من "حالة غضب"..الى "حركة غضب"!

تابعنا على:   10:23 2017-12-09

حسن عصفور/ تحاول الدوائر الأمريكية المختلفة، أن تبدو في حالة من "الثقة السياسية" تجاه ما يتوقع من ردود فعل غاضبة نحو قرار ترامب الخاص بالقدس، "ثقة" لا تجد منطقا واضحا فيها، ولم يتم الإشارة الى عناصرها، وهل هي حقا "ثقة صدق" بما لديهم من معلومات مع غالبية حكام وقادة، أو تقارير مخابراتية، أم "ثقة مزيفة" للسيطرة على ما سيكون ردا على قرار وصفته مختلف الأوساط بكل لغات الكون بأنه قرار أحمق وغبي..

منذ أن أعلن ترامب قراره يوم الأربعاء 6 ديسمبر حول القدس، نقلا واعترافا، واجهت أمريكا "عزلة سياسية دولية"، ربما غير مسبوقة بالمعني الحقيقي والشامل للتعبير، حيث لم تجد الإدارة تلك أي "سند" أو "دعم" أو حتى "تفهم" سوى من دولة لديها كراهية لا تقل عن كراهية العالم للقرار هي دولة الكيان، فيما حاول بعض الاعلام الصهيوني تزوير تأييد لدولة أعلنت سريعا أنها ترفض..

ولعل الرفض العربي والفلسطيني، رسميا، كان صدقا أم تمثيلا، وتوحده مع الموقف الحقيقي للشعوب العربية الرافضة بحق لذلك القرار، يمثل رسالة ذات مغزى، خاصة وأنه توحد مع رفض عالمي، فأنتجت "موجة الغضب" تلك حضورا نادرا للقضية الوطنية الفلسطينية، غابت منذ غياب الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات، وخلال أيام ما بعد القرار طغت فلسطين طغيانا ساحقا على المشهد الكوني، وإحتلت كل ما للإعلام من بث وإنتاج، حضور تخللته أفعال كفاحية امتزجت بدم شهداء وجرحى ومصابين..فعل احتجاجي فجر كمية من الغضب الثوري، حاولت قوى الردة كبتها سنوات طويلة، حتى خلال حروب 3 نفذتها دولة الكيان ضد قطاع غزة..

ومتابعة للحدث وما خلقه من "فعل ورد فعل"، لن يخطئ الإنسان من التقاط بروز "موجة غضب عالمية" وغضب مضاغف عربيا، وفعلا ثوريا منتفضا فلسطينيا، وبتدقيق بسيط لم يكن يوما كما هو اليوم، وصل الى أروقة مجلس الأمن، أجبرت وكالات الإعلام العالمية أن تكتب برأس أخبارها، "عزلة دولية غير مسبوقة لأمريكا"، وبدون البحث أو فلسفة البحث عما أدى الى ذلك، وهل ستتواصل أم يتم السيطرة عليها، فتلك ليست سوى محاولة "إحباط" لفعلها..فالأهم أنها حدثت وكشفت أن بالإمكان أن يكون ما هو خير لفلسطين أكثر كثيرا من "حركة الخنوع الاستسلامية" للرغبة الأمريكية..

ولأن الفرصة جاءت برام وصف بأنه غبي أو أحمق، فتلك ليس قضيتنا، فالأهم أنها جاءت، وحركت كل مياه السكون، وأزاحت الى حين "شوائب علقت طويلا"، وفتحت بابا لتطهير سياسي نحو حل سياسي جاد ومعقول وليس منطقي كما يتوقع، للقضية الفلسطينية..

وكي لا نكون أمام "موجة فعل غاضب"، تختفي سريعا، لا بد لها من أدوات دفع تمنحها شكلا من أشكال الإستمرارية الى حين فرض واقع سياسي يمنح الشعب الفلسطيني حقوقا أريد شطبها من المعادلة السياسية، وهي كلها "حقوق ممكنة ومقبولة" واقل من الحق الطبيعي كثيرا للفلسطيني..

هناك مئات الخطوات الصغيرة والكبيرة التي يمكنها من إبقاء "الغضب حاضرا" بأشكال مختفة، سواء الفاعل الميداني، أو العوامل السياسية - الاقتصادية، بعضها تلويحا وبعضها تطبيقا..

الخطوة الأولى التي يجب أن تكون موحدة وتصدر من الجامعة العربية، هي تحديد أشكال الاتصال السياسي مع أمريكا، وكي لا يقال أن ذلك "مستحيلا" كون "الخنوع الرسمي متجذر جدا"، يمكن تكليف "لجنة عربية خاصة" برئاسة الأمين العام للجامعة العربية بدراسة سبل تحديد اشكال الاتصال السياسي، وارسال وفد عربي موحد الى واشنطن لوضع الخيارات العربية التي مفترض أن تقر في الاجتماع الوزاري..

التحريض العلني ضد المنتجات الأمريكية وشركاتها وتبيان مخاطر التعامل مع منتجاتها كونها راعية للقرار الأمريكي، وتصبح حركة التحريض جزءا من المشهد الاعلامي العام، والتحريض بذاته سيكون بديلا تساوميا مع البعض عن الدعوة للمقاطعة، التي قد لا تقبل "رسميا"، لأسباب ليس أوانها..

ومعها يمكن الاعلان عن تعليق شراء طلبات الأسلحة من الولايات المتحدة الى حين تغيير أمريكي جدي نحو حل القضية الفلسطينية..

والى جانب العمل الرسمي يمكن اعمل على احياء حركة التضامن الشعبية، وعقد لقاءات متعددة في أكثر من بلد ليس نصرة لفلسطين فحسب، بل اعادة الاعتبار للموقف من أمريكا الذي كان سائدا بأنها "رأس الحية"..حركة شعبية تمثل ثقلا ضاغطا على الموقف الرسمي..

فلسطينيا، لا نظن أن المسألة بحاجة كثيرا لشرح، لكن للتذكير نؤكد، ضرورة الإعلان الرسمي من المؤسسة الرسمية بوقف كل "أشكال الاتصال مع أمريكا" سياسيا وأمنيا، ورفض اللقاء مع أي مسؤول كان حتى اعلان موقف أمريكي صريح من دولة فلسطين وعاصمتها القدس، دون انتظار عرض مخطط، وهذا يتطلب من الرئيس محمود  عباس أن يعلن تنفيذه لقرارات المجلس المركزي، ولا نريد منه الآن أكثر منها، فقط يعلن أنه ملتزم وينفذ فورا اليوم قبل الغد، دون الإختباء غير المبرر..

تشكيل خلية عمل وطنية موحدة تضم مختلف الفصائل فورا، تكون مهتمها متابعة حركة الغضب وكيفية إدامتها بكل السبل، بالتنسيق مع ممثليات دولة فلسطين، دون ان تكون وصيا عليها..تضع خططها للمواجهة الشاملة مع المشروع الأمريكي - التهويدي، وتتجاوز مسألة القرار الترامبي الى جوهر القضية الوطنية..

ولا نعتقد أن الرئيس عباس وفصيله فتح، بحاجة للتذكير أن قطاع غزة هو قلب نابض للحركة الغاضبة وأن الشهداء ليسوا "شهداء زينة" بل هم شهداء قضية، ما يتطلب بعضا من الخجل ليصدر قراره فورا، وبلا دراسة على الطريقة المدرسية، بالغاء كل ما ترتب من قرارات ظالمة جملة وتفصيلا، من حصار الى قطع الرواتب واعتبار كل من يسقط شهبدا رسميا..

فعل كفاحي ينتج غضب كفاحي..معادلة لا تحتاج الى شرح وتبسيط لمن يريد أن يعلم ويعمل!

ملاحظة: البعض ساسة وكتاب ذهب بعيدا في الكلام السياسي والحضور الكفاحي..كلما زاد اللغو قل الفعل..فحذار من لغو ينهك الفعل ..تاريخنا حافل!

تنويه خاص: أحدهم قال أن الرئيس عباس "شيع عملية السلام" وطالب بمراجعة الاستراتيجات منذ عام 1988 ..من قال هيك كلام أكيد ما فهم شو المقصود..يعني ممكن يلغي وثيقة الاستقلال مثلا..فعلا شعبنا عظيم!  

اخر الأخبار