ابرز ما تناولته الصحف العبرية 04/10/2017

تابعنا على:   15:03 2017-10-04

وزراء الحكومة الفلسطينية يبدؤون العمل في مكاتبهم في غزة، ونتنياهو يعلن رفض اسرائيل لاتفاق المصالحة بزعم انه "يأتي على حسابها"

كتبت صحيفة "هآرتس" ان وزراء الحكومة الفلسطينية، شرعوا، امس، بإجراء لقاءات عمل في مكاتبهم في غزة، في اطار جهود المصالحة وتسلم المسؤولية عن قضايا القطاع. وامتنعت السلطة الفلسطينية وحماس عن اتخاذ تدابير ذات اهمية، باستثناء القضايا المتعلقة بالشؤون المدنية. ومع ذلك، فقد برزت الخلافات في الحوار العام، ومن بينها تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس للتلفزيون المصري، بأنه لن يوافق على كيان مسلح، على غرار حزب الله، في مناطق السلطة، في الضفة والقطاع.

وخلال الاجتماع الذي عقدته الحكومة الفلسطينية، في منزل الرئيس محمود عباس، الذي تم تحويله الى مقر للحكومة، قال رئيس الحكومة رامي الحمدالـله ان حكومته عازمة على تسلم المسؤولية الكاملة عن القطاع، من دون أي استثناء. وحسب اقواله فان الحكومة ستناقش وتتعاون مع السلطة المصرية، وسيتم معالجة كل القضايا حسب المبادئ والتفاهمات التي تم التوصل اليها في القاهرة في 2011، ويشمل ذلك ادارة المعابر ومهام موظفي حماس في القطاع. ودعا الحمدالـله المجتمع الدولي الى التدخل والضغط على اسرائيل لرفع الحصار عن القطاع.

وقال الناطق بلسان الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، بعد انتهاء اجتماع الحكومة في غزة، ان الحمدالـله أمر الوزراء بإعداد تقارير تعرض الاحتياجات الفورية للقطاع بهدف دفع التغيير من خلال التركيز على التخفيف على السكان. وقال وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، ان الاختبار الاول للمصالحة وعمل الحكومة في القطاع يتعلق بادارة المعابر، وانه لا تزال هناك مسائل ستناقش الاسبوع المقبل في القاهرة.

وفي ختام الجلسة انتقدت حماس والفصائل الاخرى عدم رفع العقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع. وقال رئيس المبادرة الفلسطينية د. مصطفى البرغوثي، ان "عدم رفع العقوبات يعتبر مشكلة كبيرة يجب معالجتها فورا". وقال الناطق بلسان حماس في الضفة، عبد اللطيف القنوع، ان "الاستقبال الاحتفالي من قبل الشارع الفلسطيني في غزة يحتم اتخاذ خطوات عملية للتخفيف من ضائقة السكان".

وفي لقاء منحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للتلفزيون المصري، مساء امس الأول، قال انه في نهاية عملية المصالحة بين فتح وحماس، يجب ان يخضع كل السلاح – بما في ذلك سلاح حماس – لسلطة القانون. وقال عباس: "لن نوافق على نموذج حزب الله. السلطة الفلسطينية وحركة فتح ستبذلان كل الجهود من اجل نجاح المصالحة". مع ذلك اوضح عباس انه عندما تنضم حماس الى منظمة التحرير الفلسطينية، كونها المظلة لكل الفصائل الفلسطينية، سيكون عليها الموافقة على مبادئ المنظمة وقراراتها. وقال: "نحن، في الضفة، نعمل وفق قانون واحد وسلطة واحدة. من يملك سلاحا لا يخضع للقانون، حتى وان كان من فتح، سآمر باعتقاله وهذا ما يجب ان يحدث".

كما قال عباس خلال اللقاء انه يعرف بأن هذه الخطوة ستستغرق وقتا، والمح الى انه لن يسارع الى الاعلان عن الغاء العقوبات، وقال: "عندما تسيطر الحكومة عمليا على المعابر واجهزة الامن وكل مكاتب الحكومة سيتم رفع العقوبات". وقال انه سيصل شخصيا الى قطاع غزة عندما تسمح التطورات بذلك، وعندما تسيطر الحكومة على القطاع بشكل فعلي.

وفي اعقاب ذلك، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الدكتور موسى أبو مرزوق إن جهاز حماس العسكري ليس مطروحا للنقاش مع السلطة الفلسطينية: "هذا سلاح مصمم لحماية الشعب الفلسطيني وطالما بقي الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، سيبقى هذا السلاح جاهزا لكل سيناريو".

وكتبت "يسرائيل هيوم" انه وصل الى غزة خلال اجتماع الحكومة الفلسطينية، امس الثلاثاء، رئيس المخابرات المصرية، خالد فوزي، قادما من رام الله، حيث اجتمع بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن ثم اجتمع بإسماعيل هنية في غزة. وعرض فوزي امام الحكومة خطابا مسجلا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال فيه: "هذا يوم تاريخي، الجميع يخسرون من الانقسام الفلسطيني. يجب حل الخلافات في الرأي داخل الشعب الفلسطيني وبمساعدة الدول العربية".

وتضيف "هآرتس" ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خرج امس، بتصريحات ضد المصالحة بين فتح وحماس، وقال خلال اجتماع لكتلة الليكود عقد في مستوطنة "معاليه ادوميم" ان اسرائيل ليست مستعدة "لتقبل مصالحة خيالية تتم فيها ظاهرا المصالحة في الجانب الفلسطيني على حساب وجودنا".

وقال نتنياهو انه يتوقع من كل من يتحدث عن العملية السلمية الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. وقال: "من يريد تحقيق المصالحة فان فهمنا لها هو بسيط جدا. اعترفوا بدولة اسرائيل. فككوا الذراع العسكرية لحماس، اقطعوا العلاقة مع ايران التي تدعو الى ابادتنا وغير ذلك. هناك امور واضحة جدا، وهذه الأمور، ايضا، تقال بشكل واضح".

ورد رئيس القائمة المشتركة، النائب ايمن عودة، على تصريح نتنياهو، وقال: "المعارضون للمصالحة الداخلية الفلسطينية هم الذين يعارضون السلام. نتنياهو يحاول تأجيج التمزق الداخلي في القيادة الفلسطينية، كي يتمكن من الادعاء بأنه لا يوجد شريك للمفاوضات، لأنه لا توجد هيئة موحدة تمثل الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة". واضاف عودة ان "المصالحة ووحدة الشعب الفلسطيني ستساعد على تمزيق القناع عن وجه رئيس الحكومة وكشف حقيقة انه الجبهة المعارضة للسلام والتسوية التاريخية".

وتكتب "يسرائيل هيوم" ان عودة اجرى اتصالين مع عباس وهنية، مباركا الاتصالات بين الجانبين. وقال لهما ان الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب يقدرون اتفاق المصالحة ويعلقون عليه الآمال. واكد ضرورة توحيد الجهود لإنهاء الاحتلال.

وأثارت خطوة عودة غضب وزير الامن افيغدور ليبرمان، الذي رد بشكل صارم، وقال: "للأسف، القيادة السياسية لعرب اسرائيل، كما تتمثل في الكنيست من قبل القائمة المشتركة، تحولت الى طابور خامس بدون اقتباس، والى ممثلة رفيعة لتنظيمات الارهاب في الكنيست. حان الوقت لاستنفاذ القانون ضد المتآمرين على وجود الدولة".

وحسب "هآرتس" فقد تطرق وزير التعليم نفتالي بينت، امس الى لقاء المصالحة والى ضم السلطة الفلسطينية الى الانتربول، وقال ان على المجلس الوزاري ان يعلن فورا عن وقف تحويل اموال الضرائب الى الحكومة الفلسطينية. وقال: "يجب على اسرائيل ان تتوقف عن التصرف كصراف للإرهاب. ليس المقصود مصالحة فلسطينية وانما انضمام ابو مازن الى تنظيم ارهابي قاتل. تحويل الأموال الى حكومة حماس يشبه تحويل الأموال من اسرائيل الى داعش – نحن سنتلقى الصواريخ مقابل هذه الأموال".

ومن المتوقع ان يطرح بينت خلال اجتماع المجلس الوزاري القادم، ثلاثة خطوط حمراء قبل تحويل الاموال – اعادة جثتي الجنديين شاؤول اورون وهدار غولدين، اعتراف حماس بإسرائيل ووقف دفع رواتب من السلطة لنشطاء الارهاب المعتقلين في اسرائيل.

ترامب: "بنيامين نتنياهو هو الجانب الذي يصعب اقناعه في كل ما يتعلق بجهود التوصل الى اتفاق سلام"

تكتب "هآرتس" ان سبعة مصادر غربية واسرائيلية مطلعة على فحوى المحادثات التي اجراها الرئيس الامريكي دونالد ترامب، مع الامين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، على هامش اعمال الجمعية العامة، قبل اسبوعين، كشفت بان ترامب قال للأمين العام ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو هو الجانب الذي يصعب اقناعه في كل ما يتعلق بجهود التوصل الى اتفاق سلام اسرائيلي فلسطيني. وقال دبلوماسي غربي ان "ترامب اوضح بأن الزعيمين اشكاليين، لكن السياق العام لكلامه كان ان نتنياهو هو الاكثر اشكالي".

وطلبت المصادر السبعة – ستة دبلوماسيين غربيين ومسؤول اسرائيلي – التكتم على هوياتهم بسبب الحساسية السياسية. وقالوا ان اللقاء بين الرئيس الأمريكي والامين العام للأمم المتحدة، الذي عقد في 19 أيلول في مقر الأمم المتحدة، في نيويورك، واستغرق ربع ساعة، تناول في نصفه، على الاقل، الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني. وخلال اللقاء الذي جرى في اليوم التالي للقاء ترامب بنتنياهو، طرح الرئيس الأمريكي انطباعاته من محادثته مع نتنياهو، وموقفه من عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية.

وقال الدبلوماسيون الغربيون ان ترامب كرر خلال اللقاء اصراره على دفع اتفاق سلام تاريخي. وحسب الدبلوماسيين فقد قال ترامب لغوتيريش انه نجح على مر السنين في صفقات كثيرة وصعبة، لكنه سمع دائما بأن اصعب صفقة هي تحقيق السلام الاسرائيلي الفلسطيني. وقال دبلوماسي غربي ان "ترامب اكد رغبته بمحاولة النجاح في هذا التحدي".

وخلال اللقاء قال ترامب انه صحيح بأن الرئيس الفلسطيني مسن جدا ويعاني من مصاعب سياسية داخلية، لكنه يحتاج الى ميراث يتركه خلفه. اما نتنياهو فيتواجد في وضع يفهم فيه بأنه لن يجد رئيسا امريكيا مؤيدا اكثر ويظهر تفهما اكبر لاحتياجات اسرائيل الأمنية، ولذلك توجد فرصة بأن يوافق على تدابير رفضها في السابق. وقال ترامب انه عندما تسلم منصبه، اعتقد ان فرص تحقيق الصفقة متدنية، ولكن في ضوء المعطيات التي ذكرها بشأن نتنياهو وعباس، فانه يعتقد ان الفرصة قائمة لتحقيق الصفقة.

وحسب الدبلوماسيين الغربيين، فقد شجع غوتيريش الرئيس ترامب على مواصلة السعي الى دفع مبادرة سلام بين اسرائيل والفلسطينيين، واكد امامه انه يعتقد بأن هناك فرصة لتحقيق اتفاق تاريخي. وقال الامين العام لترامب ان زعيما المعارضة في اسرائيل، يتسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني، قالا له خلال زيارته الى اسرائيل في اب الماضي، انهما سيدعمان نتنياهو في حال دفع خطوة سياسية حقيقية.

وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض، معقبا على هذه التفاصيل، ان "اللقاء بين ترامب وغوتيريش كان قصيرا لكنه ناجعا، وركز على الاصلاحات في الأمم المتحدة وعمل السفيرة الامريكية الممتاز في الأمم المتحدة". وحسب المصدر فقد تم بعد ذلك الحديث عن محادثات السلام المتواصلة، وقال الرئيس انه يشعر بأن الطرفان يريدان التوصل الى السلام وانه متفائل بشأن امكانية تحقيق صفقة. نحن نركز على المحادثات الناجعة وليس على الضجيج الخلفي".

حرب فيديو بين حماس ومنسق الاحتلال في المناطق

تكتب "هآرتس" انه تجري في الأيام الأخيرة حرب حقيقية بين حركة حماس ومنسق اعمال الحكومة في المناطق، الجنرال يوآب مردخاي. ولا تجري هذه الحرب في قطاع غزة او الضفة الغربية وانما على الشبكة الاجتماعية. وفي هذه الحالة فان السلاح هي افلام يقوم الجانبان بنشرها.

قبل حوالي اسبوع ونصف، نشرت وكالة أنباء "القدس" المتماثلة مع حماس، شريطا ضد مردخاي، حاولت من خلاله مناطحة منسق اعمال الحكومة، ولكن ايضا، السلطة الفلسطينية. وكانت الرسالة الرئيسية للشريط هي ان مردخاي هو الذي يترأس عمليا السلطة الفلسطينية وليس محمود عباس. وبعد عدة ايام، تم نشر شريط آخر تحت عنوان "منسق ام قاتل"، والذي يستعرض السيرة العسكرية لمردخاي في قسم الاستخبارات، ويتهمه بتفعيل الحرب النفسية ضد الفلسطينيين.

ورد مردخاي عبر شريط حمل عنوان "ردا على اكاذيب حماس"، وفيه يتهم الحركة بالمسؤولية عن تدهور اوضاع سكان القطاع الى أسوأ وضع، ويتهم قادة حماس بالفساد. وحسب شريط مردخاي فان هجوم حماس عليه يهدف الى حرف انظار سكان القطاع عن المشاكل الحقيقية التي تتحمل حماس المسؤولية عنها.

استقالة النائب مرجليت من الكنيست

تكتب "هآرتس" ان النائب اريئيل مرجليت (المعسكر الصهيوني)، أعلن امس الثلاثاء، استقالته من الكنيست. وكان مرجليت قد نافس، قبل نصف سنة تقريبا، على رئاسة حزب العمل، وكتب على صفحته في الفيسبوك "ليس سرا انني رغبت بانتخابي لرئاسة حزب العمل وان اكون مرشحا لرئاسة الحكومة. الرفاق قرروا غير ذلك وانا احترم اختيارهم".

ورفض مرجليت القول، مساء امس، ما اذا كانت استقالته من الحلبة السياسية مؤقتة وما اذا كان ينوي المنافسة مرة اخرى في المستقبل. وقال لصحيفة "هآرتس": "لم أيأس من العمل الجماهيري. الان، المكان المريح بالنسبة لي هو دفع عملي كمبادر اجتماعي واقتصادي. لدي الكثير من التحمس". وينوي مرجليت الاستثمار كمبادر في مشاريع في النقب والجليل، وهو ما لا يمكنه عمله كعضو كنيست.

وقدر احد الأعضاء الكبار في المعسكر الصهيوني بأن مرجليت أعلن استقالته لأنه يقدر بأنه لن يتم انتخابه للكنيست القادمة. وقال: "خلال الأسابيع الأخيرة يتضح لنا بأن خمسة اشخاص من الذين سينافسون في القائمة القطرية يمكنهم دخول الكنيست القادمة. كل الأماكن الأخرى سيتم تخصيصها لشخصيات من قبل غباي وللنساء ولممثلي المناطق وللشركاء من حزب الحركة. كما يبدو فان اريئيل يبني لنفسه مسار هرب أنيق".

يشار الى ان مرجليت الذي يعتبر احد المبادرين الرواد في اسرائيل، فشل في ترجمة قدراته في الكنيست. وقد خسر مرتين في انتخابات رئاسة الحزب ولم ينجح ببناء نفسه كشخصية رئيسية في الحزب. وسمعت في اكثر من مرة انتقادات له بسبب المبالغ الضخمة التي استثمرها في الحملات التي هدفت الى تحسين مكانته في الحزب، دون ان ينجح.

وكتب مرجليت على صفحته في الفيسبوك ان "قرار الانتقال الى العالم السياسي نبع من رغبتي في تحويل العمل المبادر الى اجندة قومية: تطوير الجليل والنقب وخلق الاف اماكن العمل الجديدة للشبان، تماما كما اقمنا حي الاعلام في محطة القطار القديمة في القدس، وحي السيبر في بئر السبع. يمكن عمل الأمر نفسه في اجزاء اخرى من الدولة. هذا هو مشروعي، هذه هي رؤيتي العامة والأجندة السياسية. لكي اتمكن من مواصلة العمل كمبادر اجتماعي ونتمكن من استخدام كل الوسائل، الموارد ومجال العمل المطلوب، قررت الاستقالة من الكنيست. افضل طريقة بالنسبة لي لتحويل الأجندة التي اقودها الى واقع على الأرض، هي دمج التجربة العامة وقدراتي على المبادرة الى مشروع اجتماعي على المستوى القومي: تطوير اقتصادي لمناطق كاملة، وايضا، توسيع النشاط الاجتماعي في المزيد من الاحياء الضعيفة في البلاد، وخلق واقع جديد لآلاف الأولاد في اسرائيل".

وقد خدم مرجليت طوال اكثر من اربع سنوات في الكنيست، ونافس في 2011 على رئاسة حزب العمل، ومن ثم سحب ترشيحه. وفي 2013 انتخب للكنيست ضمن قائمة حزب العمل. وفي الانتخابات الاخيرة لرئاسة حزب العمل، فشل في اجتياز الجولة الاولى، وفاز بتأييد 16.1% من الأصوات.

وهذا هو النائب الثاني من حزب العمل الذي يستقيل في الأيام الأخيرة، بعد استقالة عمانوئيل تراختنبرغ قبل اسبوع. وقال رئيس "المعسكر الصهيوني"، ابي غباي، امس، انه يتأسف لاستقالة مرجليت ويرحب بقراره العمل كمبادر لتطوير البلدات الطرفية وتطوير مناطق نامية جديدة في اسرائيل. وقال غباي: "تحدث مع مرجليت مساء اليوم، ويسرني انه رغم استقالته من الكنيست، سيواصل العمل في اطار الحزب ودفع نشاطه. ارحب بانضمام ليئة فديدا، نائبة رئيس بلدية يكنعام، الى الكنيست نيابة عن المعسكر الصهيوني".

بعد وفاة جندية في السجن العسكري: جنود يكشفون سوء العلاج الطبي في الجيش

تكتب "هآرتس" انه يستدل من تشريح جثة الجندية التي توفيت في السجن العسكري رقم 4، الليلة قبل الماضية، انها توفيت كما يبدو نتيجة مرض، وعدم نيل الرعاية الصحية الكافية. وسيجري فحص ظروف الحادث وما اذا كان فيروس او التهاب في الشريان التاجي هو سبب تدهور حالتها الصحية. وتقوم وحدة التحقيق الداخلي في الجيش بفحص الحادث والعلاج الطبي الذي حصلت عليه الجندية.

وعلى خلفية الحادث، روى جنود وجنديات سبق واعتقلوا في سجن 4، لصحيفة "هآرتس" بان العلاج الطبي سيء، والتعامل مع شكاواهم بشأن حالتهم الصحية كان مستهترا. وقالت جندية كانت معتقلة في سجن عسكري انها عانت من اوجاع في الصدر، امتدت الى القسم العلوي من جسدها، وتم نقلها الى المستشفى لإجراء فحوصات، ولكنها بعد اعادتها الى السجن في اليوم التالي، تم فحصها من قبل الطاقم الطبي، فقالت لها طبيبة السجن انه طالما كان قلبها ينبض، فإنها مؤهلة للخدمة.

وعانت جندية اخرى من آلام شديدة في البطن، منعتها من الجلوس او الوقوف خلال الحراسة، لكن الأمر الذي تلقته من الطاقم الطبي هو احتساء الماء. وقالت الجندية انه بعد انتهاء وردية الحراسة، تواصل الألم، لكنه لم يتم تقديم العلاج لها.

وفي حديث لصحيفة "هآرتس"، قالت هداس طال التي اعتقلت لمدة 50 يوما في السجن العسكري، بسبب رفضها الخدمة في الجيش، انها واجهت صعوبة في التقاء طبيب، وتمكنت من استشارة طبيب فقط بعد اسبوع من الكفاح. وقالت: "عندما تشتكين من مشكلة ما، يعتقدون انك تتظاهرين بالمرض. يقولون لك سنرى، سنتابع، وفي هذه الأثناء يجب عليك التصرف بشكل اعتيادي. وعندها، اما ان لا يأتي العلاج بتاتا، او لا يكون كافيا". وحسب طال فقد اصيبت خلال اعتقالها بالرشح وعانت من ارتجاف في جسدها، لكنها تلقت دواء يستخدم لمعالجة التهاب المفاصل.

وحسب مصدر عسكري، فان سجون الجيش تعاني من نقص في الطواقم الطبية، التي يفترض ان تعالج مئات المسجونين. وقال ان العلاج الطبي الذي يقدم للجنود في الجيش ليس افضل من العلاج الذي يقدم للجنود المعتقلين. لكن الجنود المعتقلين لا يستطيعون التوجه الى طبيب خارج السجن، كما يتاح للجنود الآخرين الذين يمكنهم التوجه الى أي طبيب خارجي. في المقابل قالت ضابطة في الجيش انها تعتقد بأن الجنود المسجونين "لا ينتظرون لأكثر من ثلاثة او اربعة ايام حتى وصول الطبيب" وهو وضع افضل بكثير مما في الوحدات العسكرية.

وكانت الجندية التي توفيت الليلة قبل الماضية، وهي رياضية مهنية في ماضيها، قد اشتكت امام قادتها، بعد عدة ايام من اعتقالها، من اوجاع في الصدر وصعوبة في التنفس. وتم توجيهها الى عيادة السجن، فأعطوها حبة مهدئ (اكامول). وفي اليوم التالي تم فحصها من قبل الطاقم الطبي في السجن، وبعد يوم من ذلك انهارت وفقدت الوعي. واعلن الناطق العسكري، امس، عن وفاة الجندية في ساعات الليل، بعد ان تم نقلها من السجن، قبل اسبوع، الى المستشفى في حالة حرجة.

سارة نتنياهو تعمدت خرق الأنظمة واستغلال اموال الجمهور

تنشر "يديعوت احرونوت" النص الكامل للائحة الشبهات التي اعدها المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت ضد عقيلة رئيس الحكومة، سارة نتنياهو، والتي كان ابلغها قبل نحو شهر بأنه سيتم تقديم لائحة اتهام ضدها، بعد ان يتم الاستماع الى ردها. وحسب الشبهات فقد عملت سارة نتنياهو، بشكل منهجي على طلب وجبات غذاء ثمينة من المطاعم واستئجار طباخين لاعداد وجبات في منزل رئيس الحكومة، على حساب خزينة الدولة. ويصل حجم المدفوعات غير القانونية الى 359 الف شيكل.

وتشكل لائحة الشبهات مسودة للائحة الاتهام، ولكنها قد تتغير بناء على الاستماع الى عقيلة نتنياهو، والذي يفترض ان يتم بعد حوالي شهرين، بحضور المحامين. وتكشف وثيقة المستشار القانوني كيف تم صرف مئات الاف الشواكل من خزينة الدولة بالخداع، لصالح الوجبات الخاصة لعائلة نتنياهو وضيوفها، رغم انه يتم تشغيل طباخات في منزل رئيس الحكومة. ويصف مندلبليت كيف سيطرت سارة نتنياهو على ما يحدث في المنزل، وقامت بتشغيل وفصل المستخدمين بنفسها. وتشمل الوثيقة تفصيلا لـ 11 وجبة خاصة تم اعدادها من قبل طباخ خاص تم استدعاءه الى المنزل بتكلفة تصل الى الاف الشواكل لكل وجبة.

ويشير مندلبليت في لائحة الشبهات الى قرار اتهام سارة نتنياهو "بالخداع في ظروف خطيرة"، ويكتب ان "الظروف الخطيرة تنعكس، ضمن امور اخرى، في حجم المبالغ والعمل المخطط والمتواصل والمنهجي، وفي نوعية العروض الواهية، وتنفيذ الاعمال في المنزل الرسمي لرئيس الحكومة، بمستوى مكانة السيدة نتنياهو والسيد عزرا سايدوف، وبصرف الاموال العامة".

وتوضح الوثيقة ان: "نظم الدولة تنص على أن خدمات طهي الطعام وتقديمه في مقر إقامة رئيس الوزراء تتم من قبل العاملين في مسكن رئيس الوزراء. وتنص النظم، أيضا، على أنه إذا لم يعمل طباخ او طباخة في مقر الإقامة الرسمي، فانه يمكن طلب الطعام الجاهز في إطار عقود مبرمة مع المقاولين ومقدمي الخدمات. وتحدد النظم ان تكلفة الوجبة للفرد الواحد يجب ان لا تزيد عن 200 شيكل قبل ضريبة القيمة المضافة. كما تحدد النظم ان الدولة تمول مصروفات تغذية ضيوف رئيس الحكومة الذين يصلون لزيارة خاصة في المقر الرسمي، شريطة ان لا يكون ذلك حدث عائلي يزيد عدد المشاركين فيه  عن 20 شخصا".

وتحدد المادة الخامسة من لائحة الشبهات، مدى سيطرة السيدة نتنياهو على ما يحدث في المنزل، بشكل حريص، وجاء فيها ان "المنزل ادير وفقا لتوجيهات واشراف السيدة نتنياهو. لقد اختارت العاملين في المنزل وبناء على قرارها تم وقفهم عن العمل. وحددت السيدة نتنياهو للعاملين المهام وتابعت تنفيذها بشكل متتابع. وطلب من العاملين في المنزل تقديم تقارير والحصول على اذن من السيدة نتنياهو بالتغيب عن العمل".

وتصف اللائحة كيف قامت السيدة نتنياهو، بتفعيل عزرا سايدوف، المدير الرفيع في ديوان رئيس الحكومة، في حينه، لكي ينفذ توجيهاتها، وجاء فيها ان "السيدة نتنياهو وجهت السيد سايدوف ومدبري المنزل بشأن الاحتياجات والخدمات التي تطلب تزويدها من قبل ديوان رئيس الحكومة. وحين لم يتم تنفيذ الطلبات، في بعض الاحيان، او لم تكن راضية عنها، كانت تطلب من السيد سايدوف تدبير الأمر، حتى عندما كان يشرح لها بأن النظم لا تبرر تمويل المنتج او الخدمة من قبل ديوان رئيس الحكومة. وفي نهاية الأمر كان السيد سايدوف ينفذ طلباتها ويتسبب في تمويل المنتج على حساب ديوان رئيس الحكومة بشكل غير قانوني".

ويحدد المستشار القانوني بأن "السيدة نتنياهو والسيد سايدوف عملا كطاقم واحد للالتفاف على المبادئ والقيود من اجل الحصول، بطرق الخداع، على تمويل لوجبات السيدة نتنياهو وعائلتها على حساب الخزينة العامة. وعملت السيدة نتنياهو من خلال استغلال مكانتها كعقيلة لرئيس الحكومة".

وتفصل لائحة الشبهات الطريقة التي اتبعتها سارة نتنياهو وسايدوف للالتفاف على نظم الدولة التي منعت طلب وجبات غذاء جاهزة او احضار طباخين لطهي الوجبات على حساب دافع الضرائب، في الوقت الذي يعمل فيه طباخ في منزل رئيس الحكومة الرسمي. ويشرح المستشار بأنه تم القيام بهذا العمل كأمر روتيني. ويستخدم لهجة شديدة لوصف سلوكيات نتنياهو وسايدوف من اجل الالتفاف على النظم، حيث كانا يدعيان عدم وجود طباخ في منزل رئيس الحكومة لتبرير شراء الوجبات او طلب الطباخين من الخارج، وهما يعرفان بأن هذا الأمر لم يكن صحيحا، وانهما ينويان خداع الجهات ذات الصلة في ديوان رئيس الحكومة. وقامت نتنياهو وسايدوف بطلب الوجبات او الطباخين ومطالبة الديوان بتمويل هذه المصروفات من خلال اخفاء حقيقة تشغيل طباخة في منزل رئيس الحكومة.

ويكتب المستشار ان "السيدة نتنياهو أمرت مدبر المنزل، ميني نفتالي والعامل في المنزل مئير كوهين، بعدم الكشف امام غير العاملين في المنزل، حقيقة تشغيل طباخة في المنزل، كي لا يصل الأمر الى قسم الحسابات في ديوان رئيس الحكومة. وبناء على هذه الاوامر، نقل نفتالي الأمر الى بقية المستخدمين. وفي احدى المرات علمت السيدة نتنياهو بأن ميني نفتالي كتب مذكرة الى ديوان رئيس الحكومة بشأن عمل الطباخة في المنزل، فقامت نتنياهو بتوبيخه وكررت امرها بأنه يمنع كشف حقيقة عمل طباخة في المنزل، امام أي جهات في ديوان رئيس الحكومة."

رغم قرار رئيسة المحكمة العليا: القاضي المستوطن سولبرغ شارك في حفل يوبيل الاحتلال

تكتب "يديعوت احرونوت" انه على الرغم من قرار رئيسة المحكمة العليا مريم نؤور، عدم مشاركة ممثلين للجهاز القضائي في مراسم يوبيل الاستيطان في يهودا والسامرة، الا انه يتبين بأن القاضي (المستوطن) نوعام سولبرغ شارك مع اسرته في المراسم، وادعى انه شارك فيها كشخص مستقل. وقالت اذاعة الجيش، امس، ان سولبرغ شارك في المراسم بمعرفة رئيسة المحكمة العليا.

وانتقدت جهات قضائية سلوك القاضي سولبرغ، الذي يقيم في مستوطنة الون شفوت، في غوش عتصيون. وتم تبرير الانتقاد بكونه خرق، ظاهرا، الاخلاق المهنية التي تمنع القضاة من المشاركة في حدث سياسي، واختار عمل ذلك بعد اعلان رئيسة المحكمة العليا بأن السلطة القضائية لن ترسل ممثلا عنها الى المراسم للسبب ذاته. 

وقال مصدر قضائي رفيع انه "في كل ما يتعلق بالسلوك العام، لا يوجد شيء اسمه قاض يتصرف كمواطن مستقل. احد الأوامر للقضاة التي ترافقهم منذ تعيينهم هي انهم يرتدون عباءة القاضي على مدار الساعة، أي انه تسري عليهم حتى خلال ساعات فراغهم مبادئ الابتعاد عن كل موضوع سياسي".

وجاء من ادارة المحكمة ان "القاضي وصل مع ابناء عائلته كما خطط مسبقا، بشكل خاص، وليس كممثل للسلطة القضائية. وتم هذا الأمر بمعرفة رئيسة المحكمة التي قررت عدم التدخل".

 

مقالات

رغم تصريحات نتنياهو، من مصلحة اسرائيل نجاح محادثات المصالحة بين فتح وحماس.

تكتب عميرة هس، في "هآرتس" ان إسرائيل لم تحاول منع اعضاء حكومة رام الله والمسؤولين الكبار في قوات الامن الفلسطينية من دخول قطاع غزة يوم الثلاثاء على متن سياراتهم التي تحمل لوحات ترخيص فلسطينية. يمكن للمرء أن يكون ساخرا ويقول أن إسرائيل قررت عدم التدخل في خطوة تقوض استراتيجيتها طويلة الأمد، التي تنص منذ 1991، على فصل سكان قطاع غزة عن الضفة الغربية، لأننا جميعا سبق وشهدنا هذا الفيلم. وبعبارة أخرى، فإن الخلافات العميقة بين حركتي السلطة المتنافستين، فتح وحماس، خاصة فيما يتعلق بالأسلحة والأجهزة الأمنية، ستؤدي هذه المهمة، وستمنع في نهاية المطاف اصلاح الصدع. فلماذا يجب أن تظهر إسرائيل منذ البداية كلاعب شرير؟

وفي الواقع، أعرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن معارضته للمصالحة، فقط بعد فتح حاجز إيرز امام الوفد الكبير من الضفة الغربية، ولم يستخدم وزير الأمن أفيغدور ليبرمان صلاحياته ولم يأمر دائرة التنسيق والارتباط بعمل افضل ما تجيد عمله – التلكؤ في اصدار تصاريح العبور.

يمكن أن نأمل بأن هناك في إسرائيل من يفهمون أن المهمة الأولى الآن هي منع تدهور قطاع غزة نحو كارثة بيئية -إنسانية أشد مما هو عليه الآن. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا في ظل الشروط التالية: إلغاء القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول مواد البناء والمواد الخام، وان تكون آلية الإنقاذ وإعادة انشاء البنية التحتية، المناطة بالتنسيق المعقد مع اجهزة الأمن الإسرائيلية والبلدان المانحة، أبسط وأسرع، وأن تتوقف المشاحنات الفلسطينية الداخلية بشأن جمع حسابات الكهرباء والضرائب. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا كانت للفلسطينيين هيئة ادارية واحدة، وفقط إذا كانت مقبولة – ولو بشكل جزئي - على إسرائيل والدول المانحة ومنظمات المعونة الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وهذه الهيئة يمكن أن تكون السلطة الفلسطينية فقط.

وعلى الرغم من إنكارها، فإن إسرائيل هي المسؤولة في المقام الأول عن وصول غزة إلى كارثة، ولكن هذا لا يهم في الوقت الراهن. الآن يجب التعالي على الشعارات المعتادة كـ"تمويل الارهاب" و "انضمام ابو مازن الى منظمة ارهابية قاتلة"، كما قال نفتالي بينت، امس. الان يجب العمل، وليس هناك وقت. يجب زيادة إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة على الفور، حتى الى ابعد من المستوى الذي كانت عليه قبل أن تخفض إسرائيل كمية الكهرباء بناء على طلب عباس. وبالإضافة إلى ذلك، يجب ضخ عشرات ملايين الأمتار المكعبة من المياه فورا من إسرائيل. المصلحة في ذلك لا تخص الفلسطينيين فقط، فإسرائيل أيضا، تملك مصلحة في معالجة مياه الصرف الصحي من قطاع غزة ووقف تدفقها إلى البحر، وأن لا تنهار مستودعات المياه الجوفية تماما، وأن يكون العلاج الطبي لسكانه ملائما. من مصلحة إسرائيل، أيضا، عدم انتشار الأوبئة والامراض في قطاع غزة.

باعتبارها حركة سياسية تعتبر نفسها ممثلة حقيقية لكل الشعب الفلسطيني، في البلاد وفي الشتات، فإن التخلي عن إدارة قطاع غزة يصب في مصلحة حماس. وهذا، حتى لو فقدت الحركة مراكز القوة والسيطرة التي اعتادت عليها على مدى السنوات العشر الماضية. يحيى سنوار وإسماعيل هنية، المولودين والمقيمين في قطاع غزة، يشعران بالكوارث الإنسانية والبيئية على جسديهما. وهما يعرفان أن حركتها لا يمكن أن تواصل التجربة الإدارية على حساب رفاهية شعبهم. الاجراءات العقابية التي مارستها اسرائيل والدول الغربية ضد حكومة حماس المنتخبة، فور تأسيسها قبل 11 عاما، تسمح للحركة بالتخلي عن المفتاح دون الاعتراف بفشلها علنا. في الضفة الغربية وفي الشتات الفلسطيني - ولكن ولأسباب واضحة، ليس في قطاع غزة – يقدرون حماس بالذات، لاختيارها طريق التسلح والمواجهة العسكرية مع إسرائيل. وهذا كان يكفي لكي تبرر إسرائيل معارضتها للمصالحة، لو لم تحلق فوق رؤوسنا التوقعات المشؤومة للأمم المتحدة بأن قطاع غزة لن يكون مناسبا لسكنى البشر في عام 2020.

لماذا تستعد السلطة الفلسطينية وحركة فتح للقبول بالدور الناكر للجميل الكامن في إدارة الأزمة في قطاع غزة؟ حتى الآن، يبدو أنهم يجدون صعوبة في إثبات أن هذا الأمر يتم بدافع الإحساس بالمسؤولية الرسمية، وليس لأسباب أنانية وفصائلية. لقد ساد لدى بعض سكان قطاع غزة الانطباع بأن الوفد من رام الله دخل كفاتح منتصر. لقد نجح الرئيس محمود عباس، في مقابلة أجراها معه التلفزيون أمس، في تعكير المزاج من خلال شروطه المسبقة لحركة حماس، ومن بينها نزع سلاحها وإنهاء تدخل قطر في قطاع غزة. ويعتقدون في قطاع غزة أنه كان يمكن عمل ذلك بشكل مختلف، وترك الشروط للمفاوضات. عباس يجعل الناس يشككون، ان لم يكن برغبة فتح، فعلى الأقل برغبته هو، بتحقيق المصالحة ورفع العقوبات المفروضة على القطاع.

وقف التدهور نحو كارثة أثقل، يعتبر تفسيرا واحدا لاستعداد السلطة للمصالحة. مواصلة النشاط الدبلوماسي لنيل "دولة فلسطين" كعضو في الأمم المتحدة – يمكن ان يكون هو أيضا تفسير محتمل. عندما يطرحون المطالب المختلفة على المجتمع الدولي، بما في ذلك طلب الضغط على إسرائيل، يجب على عباس ومكملي دربه، الاثبات بأنهم يمثلون الرأي العام في الأراضي المحتلة عام 1967. والتخلي عن غزة. حتى وان كان مريحا من ناحية مالية، يضعف الموقف الدبلوماسي. ضلوع مصر العلني في عملية المصالحة هو بمثابة رياح تدفع أشرعة للسلطة الفلسطينية، وتلميح لإسرائيل: كما في عهد مبارك، وخلافا لتطلعات إسرائيل، مصر لن تسمح بضم غزة اليها وفصلها عن بقية السكان الفلسطينيين.

حلول مميزة لصراع فريد من نوعه

يكتب شاؤول اريئيلي، في "هآرتس" ان جارد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، شكك في قدرة إدارة ترامب على إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وقد قال ذلك في تموز من هذا العام، أي بعد 100 عام تقريبا من انطلاق الصراع، الذي يتم ربطه بوعد بلفور (تشرين الثاني 1917). لقد انتقد كوشنير الأشخاص الذين استشارهم، وقال إنهم أكدوا له أنه "يجب أن تفهم ما الذي فعلوه آنذاك"، أو "عليك أن تفهم أنهم فعلوا ذلك". ويتساءل كوشنر: "كيف يعزز ذلك مسعانا لتحقيق السلام؟ نحن لا نريد درس تاريخ، لقد قرأنا ما يكفي من الكتب. دعونا نركز على إيجاد حل للوضع".

من ناحية، ينطوي نهج كوشنر على بعد عملي يعتبر الاكثر مطلوبا من غيره لحل النزاع، وهذا أمر إيجابي. لقد تعلمنا خلال القرن الماضي بأنه لا يمكن حل الصراع عن طريق إيجاد سرد مشترك لكلا الجانبين، يشكل أساسا للمصالحة. كل جانب يتمسك بسرد قانوني، سياسي، وتاريخي، لكنه يتعارض مع الجانب الآخر. إن فرص تسوية الصراع تكمن في إيجاد حل توفيقي يتناسب مع المصالح الجوهرية للأطراف، كذلك الذي يستند إلى المعايير التي املتها المفاوضات في أنابوليس في 2008.

من ناحية أخرى، يجب على كوشنير وآخرين أن يستوعبوا أن مثل هذا الحل الوسط لا يمكن أن يتعارض مع روايات كلا الجانبين، وبالتأكيد لا يتجاهلها تماما. هذه الروايات تصقل الوعي العام وتخلق الظروف النفسية المطلوبة للاعتراف بالحاجة إلى دفع ثمن مؤلم. ينبغي اعطاء الروايات وجودا مبهما، مع مجال تفسير واسع، لا يترك آثارا عملية. ولهذا الغرض، وكجزء من مهمته، ينبغي أن يعترف كوشنر ويفهم الطابع الخاص للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني والحلول الفريدة اللازمة لتسويته.

لكل صراع دولي سماته الخاصة، ولكن يبدو أن الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني فريد من نوعه في التاريخ التالي لـ"ربيع الشعوب". طابعه الخاص ينطوي على عناصر كثيرة ومتنوعة يمكن أن تفسر حقيقة أن هذا هو أحد أطول الصراعات، وان المركبات المطلوبة لتسويته في إطار اتفاق دائم كبيرة.

نظرية القاعدة. في المؤتمر الصهيوني الأول في بازل في عام 1897، حيث اعتمد القرار الذي صاغه ماكس نورداو في إطار خطة بازل، هي أن "الصهيونية تطمح إلى إقامة بيت للشعب اليهودي في أرض إسرائيل، تضمنه نظرية القاعدة". لم يسبق لأي حركة وطنية فتية تحمل التزام بهذا الحجم. لقد حددت بأن الحق في تطبيق مبدأ تقرير المصير للشعب اليهودي في وطنه يجب حسمه من قبل المجتمع الدولي.

وقد فهم زعماؤها أن الطريقة التي سيحقق بها الشعب اليهودي حقه في تقرير المصير ستكون استثنائية، لأن المأساة اليهودية التي تبلغ الفي سنة كانت استثنائية. ولم يعتقدوا أن هذا الاستثناء يقلل من المبرر الأخلاقي لتطبيق هذا الحق. وهكذا، بعد خمسين سنة، في إعلان الاستقلال في 14 أيار 1948، حرص دافيد بن غوريون على الاشارة إلى أن دولة إسرائيل أقيمت أيضا "على أساس قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة".

وعد بلفور. لقد كان بمثابة بيان يتمتع بصلاحية قانونية، لأنه اعتمد على المبدأ الإمبريالي، الذي كان متبعا في ذلك الوقت، والذي يقول انه يمكن لأي دولة أن تشن حربا، والحصول على الأراضي وتحديد مستقبلها. وكان الطابع الفريد للوعد هو أنه أعطي للشعب اليهودي، الذي لم يقم في ذلك الوقت في البلاد، وحرم السكان العرب من الأرض. وكما كتب عضو المجلس الوطني الفلسطيني إدوارد سعيد في عام 1979: "إن أهمية الوعد تكمن أولا وقبل كل شيء في كونه الأساس القانوني لمطالبة الصهيونية بفلسطين".

وبناء عليه، ينظر اليهود إلى الوعد كخطوة أولى للصلاحية السياسية القانونية لمطالبتهم بوطن قومي، في حين يرى الفلسطينيون أنه الطلقة الافتتاحية للصراع ويحددون في ميثاقهم لعام 1964: "يؤكد المجلس أن العدوان على الأمة الفلسطينية وارضها بدأ في عام 1917". ولم يتغير موقفهم هذا في الرواية الفلسطينية حتى بعد مرور قرن، وقد أشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى ذلك في خطابه الذي ألقاه في الأمم المتحدة في أيلول 2016: "لقد مر قرن على وعد بلفور المشؤوم. واذا لم يكن ذلك كافيا، فقد حول الانتداب البريطاني هذا القرار الى سياسة وتدابير اسهمت في ارتكاب اصعب الجرائم ضد شعب يسعى الى السلام في بلاده".

انتداب فريد من نوعه. صك الانتداب على أرض فلسطين - إسرائيل، الذي تم تحديده في مؤتمر سان ريمو في نيسان 1920 وصادقت عليه عصبة الأمم في آب 1922، والذي جاء فيه أنه على الانتداب البريطاني "أن يخلق في البلاد الظروف السياسية والإدارية والاقتصادية التي تضمن إقامة الوطن القومي اليهودي"، يعتبر استثنائي للغاية، والثالث من نوعه في الخصائص الفريدة للصراع.

وبقيادة الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، استبدل مبدأ تقرير المصير المبدأ الإمبريالي، وحدد كمبدأ أن "الأرض ملك لسكانها وليس لمحتليها". ولكن في حين تم تطبيق هذا المبدأ في الأراضي التي احتلتها الإمبراطوريات خلال الحرب العالمية الأولى، فإن المكان الوحيد الذي لم يطبق فيه هو في فلسطين. في عام 1947، كتب في تقرير لجنة اللجنة الخاصة "اونسكوب" (United Nations Special Committee on Palestine): ان "مبدأ تقرير المصير لم يطبق على فلسطين عندما تم فرض الانتداب في 1922 بسبب الرغبة في السماح بإنشاء الوطن القومي اليهودي". وقد أجبر العرب، الذين شكلوا آنذاك 90٪ من سكان البلاد، على الاكتفاء بالمساواة في الحقوق المدنية والدينية في الدولة التي سيتم إنشاؤها للشعب اليهودي المنتشر في الشتات.

الاستيراد الديموغرافي. التوازن الديمغرافي في فلسطين، اثناء صدور وعد بلفور وصك الانتداب، كان يساوي 9:1 لصالح العرب، وخلق تحديا فريدا وغير مسبوق امام إقامة دولة يهودية وديمقراطية. وخلافا لعملية ترسيم الحدود بعد الحرب العالمية الأولى، التي أبقت على الشعوب في اماكنها، بما في ذلك الأقليات الكبيرة، فيما اقيمت حدود جديدة من حولهم - فانه في الحالة اليهودية، كان يجب جلب الشعب اليهودي المشتت في العالم إلى أرض إسرائيل.

هكذا يصف زئيف جابوتنسكي ذلك في مجلس الدولة الاسرائيلية في عام 1919: "في بلدان أخرى، حيث يعيش جميع الناس في أرضهم – يعتبر هذا المبنى بسيط وسهل؛ ولكن ليس في دولتنا، التي تعتبر في هذا الموضوع دولة "غير طبيعية"، بمعنى ان مواطنيها يتواجدون خارج حدود البلاد". وقد أضيفت إلى ذلك حقيقة أن الأرض التي تم احضار الشعب اليهودي اليها لم تكن خالية من السكان. وقد أكد آحاد هعام في عام 1891: "نحن معتادون على الاعتقاد في الخارج، بأن أرض إسرائيل هي الآن مقفرة ... ولكنها في الواقع ليست كذلك". وكان لسكان هذه الدولة طموحات وطنية مختلفة عن تطلعات الحركة الصهيونية.

مساحة مقلصة. حدود فلسطين – ارض اسرائيل الانتدابية، كما اتفق عليها أخيرا في عام 1922، كانت مختلفة عن تلك التي نوقشت في مؤتمر السلام في فرساي، في شباط 1919. لقد عرضت "لجنة النواب" في فرساي اقتراح الهستدروت الصهيونية، الذي شمل أجزاء من اراضي لبنان وسورية والأردن ومصر الحالية، والذي بلغ حجمه 45 ألف كيلومتر مربع. لكنه في نهاية المطاف، كان تحديد الحدود السياسية لدولة إسرائيل، التي تبلغ مساحتها حوالي 27 ألف كيلومتر مربع، نتاجا وبقية لتحديد حدود المناطق الإقليمية المتاخمة لدولة إسرائيل، وفقا لاعتبارات القوى المنتصرة، بريطانيا وفرنسا: تم اعطاء شبه جزيرة سيناء لمصر على أساس الخط الإداري الذي تم توقيعه في عام 1906. وتم اعطاء شرق الأردن للعائلة الهاشمية كوفاء جزئي للوعود البريطانية للحسين بن علي في عام 1915، وتم تحديد الخط في سورية ولبنان على أساس المصالح الفرنسية.

خلق شعب. هناك سمة فريدة أخرى تتعلق بكون الفلسطينيين شعبا خلق تقريبا رغم إرادته، على غرار الشعوب العربية الأخرى التي تشكلت في المنطقة العربية للإمبراطورية العثمانية. لقد ذكر تقرير لجنة التقسيم لعام 1947 أن "رغبة الشعب العربي في فلسطين بضمان وجوده الوطني هي رغبة طبيعية بالتأكيد. لكن القومية الفلسطينية، باعتبارها متميزة عن القومية العربية، هي في حد ذاتها ظاهرة تولدت مؤخرا نسبيا".

حتى نهاية القرن التاسع عشر، لم يستخدم سكان الدولة العرب اسم "فلسطين" للإشارة الى اقليمهم القومي، لأنهم اعتبروا أنفسهم ينتمون إلى "سورية الكبرى" في الجزء الجنوبي من المنطقة، التي تضم الآن سورية ولبنان وإسرائيل والأردن. في المؤتمر الوطني العربي الأول الذي عقد في يافا في كانون الثاني 1919، كان طلب العرب في فلسطين أن يكونوا جزءا من سورية الكبرى.

مع تأسيس الانتداب في مؤتمر سان ريمو في نيسان 1920، أدرك العالم العربي أن بريطانيا لا تنوي الايفاء بوعودها للحسين بن علي بشأن إقامة مملكة العرب. فقد قامت فرنسا، التي حصلت على الانتداب في سورية، بالإطاحة بالملك فيصل عن كرسيه في دمشق في معركة ميسلون في تموز 1920. ووضعت هذه التحركات حدا للحلم العربي وقادت العرب في فلسطين الى صياغة مطالبهم السياسية في فلسطين – ارض اسرائيل.

وفي المؤتمر الوطني العربي الثالث، في كانون الأول 1920، بدأوا يعرفون أنفسهم بأنهم لجنة العمال العرب-الفلسطينيين، وطالبوا بإنشاء حكومة للسكان الأصليين. وفي المؤتمر الوطني الرابع في أيار 1921، عرفوا أنفسهم بأنهم "الشعب العربي في فلسطين". وقد تشكلت الحركة الوطنية لعرب فلسطين – ارض إسرائيل بسرعة وبلغت ذروتها في الثورة العربية 1936-1939 وإنشاء اللجنة العربية العليا التي ترأسها المفتي أمين الحسيني.

الكتاب الأبيض. هناك ميزة فريدة أخرى تتعلق بالطريقة الضيقة التي نفذ من خلالها البريطانيون صك الانتداب الذي منح لهم في مؤتمر سان ريمو، على الأرض التي ضمت فلسطين والمملكة الأردنية الحالية (حوالي 130،000 كيلومتر مربع). فمع الخبرة الامبريالية طويلة السنوات، بكروا من خلال وعد بلفور في 1917، بالوعد بإنشاء وطن قومي لليهود "في فلسطين". أي على جزء من ارض اسرائيل وليس عليها كلها. وبعد ذلك، بعد الاطاحة بفيصل، سارع ونستون تشرشل الى الاعلان في مؤتمر القاهرة في آذار 1921 منح شرق الأردن (حوالي 91،000 كم مربع) إلى الأمير عبد الله (وحصل فيصل على العراق).

ومن أجل ضمان هذا القرار من وجهة النظر السياسية - القانونية، نشر تشرشل أول "كتاب أبيض" في حزيران 1922، وقبل المصادقة على صك الانتداب، أضيفت اليه فقرة تقول: "في الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والحدود الشرقية لفلسطين. يحق للحكومة الانتدابية، بموافقة مجلس عصبة الأمم، منع أو تأخير تنفيذ أحكام هذا الصك الانتدابي".

وبعد مصادقة عصبة الأمم في آب 1922، على الانتداب على فلسطين، تلقت الحركة الصهيونية في الشهر نفسه صك الانتداب والكتاب الأبيض، في مؤتمر كارلسباد. وكتب حاييم وايزمان في حينه: "إن الوضع السياسي الحالي يتميز بوثيقتين هامتين، صك الانتداب والكتاب الأبيض للحكومة البريطانية ... الكتاب الأبيض الذي وافقت عليه الادارة الصهيونية، وأعضاء اللجنة التنفيذية الذين كانوا في متناول اليد، بعد مشاورات طويلة وصعبة مع الحكومة البريطانية ومع المفوض السامي - وليس بسهولة".

حتى جابوتنسكي وافق عليه. وردا على اسئلة طرحها الصحافيون عقب استقالته من الهستدروت الصهيونية، قال "انني اتقاسم تماما مسؤولية الادارة في لندن عن توقيع موافقتنا على الكتاب الابيض". في أيلول 1922، أصدر هربرت صموئيل، المفوض السامي البريطاني على فلسطين، أمر الحدود الذي اخرج شرق الأردن من المنطقة التي يسري عليها وعد بلفور، وتم انشاء امارة شرق الأردن.

في عام 1937، في أعقاب الثورة العربية التي اندلعت قبل عام، أصدرت لجنة بيل توصيتها بتقسيم فلسطين، معلنة أن المقصود "صراع بين حركتين قوميتين تعتبر مطالبهما سارية المفعول ولا يمكن التوفيق بينهما" بطريقة اخرى. وتم تقليص الاقتراح المتعلق بتنفيذ وعد بلفور مرة أخرى إلى 17٪ فقط من مساحة الأرض الممتدة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن. ومن المناسب الاشارة الى ان بقية المنطقة، باستثناء منطقة القدس والممر إلى يافا التي تقرر الابقاء عليها تحت الانتداب البريطاني، تم تخصيصها للأمير عبد الله وليس لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

إن البريطانيين الذين يئسوا من إيجاد حل للنزاع بين شعبي البلاد، لم يطبقوا في نهاية الأمر صك الانتداب ولم يقيموا وطنا قوميا للشعب اليهودي في أرض إسرائيل. وفي نهاية شباط 1947، توجهوا الى الأمم المتحدة والتي أمرت، في إطار قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني 1947، بإنهاء الانتداب ومغادرة القوات البريطانية حتى 10 أيار 1948، وصادقت على اقتراح التقسيم الذي تضمن إقامة دولة يهودية على 55٪ من الأراضي.

الاعتراف بعرب البلاد. رغم ان الحركة الصهيونية كانت تصارع من أجل الحياة أو الموت مع الحركة الوطنية الفلسطينية، الا انها كانت من أوائل الذين اعترفوا بحق عرب "أرض إسرائيل" في تقرير المصير في إطار تقسيم البلاد. وقال بن غوريون في خطاب ألقاه في عين حارود (1924) إن "المجتمع العربي في إسرائيل يملك بالتأكيد الحق في تقرير المصير والحكم الذاتي. لا نفكر بهضم هذا الحق او التقليل منه".

وفي شباط 1947، وبعد مناقشات حول مستقبل فلسطين في لندن، أرسل بن غوريون رسالة إلى وزير الخارجية البريطاني إرنست بيفين، طلب فيه تقسيم البلاد واقامة دولتين مستقلتين. وكتب: "إن الترتيب الفوري الوحيد الممكن الذي ينطوي على امكانية الوصول الى النهاية، هو إقامة دولتين، واحدة يهودية وواحدة عربية".

بدون حدود. دولة إسرائيل لم تعلن قط عن حدودها. ليس في إعلان الاستقلال، عندما تأسست في 14 مايو 1948، وليس خلال 70 عاما من وجودها. في العالم العربي ينظر إلى ذلك على أنه استراتيجية للتوسع المستمر على حسابهم، دون ايلاء أهمية للمسؤولية العربية في هذا الشأن. على سبيل المثال، في اجتماع لمجلس الأمن في نيسان 1948، اعترف ممثل اللجنة العربية العليا، جمال الحسيني، بأن "ممثل الوكالة اليهودية قال لنا أمس إنهم ليسوا الجانب العدواني. لأن العرب هم الذين فتحوا الحرب... في الواقع، نحن لا ننفي هذه الحقيقة... لقد أخبرنا العالم... اننا لا نوافق على تقسيم فلسطين الصغيرة ... واننا نعتزم محاربة التقسيم".

قرار عدم الإعلان عن الحدود كان خيارا واعيا للحكومة الإسرائيلية، كما وصفه بن غوريون امام مجلس الشعب في أيار 1948: "قررنا أن نتهرب (وأنا أختار هذه الكلمة عمدا) من هذا السؤال على أساس بسيط: إذا نفذت الأمم المتحدة قرارها، فنحن من جانبنا (وأنا أقول رأي الشعب) سنحترم جميع القرارات. حتى الآن، لم تقم الأمم المتحدة بذلك ... وبالتالي لا يلزمنا كل شيء، وتركنا هذه المسألة مفتوحة. لم نقل "لا لحدود الأمم المتحدة"، كما أننا لم نقل العكس. لقد تركنا الأمر مفتوحا للتطورات".

خلال الهدنة الأولى في الحرب، حاول وسيط الأمم المتحدة، الكونت فولك برنادوت، تقديم مقترحات جديدة للتقسيم والتي قلصت من حجم الأراضي المحددة للدولة اليهودية. ورد بن غوريون بشكل لا لبس فيه: "إن قرار 29 تشرين الثاني مات، الحدود سيتم تحديدها حسب نتائج الحرب".

الخط الأخضر. بوجه عام، فإن حدود إسرائيل المعترف بها من قبل المجتمع الدولي هي خطوط الهدنة لعام 1949، التي يشار إليها أيضا باسم "الخط الأخضر" و "خطوط حزيران 1967". انها تمنح لإسرائيل 78% من اراضي فلسطين – أرض اسرائيل. وفي نهاية حرب الاستقلال، نشر وزير الأمن الأوامر التي تطبق القانون الإسرائيلي والإدارة والقضاء على الأراضي التي احتلت خارج حدود قرار التقسيم.

وعلى الرغم من البند الوارد في ميثاق الأمم المتحدة والذي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، الا ان قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الصادر في تشرين الثاني 1967، اعترف بحكم الأمر الواقع باحتلالات إسرائيل في حرب الاستقلال. فقد دعا القرار إلى انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي المحتلة في حرب الأيام الستة، وبالتالي اعترف بدون أي اتفاق، بالسيادة الإسرائيلية على 23٪ أخرى من ارض فلسطين الانتدابية بالإضافة إلى مناطق التقسيم. وأصبح هذا القرار رسميا في وجهة النظر الاستشارية التي قدمتها محكمة العدل الدولية في لاهاي في حزيران 2004، عندما اشار القضاة الى أن الضفة الغربية وقطاع غزة هما الأراضي المحتلة فقط. وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الاعتراف رسميا مرة أخرى عندما صوتت بأغلبية 138 دولة لصالح قبول فلسطين، داخل خطوط 1967، كدولة مراقبة في الأمم المتحدة.

انعدام الأمن. ثمة سمة أخرى من سمات الصراع تتعلق بحقيقة أن إسرائيل، أقوى قوة إقليمية في الشرق الأوسط، التي يتحسن توازن القوى بينها وبين العالم العربي في صالحها، فقط، لا تزال تطرح مسألة الأمن كعامل مركزي، يشترط تطبيق حل الدولتين. مطالب إسرائيل بتجريد الدولة الفلسطينية من الجيش والسلاح الثقيل، ومنع فلسطين من عقد تحالفات عسكرية مع دول ومنظمات معادية لإسرائيل، والتعاون الأمني الإقليمي مع الأردن ومصر، ووجود قوات دولية في الدولة الفلسطينية، وغيرها، تعكس طابع هذه السمة.

حق العودة. إن مطالبة قسم من الفلسطينيين بتطبيق حق العودة في دولة إسرائيل، وإن كان رمزيا، هي أيضا سمة فريدة من نوعها. حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، الذي يسمح لهم بالعودة إلى دولة فلسطين، ليس مقبولا على قسم منهم وبطريقة لم يسبق لها مثيل يسعون للعودة إلى إسرائيل بالذات. وبعبارة أخرى، على عكس جميع اللاجئين في العالم، يريدون هم العودة - وليس إلى دولتهم. وبقدر ما يتعلق الأمر بهم، فإن العودة تعني العودة إلى قريتهم، حتى لو كانت تقوم في بلد آخر، وحتى لو استطاعوا العودة إلى جزء آخر من وطنهم وبلدهم.

يطالبون بالاعتراف. وهناك ميزة هامة وجديدة تتعلق بمطلب إسرائيل بأن يعترف بها الفلسطينيون كدولة يهودية بمعنى الدولة القومية للشعب اليهودي. إسرائيل هي الدولة الوحيدة الذي تطلب الاعتراف بهويتها وليس فقط بسيادتها. إن اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالقرار 181 الصادر في تشرين الثاني 1988 وبدولة إسرائيل وحقها في الوجود ضمن حدود معترف بها وآمنة، بموجب قراري الأمم المتحدة 242 و 338، كما ورد في عام 1993، لا يكفي الحكومة الإسرائيلية.

من الممكن القول بأن بعض هذه الخصائص الفريدة للصراع هي التي سمحت بإقامة دولة إسرائيل من خلال استبعاد فلسطين – ارض اسرائيل من مبدأ تقرير المصير المتبع. والواقع القائم اليوم بعد 50 عاما على حرب الأيام الستة، على خلفية خصوصية الصراع، تملي بالضرورة حلول خاصة لتسويته. هذه الحلول تختلف عن اتفاقات السلام الإسرائيلية مع مصر والأردن، التي كانت تستند إلى القرار 242، وتعتمد في المقام الأول على الانسحاب إلى خطوط 1967 وفي الواقع إلى الحدود التي وضعت في عام 1922.

تكامل المصالح. وهناك ميزة فريدة جدا من نوعها، هي وعي الـ "لا خيار"، المطلوب في الجانبين من اجل التوصل إلى اتفاق. وبعبارة أخرى، فإن استعداد كل جانب للتوصل إلى حل توفيقي ينبع من الفهم بأن قدرته على تحقيق مصلحته القومية الجوهرية ترتبط بأن يحقق الطرف الآخر مصلحته.

هذه ليست مصالحة، أو اعترافا صادقا بحق الآخر في تقرير المصير في أرض إسرائيل / فلسطين، وانما قراءة واقعية للواقع فيما يتعلق بالمصالح. بالنسبة لإسرائيل - الرؤية الصهيونية لدولة ديمقراطية للشعب اليهودي، وبالنسبة للفلسطينيين - إقامة دولة مستقلة للشعب الفلسطيني. لذلك، هناك حاجة إلى حل وسط سيبقي على كل جانب مع "نصف شهوة في يده".

القضايا الأساسية. تتعلق السمة الأخيرة بحقيقة أن كل قضية من المسائل الأساسية الأربع تتطلب المرونة والإبداع من أجل معالجة التوتر بين المواقف الأساسية لكلا الجانبين. الموقف الفلسطيني المبدئي في ثلاث قضايا (الأمن والحدود والقدس) هو واحد: يدعو إلى الانسحاب الإسرائيلي الى خطوط 1967 كتنفيذ القرار 242، مقابل تنازلات فلسطينية عن تحقيق 100٪ من أراضي الوطن. وكما أوضح محمود عباس في مقابلة مع قناة العربية التلفزيونية في نيسان 2008، فقد "ضاعت فرصة التقسيم لعام 1947 ... نحن لا نريد أن نخسر فرصة أخرى، لذلك وافقنا على تقسيم عامي 1948 و 1967، الذي لا يتضمن أكثر من 22٪ من فلسطين التاريخية".

في المقابل، يسعى الموقف الإسرائيلي إلى ضمان احتياجات إسرائيل الأمنية، الناجمة عن عدم الاستقرار في المنطقة بأسرها، ومن حقيقة أن الضفة الغربية تهيمن على السهل الساحلي اليهودي في ظل غياب العمق الاستراتيجي. وقد تم حل هذا التوتر بفكرة تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح، مما يحولها إلى الدولة الثانية في العالم (بعد كوستاريكا) التي تخلت عن حقها بموجب القانون الدولي، بإقامة جيش لحماية سيادتها وغير ذلك من الترتيبات الأمنية.

في مسألة الحدود تريد إسرائيل تجنب إجلاء نحو  600 الف إسرائيلي يعيشون خارج الخط الأخضر (بما في ذلك القدس الشرقية). إن حل هذا التوتر يكمن في شكل تبادل الأراضي بالاتفاق، والذي سيمكن إسرائيل من الابقاء على معظم المستوطنين الخاضعين لسيادتها ويمنح الفلسطينيين أراضي داخل إسرائيل، في المقابل.

فيما يتعلق بمسألة القدس، تركز مصلحة إسرائيل على الأماكن المقدسة الواقعة خارج الخط الأخضر. وتم وضع حلين على طاولة المفاوضات. الأول هو تقسيم السيادة بحيث تضم إسرائيل الحائط الغربي، الحي اليهودي، ونصف الحي الأرمني وبقية جبل صهيون. والثاني هو تدويل الحوض التاريخي، بطريقة تسمح بحرية الوصول والعبادة الى جميع الأماكن المقدسة، تحت إدارة دولية، سيتم تحديد ترتيباتها من قبل إسرائيل وفلسطين. ويحافظ كلا الحلين على الوضع الإداري الراهن للأماكن المقدسة.

تعاني قضية اللاجئين من التوتر بين حق اللاجئين الشخصي في العودة إلى ديارهم والتهديد الديموغرافي للهوية اليهودية لدولة إسرائيل، في دولة ديمقراطية. وينقسم الحل إلى ثلاثة اقسام: الاتفاق على صيغة مشتركة للروايات بشأن قضية اللاجئين، والتعويضات المختلفة التي يتعين تجنيدها وتوزيعها بواسطة آلية دولية (إسرائيل تقدم مساهمة محدودة ولمرة واحدة)، واستيعاب اللاجئين في دولة فلسطين ككل أو في أماكن إقامتهم الحالية أو العودة إلى بلدان ثالثة (بما في ذلك اسرائيل)، وفقا لموافقتهم الفردية.

معرفة أي وسيط، أمريكي، أو غيره، لخصوصية الصراع والحلول المقترحة لتسوية قضاياه المركزية يمكن أن تجنبه الفشل والإحباط، وتجنب الجانبين جولة أخرى من العنف، قبل إعادة اكتشافهم للدروس التاريخية الهامة.

يجب عليه ضمان إطار واضح وفردي لإجراء المفاوضات، ولكن، أيضا، اعطاء حيز للروايات التي تشكل وعي الأطراف، ومشاعرها الذاتية بشأن العدالة والانصاف في الاتفاق الذي سيتحقق. يمكن لدمج الأمور ان يضمن التزام الأطراف بالتفاوض، والتوقيع على اتفاق، والعمل بشكل حاسم للحفاظ على استقراره.

"الأولاد الذين انقذنا حياتهم سيكونون سفراء لنا".

يكتب نوعام بركان، في "يديعوت احرونوت" عن الاولاد السوريين الذين يعالجون في اسرائيل، ويقول انهم في اللحظة الأولى، يجلسون في حالة من الذعر في قاعة القسم الذي تم اعداده خصيصا لهم. إنهم يخشون أن ينطقوا بكلمة. ثلاثة وعشرون طفلا مريضا، منهكين ومتعبين بعد ليلة امضوها بلا نوم، وبعد لقاء في منتصف الليل مع جنود الجيش الإسرائيلي المسلحين، الذين نقلوهم عبر الحدود. الخوف يطل من وجوههم، لكنه خلال بضع دقائق يستبدل بالضحك. جوني خبيص، المهرج الطبي، يسمعهم الموسيقى الراقصة ويدعوهم للرقص. ويتجول الأطباء والممرضات وجنود إدارة "الجيرة الحسنة" بينهم مبتسمين ويوزعون عليهم الشوكولاتة، ثم  يضعون على يد كل منهم سوارا ابيضا يحدد هوياتهم.

قبل أربع ساعات من ذلك، في الساعة الثالثة صباحا، اجتمعنا بالقرب من الحدود التي تفصل بين إسرائيل وسورية، من أجل الانضمام إلى نشاط "زيارة الطبيب" الذي تنظمه إدارة "الجيرة الحسنة". ويوجه الكابتن عوز مشولام، من لواء ناحال، جنود القوة الخاصة المصاحبة للعملية ويوزع الأوامر: بارزاني هو المسؤول عن جلب الأطفال والأمهات إلى الحافلة، وجزء من القوة هو المسؤول عن الفحص، وجميع القوات الأخرى هي للحراسة فقط. التهديدات بالنسبة لنا هي عبوات ناسفة واطلاق للنيران. يجب أن نكون في حالة تأهب، بكل ما في وسعنا، سواء في الأمن الداخلي أو الخارجي، كونوا حادين وعلى صلة وعمليين، ويجب أن نكون متيقظين. الجميع يعرفون اوامر إطلاق النار؟ من يشخص شيئا مشبوها يجب ان يبلغ طبعا، واذا كان هناك تهديد للحياة – اطلاق النار من اجل... بالنجاح ".  

"العدو يراقبنا طوال الوقت"، يقول المقدم (أ)، القائد. هذه المرحلة تشكل فرصة ممتازة للعدو لكي يرسل ارهابيا إلى إسرائيل. "هذا خطر محسوب نأخذه في الاعتبار، ولدينا الوسائل للتأكد من عدم حدوثه. يجب ان نتذكر ان هناك العديد من الهيئات السياسية والدينية والاقتصادية التي لا تحب الاتصال بيننا وبين المواطنين".

جنود القوة الطليعية – الذين يحملون على رؤوسهم وسائل الرؤية الليلية وأسلحتهم جاهزة - يتحركون بهدوء وتأهب وإلى الأمام، يتأكدون من خلو الطريق وأمنها حتى البوابة. وعندما يتضح ان المنطقة خالية، يعطون الضوء الأخضر لفريق "الجيرة الحسنة" بالتقدم. نجتاز البوابة الصفراء، ونواصل التقدم باتجاه الحدود. في الجانب الثاني كانت تقف 20 اما خائفات. اولادهن الصغار يلتصقون بفساتينهن الطويلة وبين ايديهن يحملن الاطفال الرضع. وتجتاز الواحدة تلو الأخرى الفحص.

منذ الان، وخلال 24 ساعة، سيخلي التغرب مكانه للألفة، والخوف من الأمن وبقية الكراهية المتأصلة، يخلي مكانه للامتنان.

المصلحة الأمنية

يقول المقدم (أ) ان "دائرة الجيرة الحسنة اقيمت قبل سنة. نحن نفهم بأنها تخدم مصلحة امنية، ايضا. عندما يفهم المواطنون في الجانب الثاني بأن اسرائيل تهتم بهم وتنقذ حياة اولادهم، سيكون من الصعب اقناعهم بأننا نحن العدو الذي يريد ابادتهم. حتى كبار الساخرين لن يتمكنوا من القول بأن الطفل ابن السادسة هو ارهابي او انه يمكنني تحويله الى عميل. التفكير هو ان سكان قرية تساعدها اسرائيل هكذا، لن يسمحون للخلايا الارهابية بالتواجد بينهم. انا لا اشترط مساعدتي بهذا الأمر، وليس هذا هو الأمر الوحيد الذي نفعله من اجل حماية الحدود. كان يمكننا اغلاق الحدود والجلوس بكل بساطة لمشاهدة ما يحدث. لكننا اخترنا تقديم المساعدة ليلة تلو ليلة".

منذ انشاء الدائرة، قبل سنة، تم تقديم العلاج في اسرائيل لأكثر من 3500 سوري، واعادتهم الى بيوتهم. مرة كل اسبوع، تجتاز النساء مع اولادهن الحدود وتصلن الى المستشفيات في اسرائيل، ويقوم الجيش بتقديم الملابس والغذاء والاجهزة الطبية والدواء لهن. ويقول المقدم (أ): "خلال هذه الفترة فهم السكان بأننا لسنا الشيطان كما علموهم طوال السنين. في وقت لاحق سيصبحون سفراء لنا. انا متأكد من ان الطفل الذي انقذنا حياته اليوم سيحكي عن ذلك لأولاده في المستقبل".

المقدم (أ) متزوج واب لثلاثة اولاد، وهو حساس لوضع الاولاد الصغار. "حين اشاهد طفلا في الثالثة يرتدي سروالا ممزقا، وبدون حذاء، ارى امام عيني اطفالي. قائد الكتيبة يخرج بطاقة الاعتماد الشخصية ويقول لي "هؤلاء الاولاد لن يرجعوا الى سورية بدون احذية وملابس". ومنذ ذلك الوقت يرجع كل ولد الى بيته ومعه كيس مساعدات اسرائيلية – طحين، سكر، زيت، ملابس، حفاظات، بدائل الحليب، وادوية للبيت".

بعد الفحص، وفي الطريق الى الحافلة التي ستحملنا الى مستشفى زيف في صفد، تسير النساء بهدوء، لا تتجرأن حتى على التحدث مع بعضهن البعض. وتهمسن لأطفالهن بأن يتصرفوا بأدب.

ويشرح المقدم (أ): "مع مرور الوقت طورنا نظاماً. انهم ينقلون الينا قائمة بالأسماء، مسبقا، وانا افحص القائمة، خاصة التشخيص الطبي. للأسف لا استطيع ادخال طفل يعاني من مرض السرطان، بسبب امور ترتبط بجهاز الصحة الاسرائيلي، لكنه يمكنني السماح بالاستشفاء اليومي".

في المستشفى، يحكي الطبيب السوري (ج) الذي يرافق النساء ان قرابة كل الاطباء الذين عملوا في منطقة درعا والقنيطرة هربوا. "غالبيتهم هربوا الى اليمن والسعودية والاردن او الى اوروبا. وهناك اطباء قتلوا جراء القصف. بقينا 50 طبيبا. البعض تجند للحرب. في المستشفى الذي عملت فيه انهيت عملية جراحية. بعد خروجي من المستشفى اصيب بصاروخين وانهار. وبالكاد تمكنا من انقاذ المريض".

نور (كل الاسماء في التقرير وهمية)، طفلة في العاشرة، وصلت الى هنا للمراجعة الطبية. اليوم سيتم اجراء عملية قسطرة لها، بعد ان تبين خلال زيارتها السابقة بأنها تعاني من تشوه في القلب. الى جانبها أمال، ابنة الثالثة، ولدت عمياء. الطبيب السوري يمد له يدها، فتبتسم وترد. وتقول امها، ابنة الخامسة والعشرين، والتي تركت في البيت طفلا عمره سنة ونصف، مع زوجها وعمتها، ان "أمال تحب جدا الغناء والرقص". وتضيف: "في المرة الاولى وصلنا في الليل، شاهدنا الجنود المسلحين. كان الأمر مخيفا. ولكن منذ اللحظة التي وصلنا فيها الى المستشفى وشاهدت الاستقبال شعرت بالطمأنينة. سمعنا بأن دولة اسرائيل تساعد الجرحى والمرضى، ونحن نعرف ان العلاج الطبي هنا جيد. طوال الوقت كنت افكر بابنتي. صليت بأن يتم استقبالها، لأننا لا نملك امكانيات توفير العلاج الطبي الجيد. لا نملك حتى القدرة على شراء الطعام. لا توجد رياض للأطفال، ولا تعليم. المتطوعون فتحوا مدرسة لتعليم الأطفال الكبار، ولكن في الأساس لكي لا يتجولون في الشوارع".

حكمة ياسين، العاملة الاجتماعية في مستشفى زيف، والمختصة بالطفولة المبكرة، تهتم ايضا بالحالة النفسية للأطفال. "نحن نتحدث مع الأمهات عن مشاعر الاولاد. ويسود لدينا الانطباع بحدوث تأخير في النمو والمشاعر. الاولاد يعانون من الخوف، من البكاء الكثير، واعراض ما بعد الصدمة. وهذا هو احد الأسباب الذي جعلنا نهتم بحضور مهرج طبي".

جميلة، ابنة التاسعة تتألم من قدمها. لديها خمسة اخوة وثلاث اخوات. في ساعات النهار تذهب الى مركز الاثراء الذي يديره متطوعون، بدلا من المدرسة. وتقول: "هذا منهك، لكنه ممتع. احببت المهرج".

ما الذي تعرفينه عن اسرائيل؟

"في البداية خفت من الجنود. كان من المخيف جدا رؤية الجنود المسلحين يقفون امامنا في الظلام". وينضم بشير، ابن الثامنة، ويقول: "انا لم اخف من الجنود".

في احدى غرف الفحص، يجلس د. ميخائيل هراري، امام ام منهكة وقلقة. على ركبتيها نامت طفلتها الصغيرة ياسمين. انها تعاني من ضيق التنفس المتكرر. يقول د. هراري: "انها في السادسة من العمر، ضعيفة جدا، وليس لديها عضلات. وهي تعاني من تأخير في النمو. الطفلة لا تتحدث. لا تريد الحديث. انها تعاني ايضا من مشكلة الحول، وخلال الفحص الذي اجريناه لها تبين انها تعاني من تضخم في الكبد. وهناك دلائل على مرض صعب في الرئة اليسرى ولذلك فإنها تجد صعوبة في التنفس".

تصغي الام بقلق، تهز رأسها وتداعب ابنتها، التي تعلو بطنها وتهبط بسرعة. ويشرح د. هراري: "ربما يوجد سبب واحد لكل المشاكل، ولكن ربما هناك عوامل مختلفة. ومن اجل العثور على السبب، يجب علينا اجراء صورة اشعة، وفحص الموجات فوق الصوتية للكبد، وفحص للدم. اسهل طريقة لعمل ذلك هي الخضوع للعلاج. انا انصحكم بعدم العودة هذه الليلة الى سورية".

تترقرق الدموع من عيني الأم. ويقول لها د. هراري: "انا افهم صعوبة الأمر. لديك 11 طفلا اخر في البيت، ولكن من المهم ان تبقيان هنا. لا اعرف كم من الوقت سيستغرق الأمر، بل لست متأكدا من اننا سنجد السبب. ولكن اذا وجدنا السبب سنتمكن من تقديم العلاج. نحتاج الى تصريح من الجيش، وانا متأكد من انه سيصادق على ذلك".

ترفع الام طفلتها فتستيقظ بفزع وتتمسك بها. "تخوفت من الوصول الى هنا" تقول الام. "انا عربية واسرائيل هي دولة اخرى، يتحدثون هنا بلغة اجنبية. عندما قالوا انه سيرافقنا شخص ويترجم لنا شعرت بالارتياح".

الدكتور سلمان الزرقا، مدير مركز زيف الطبي، فخور جدا بالمشروع الذي يجري في مستشفاه: "أنتم تشهدون أمرا مميزا جدا، تقوم به دولة إسرائيل لصالح الشعب السوري. فقط في مستشفى زيف قمنا بمعالجة أكثر من 1،000 مريض، بعضهم كانوا في حالة خطيرة تتطلب العلاج الفوري. انهم يعاملون هنا بكل إخلاص".

اختبار المصالحة الفلسطينية: تجريد حماس من سلاحها

يكتب الجنرال "يعقوب عميدرور، في "يسرائيل هيوم" ان الاتفاق الذي يسمح للسلطة الفلسطينية، ظاهريا،  باستعادة السيطرة على قطاع غزة، يحمل في طياته وعدا كبيرا للفلسطينيين: لم تعد هناك حرب أهلية بين فتح وحماس، ومنذ الآن، شعب موحد يحدد مصيره وينهي النقاشات داخله في إطار سياسي وليس بقوة الذراع. وعلاوة على ذلك، الآن بعد انتهاء الأزمة، من المفترض أن تتحمل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن الحياة المدنية في قطاع غزة، وتدفع كامل رواتب آلاف الموظفين الغزيين، وتمول المزيد من الكهرباء في قطاع غزة. كما يمنح الاتفاق ميزة للفلسطينيين، في الجانب السياسي، اذ ان السلطة ستتحدث منذ الآن فصاعدا، باسم الشعب الفلسطيني بأسره، ولا يمكن تجاهلها بحجة أن الشعب الفلسطيني منقسم بين سلطتين.

لكن الاختبار الأكبر للاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية، والذي شمل ضغوطا حقيقية على حماس، يتعلق، من وجهة نظر إسرائيل، بمسألة أخرى، لا تتعلق بشكل مباشر بالظروف المعيشية للفلسطينيين. المسألة تتعلق بالقوة العسكرية في غزة، حقيقة وجودها، ومن سيسيطر عليها. وماذا تعتقد، إذا كانت السلطة الفلسطينية تسيطر على قطاع غزة، فعليها أولا أن تنزع سلاح حماس. وفقا للاتفاقيات التي تم بموجبها إنشاء السلطة الفلسطينية، لا توجد أي إمكانية للاحتفاظ بالأسلحة التي تمتلكها حماس حاليا، لا بالكمية ولا بالنوعية. ومن ناحية أخرى، إذا واصلت حماس الحفاظ على قدراتها العسكرية دون أن تتمكن السلطة من فرض أحكام وشروط الاتفاق عليها، وتجريدها من السلاح، فمن الواضح أن الاتفاق هو مجرد مظهر، عرض غير مقنع لوحدة لا قيمة لها حقا، مظلة للإرهاب الفلسطيني وليس اكثر.

من الممكن تهنئة الفلسطينيين على الإنجاز الداخلي إذا ما كان حقا يمنع سفك الدماء، الفلسطينية والإسرائيلية على السواء. وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون واضحا أنه إذا كان الاتفاق هو عبارة عن كلمات غامضة سيتم من خلفها تعزيز حماس فقط، يجب على إسرائيل ألا تسمح بتحقيقه. وينبغي ألا تسمح باسم المصالحة الفلسطينية الداخلية، بتعزيز منظمة لا يتردد قادتها في إعلان نيتهم محاربة إسرائيل، ومع كل الاحترام ا لتحسين مكانة أبو مازن، فإن مصالحه يجب ألا تضر بمصالح إسرائيل وتمنع تقدمها.

إذا أراد أبو مازن الاستفادة من الاتفاق، فسيتعين عليه أيضا دفع الثمن: السيطرة على القوة العسكرية لحماس وتفكيكها، مع ترك السيطرة الأمنية في أيدي الشرطة الفلسطينية، كما هو الحال في يهودا والسامرة. وأي تحرك آخر يجب ألا تقبله إسرائيل. ولا يجب عليها تحمل هذه المصالحة على ظهرها.

من الواضح انه كلما تكاملت هذه الخطوة هكذا ستكون السلطة مسؤولة عن قضايا اخرى، ومنها على سبيل المثال، اعادة قتلى الجرف أو الإسرائيليين المحتجزين هناك بعد اجتيازهم الحدود إلى قطاع غزة. ولكن الاختبار الأول والأهم هو نزع سلاح حماس.

اخر الأخبار