ذكرى رحيل القائد حمد عبد العزيز العايدي
لواء ركن/ عرابي كلوب
المناضل الكبير/ حمد عبد العزيز سالم العايدي (أبو رمزي) كان من جيل الرواد الأوائل الذين سطروا أروع صفحات البطولة والفداء والتضحية، حيث حمل هم وطنه فلسطين منذ ان كان طفلاً صغيراً ليرسم في عقله ووجدانه خارطة تحريره وتضميد جراحه النازفة، حيث لم ينسى الآم وعذابات أبناء شعبه المشرد وظلت صور التدمير والقتل والتشرد والهجرة راسخة في ذاكرته.
حمد عبد العزيز العايدي من مواليد مدينة بئر السبع عام 1936م، تفتحت عيناه على النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948م، وشاهد مغادرة أهلنا قسراً أرضه ومدنه وقراه، حيث هاجر إلى قطاع غزة، وكان وحيداً لوالديه الذين توفيا وهو طفل صغير، فعاش يتيماً، أنهى دراسته الثانوية في غزة ومن ثم التحق بدار المعلمين.
بدأ حياته النضالية عام 1954م مع المؤسسين الأوائل الأخوين/ خليل الوزير ومحمد الأفرنجي وكان هو ثالثهم، حيث كانت تلك الحلقة التنظيمية الأولي في تلك الفترة والتي نذرت نفسها لمحاربة إسرائيل، حيث تشكلت منهم لجنة كانوا هم قيادة تلك اللجنة والتي قسمت قطاع غزة إلى ثلاثة أقسام، واعتمدوا على الأشخاص الذين كانوا يتسللون داخل الأرض المحتلة والذين كانوا يقومون بعمليات فدائية بسيطة كانت تقوم بزرع عبوات ناسفة قرب معسكرات الجيش الإسرائيلي داخل أرضنا المحتلة عام 1948م، وكانت عملية نسف الحاووز عام 1955م من تلك العمليات والتي قامت إسرائيل بالرد عليها بعمليات ضرب البوليس الحربي في غزة، واستشهاد العديد من الضباط والأفراد بتاريخ 28/05/1955م وذلك بعد تنفيذ العملية السابقة بثلاثة أيام.
غادر حمد العايدي قطاع غزة إلى الخليل بالضفة الغربية متسللاً وذلك بعد تنفيذ تلك العملية حيث ساعده أحد الأخوة من عرب الداخل ومن ثم توجه إلى أريحا، تزوج عام 1957 وكان عمره في ذلك الوقت واحد وعشرون عاماً، ورزق بثلاث أولاد وابنتان هم (سوسن، ريم، رمزي، رستم، رائد)، زوجته هي أبنه المناضل الحاج/ زكي صالح درويش والد كل المناضلين الشهداء فيما بعد (غازي درويش، سميح درويش، مازن درويش، والكابتن طيار الشهيد محمد زكي درويش) الذي أستشهد فيما بعد عند سقوط طائرة الرئيس الشهيد/ أبو عمار في الصحراء الليبية، حيث كانت تلك العائلة من المناضلين الذين التحقوا بحركة فتح مبكراً.
التحق حمد العايدي بجامعة دمشق وحصل على ليسانس آداب انجليزي، وسافر بعدها للعمل في قطر مدرساً، هكذا بدأ موسم زراعة الأرض بالنجوم وأصبحت دول الخليج العربي (السعودية، الكويت، قطر) ملتقى لهؤلاء الشباب والذين التقوا مع باقي أخوانهم الذين اعلنوا ميلاد حركة فتح عام 1959م.
بعد عام 1967م تفرغ حمد العايدي والتحق بتنظيم الحركة في الأردن، وشارك مشاركة فعالة في الثورة الفلسطينية وكان مثالاً للقائد الفتحاوي الملتزم، وعمل في جهاز الرصد الثوري، وساهم في تنظيم العديد من الدوريات المقاتلة التي كانت تقوم بمهام عسكرية في الأرض المحتلة، كذلك شارك في كافة المعارك للدفاع عن وجود الثورة الفلسطينية.
بعد خروج قوات الثورة من الأردن، انتقل أبو رمزي إلى الساحة اللبنانية وعمل في جهاز أمن الثورة الذي كلف بمسؤوليته القائد الشهيد/ أبو يوسف النجار في صيف عام 1971م بعد انعقاد المؤتمر الثالث للحركة في سوريا (حموريا) وعين أبو رمزي نائباً لمسؤول الجهاز في ذلك الوقت، حيث ساهم مساهمة فعالة في الرد على من تآمروا على الثورة.
في تلك الفترة كان القائد الشهيد/ أبو يوسف النجار يتولى رئاسة الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكذلك رئيساً للجنة السياسية العليا للفلسطينيين في لبنان، وعليه فقد كان حمد العايدي (أبو رمزي) هو المسؤول العملي والفعلي في قيادة جهاز الأمن في بيروت.
بعد استشهاد القائد الثلاثة في عملية فردان بتاريخ 10/04/1973م وتسلم الأخ الشهيد القائد/ أبو اياد مسؤولية جهاز الأمن الموحد للمنظمة، والشهيد القائد أبو الهول تسلم مسؤولي جهاز الأمن والمعلومات للحركة، صدر قرار بتعيين حمد العايدي (أبو رمزي) سفيراً في جمهورية الصين الشعبية، وبعد انتهاء مهمته في الصين لعدة سنوات غادرها عائداً إلى قطر حيث مارس مهنة التدريس بعد ذلك، ولوصفه الصحي أستقر في الأردن حيث أجرى عملية قلب مفتوح.
أنتقل القائد/ حمد العايدي (أبو رمزي) إلى رحمة الله تعالي بالمستشفى الإسلامي بعمان بتاريخ 31/أغسطس/ 1993م، وورى جثمانه الطاهر الثرى في مقبرة سحاب بالأردن.
القائد/ حمد العايدي (أبو رمزي) مناضل عنيد، كان دائماً يناقش ولم يكن سهلاً عليه التسليم بالبديهيات، كان أبو رمزي رحمه الله قائداً نموذجياً متميزاً في عطائه وانتمائه لوطنه، مدافعاً صلباً عن قضيته وحقوق شعبه، بكل صدق وإخلاص وكان يؤمن بالممارسة، كان مثالاً في التواضع والأخلاق الحسنة وقائداً تنظيمياً فتحاوياً أصيلاً من أبناء حركة فتح المخلصين.
رحم الله القائد/ حمد عبد العزيز العايدي (أبو رمزي) وأسكنه فسيح جناته