في الاخلاق السياسية!

تابعنا على:   22:16 2017-11-17

د. رياض عبدالكريم عواد

يردد الكثيرون، بقصد او دون قصد، لا تناقش الغبي والجاهل وصاحب المصلحة، قد يتوافق هذا القول مع ما نسب للامام الشافعي من قول "لا تناقش كل صاحب مصلحة" والقول الاخر "ما ناقشت عالما الا غلبته وما ناقشني جاهل الا غلبني".

هذه المفاهيم صحيحة كمفاهيم عامة تهدف الى تعليم الناس القيم وطريقة التفكير ولكنها تصطدم بأمرين هامين:
الاول، صعوبة تطبيقها على الواقع وشخصنتها، فما هي الاسس والمقاييس التي تتبعها حتى تصف الناس بأي من هذه الصفات. ومن اين لك الحق لتصف الناس بما تريد دون مراعاة لذوق او ادب؟
الثاني، تغليب الاهواء الحزبية والعلاقات الشخصية في وصف من نختلف معه بهذه الصفات في اي نقاش او حوار.

لا شك ان كلا منا ينطلق من مصالحه الشخصية او الفؤية في رؤية الحياة، وهذا امر مفهوم، ولكن الاهم من ذلك هو ان تكون هذه المصالح مصالح مشروعة، لا تضر فئة اخرى او اشخاص اخرين في المجتمع، وليست على حسابهم وحساب مصالحهم، وتتسق مع قيم العدل والوطنية والانسانية.

ان الكثيرين يحاولون الصاق هذه الصفات/التهم ضد كل من يؤيد السلطة الوطنية الفلسطينية، والرئيس ابو مازن تحديدا. ان هؤلاء يستغلون مظاهر الضعف العديدة التي تعاني منه هذه السلطة، بسبب العداء الاسرائيلي العميق والتغول المتواصل ضدها وضد الشعب والارض، هذا التغول الذي يقف حجر عثرة امام هذه السلطة لتطبق كثيرا من برامجها، وتوفر الامن بمفوهمه الشامل لابناء شعبنا. ان هذا لا يعني للحظة واحدة انه ليس هناك اسباب ذاتية لهذا الضعف الذي تعاني منه هذه السلطة. ان هؤلاء ينسون ان هذه السلطة الوطنية هي سلطة محتلة بكل مكوناتها وبنيتها، واننا قبلنا هذا الشكل من النضال لان امكانياتنا وواقعنا العربي والدولي هو الذي فرض علينا هذا السلوك النضالي.

اننا بدفاعنا عن سلطتنا الوطنية ورئيسنا ابو مازن ندافع عن مصالحنا الشخصية التي تنسجم مع المصلحة الوطنية وتتوافق معها، ونرى في دفاعنا المستميت والمتواصل مصلحة للشعب الفلسطيني بصفة عامة، وللفئات التي زُيف وشُوه وغُيب وعيها من السياسية غير الواقعية والاستخدام الخاطئ، المتواصل وغير المبرر، للمقدسات والقيم الوطنية والدينية في الهجوم على هذه السلطة الوطنية، المشروع الوطني الوحيد الذي استطاع ان يحقق انجازات على الارض للشعب الفلسطيني. 

وبطريقة اخرى، اكثر رداءة وتهافت، مما سبق ذكره، يتفصحن البعض ويصف الاخرين ب "السحيج" او "الفحيج" او "الطبال" ويجتهد ويُعمل عقله ليجد تعريفا، يتوافق مع رغباته ومفاهيمه، لهذه الصفات الرديئة، لكي يلصقها ظلما وجورا بمن يخالفه في وجهة نظره السياسية او الاجتماعية. ان هذا هو الهروب بعينه من حقل السياسة والجدل، بمفهومه العلمي الهادف، الى حقل المناكفة والبذاءة. ان هذا ما يحيل النقاش والحياة بصفة عامة الى شيء رديء لا يستحق التعب والمعاناة والتفكير والمتابعة.

ان الاسوأ من ذلك كله، هو شخصنة النقاش الفكري والسياسي والهروب الى الامام والصاق التهم الباطلة مستخدما الدين والمقاومة، كمقدسات يحترمها ويقدرها الشعب، او الشتم والردح، من اجل تحقيق اهدافه الذاتية او اهوائه الحزبية. انه لن يتورع، في سبيل ذلك، من اللجوء الى الكذب والافتراء ويبتعد عن الحق والعدل وكل قيم الانسانية.

اما الاتهامات الجزافية والتخوين والتعهير فالحظر الذي وفره مارك هو الحل الاجدى، وهو ما يليق بأمثال هؤلاء، حتى يبقى الهواء نظيفا من انفاسهم الكدرة

اخر الأخبار