ذكرى رحيل الشيخ العلامة عبد الكريم خليل محمود الكحلوت (1935م – 2014م) مفتي محافظة غزة
لواء ركن/ عرابي كلوب
الشيخ العلامة/ عبد الكريم خليل محمود الكحلوت من مواليد قرية نعليا قضاء المجدل، ولد في كنف أسرة فلسطينية محافظة على العادات والتقاليد متمسكة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
منذ طفولته حفظ القرآن الكريم، هجرت عائلته تحت تهديد السلاح عندما حلت النكبة بالشعب الفلسطيني عام 1948م، حيث استقرت العائلة في مدينة غزة، ومن ثم سافر إلى مصر لمتابعة دراسته هناك، حيث التحق بالمعاهد الأزهرية عام 1960م، والتي حصل منها على ليسانس الشريعة والقانون من الأزهر الشريف عام 1966م، حيث درس وتتلمذ على أيدي نخبة من شيوخ الأزهر الأفاضل، بعد أن تخرج من جامعة الأزهر عاد إلى قطاع غزة حيث تم تعيينه إماماً وخطيباً في مسجد أبو حصيرة بغزة.
استمر الشيخ/ عبد الكريم الكحلوت في عمله بعد هزيمة حزيران عام 1967م واحتلال إسرائيل لقطاع غزة حتى تاريخ افتتاح المعهد الديني الأزهري في غزة عام 1971م حيث عين مدرساً في ذلك المعهد، كذلك تم اختياره عضواً في لجنة المدرسين للمعهد لأكثر من خمسة عشر عاماً، كذلك قام بالتدريس في الجامعة الإسلامية وكان من أوائل المدرسين فيها عام 1978م، حيث تم اختياره مقرراً للجنة المناهج فيها.
عمل الشيخ/ عبد الكريم الكحلوت مدرساً في جامعة الأزهر، حيث تخرج على يديه المئات من الطلبة والطالبات من جميع التخصصات.
عام 1994م وبعد عودة السلطة الوطنية الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى أرض الوطن حيث أصدر الرئيس/ ياسر عرفات مرسوماً رئاسياً بتعيين الشيخ/ عبد الكريم خليل الكحلوت مفتياً لمحافظة غزة، وحتى عام 2006م.
الشيخ العلامة/ عبد الكريم الكحلوت كان دائماً ينكر ذاته ويعمل في صمت ولم يزاحم أحداً على منصب، وكان المؤتمن في شغل هذا المنصب، كان يتمتع بثقة عالية من الشهيد الرئيس/ ياسر عرفات رحمه الله.
عين الشيخ/ عبد الكريم الكحلوت محاضراً في كلية الدعوة عند إنشائها عام 2004م.
كان الكل يزداد علماً وفتاوي من فضيلة الشيخ/ عبد الكريم الكحلوت، ويسألونه في أمور دينهم ودنياهم، كذلك كان له كتابات مميزة في مجلة نور اليقين التي كانت تصدر عن معهد فلسطين الديني (الأزهر)، كان خطيباً في المسجد العمري الكبير، وكذلك العديد من المساجد الأخرى لفترة طويلة من الزمن.
اشتد على الشيخ العلامة/ عبد الكريم الكحلوت المرض، حيث فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها مساء يوم الإثنين الموافق 24/2/2014م، وتم نقل جثمانه الطاهر للصلاة عليه في المسجد العمري الكبير ملفوفاً بعلم فلسطين، وبعدها شيع إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء شرق مدينة غزة، حيث شاركت جموع غفيرة من أبناء شعبنا الفلسطيني والقيادات الوطنية والدينية في تشييع شيخنا الجليل في موكب مهيب على المستوى الشعبي والرسمي.
هذا وقد نعاه فضيلة الشيخ الدكتور/ أحمد الطيب شيخ الأزهر، ومفتي جمهورية مصر العربية الدكتور/ شوقي علام بتقديم أصدق العبارات والمواساة لعائلة الراحل الكبير فضيلة الشيخ/ عبد الكريم الكحلوت.
وقبل وفاته كان قد أوصى الشيخ/ عبد الكريم الكحلوت أن يتم نقل ملكية كتبه المتعلقة به والموجودة في مكتبته الخاصة بمنزله والتي تُعد بالآلاف، نقل ملكيتها إلى الجامعة الإسلامية بغزة.
الشيخ العلامة/ عبد الكريم خليل الكحلوت علم من أعلام فلسطين البررة، أفنى حياته في خدمة الدين والشعب والقضية، وهو أحد كبار علماء فلسطين ومفتي قطاع غزة.
رحل الشيخ/ عبد الكريم الكحلوت الذي حمل هموم وطنه ردحاً من الزمن، كان من رجال فلسطين الأوفياء، كان مثالاً في كفاءته، إنساناً متواضعاً، ترك أثراً كبيراً في نفوس أبناء شعبه، كان إنساناً مؤمناً خلوقاً مهذباً محب للكل، تقياً كريماً حنوناً، أمضى حياته كلها في فعل الخير ومساعدة الناس، كان فلسطينياً بامتياز.
كانت خصاله الحميدة سر محبة الناس له، فكل من عرفه يشهد له بنقائه وصدق انتمائه، قضى حياته في خدمة المبادئ التي آمن بها.
رحم الله الشيخ العلامة الكبير/ عبد الكريم خليل محمود الكحلوت وأسكنه فسيح جناته.