إسقاط طائرة ف 16 بصاروخ سام 5 السوري يعيد الاعتبار للتناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني

تابعنا على:   18:14 2018-02-12

عليان عليان

أسقط في أيدي الكيان الصهيوني والرجعيات العربية ومن ورائهما الإدارة الأمريكية بعد أن تمكنت الدفاعات الجوية السورية من إسقاط طائرة ف 16 -درة تاج سلاح الجو الإسرائيلي- عبر صاروخ سام 5 الذي لاحقها ليسقطها في الجليل العربي الفلسطيني ، بعد أن كان الكيان الصهيوني مطمئناً أن الطيران الحربي الإسرائيلي بوسعه أن يقصف أي مكان في سورية دونما رد عليه.
لقد انبرت الأقلام ووسائل الإعلام في محور المقاومة وحتى في معسكر العدو لتؤكد أن إسقاط الطائرة شكل هزيمةً لإستراتيجية الردع الإسرائيلية ونجاحاً مطلقاً لإستراتيجية الردع السورية – التي هي جزء لا يتجزأ من إستراتيجية الردع لمحور المقاومة- وأن إسقاط الطائرة كان في إطار قرار استراتيجي سوري بأبعاد عسكرية وجيوسياسية ، ما يعني أن مرحلة ما قبل إسقاط الطائرة تختلف جذرياً عن مرحلة ما بعدها ، وأن قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني تغيرت لصالح محور المقاومة.
ما يهمنا هنا ،أن نشير إلى مسألة جوهرية، ألا وهي أن ما عملت عليه واشنطن والكيان الصهيوني والسعودية وبقية الرجعيات العربية النفطية والإقليمية على مدى سبع سنوات من المؤامرة العدوانية على سورية، عبر إشعال فتيل الفتنة الطائفية والإثنية ، تبخر بسرعة جراء عاملين رئيسين هما ( أولاً ) اشتعال الانتفاضة الفلسطينية رداً على قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني ( وثانياً ) إسقاط الدفاعات الجوية السورية لطائرة ف 16 الإسرائيلية.
هذان العاملان أعادا تصحيح البوصلة ، وأسقطا إلى غير رجعة المشروع الطائفي التقسيمي الذي عملت على إنجازه القوى الصهيو أميركية الرجعية ، إذ أن إسقاط الطائرة جاء ليعمق مفاعيل الانتفاضة في إعادة الاعتبار لطبيعة الصراع وأن التناقض الرئيسي كان وسيظل مع العدو الصهيوني ، وأن قضية فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية.
فالسواعد التي كبست على زر صواريخ سام التي أسقطت الطائرة ، والتي أسقطت صواريخ العدو في السماء السورية ،أعادت الروح لنبض الشارع العربي من المحيط إلى الخليج ، الذي رقص فرحاً على أنغام هذا الانتصار الإستراتيجي وخرج أبنائه يوزعون الحلوى ويتبادلون التهاني ، في الوقت الذي كان فيه المغتصبون الصهاينة يهرعون إلى الملاجئ على وقع صفارات الإنذار في فلسطين المحتلة.
نحن الآن أمام معادلة الشعوب العربية في مواجهة الرجعيات العربية والنظام العربي الرسمي ممثلاً بجامعة الدول العربية، التي تحولت عملياً إلى غرفة ملحقة بوزارة الخارجية الأمريكية، فهذه الشعوب صحت من غفوتها ، وكشفت التضليل الذي صنعته الرجعيات النفطية ووسائل إعلامها، التي حرفت بوصلة التناقض لتجعل التناقض الرئيسي مع إيران ومحور المقاومة بدلاً من الكيان الصهيوني ، ولم تكتف بذلك بل وصلت الأمور بها إلى درجة التحالف مع هذا الكيان في دعم الجماعات الإرهابية بهدف إسقاط النظام العروبي في سورية ،ولإعمال خنجر التقسيم للوطن السوري على أسس طائفية وإثنية.
التطور الأبرز الناجم عن إسقاط الطائرة الإسرائيلية ، تمثل في إعادة الاعتبار لمشروع المقاومة وثقافتها ، إذ أعلنت جميع فصائل المقاومة الفلسطينية دعمها وتثمينها لهذا الانتصار السوري، حتى حركة حماس ثمنت وباركت هذا الانتصار على لسان القيادي فيها أسامة حمدان.
وفي هذا السياق بدأنا نسمع من حزب الله ومن حركة حماس والجهاد والشعبية والديمقراطية حول وحدة جبهات المقاومة، وأنه إذا ما شن العدو الصهيوني حرباً على جبهة الجنوب اللبناني أو على جبهة قطاع غزة أو على الجبهة السورية فستشتعل كل جبهات المقاومة دفعةً واحدة.
أما أنظمة النظام العربي الرسمي- مع بعض الاستثناءات- فقد صمتت صمت القبور إزاء إسقاط طائرة ف 16 ، بعد أن أدركت أن الكيان الصهيوني الذي تتحالف معه وتحتمي به ضد عدو وهمي ، بات يستجدي موسكو وواشنطن لتهدئة الوضع واحتواء الموقف ، وأنه غير قادر على حماية نفسه ، وأن قبته الحديدية عجزت عن إسقاط صواريخ سام السورية القديمة ، في حين أن هذا الكيان بات يعيش حالة كباش بين رئيس حكومته بنيامين نتنياهو ، وبين جنرالاته الذين باتوا يحملونه مسؤولية التداعيات الناجمة عن خطواته المتهورة في سورية.
كاتب وباحث فلسطيني

اخر الأخبار