غياب رؤية ..فقدان قيادة وهلوسة سياسة..ملامح المشهد!

تابعنا على:   09:58 2018-02-22

كتب حسن عصفور/ قبل عدة أسابيع اختصر نائب رئيس اركان جيش الاحتلال الاسرائيلي اللواء "غولان"، القيمة السياسية الأهم لدولة الكيان خلال السنوات العشر الأخيرة، بتحديدها في "الانقسام الفلطسيني - الفلسطيني"، وقلما نجد تلخيصا دقيقا جدا من قبل أحد قادة الطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب، كما هذا الوصف..

فالانقسام لم يكن فعلا "طائشا"، كما يحاول بعض أطرافه، وتحديدا من حركة حماس وصفه، ولم يكن عملا جاء صدفة، أو رد فعل لفعل، بل كان جزءا من "خطة أمريكية اسرائيلية" ودولة عربية، كانت ولا زالت تلعب دورا كـ"حجر سنمار" لضرب كل قضية وطنية مركزية تمثل "عقبة امام المشروع التقسمي المعادي"..مخطط تم رسمه وتنفيذه بحرفية سياسية عالية، لعب كل من طرفيه، دورا تنفيذيا به وفق المرسوم، كانوا بعلم له، ام بجهل منه..

الانقسام، ليس فرقة جغرافية بين سيطرة طرف على بعض من "بقايا الوطن"، فتلك اسهل ما في مظاهر الانقسام، بل زرع مفاهيم ورؤى سياسية - فكرية مثلت "جدارا عازلا" أمام بناء حركة وطنية ضمن الممثل ، يمكنها ان تواجه المشروع التقسيمي - التهويدي لحل أمريكي ( خطة ترامب)، ضمن صفقة إقليمية باتت فيها القضية الفلسطينية جزءا مكملا وليس مفتاحا اساسيا..

ومتابعة للسلوك السياسي لأطراف الانقسام، نلاحظ أن "الخطة التصفوية السياسية الجديدة" لم تشكل "إنذارا مبكرا" للخطر القادم عند تلك الأطراف، واستمر كل منها في المسار الذي حدد له بشكل أو بآخر، ويتعامل مع "المستجدات" وكأنها "حدث عادي"، يمكن هزيمته عبر بيانات "الشتم السياسي"، او الوصف والصراخ، دون أن يتقدموا بخطوة عملية حقيقية ومسؤولة نحو إعادة التفكير وفقا للقادم..

عباس، يمعن أكثر فأكثر في "الخلاص من المؤسسة الوطنية"، لم يعد يقيم بالا لأي قرار يصدر عن مؤسسات "الشرعية الرسمية"، ويتعامل معها شكلا لتعزيز فرديته المطلقة، ومعها تخبط سياسي أهوج، يتصرف وكأن الشعب الفلسطيني بات خارج الأثر والتأثير، يستخدم اقذر أنواع الأسلحة لفرض الفردية والتفرد، تهديد براتب الانسان وجواز سفرة وقوة الأمن وأدوات "التنسيق الأمني"، ضد كل من يعلن رفضا لسلوك وموقف يرى به خروجا عن قرارات "الإجماع الوطني"..ما كرس "حالة من اللامبالاة الشعبية" وخاصة في الضفة والقدس.

لم يعد له حليف أو "شريك" بل أدوات تنبثق من غرفة "التنسيق الأمني"، مشهد افقد روح التحدي والتصدي للمخطط المعادي، أدواته التنفيذية هم منتج غرفة التنسيق الأمني..

فيما حركة حماس تتعامل مع قطاع غزة، كضحية سياسية لكنها تفرض كل جبروتها الأمني - السياسي، تتحدث عن "الشراكة" مع الآخرين لكنها تمارس قمة الفردية والتفرد، تتحدث بالسياسة وفقا لمبدأ "ما يخطر على البال"، دون اي اسس موضوعية واضحة، ليس فقط لمواجهة المخطط المعادي، بل لترتيب البيت الفلسطيني، تغيب رؤيتها السياسية وبالقطع رؤيتها التنظيمية..

قيادة حماس، في الآونة الأخيرة تتحدث بـ"لغات سياسية" وليس "لغة سياسية"، حالة من الارتباك والتيه، ولا زالت تتصرف دون تقدير حقيقي للتطورات، تقرأ للبعض القيادي منهم، تمسكهم بـ"المصالحة" فيما يدعو غيره الى الاستعداد لـ"مرحلة ما بعد عباس"، يتمسكون بمصالحة ويفكر بعضهم في "إدارة غزة" تحت وقع ضغط الحصار الكارثي..

ارتباك سياسي فريد، لا يليق بحركة كما حماس، قوة واثر وخبرة سياسية..

وبالتأكيد، تفتقد قوى اليسار الفلسطيني، ومعهم حركة الجهاد الى التأثير الحقيقي على مسار الأحداث، لأنهم لا يؤمنون بقدرة التغيير والتأثير، رغم ان لهم قوة وطاقة قادرة على قلب حركة المسار لو توقفوا بجدية أمام صياغة المشهد بعيدا عن "العصبوية الانغلاقية"..

مشهد سياسي بات أقرب الى مرحلة "هلوسة سياسية" نتيجة فقدان الرؤية والقيادة، وليس تصريحات بعض أعضاء تنفيذية منظمة التحرير حول غياب القيادة وانتهاء القدرة على تنفيذ قرارات الأطر، وان سلطة الاحتلال هي السلطة الفعلية، ليس سوى مظهر من تلك المظاهر، ويذهب البعض الى استبدال الحديث عن دولة فلسطينية وفقا لقرار الأمم المتحدة الى الحديث عن "دولة واحدة"، اي تحويل الشعب الفلسطيني الى "اقلية سياسية" داخل دولة الكيان..وتلك مسألة تشكل أحد أخطر القضايا التي يتم الحديث عنها، دون حساب حقيقي..مسألة تستوجب نقاشا جادا لكشف مكامن "المصيبة السياسية" في هذا الشعار، موقف لا يجب أن يصبح جملة لسد الفراغ نتيجة احباط أو لعبة أو مناورة لتمرير "صفقة ترامب"، تحت وقع "التطرف"..

مشهد سياسي ربما لم يمر يوما منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، يفرض وجوبا استنهاضا للبحث في الرؤية القادمة، برنامجا وأدوات، والخروج من مرحلة "الدوران الأعمى"..القضية الوطنية دخلت زمن "الوقت الضائع" لتنفيذ المشهد التآمري الأخطر..فلا وقت للإنتظار!

ملاحظة: من حق حكومة عباس أو "مردخاي" كما قالها صائب عريقات، ان تطالب بسيطرتها المطلقة على قطاع غزة بمسمى "التمكين"، لكن هل لها أن تقدم تصورا أوليا ما هي فعالة بالأسلحة التي تمتلك أجنحة عسكرية..وبلاش حجج كذب!

تنويه خاص: ما حدث على معبر رفح من فتح مفاجئ الى اغلاق مفاجي شكل "صدمتين".."صدمة الفرح والتقدير" فـصدمة النكد والتكدير"..اللي بيصير حرام سياسي وبس!

اخر الأخبار