موسم زيتون أم استيطان

تابعنا على:   11:54 2017-11-12

د. خالد معالي

يحتار المرء في توصيف الموسم الحالي، هل هو موسم قطف ثمار الزيتون، أم موسم التمدد والتغول الاستيطاني، فكل من يقطف ثمار الزيتون يتوجع ويتحسر من كثرة ما يرى من على قمم الجبال والتلال في الضفة الغربية،عمليات البناء الاستيطاني التي لا تتوقف على مدار الساعة وفي سباق مع الزمن.

الاستيطان الآن نجح بتمزيق الوحدة الجغرافية والإقليمية والسكانية، لمختلف مناطق الضفة الغربية، وحولها لكانتونات معزولة، ونجح بتدمير أي إمكانية لوجود عمق تنموي وامني وسكاني فلسطيني.

منذ 24 عام من "اوسلو" كان عدد المستوطنين 100 ألف مستوطن، والآن صاروا قرابة 800 ألف مستوطن، إذن النتيجة المنطقية أن اكبر رابح من "اوسلو" هو الاستيطان، لان الدولة الفلسطينية لم تقام كما وعدونا خلال خمس سنوات من عمر "اوسلو"، ولم تتحول الضفة إلى سنغافورة، وضحكوا علينا.

موضوع ال "غيتو"  والعزل والجدار والاستيطان؛ هو من صميم الثقافة الصهيونية؛ بحسب الدارس لأدبيات الحركة الصهيونية؛ وهذا يفسر إصرار المستوطنين على  عزل أنفسهم خلف جدران وكاميرات وكلاب حراسة وأبراج للجيش.

 المستهدف من الاستيطان هو المزارع الفقير والبسيط، وهو مستهدف بالاقتلاع كشجرة زيتونه التي يرويها بدمه وعرقه، وهذا كله بسبب الاستيطان، الذي يكتفى بتحديه ومواجهته منذ 24 عاما بالمسيرات والمقاومة الشعبية السلمية، "وكفى الله المؤمنين شر القتال".

المستوطنون صعدوا من اعتداءاتهم على مزارعي الضفة الغربية مع بداية الموسم الحالي لقطف ثمار الزيتون، وهم لا يتوانون عن المجاهرة ببلطجاتهم وزعرناتهم، وتوسعة مستوطناتهم،عبر تجريف ونهب المزيد من الأراضي، وحرق وتقطيع أشجار الزيتون بعد سرقة ثمارها، وكل ذلك تحت سمع وبصر جيش الاحتلال، الذي يتدخل فقط في حالة تصدي المزارعين الفلسطينيين للمستوطنين، وليعاقب الفلسطينيين.

المستوطنون المستجلبون من مختلف أصقاع الأرض؛ يشكلون شوكة في حلق الدولة الفلسطينية المنشودة، ويحولون حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق في كل الأوقات، فالاحتلال ومواصلة الاستيطان خاصة في مناطق "جيم" أو مناطق" C"بنظرهم مريح وغير مكلف؛ ما دام لا يوجد رد عليه، وما دامت حالة الاسترخاء في الضفة مرضية لهم، ويدعون أن تطول وتطول حتى تكتمل مخططاتهم.

لمن أراد أن يجد ويجتهد ويعمل ويتحدى الاستيطان، توجد طرق ووسائل كثيرة للضغط على المستوطنين من بينها إعادة قراءة وتقييم التجربة السابقة من المقاومة الشعبية السلمية التي استمرت كثيرا دون جدوى، ولم تنجح بمنع أو طرد ولو مستوطن واحد من أي بقعة في الضفة الغربية.

المنطق يقول انه لا يجب ترك أية وسيلة ضغط على الاحتلال، على أن نجيد استخدامها في الوقت والزمان المناسبين وتوافق وطني حولها، ولا يصح أن يغني كل  على ليلاه، فيد واحدة لا تصفق.

ما يقصر عمر الاحتلال، هو جعله أن يدفع غاليا فاتورة مواصلة احتلاله واستيطانه، وهو ما يستدعي العمل فلسطينيا؛ كالجسد الواحد، ضمن برنامج وطني موحد، يراعي الظروف الإقليمية المحيطة ويطوعها لصالحة بجعل القضية الفلسطينية مركزية وليست ثانوية.

ولمن أراد العمل بجدية واحتراف، له من دروس التاريخ في مواجهة الشعوب للاحتلال والاستعمار والظلم، ما يجعله يختار الأنسب  منها ضمن خصوصية الحالة الفلسطينية، فشتان ما بين من يرضى الخنوع والاستسلام، وما بين من يعد ويتجهز ويعزز قواه الحية، وينطلق باقتدار للبحث عن مكان  له في القمة.

اخر الأخبار