السلطة والمركزي يتمسكان بنفس الخيارات رغم المواقف الأمريكية غير المسبوقة

تابعنا على:   02:28 2018-01-16

عليان عليان

يتوالى مسلسل المواقف والإجراءات الأمريكية ضد الشعب الفلسطيني ، إذ أنه بعد قرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وبعد رفض السلطة الفلسطينية لقرار ترامب ،جاءت تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن توجهه لقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية، وقبل ذلك توصية الكونغرس للجنة العلاقات الخارجية الأميركية بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية، والتصويت على ذلك بغالبية كبيرة جداً.
الأمور لم تتوقف على التهديد بوقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية ، بل تعدتها باتجاه اتخاذ الإدارة الأمريكية قراراً بوقف دعمها السنوي لموازنة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) تنفيذا لمطلب إسرائيلي جرى طرحه أكثر من مرة.
وبالتوازي مع التصعيد الأمريكي ، جاء تصويت الكنيست الإسرائيلي باعتبار القدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني ، وقرار حزب الليكود الذي يترأسه نتنياهو بضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية (لإسرائيل).
وفي مواجهة التصعيد الصهيو أميركي على الصعيدين السياسي والمالي كان رد قيادة السلطة الفلسطينية باهتاً وعاجزاً ، فهذه القيادة لم تعقد اجتماعاً واحداً للجنة التنفيذية رداً على قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ، ولم تعقد اجتماعاً للمجلس المركزي إلا بعد مرور 39 يوماً على قرار ترامب، وعلى بدء الانتفاضة الفلسطينية ، وكل ما عملته القيادة عبر شخص الرئيس عباس في مؤتمر اسطنبول هو الحديث عن أن الإدارة الأمريكية لم تعد وسيطاً محايداً – وكأنها كانت محايدة قبل ذلك القرار- ومطالبته دول العالم سحب اعترافها بإسرائيل –دون أن يبادر هو بسحب الإعتراف بها- وهو بهذه المطالبة يطالب هذه الدول أن تكون ملكية أكثر من الملك وأن تكون كاثوليكية أكثر من البابا .
ولم يكتف رئيس السلطة بردة الفعل في مؤتمر اسطنبول ، بل تجاوزتها باتجاه الاستهانة بوعي الشعب الفلسطيني وتاريخه ، حين راح في خطابيه في ذكرى انطلاقة حركة فتح والمجلس المركزي يتحدث عن اكتشافه لحقيقة أن الإدارة الأمريكية كانت موافقة على وعد بلفور ، وأن الثورة الفلسطينية ستستمر حتى تحرير فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية – ما يعني مجدداً أن فلسطين في نظره هي الضفة والقطاع فقط- ودون أن يكشف لنا ماهية الثورة التي يتحدث عنها ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنه تاريخياً يرفض الكفاح المسلح ، ويقدس التنسيق الأمني مع الاحتلال ، ويرفض السماح باندلاع انتفاضة جديدة.

لقد تفاءل البعض أن يشكل اجتماع المجلس المركزي مدخلاً لتوحيد الصف الوطني الفلسطيني على قاعدة برنامج يستجيب للتحديات الراهنة ، برنامج يضع على رأس أولوياته توفير جميع السبل لدعم الانتفاضة وإدامتها ، لكن خطاب رئيس السلطة محمود عباس وقرارات المجلس المركزي، لم تستجب للحد الأدنى للتحديات المحدقة بالقدس والقضية الفلسطينية.
قرارات المجلس لم تقطع مع اتفاقات أوسلو، ولم تلغ التنسيق الأمني، ولم تقطع مع نهج المفاوضات العبثية ، ولم تشر من قريب أو بعيد إلى تشكيل قيادة موحدة للانتفاضة المشتعلة منذ أكثر من شهر في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ما يعني أن قيادة السلطة ماضية في ذات النهج بعيدة عن نبض الشارع.
لقد بات واضحاً أن الإدارة الأمريكية تستهدف من قطع الدعم المالي عن السلطة الفلسطينية هو تركيعها أكثر من قبل ، ونقل دورها من خانة الرفض إلى خانة الدخول في مساومات جديدة تمس جوهر الثوابت الفلسطينية.
الإدارة الأمريكية من واقع خبرتها مع قيادة السلطة الفلسطينية ، تراهن على مسألة أن القوى الاجتماعية التي تتربع على رأس السلطة رغم ممارستها " الحرد " من وقت لآخر محدودة الخيارات، وإنها إن آجلاً أم عاجلاً ستعود للدوران في فلك واشنطن في إطار مساومات جديدة ،في ضوء ما يلي :
أولاً :ارتهان قيادة السلطة الفلسطينية لحلفاء مثل السعودية وغيرها مهمتهم تسويق وفرض المشاريع الصهيو أميركية لتصفية القضية الفلسطينية وآخرها "صفقة القرن الأمريكية"
ثانياً : رفض هذه القيادة المطلق نسج أدنى علاقات مع محور المقاومة.
ثالثاً : إدراك واشنطن جيداً أن حلفائها الأوروبيين لن يقبلوا أن يحلوا محل الإدارة الأمريكية في رعاية المفاوضات ، ورد الرئيس الفرنسي ماكرون على طلب رئيس السلطة مؤشر واضح على ذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل ينجح رهان الإدارة الأمريكية؟؟ نأمل أن يفشل رهانها ، سؤال برسم الإجابة والقراءة الدقيقة لقرارات المجلس المركزي.

اخر الأخبار