لن يستقر امنكم ولن تمتلكوا قوتكم الا بتوجهكم نحو القدس

تابعنا على:   18:16 2017-12-15

صالح عوض

اتجهوا نحو القدس تصنعوا قوتكم وتتوحد بلدانكم
السطحيون فقط هم من يعتقدون ان قوة جزئية تستطيع تحرير فلسطين وكسر الارادة الاستعمارية التي تمسك بالكيان الصهيوني اداة تخريب في المنطقة ومخطيء من ظن ان نهضة قطرية يمكن ان تحقق الاكتفاء الذاتي والاستقلال الاقتصادي ويضرب في الهواء من اعتقد ان بالامكان النأي عن قضايا الامة للانصراف للبناء الداخلي.
وهنا تبدو العملية من نوع القضايا البيولوجية المترابطة حيث يصعب معالجة جزء دونما معرفة اثار ذلك على الاجزاء الاخرى.. ونكتشف على ارضية هذه الافكار الكبرى حقيقة الصراع الدائر على ارض العرب والاسلام ونمسك بخيوط المعادلة التي اريد لنا ان نفقد القدرة على التمييز فيها وان نسير في الميادين كلها خبط عشواء لا نملك من امرنا شيئا..
اول فكرة لابد ان نمتليء يقينا بها ان الاستعمارالغربي مافتيء يكيد لنا الكيد وراء الكيد لتحقيق غايته بتغيبينا عن مسرح الفعل الكوني والتسابق الحضاري وهذا لايتأتى الا بتحقيقه جملة اهداف استراتيجية الاول منها: مواصلة المتوالية الهندسية لاشنقاقاتنا على اعتبار انها الضامن الاكبر لضياعنا وتناحرنا وفقداننا البوصلة و الثاني حرماننا من امتلاك ناصية العلم والتكنلوجيا والزج بنا في عالم الاستهلاك والتشيؤ والتضخم في مظاهر الرفاه والقوة فيما نحن نعيش الفقر والضعف في اكثر تجلياتهما والهدف الثالث تعزيز وظيفة الكيان الصهيوني بجوار حقول النفط العربية والاسواق العربية والامن العربي الممزق والمخترق والذي تحول بفعل الفيروس الصهيوني الى عامل بالتوجيه في حقول خاصة بامن الامة القومي.
والفكرة المقابلة لهذه الفكرة الكبيرة ان الغرب الاستعماري لا يتحرك نحو اي من بلداننا بمعزل عن خطة شاملة وفق خريطة عمل لها علاقة بتوزيع الثروة والقوة في بلداننا وضمن توافقات عميقة بين الغربيين يتم توزيع الجغرافية ويناط بكل طرف غربي القيام بمهمة في مكان ما من عالمنا العربي والاسلامي لتحقيق الهدف الاستراتيجي في هذا المكان في حين يقف الاستعمار الغربي كله من خلف هذا الطرف في هذه المعركة.. ومن خلال بروغاندا يشترك فيها الثقافي والاعلامي والامني الغربي يتم التصوير كأن المعركة التي تدور في مكان ما انما هي بين دولتين احداهما عربية والاخرى اوربية.. وقد تطور الامر لتصبح الامم المتحدة والقرار الدولي والشرعية الدولية اغطية جاهزة للعدوان حيث تم تدمير بلداننا في العراق وليبيا وسورية وتقسيم السودان تحت غطاء دولي وشرعية دولية..
والفكرة الثالثة ان الغرب الذي يسوق لقضايانا واحدة بمعزل عن الاخرى رافضا اي بروز للترابط فيما بينها وصانعا داخلها تناقضات اثنية عرقية وطائفية يتكتل في كتل كبيرة اقتصادية وسياسية وامنية رغم التنافر العرقي فيما بين بلدانه والتنافر الديني والثقافي واللغوي ويحافظ على وتيرة التنسيق العالي والتفاهمات المتطورة والاداء الميداني المشترك من اجل انجاز تلك الاهداف الاستراتيجية التي سبق وان اشرنا اليها في مطلع المقال.. ورغم انتقال مركز القوة في الغرب بين عواصمه الا انه يظل يرعى الحدود الاستراتيجية فيما بينه مما يحقق له الاداء المتكامل نحو بلداننا..
الفكرة الرابعة التي تشكل الضلع الاخير للمربع الاستعماري ابراز قوى اعلامية وثقافية وفكرية في بلداننا تتوزع مهماتها على التضليل للراي العام وتشويه الحقائق واضطراب الرؤية ودفع الانتباه الى غير الجوهري وتكريس التفسيخ والانشقاق واستبدال الاهتمامات الحقيقية باخرى لاقيمة لها وهذه القوى تتوع منصات التأثير الفني والديني والثقافي جملة ويصبح هذا الضلع من اخطر اضلاع المربع الاستعماري لانه يضمن عدم الاستفاقة الحضارية ويضمن صرف الطاقات في غير مكانها الطبيعي ويقوم بابشع عملية على الاطلاق بان يصادر عملية التفكير ويتجه الى انشاء مناخات الصراع على لاشيء او على وقائع غيبية او نظرية او تاريخية فيحدث النزف الروحي والوجداني الى اقصى درجة ويتشتت العقل وتصاب الامة بدوران.. ويكفي هنا ان نشير الى ملايين القتلى من ابناء المسلمين في الحرب الكونية الاخيرة على الامة في العراق وسورية وليبيا واليمن.. يكفي ان نقول ان نتائج هذه الحرب اكثر من نتائج كل حروبنا التحررية من الاستعمار وان نتائجها اخطر نتائج مرت على بلداننا في تاريخها وهنا نكتشف اي خبث ودقة تميز بها المشروع الاستعماري الغربي وهو يضع الخطط والبرامج ويهيء السبل والادوات.
هكذا اذن يتساند علينا مربع الهجوم الاستعماري وارتكازاته في صفوفنا.. ومن هنا وفي حمى الالم والطحن الرهيب لابد ان تولد افكار حقيقية حية للمواجهة للمشروع الاستعماري الغربي والتصدي له وهذا امر ضروري حتمي.. التصدي له في ملف فلسطين وملف النهضة وملف الوحدة وملف الثقافة والفنون والاعلام وفي ملف الارباك الوجداني والنفسي في الامة افكار تفهم تركيب المربع الاستعماري وتدرك استراتيجيته وخططه وروحه واساليبه وتتعرف على ادواته وكيفية ادارته للحرب.. ولا بد ان يتولى مفكرون ومثقفون وساسة مخلصون عملية التوليد الفكري وتعميمها وحينذاك نكتشف ان المربع الاستعماري يتموقع بقوة في ظل فراغنا الفكري والثقافي وفي ظل انحرافاتنا الفكرية والثقافية ومن هنا بالضبط نشعر بخطورة كل الدعاوى التي ترافق الهجمة الغربية من نزعات عرقية او تشويهات دينية او تنطعات مذهبية او انغلاق قطري ووطنيات شوفينية ضارة وغير صحيحة..
ولابد من ترتيب هذه الافكار في منظومة فكرية مترابطة مرصوصة لاتسمح بالاختراق ولحسن حظ الامة ان لهيب قضية القدس يضيء لها المساحات كلها حيث يمكن للطلائع المتنورة المسئولة الرية بوضوح على وهج لهيب القدس.. ومن الافكار الكبرى الى الافكار التفصيلية نحتاج عملية ترتيب واستنتاج واستولاد افكار متسلسلة لبناء الامة ومجدها وتفكيك مربع الاستعمار وطرده من حياة الامة.
ولعل مسلمات افكارنا ان الوحدة والنهضة هي اساس كل خير ولكن لايمكن تحريكها بدون مولد عاطفي وعقائدي لديه قدرة ضخ كبيرة للقيم انها القدس والاقصى وهكذا تتشكل ثلاثية افكارنا التاسيسية: القدس النهضة الوحدة.. ويصبح علينا بعد ذلك ترتيب افكارنا التفصيلية على ضوء قناديل القدس وحينها يصبح كل قول او فعل انما هو منتج حضاري واشعاع حضاري..تولانا الله برحمته

اخر الأخبار