خشية نتنياهو من زوال دولته

تابعنا على:   12:47 2017-10-17

د. فايز رشيد

أعرب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو عن مخاوفه من زوال دولة «إسرائيل» خلال السنوات القادمة، مطالباً بلاده بأن تستعد لهذا اليوم من الآن. وأشارت صحيفة «هآرتس» الصهيونية (الثلاثاء 10أكتوبر/ تشرين الأول الحالي 2017) إلى أن نتنياهو حذر خلال «نقاش ديني» من مخاطر تهدد وجود «إسرائيل» مطالباً بأن تستعد لها «لكي تتمكن من إحياء يوم استقلالها المئوي بعد ثلاثة عقود».
ووردت تحذيرات نتنياهو بحسب الصحيفة خلال لقاء «توراتي» استضافه في منزله مع عقيلته سارة بمناسبة «عيد العرش» حيث ذكر بأن مملكة «حشمونائيم» عاشت لمدة 80 سنة وأنه يعمل لضمان اجتياز «إسرائيل» لهذا الجيل والوصول ل100 سنة». ونقلت الصحيفة عن مشارك آخر بالندوة (لم تذكر اسمه) أن نتنياهو قال «إن وجودنا ليس بديهيًا وإنه سيبذل كل ما في وسعه للدفاع عن الدولة».
معروف أن «حشمونائيم» هي سلالة حاكمة في مملكة يهودا والمناطق المحيطة بها خلال العصور القديمة، وتحديداً بين سنة 140 إلى 116 قبل الميلاد، حيث حكمت السلالة منطقة يهودا بشكل شبه مستقل عن السلوقيين. وفي حوالي 63 قبل الميلاد، احتل الرومان مملكة «حشمونائيم» حيث تم تفكيكها وإنشاء كيان يدين بالولاء للإمبراطورية الرومانية. يذكر أنه بوجود السيد المسيح ‏ كان الدين اليهودي مقسَّماً إلى فئات تتنافس جميعها على فرض سيطرتها على الشعب.‏ هذه هي الصورة التي ترسمها روايات الأناجيل وكتابات يوسيفوس المؤرخ اليهودي الذي عاش في القرن الأول الميلادي.‏
نحن لا ننكر وجود اليهود في المنطقة وكان أبناء الديانة اليهودية من أبناء المنطقة، إنهم اليهود القدماء الذين لا تربطهم أية علاقة باليهود الجدد الذين فُرض عليهم أن يتهودوا من قبل ملك مملكة الخزر التي نشأت على بحر قزوين (حكمت من القرن السابع إلى القرن الحادي عشر). وعندما انهارت المملكة تفرق اليهود في أوروبا وهم أصل اليهود الحاليين (اقرأ «إمبراطورية الخزر وميراثها- القبيلة الثالثة عشرة» لآرثر كوستلر).
بالمناسبة، ذات السؤال تساءله آرون ميلر نائب رئيس مركز «ويدرو ويلسون» الأمريكي في مقالة له بعنوان «هل ستعيش «إسرائيل» مئة عام»؟ في صحيفة «واشنطن بوست» في 12 أبريل/نيسان 2016»، الأمر الذي يعني أن السؤال ممكن ومن الطبيعي تناوله حتى من قادة العدو الصهيوني. بالطبع جيلنا لن يشهد أيام الذكرى المئوية لقيام دولة الكيان، ولكن هذه الدولة لن تكون موجودة في 15 مايو/أيار 2048، والأسباب هي التالية:
إن حركة التاريخ وسيرورته مسألة مستمرة، وتصاحبها تغييرات جذرية أدت فيما مضى إلى سقوط إمبراطوريات كانت أقوى كثيراً من «إسرائيل». صحيح أن البيئة الأمنية الحالية مواتية لها لكن من الصحيح القول أيضاً أن هذه الدولة حتى بعد مضي 69 عاماً على زرعها في المنطقة ما زال 12 مليون فلسطيني و300 مليون عربي يرون ويعتقدون ويتصرفون على أساس أنها دولة غريبة عن المنطقة ولا بد من اقتلاعها من أرضنا الفلسطينية ومنطقتنا العربية.
«إسرائيل» دولة عنصرية سبق وأن أدانت الأمم المتحدة نبعها الصهيوني بقرار واضح، هي دولة معتنقة للفكر النازي في العنف والقتل واقتراف المذابح بحق الفلسطينيين والعرب والإنسانية جمعاء. هي دولة «شايلوكية» نهمة لسرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية. إنها الدولة القاتلة والساجنة للأطفال الصغار. الدولة الهادمة للبيوت، دولة الحاخامات الفاشيين الذين يفتون بضرورة إبادة الأغيار (من هم غير يهود)، والحاخامات الذين يفتون بأنه يترتب على الأغيار أن يكونوا خدماً لليهود. دولة اخترعت مفهوم «العداء للسامية» لتسلطه سيفاً على كل الرؤوس حتى على من ينتقد سياساتها الإجرامية. دولة الأصح وصفها بأنها «عصابة في ثوب دولة» وأنها «جيش له دولة». دولة اعتمدت المنظمات الإرهابية الصهيونية في إنشاء جيشها. دولة لا تعترف بالقوانين الدولية. دولة متحالفة مع الاستعمار وكل الظواهر البشعة في العالم. دولة المستوطنين التي لم تشكل مجتمعاً بعد رغم مرور ما يقارب السبعة عقود على زرعها.
«إسرائيل» دولة لم تنشأ على شاكلة الدول والتطور الطبيعي للمجتمعات، فهي تحمل بذور فنائها في أحشائها. دولة التناقضات الإثنية والعرقية بين مستوطنيها الذين لا يجمعهم رابط سوى الدين. دولة زيفت زوراً وبهتاناً أساطير تضليلية خاصة بها، واخترعت مفاهيم تحاول عنوة الالتصاق بها، مثل مفاهيم: «القومية اليهودية»، و«الأمة اليهودية» وغيرها.
للعلم هنري كيسنجر توقع نهاية «إسرائيل» وذلك في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول 2015 ويومها ثارت ضجة صهيونية عليه.
مؤخراً ألقيت محاضرة في جامعة حيفا نظمها مؤتمر الرابطة الدولية للدراسات «الإسرائيلية» للكاتب سامي ميخائيل حول «العنصرية الصهيونية في الكيان»، من خلال القول أن بإمكان «إسرائيل» «أن تتفاخر بلقب الدولة الأكثر عنصرية في العالم المتطور». واستطرد محذراً «قد نفقد كل شيء»، ودولة «إسرائيل» ستكون ظاهرة عابرة مثل الهيكل الأول والهيكل الثاني. توقعات ميخائيل تعيد إلى الأذهان تصريحات رئيس ال«كنيست» الأسبق إبراهام بورج، الذي صرح في مقابلة له في عام 2007 بأن «إسرائيل» دولة فاشية وهي قوة استعمارية شبيهة بألمانيا عشية صعود النازية.
عن الخليج الاماراتية

اخر الأخبار