المجلس المركزي بين الواجبات والتحفظات

تابعنا على:   11:01 2018-01-12

د. عبد الرحيم جاموس

يسرني أن أنشر الورقة الرئيسية المقدمة للأمسية الثقافية من قبل الأخ الكبير حسني مشهور والتي تشكل أرضية للنقاش والحوار بين الأخوة المشاركين في الأمسية وهي على النحو الآتي:
بداية علينا التفريق بين من يعمل على مشروع وطني والدفاع عنه أمام غزوة استعمارية بوجه صهيوني ويختلقان رواية مزورة يعملون على فرضها بقوة السلاح والأموال وأتباع أنتجتهم حربين عالميتين ... وبين من يدافع عن مصالح خاصة تتعلق بكراسي للحكم ومن يسعى للوصول إليها أو بمن يجلسون على هذه الكراسي ... 

كما أود الإشارة إلى قاعدة النجاح لعرض وتسويق أية سلعة أو خدمة أو فكرة تقوم على أساس فحص وتفكيك الاعتراضات أو التحفظات للطرف المقابل ، والتعرف على الحقيقي والوهمي منها...

كما أعتقد أننا من خلال النقاش سنخرج بحصيلة تقول وكأننا بين الحاضرين لهذا الاجتماع وشاركنا بصياغة أكثر من 70 % من أعماله .... 

بداية سأتناول أهم التحفظات أو الاعتراضات المتداولة والمتكررة على ألسنة المعنيين من مسؤولي الفصائل وغيرهم ، لنتعرف على الحقيقي منها فنعمل سويا على كيفية اتباعه ، أو الوهمي الذي يفصح عن مبررات تتستر على مواقف تخالف إجماع الحد الأدنى من أجل التلبية لاعتبارات خاصة سواء حزبية أو بحكم تحالفات بقوى أخرى في الداخل والخارج ، ونعمل سويا أيضا على كيفية التخلي عنها... ومن أهم هذه التحفظات أو الاعتراضات :

أولاُــ مكان انعقاد المجلس داخل الوطن أو خارجه :
المطالبين بعقد أي نشاط رئيسي سواء كان هذا النشاط للمجلسين المركزي والوطني أو المؤتمرات العامة بأن يكون خارج الوطن أو حتى في المحافظات الجنوبية فعلينا أن نسأل أنفسنا عن قيمة ومصداقية أعمالنا أمام شعبنا وأصدقائنا على امتداد العالم خصوصا من خاضوا كفاحهم للتحرر الوطني عندما يجدونا نبتعد عن ميدان الاشتباك بالبؤرة الأساس في مشروع عدونا (يهوذا والسامرة) في الوقت الذي تتوفر فيه الفرصة لمواجهته والاشتباك معه فيها ؟؟؟ وكيف ستكون ردة الفعل عند عدونا جنوداً ومستوطنين ونحن نبتعد عنه ؟؟؟ ثم أين هو هذا المكان الذي يدعوننا إليه ولا يقع تحت احتلال بشكل أو بآخر ، هل هو قاهرة كامب ديفيد ـ أم عمّان وادي عربة ، أم لبنان النأي بالنفس والمحاصر للاجئين ؟؟؟ وأما ما يتعلق بحرية التواصل والحوار فما توفره التقنيات الحديثة أكبر بكثير مما يحتاجون !!! وهنا سنجد أن هذا التحفظ أو الاعتراض ليس أكثر من ذريعة تتستر وراءها لأسباب خاصة بعيدة عن حاجة الوطن. 

ثانياً ــ انعقاد الإطار القيادي الشامل بدلاً عن أي من المجلسين :
دائما كان هناك أشكال ومسميات متعددة لاجتماعات القيادات الفلسطيني للتداول في أمر ما مثل اجتماعات اللجنة التنفيذية ــ قادة الفصائل ــ وكنا نسمع أحيانا باجتماع يساوي ما هو أقل قليلا من المجلس المركزي تحت مسمى القيادة السياسية وهذه كانت تضم اللجنة التنفيذية وأمناء الفصائل مع بعض أعضاء مكاتبها السياسية ولجانها المركزية والقيادات العسكرية إضافة لمسؤولي التنظيمات الشعبية ويعض الكفاءات من المستقلين .... ولكن كلهم كانوا يجتمعون ويقررون تحت سقف م ت ف ... وبعد الانقلاب وضمن الأدوار والأغراض لمن أعدوا له وشاركوا فيه (جماعة الإخوان ــ إيران ــ سوريا ــ قطر ــ إيران وأخرين) وفي محاولات لاستكماله بالاستيلاء على منظمة التحرير شاهدنا مؤتمرات لهذا الغرض تنعقد في دمشق واسطنبول وطهران وغيرها ... حتى جاء اتفاق القاهرة في 2010 وفي محاولة لسد ذرائع المتفلتين جاءت فكرة هذا الإطار ليكون تمهيدا لاستعادة الوحدة الوطنية للعنوان والشعب ولكن بعد السير في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه لإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات وتحت سقف منظمة التحرير للبحث في تفعيل وتطوير مؤسساتها وليس كعنوان يثير الشكوك بوجود عنوان بديل أو موازٍ لما هو معترف به إقليمياً ودولياً ... وبقي الإصرار على انعقاده قبل إنهاء الانقسام أو خارج سقف م ت ف ذريعة لانتظار ظرف يخدم نفس الغرض المؤسس للانقلاب ... وهنا أيضا سنجد أن هذا التحفظ أو الاعتراض ذريعة تتستر وراءها لأسباب خاصة بعيدة عن حاجة الوطن. 

ثالثاً ــ إعلان الخروج من اتفاق أوسلو وحل السلطة وسحب الاعتراف المتبادل :
هذا الاتفاق بظروف وأسباب توقيعه وسوءاته فنحن كفلسطينيين دفعنا ثمنه مقدما على أن نحصل مقابله مؤخرا ، وهو نظريا محمي بمظلة دولية وتحته تم مراكمة إنجازات لقضيتنا ... صحيح متواضعة ولكنها مهمة ، فالسلطة يتم التعامل معها كدولة من غالبية دول العالم (مع الانتباه لأسباب هذه الدول) ... وهذا الاتفاق أصبح ميتا ولكن دون إعلان لأن من سيعلن موته سيبدو أمام العالم وكأنه القاتل وعليه أن يدفع ديّته ... وفي هذا الوضع الإقليمي والدولي كيف سيكون حال الفلسطينيين إذا كانوا هم من سيعلنون هذا الموت ؟؟؟ وأيهما افضل أن نصمت على موته ونطالب العالم بإلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته ونسير نحن بخطواتنا الأحادية ونراكم ما نستطيع من إنجازات محمّلين الكيان الصهيوني مسؤولية عدم الالتزام به ؟؟؟ أو نعلن الانسحاب وندخل مع الإقليم والعالم في معارك جانبية لتبرير الانسحاب ؟؟؟ فلنتركه ميّتاً وشمّاعةً لخطواتنا الأحادية !!! ونفس الكلام ينطبق على سحب الاعتراف !!! 

رابعاً ــ التنسيق الأمني وحدوده القائمة والتداول المبهم له :
وفقا للمواثيق الدولية والاتفاقات بين الدول تلتزم كل دولة بعدم القيام أو تشجيع القيام بأي أعمال تمس الدول المجاورة ، وإذا تبين لدولة ما أن جارتها ينفسها أو أحد مواطنيها تقوم بمثل هذه الأعمال فعليها أولاً إشعار الدولة القائمة هي أو أحد مواطنيها بذلك وعلى هذه الأخيرة أن تتخذ الإجراءات لوقف ذلك ، وهذا هو خلاصة الاتفاق والتنسيق في منطقة (أ) التي خضعت للسيادة التامة للسلطة ... ، علماً أنه أثناء التفاوض على الترتيبات الخاصة بهذا الجانب حاولت إسرائيل أن يكون لها حق ما أسمته بالمطاردة الساخنة ... أي أن يكون لها الحق أن تقوم بنفسها بمطاردة القائمين بهذه العمل وتم رفض ذلك تماما رغم كل المحاولات والضغوط الإقليمية والدولية ، ولكن بعد معركة جنين وعملية السور الواقي التي نفذها شارون وموفاز وإعادة احتلال منطقة (أ) لم يعد هذا التنسيق وصارت قوات الاحتلال تطارد من تريد ... واقتصر التنسيق على الجوانب المعيشية وحركة التنقل للأفراد ... وبالتالي فإن المطالبة بوقف التنسيق يعرف دعاتها أنها دعوة لوقف الموقوف وهذا الاعتراض ليس أكثر من ذريعة تتستر وراءها لأسباب خاصة بعيدة عن حاجة الوطن. 

خامساً ــ الخلط بين تناول سلاح قوى الأمن وسلاح المقاومة في سياق مضلل :
رغم أنه لا يوجد أي من الأطراف الفلسطينية أعلن تخليه عن استخدام السلاح في مقاومة الاحتلال ، وأن الحوارات كانت وما زالت تتعلق بشروط وظروف استخدامه ، ورغم ذلك ما زال التعمد في تعميم مصطلح سلاح المقاومة على سلاح قوى حفظ النظام وإنفاذ القانون وسلاح العمل ضد قوات الاحتلال والرد على اعتداءاته ، علما بأن موقف المنظمة المعلن لكل الأطراف المحلية والدولية هو الفصل بين الاثنين ، وأن موضوع السلاح الثاني مرتبط بقيام الدولة والترتيبات الخاصة بالتزامات الطرفين ، ولم يتم التحدث فيه بغير ذلك مع أي من الأطراف ، وبدلاً من البحث في توفير الثقة المتبادلة نجد الإصرار على تجنب ذلك والخلط بين السلاجين بدلاً من بحث الأطراف الفلسطينية مجتمعة في الضمانات التي تحمي هذا السلاح وشروط استخدامه ، ونجد هذا الاعتراض أيضا ليس أكثر من ذريعة يتم التستر وراءها لأسباب خاصة بعيدة عن حاجة الوطن. 

سادساً ــ بين استمرار السلطة تحت ولاية م ت ف ، أو إعلان الدولة تحت الاحتلال :
هذا الأمر وقبل القرار السياسي بالإقدام عليه يحتاج إلى دراسة من قانونيين متمرسين في القانون الدولي لبيان الآثار والنتائج المترتبة عليه تجاه الدور والصلاحيات لمنظمة التحرير ودول العالم ، وفي كل الظروف أعتقد أنه من الأفضل أن لا يتم اتخاذ هذه الخطوة قبل الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة .

سابعاً ــ العلاقة بالإقليم والتحالفات :
يتردد مطالبات بالانضمام لمحور المقاومة والممانعة ، وكأن السلطة هي من يرفض قيام دول هذا المحور بشن الحروب أو التقدم الصفوف للتحرير في الوقت الذي نرى فيه دول هذا المحور منشغلة بنفسها وترى في فلسطين الماءً الذي يغسل ذنوبها وتتطهر به امام شعوبها ، وفي نفس الوقت يصر أصحاب هذه المطالبات عن رؤية التزامات هذه الدول للمجتمع الدولي.

ثامناً ــ تفعيل وتطوير منظمة التحرير :
نتفق مع المتحفظين ونطالب معهم بهذا ، وخصوصاً لفلسطينيي الشتات ، ولكنه لا يتم إلا بحوار جماعي تحت سقف هذه المنظمة ... هذا العنوان !!!

اعتراضات وتحفظات مرتبطة بتحقيق مطالب فئوية

تاسعاً ــ الموظفون بعد الانقلاب ورواتبهم والجباية :
رغم الاتفاق على أن تتم تسوية هذا الموضوع لنهاية شهر شياط/ فبراير 2018 ، وأن العدد المتبقي من موظفي السلطة القدامى لا يتجاوز الخمسة آلاف ، وأن الحاجة لن تقل عن العشرين ألف ، أي أن معظم موظفي حماس سيبقون في وظائفهم التي يستحقونها بعد التقييم ، إلا أن الإصرار على البقاء لبعض الموظفين ، هذا إضافة للتمنع عن التصريح بحجم أموال الجباية وتسليمها لأجهزة السلطة يتخذونه كذريعة يتم التستر وراءها لأسباب خاصة بعيدة عن حاجة الوطن . 

عاشراً ــ وقف الفساد وأموال المانحين وأعمال الإعمار :
باستثناء ما يعتمد للخزينة وهي بالأساس مخصصة كرواتب للأجهزة الأمنية ومنشآتها وصرفها تحت رقابة المؤسسات الدولية ، والسلطة لا تتسلم أي من أموال الإعمار ، الدول المانحة ووكالة الغوث هم من يحدد المشاريع ويختار المقاولين وأوجه الصرف ، ودور السلطة يقتصر على تسجيل القيود المأخوذة من هؤلاء ، والغريب أن أحدا لا يتقدم للقضاء بشكاوي وملفات لهذا الفساد المزعوم لأنه بالأساس جزء من منظومة الأعذار يتم التستر وراءها لأسباب خاصة بعيدة عن حاجة الوطن . 

أما الواجبات والمهام الملقاة فأعتقد أن أهمهـا يتمثل في :

1 ــ إدامة حالة الاشتباك بأشكالها السلمية المتفق عليه مع بعض الحدة أحيانا
2 ــ البحث عن التكليف بالمهمات الممكنة مع الحفاظ على المواقف الأساس
3 ــ البحث عن الحد الأدنى الجامع وترك التباينات ( برنامج الدولة كاملة السيادة).
4 ــ البحث في إمكانية تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة .
5 ــ اللجنة التنفيذية ( تجديد النصاب بكوادر تتفهم ساحات الصراع المقبلة ).

نحن ذاهبون إلى المجلس المركزي وسنرى أنفسنا خارجين منه شيئا مختلفا تماما ... مرحلة جديدة بمهام وتحديات جديدة ... وقدر شعبنا أن يقبل بهذه التحديات ويواجهها وسينتصر عليها...
وثورة حتى النصر

وفي النهاية لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للأخ حسني مشهور ولجميع الأخوة على مشاركتهم القيمة في الأمسية.
أ. حسني المشهور

اخر الأخبار