحدة..

عقد مجلس رام الله، سيقتح الباب فورا، وبشكل "شرعي" للبحث في عقد "مؤتمر وطني فلسطيني" في أي مكان خارج الحماية الأمنية الإسرائيلية، سواء في مقر الجامعة العربية أو قطاع غزة، ومن يعتقد ان اللقب "الشرعي" كاف للتعطيل واهم وجاهل سياسي..فميزان القوى السياسي الشعبي لم يعد أبدا كما كان قبل فرض عباس رئيسا عام 2005، ولا يحتاج المرء لكثير من سرد الأدلة لذلك التغيير..

عقد مجلس رام الله، يفتح الباب أولا لعقد دورة للمجلس التشريعي المعلق، بأغلبية من حماس ونواب تيار الاصلاح في فتح، مع نواب مستقلين، ولهم أغلبية الثلثين، لإنتخاب رئيس مجلس تشريعي جديد، بعيدا عن اللون الحزبي، ويفتح الباب لتجريد عباس من صلاحياته التي خطفها، خلافا للقانون..

عقد المجلس في رام الله، يفتح الباب للتفكير بعقد مؤتمر وطني يبحث في صياغة "عقد سياسي جديد" يمهد للبحث في تشكيل "إطار قيادي مؤقت" للحركة الوطنية الفلسطينية، لحماية "بقايا المنجزات" والتصدي لمؤامرة ترامب ومن  يعمل على تنفيذها من طفريق التنسيق الأمني"..

الاعتقاد أن "لقب الشرعية" كاف لفرض كل أنماط التأمر على الشرعية فهن واهم جدا، فالقوى الأكثر حضورا واثرا وفعلا لم تعد مرهونة بقرار للمحتل يسمح لها او لا يسمح، يقرر أطر العمل وفقا لما يراد، بل هناك قواعد عمل جدية، تستوجب تطورا سريعا لبحث سبل العمل المشترك..

قرار رام الله، لعقد مجلس انقسامي محدود، نهاية مرحلة سياسية وبداية مرحلة جديدة..وجب التحرك السريع لمواجهتها..ويبدو ان عباس يريد ان ينهي حايته بتحقيق ما تم الاتفاق عليه عام 1995 وعام 2002 عند حصار الشهيد المؤسس.

ربما يبدو للبعض أن قرار "تنفيذية عباس" بعقد المجلس في رام الله هو تحقيق لحلم الأمريكي بريجنسكي عندما قال بعد حرب العدوان علة لبنان عام 1982 ، وداعا منظمة التحرير..ربما شكلا نعم لكن الواقع سيرد كما رد الخالد بقولته الشهيرة نخرج من بيروت نحو فلسطين..ومن مؤامرة القسمة الجديدة لتطوير ممثل الشعب الشرعي نحو بناء جديد!

ملاحظة: عناصر استراتيجية حماس المقدمة للفصائل تكشف أن هناك "تغيير جوهري" في مسار الحركة..العناصر تستحق مزيدا من البحث والتفصيلي لتصبح "رؤية وطنية شاملة" في قادم الأيام..

تنويه خاص: رغم قرار تنفيذية عباس لتشويه يوم النصر في 7 مارس.. ويوم المرأة لكنها تبقى دوما حامية نارنا المقدسة وشريك حق لبناء فلسطين جديدة دون تسلط وقهر ومصادرة حق وحقوق..!

اخر الأخبار