غياب التمويل وضعف الدعم دفعا حماس إلى مواجهة الواقع

تابعنا على:   13:03 2017-10-17

عبداللطيف المناوي

هناك ملاحظة مثيرة للاهتمام، خلال الأشهر الأخيرة لوحظ أن هناك تراجعاً للتنظيمات الإرهابية فى جبهات متعددة، بدأت قوات الشرعية تتقدم فى بعض البلدان التى تشهد صراعات وحروبا أهلية، مثل اليمن والعراق وليبيا، وانحسار العمليات الإرهابية فى بلدان أخرى بالمنطقة، مثل البحرين. أما سوريا فالميليشيات الإسلامية المتشددة بدأت تنهار أمام الجيش السورى. هل هى صدفة أم أن هذا تأكيد على التورط القطرى فى دعم حركات التمرد والتنظيمات الإرهابية فى هذه البلدان بالمال والسلاح؟ واليوم بدأت هذه التنظيمات تعانى من شُح أو توقف التمويل عنها، بعدما أصبحت قطر تحت المجهر وبعد أن بدأت الدول الأربع المحاربة للإرهاب مواجهتها مع قطر وإصدار قرارات المقاطعة.

هذه الملاحظة تتأكد صحتها بعد أن أعلنت حركة حماس قبول جهود الوساطة المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وقررت القبول بالشروط التى وضعتها مصر والسلطة الوطنية الفلسطينية، فوافقت على حل اللجنة الإدارية فى قطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى قطاع غزة لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فوراً. هذا التحول الدرامى فى موقف حماس ليس تطوراً فى رؤيتهم، ولكنه انعكاس للوضع الصعب الذى أصبحت فيه الحركة بعد توقف الدعـم القطـرى، لـيس فقـط لحمـاس، ولكن أيضا وبالأساس لجماعة الإخوان المسلمين التى تعتبر حماس جزءا أصيلا منها.

منذ عدة أسابيع أكّدت أوساط سياسية فلسطينية أن انسحاب قطر من المشهد الفلسطينى يسهم فى زيادة احتمالات النجاح فى ملف المصالحة الفلسطينية بشكل أكبر، خاصة مع لجوء حركة حماس لقوى إقليمية أكثر قربًا من الملف الفلسطينى كالجانب المصرى لحلحلة الأوضاع فى قطاع غزة المنهار.

انشغال قطر بأزمتها الداخلية، وتأكيد حركة حماس أنها لا ترتبط بأى شكل بحركة الإخوان المسلمين جعلا من تجاوب القيادة المصرية أكثر فاعلية وتأثيرًا خلال الفترة الماضية، فى سبيل تحقيق المصالحة وإنهاء ملف الانقسام، أملًا بحل أزمات القطاع المحاصر.

الأزمة القطرية لها تداعيات سياسية كبيرة جدًا على قرار حركة حماس السياسى بشكل خاص، وعلى الحالة السياسية بشكل عام، لأن قطر كانت الدولة الأكثر تأثيراً فى القرار السياسى لحماس.

الاهتمام الفطرى كان يتركز فى أن يكون لحماس دور فاعل ومؤثر باعتبارها أحد الأفرع القوية لحركة الإخوان المسلمين، الآن وقد تراجع دور قطر، وأصبحت عاجزة عن الاستمرار فى دعم الحركات المناهضة للشرعية، والجماعات الإرهابية كالإخوان المسلمين وأذرعها، فإن هذا قلص دورها بشكل واضح بالنسبة لحماس وبالنسبة لتأثيرها على الساحة الفلسطينية، خاصة مع عودة الدور المصرى إلى الساحة الفلسطينية وبروز الدور الإماراتى.

وتوقع وقتها عدد من المراقبين والمحللين السياسيين أن انشغال قطر بأزمتها والمقاطعة العربية لها سيقلل من قدرتها على التأثير على الحركات التى اعتادت دعمها، وبالتالى تواجه جماعة الإخوان المسلمين أزمة تمويل بالإضافة إلى التضييق عليها فى مختلف دول العالم وكشف علاقتها بالإرهاب، فإن ذلك سيدفع حركة حماس أن تحاول أن تنفى أنها ترتبط بأى شكل بحركة الإخوان المسلمين وتلقى قطر جانباً، مما يجعل تجاوب القيادة المصرية أكثر فاعلية وتأثيرًا خلال الفترة الماضية، فى سبيل تحقيق المصالحة وإنهاء ملف الانقسام، أملًا فى حل أزمات القطاع المحاصر. وأنا أذكر حماس كنموذج يتكرر فى الدول الأخرى التى عانت من الإرهاب المدعوم من قطر.

الموقف العربى من قطر أدى إلى إضعاف أشد الداعمين لحركة حماس، الأمر الذى أدى إلى أن تفقد الحركة مكانتها فى الساحة الفلسطينية، وهو الأمر الذى كان سيجبرها على تقديم المزيد من التنازلات. لم تعد الخيارات المطروحة أمام حماس كثيرة، إما أن تواجه الأزمة بمزيد من التصلب، وتتجه نحو معركة جديدة مع إسرائيل، وهو الأمر الذى لا تسعى إليه حركة حماس فى الوقت الراهن، ولا تستطيع فعله، أو المضى قدماً فى تحقيق المصالحة الفلسطينية مع حركة فتح. فعليا يبدو أنه لم يكن هناك خيار.

ولكن هل ستستسلم قطر بسهولة، فى ظل العناد القطرى؟! فالمتوقع محاولات قطرية على الحركة، للسعى لإفشال أى اتفاق أو تطور يؤدى إلى حالة استقرار فى أى من هذه الدول والسعى لعدم المضى فى أى طرق تنهى الاٍرهاب، وتقضى على الفوضى.

لم يدرك قادة قطر بعدُ أن عناصر المعادلة قد تغيرت

عن المصري اليوم

اخر الأخبار