فتح أمام "مفصل تاريخي" ما بعد 21 نوفمبر!

تابعنا على:   08:17 2017-11-14

كتب حسن عصفور/ عشية انطلاق "لقاء القاهرة التصالحي" يوم 21 نوفمبر بين فصائل العالم الوطني، تتجه أوساط قيادية داخل حركة لتنظيم صفوفها، وإعادة ترتيب أوراقها المفترض بما لها من دور وتاريخ..

حركة  فتح ليس طرفا في اتفاق 12 أكتوبر التصالحي مع حماس فحسب، بل هي تتحمل مسؤولية خاصة في العملية السياسية، بحكم دورها التاريخي في الثورة المعاصرة وقياداتها الحركة الوطنية لسنوات طويلة، قبل ان تقدم خدمة سياسية تاريخية لحركة حماس من خلال رئيس فتح، بعد أن رضخ للطلب الأمريكي - القطري باجراء الانتخابات عام 2006، ليدفع حماس لتبوأ صدارة المشهد السياسي من خلال "البعد الديمقراطي"..

ولا زالت فتح تدفع ثمنا سياسيا كبيرا ثمنا لتلك "الخطيئة الكبرى" لرئيسها، وتعيش حتى الساعة في إطار "آثار النكسة السياسية الأكبر" في مسارها، ورغم المشهد الشعبي الغزي الكبير في ذكرى رحيل الخالد المؤسس الشهيد ياسر عرفات وم 11 نوفمبر وقبله 9 نوفمبر، إلا أن تلك الحركة الشعبية لا قيمة لها دون أن تتحول الى واقع عملي ضمن رؤية وآليات، بل أن النتائج قد تكون متعاكسة لو لم تسارع فتح لالتقاط القيمة الأساسية في رسائل الهبة الكبرى..

فتح، دون غيرها، من فصائل العمل الوطني، تمر في مرحلة حرجة جدا تضعها أمام مفترق تاريخي، قد يصر البعض من قياداتها المنتجة في المؤتمر السابع على عدم رؤيتها،  ليس لقصر نظر سياسي بل لإكمال دور سياسي في "تقزيم" دور فتح التاريخي برنامجا ودورا، وهو ما يؤدي بالضرورة الى "تقزيم المشروع الوطني العام"، بما يتوافق مع الرؤية الأمريكية التي بدأت ملامحها تتضح في منح دولة الكيان كثيرا من "حلمهم" السياسي في الضفة والقدس..

فتح، التي تتحكم في مفاصل السلطة في شمال بقايا الوطن، قدمت نموذجا هو الأسوء منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، حكومة وأجهزة أمنية، ورئاسة سلطة، واستبدلت العام الوطني المشترك بالحزبية المنغلقة، واستهتار بكل الأطر الشرعية والعلاقات الوطنية المشتركة..

شكلت حكومة منذ 4 سنوات كرست نموذجا "فريدا" في "المحسوبية السياسية" عبر فرقة النجاح ورئيسها رامي الحمدالله، حكومة عليها ما يكفي لإرسال غالبيتها الى محاكم خاصة، شجعت كل أشكال "الرشوة السياسية" و"الفساد العام"، ولعل صفقة الاتصالات جسدت النموذج الأبرز في تكريس منهج الفساد نموذجا، مستفيدة من غطاء الرئيس عباس لتلك الصفقة العار..

حكومة استخفت بالرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني، في ظل غياب المجلس التشريعي كجهة رقابية، وكانت "اداة تنفيذية" لـ"جنوح الرئيس للحكم الفردي المطلق"، ممارسات ستكون سهام النقد حادة عليها لو فتح "اللقاء الوطني" بابا لمراجعة سياسية، ومن سيدفع الثمن ليس رامي الحمد الله وأعضاء الحكومة، بل فتح الفصيل الأساس لتلك الحكومة..

فتح، ستجد نفسها في "غربة سياسية" من غالبية فصائل منظمة التحرير، التي كانت "شريكا تاريخيا" لها في مسار الثورة والفعل الوطني، فصائل تم الاستخفاف بدورها ومكانتها منذ تنصيب محمود عباس لـ"مجمع الرئاسات الفلسطينية" ( منظمة ودولة وسلطة)، الى جانب لقب القائد العام لقوات الثورة والأجهزة الأمنية، مسمى لم يكن حاضرا الإ في "غرفة التنسيق الأمني" وحركة القمع اليومية في الضفة ضد من لا يروقون للرئيس العام..

رئيس فتح حاول أن يكسر "كرامة شركاء المسار والمسيرة" عبر الصندوق القومي، تصرف وكأنه "خزنة آل عباس" يمنح ويحجب وفقا للمزاج والتقارير الأمنية، وليس وفقا لمبدأ الشراكة الثورية..

فتح ستدفع كثيرا نتيجة تخريب إطر منظمة التحرير وإدارة الظهر لها وتحويلها لإطر استخدامية لرغبة الحاكم الفرد، وليس لتعزيز دور المنظمة في صيانة المشروع الوطني..

فتح ستدفع ثمنا من صمتها على مصادرة الحريات العامة وتكريس سلطة فردية أمنية، مع تغييب القانون الأساسي واستبداله بمراسيم رئاسية بلا سند قانوني..

فتح ستدفع من "صندوق تاريخها الثوري" نتيجة صمتها على نمو الفساد العام دون محاسبة حقيقة، وتصرف هيئات كصندوق الاستثمار بعيدا على الرؤية الوطنية العامة..وما يشار له عن صفقات مشبوهة بعضها مع أطراف اسرائيلية..

فتح أكثر من غيرها تمر بمرحلة "إشكال تنظيمي" كبير، اعترف البعض به أم لم يعترف، والتستر خلف ما حدث في الماضي ليس سوى مسخرة بكل ما للكلمة من معان، ليس لأن قيادة فتح الراهنة ليس من تلك القيادة في شي، وليس لأن الظروف ليست ذات الظروف، بل لأن الحراك الاشكالي يطال فتح في كل مكان داخل الوطن وخارجه..

فتح، أمام مرحلة تاريخية، إما العودة للمكانة التي كانت لها لقيادة المشروع الوطني حتى الاستكمال، او أن تبدأ رحلة تسليم الراية لحالة جديدة لن تكون هي الرافعة التي كانت..التاريخ لم يعد كافيا للإستمرار في الدور التاريخي، وإن لم تسارع قيادة فتح، بعيدا عن كل ما عليها، لترتيب أوراقها فعندها عليها ترتيب أوراقها للخروج من باب دخلته بإرادة شعبية عارمة وبتوافق وطني عام منذ 1965..

فتح التاريخ أمام مفصل تاريخي في قادم الأيام!

ملاحظة: دولة الكيان الاسرائيلي تستغل بشكل كبير حركة التسخين الاعلامي نحو قطاع غزة لتعزيز تهويدها في الضفة والقدس..افعال تمر دون أي فعل سوى بيان يتيم بلا لون ولا طعن ولا رائحة!

تنويه خاص: أجواء الشؤم السياسي في المنطقة، سلبتنا حقنا في الفرحة الأبرز للعرب مؤخرا وسط نكبات متلاحقة..نعم فرحة وصول 4 فرق عربية لكأس العالم لأول مرة في التاريخ..فرحة كان لها أن تكون طاغية ..لكن مع هيك أنظمة حتى الفرح يصبح "مسموما"!

اخر الأخبار