ابتسامة قهرت "نتنياهو"

تابعنا على:   13:28 2017-08-19

د. خالد معالي

ما الذي جعل رئيس وزراء حكومة الاحتلال"بنيامين نتنياهو" يشتاط غضبا وقهرا ويغشاه "البين"، ويسارع بالتصريح؛ انه يجب إعدام الأسير الجريح عمر العبد منفذ عملية مستوطنة"حلميش" التي نجح فيها بقتل ثلاثة مستوطنين، واختراق كافة أنظمة الاحتلال الأمنية التي من المفترض أنها متطورة؛ والتي هي أيضا من المفترض انه لا يمكن اختراقها حسب الدعاية النفسية المضادة لمخابرات الاحتلال!؟

إنها ابتسامة الأسير عمر العبد؛ خلال دخول قاعة المحكمة يوم الخميس الماضي، حيث دخلها مرفوع الرأس، واثق الخطوة يمشي ملكا، وملوحا بيده؛ وموزعا ابتساماته يمينا وشمالا؛ وهازئا بكل إجراءات الاحتلال وبطشه، غير مبالي بقيوده.

يعلم "نتنياهو" في قرارة نفسه أن الأسير الجريح عمر العبد تجنب قتل أطفال في عمليته، وان عمر العبد لو كان مجرما أو إرهابيا لكان على الأقل قد ندم على فعلته، ولكن "نتنياهو" يعلم أن الأسير الجريح الشاب العبد، ليس بمجرم ولا إرهابي؛ بل  مدافع عن الحق الفلسطيني والمسجد الأقصى، طابا حرية شعبه، ورافضا للظلم المتمثل بآخر احتلال في العالم.

لو كان عمر العبد مجرما؛ لما دخل قاعة المحكمة وهو مرفوع الرأس؛ بل لدخلها وهو محبط ويشعر بالذنب، ويتمنى أن تنشق الأرض وتبلعه، يجر أذيال الخزي والعار لقيامه بفعل يعتبره الاحتلال فعلا إرهابيا.

من تبقى من عائلة عمر العبد  ولم يتم أسره وسمح الاحتلال له بحضور محاكمة العبد؛ يقولون أن عمر العبد التفت للقاضي وقال له في المحكمة إنه لم يندم على شيء سوى أنه لم ينل الشهادة؛ حيث كتب في وصيته انه يتمنى الشهادة بعد أن يقتحم المستوطنة ويقتل المستوطنين انتقاما للمسجد الأقصى المبارك.

ابتسامة عمر العبد؛ رغم الجروح والتحقيق والتعذيب ووضعه الصعب؛ كانت صاروخا موجها ضرب في عمق  قيم وثقافة وفكر الاحتلال؛ الذي يظن أن احتلاله دائم ولا مجال للتخلص منه من قبل الفلسطينيين، وان هذه الأرض لهم؛ وهي وأرض الميعاد والأجداد.

الأسير عمر العبد؛ عبر ابتسامته القاتلة للاحتلال؛ وجه عدة رسائل للاحتلال من بينها؛ انه لا مقام لكم فوق هذه الأرض، والأفضل توفير وحقن الدماء بعودة كل يهودي لوطنه الذي أتى منه وكفى مكابرة ومغالطة للمنطق والتاريخ والحق.

كما وجه العبد رسالة للفلسطينيين من أن منظومة امن الاحتلال هشة وسهل اختراقها لمن أراد، وان الظلم لا يدوم، والحرية قريبة جدا جدا، وان أقدار الله تسبقنا أحيانا، فقد تمنى الشهادة خلال تنفيذه العملية لكن الله كتب له الحياة.

في المحصلة؛ لو كان "نتنياهو" يعقل ويتعلم من دروس التاريخ؛ لأعطى الشعب الفلسطيني حقه بإقامة دولته، ولوفر إزهاق أرواح كثيرة وسيلان دماء غزيرة؛ ولدخل التاريخ من أوسع أبوابه بتحول ظالم وطاغية ومحتل شعب آخر إلى قائد صاحب حكمة وعقل؛ لكن هيهات أن يعقل الطغاة، ويتوقفوا عن طغيانهم وظلمهم!؟

اخر الأخبار