"سلام تاريخي" مع العدو يحتاج الى "صلح تاريخي" مع الشقيق!

تابعنا على:   10:08 2017-11-22

كتب حسن عصفور/ في تزامن "مثير" مع اليوم الأول لحوار القاهرة 21 نوفمبر 2017، بين فصائل العمل الوطني نحو وضع نهاية لـ"الصراع السياسي" الداخلي، وما أنجبه من إنقسام كارثي، خرج الرئيس محمود عباس ليعلن من العاصمة الأسبانية ومن مقر برلمانها في ذكرى انطلاق مؤتمر مدريد 1991، عن إستعداده "لـ"صناعة سلام تاريخي" مع اسرائيل برعاية الرئيس ترامب..

الإعلان العباسي، حمل كمية مفاجآت سياسية ربما لم تكن معلومة لأي من أطراف فرقته، وحاول أن يستلهم "المنهج الساداتي"، عندما ذهب الى الكنيست الاسرائيلي والقى خطابه الأشهر، في يوم ذكراه التي صادفت تصريح عباس أيضا..

أولى المفاجآت العباسية، انه تحدث، في ذات الوقت، الذي أعلن رأس الطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب، بيبي نتنياهو، انه لم "يعثر بعد على سادات فلسطيني"، فهل جاء ذلك العرض العباسي مصادفة ام رسالة..

وثاني المفاجآت، العرض العباسي تحدث عن "سلام تاريخي" برعاية أمريكأ، بعد أن أعلنت واشنطن عن إغلاق مكتب منظمة التحرير، حتى لو انها لم تنفذ قرارها بعد، لكن الروح الإغلاقية حاضرة، قال بعدها بعض من أفراد "الفرقة العباسية"، انهم قطعوا الاتصالات مع أمريكا، ورغم معرفة كل طفل فلسطيني، أنهم "كاذبوووووون" وجدا، لكن الإعلان السياسي بذلك شكل "إهانة" ليس لمن قال عن قطع العلاقة، بل للناطق باسمه، الذي تحدث لحظات قبل "الإعلان" عن تحذيره لأمريكا من خطورة فعلتها..

والمفاجأة الثالثة للتصريح الغريب، انه يأتي وكل أطراف الكيان لا يقيمون وزنا لأي من تصريحاته حول "السلام"، فحكومة الكيان تتصرف كما يحلو لها، تهوديا واستيطانا وقتلا، وحصارا وكأن السلطة ورئيسها وكل ما بها، "شبح كياني" بلا قيمة ولا وزن، ولم تعد تهتز لأي من تصريحات "اللغو الكلامي"، وآخرها "كذبة نوفمبر الفتحاوية"، عندما خرج أحد المتحدثين باسمها ليعلن ان ما يحدث في القدس سـ"يفتح باب جهنم على اسرائيل"، فكانت أن ضاعفت من ارهابها هدما لمنازل، وتعزيزا لوجودها التهويدي..

لم تكلف حكومة بيبي خاطرها بالرد على تصريح تعلم يقينا، أنه لا يساوي أن يفكر به أي من ناطقي دولة الكيان، مستندين الى المثل الشعبي الفلسطيني "اللي بيجرب المجرب عقله مخرب"..فهؤلاء منذ سنوات وهم يبحثون "فتح باب جهنم على اسرائيل"، لكنهم عمليا يفتحونها على الشعب الفلسطيني، كتعويض لعقدة نقص باتت داخلهم..

أما "المفاجأة الكبرى" فيما قاله عباس، هو أنه يتحدث عن قدرته على صناعة "سلام تاريخي"، وبرعاية أمريكا ( لازالت له الأم الحنون رغم كل ما تفعله به)، متجاهلا بشكل مريب، ان السلام - الصلح التاريخي مع دولة الكيان لن يكون في جزء من الضفة، بل هو ملك للشعب الفلسطيني، وأن صاحب القرار هي المؤسسة الوطنية، وليته يتذكر كيف صارت عملية مناقشة اتفاق أوسلو، الاتفاق الذي فقد ظله منذ زمن بعيد وبعد لقاء عباس شارون عام 1995، في القيادة الفلسطينية ومؤسسات منظمة التحرير، وقدرة الخالد على شرح الاتفاق، الذي كان "صدمة سياسية" إقليمية - دولية وليس فلسطينية فحسب..

أي سلام تاريخي مع اسرائيل، والرئيس عباس لا يجرؤ أن يزور قطاع غزة، ولا يمكنه أن يفعل شيئا بها دون موافقة من يحكمها فعلا..

أي سلام تاريخي يمكن ان توقع عليه يا سيادة "الرئيس العام"، وأنت لا تعرف ما تريد حقا، هل تريد قرار الأمم المتحدة رقم 19/ 67 لعام 2012 حول دولة فلسطين، بكل ما به، ام تريد حلا يقتطع ما نسبته الـ7% من الضفة لتقديمها "جائزة ترضية" لدولة الكيان، ومعها موافقتك على أن البراق ساحة وحائط هو "مكان مقدس لليهود" ومن "بقايا الهيكل"، وهي المنطقة الأكثر حساسية للفلسطيني الوطني، مسيحيا كان أم مسلما، ومن أجلها وليس غيرها إختار القائد المؤسس ياسر عرفات الشهادة، أتذكر قولته الشهيرة التي أصابتك حينها بالرجفة السياسية، واصابك نوع من "الهستيريا" - عالقدس رايحيين شهداء بالملايين - ..

لك الحق أن تشدو كما تحب في اي كلام، ما دام كلاما لن يستقبله أي طرف، لكن الأكثر مرارة أن كل الأطراف التي تناشدها وتترجاها بحثا عن أي صفقة كانت، لم تعد تقيم وزنا لما تقول، دون ان تكون المصالحة الوطنية أولا حاضرة وبحق فعلا وليس قولا..!

العالم يدرك جيدا جدا، ان لا "سلام تاريخي" بدون قطاع غزة، ولا قطاع غزة بدون حماس، ولا حماس بدون "صلح تاريخي"..معادلة يعلمها الطفل السياسي، فلا "سلام تاريخي مع العدو الوطني" قبل أن يكون هناك "صلح تاريخي مع الشقيق الوطني"..دونها ستبقى تتحدث كما ناطقيك كلاما في كلام، ولكنه لن يكون "بلا جمارك" لاحقا..فالثمن يتبلور وبوضوح شديد سيادتك!

ملاحظة: الرئيس بوتين كان "النجم السياسي" الأول في كوكبنا ليلة الثلاثاء، بعد استقباله الرئيس الأسد، تحول الى "سنترال الكرملين" وهاتف ترامب والسيسي وسلمان ونتنياهو ليعلمهم حول ما حدث..سنترال الكرملين دخل التاريخ في انتظار تسوية للتاريخ في المسألة السورية!

تنويه خاص: تهديد الرئيس اللبناني عون الى الدول العربية، بأن لا يدفعوا لبنان الى النار..لم يكن في مكانه ولا موفقا سياسيا..كلام جر شكل!

اخر الأخبار