ترامب.. أو الخصم الذى يأتيك فى هيئة صديق

تابعنا على:   10:34 2017-12-12

طارق حسن

بقراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يكون ترامب قد رسّم نفسه رسميا أميراً للإرهاب فى الشرق الأوسط وخارجه، فهو لم يفعل سوى إعطاء نفس جديد لكل عمليات الإرهاب والعنف والفوضى والاضطراب فى المنطقة والعالم أيضا.

لا تقل لى مرة أخرى إنه يقف معك ضد إيران. لا يضحكن عليك من جديد، فقراره يضاعف من قوة إيران فى الإقليم ويزيد من حركة إيران فى عموم المنطقة. لا تقل أبدا إنه معك. كيف وهو بقراره لم يطعن غيرك؟

نعم، أنت المطعون وهو طاعنك. يا من تقول أو تعتقد أنه يصادقك أو أنك صديقه. إنه خصمك أو إنه الخصم الذى يأتيك فى هيئة صديق.

كرر سماع أو مشاهدة خطابه الذى يعترف فيه بالقدس عاصمة لإسرائيل، لن تعرف بالضبط أى قدس يتحدث عنها ترامب أو يعترف بها عاصمة لإسرائيل. هل هى القدس الكبرى، أم أنها القدس الغربية فقط، أم هى القدس الموحدة، وأين موقع القدس الشرقية من الإعراب؟ قد تقول: أليست كلها قدساً؟ أقول لك: لكل وصفٍ مساحته الجغرافية ولكلٍ حدوده.

كرر سماع أو مشاهدة خطاب ترامب. ركز بصرك على زينة عيد الميلاد التى تزين الغرفة التى صور فيها ترامب إعلانه ووقوف نائبه مايك بنس خلفه مباشرة، قائلا بالإشارة، التى يفهمها كل لبيب لناخبيه من الإنجيليين المسيحيين وقادتهم، إن قراره بشأن القدس انتصار لهم، وإنه رجلهم الذى صدق وعده.

اذهب إلى باريس لتسمع نتنياهو يقول هو الآخر وهو إلى جوار الرئيس الفرنسى ماكرون إن القدس عاصمة لإسرائيل وفق الكتاب المقدس.

لا ذكر ولا صلة لترامب أو نتنياهو بأى كتاب مقدس. وكل منهما متهم يحاول الهروب من قضية. الأول من علاقته بالروس والثانى من تورطه بالفساد، لذا يلعبان بالقدس ويحاولان إنزال فرق الدين من مسيحيين إنجيليين ويهود ومن ثم مسلمين إلى الملعب. ترامب ونتنياهو ليسا طرف سلام أبدا، ولن يأتى من ورائهما أى سلام.

ترامب ونتنياهو ليسا سوى الرعاة الرسميين لمختلف فرق العنف والإرهاب والفوضى والاضطراب السارحة فى منطقتنا والعالم.

جيد جدا، بل ممتاز حقا رفض شيخ الأزهر وبطريرك الكرازة المرقسية استقبال نائب ترامب. من الأفضل ألا يطأ مثل هذا الرجل بلادنا أصلا. لا أهلاً ولا سهلاً به على أى مستوى. مظاهرات الجامعات المصرية والأخرى التى خرجت فى بعض العواصم العربية تبعث برسالة غضب واضحة. إنما هل يكفى مثل هذا الغضب؟

هل يكفى الغضب وحده؟

بالقطع لا. يفيدنا أكثر ترجمة الحقائق السياسية الجديدة إلى واقع سياسى وحركة سياسية، فلا قبول لخصم يأتينا فى هيئة صديق. الخصم خصم والصديق صديق. لا تعامل مع خصم إلا بمقتضيات الخصومة. العالم ليس أمريكا. والولايات المتحدة ليست هى العالم.

كل العالم الآن فى جانب، وأمريكا وإسرائيل وحدهما فى جانب. علينا أن نكون مع العالم وليس مع أمريكا وإسرائيل. قضيتنا الآن: كيف نكون مع العالم وكيف يظل العالم معنا؟ مصلحتنا مع العالم. ليست أبدا مع أمريكا وإسرائيل. لنا أصدقاء فى العالم يأتون فعلا فى هيئة الأصدقاء، أما فى أمريكا وإسرائيل فلنا خصوم يأتون فى هيئة الأصدقاء.. أصدقاء «فالصو» وخصوم رضعوا ويرضعون من أثداء الخصومة. لا يمكنهم أبدا أن يكونوا أصدقاء.

عن المصري اليوم

اخر الأخبار