نهاية كنعان عرموش قصيدة حب باريج الرذاذ والحبق

تابعنا على:   03:01 2017-08-12

شاكر فريد حسن

نهاية كنعان عرموش الآتية من طمره الجليلية ، شاعرة واثقة الخطى ، خاضت غمار الكلمة منذ زمن بعيد ، وحلقت في فضاءات الشعر وغاصت عميقاً بين ظلال الحروف والكلمات .

لها كلمتها وصوتها وموسيقاها والحانها وموضوعاتها ونكهتها الخاصة ، ولها خلجاتها ومشاعرها واحساسها الخاص .

نشرت قصائدها في الصحف المحلية والمجلات الثقافية والأدبية ، وصدر لها ثلاث دواوين شعر وهي :"اريج الرذاذ والحبق  ، ضفيرتان ، خيط عسل ".

لم ينصفها النقد ، ولم تنجح في تسويق نفسها ، كما يفعل اصحاب القلم في ايامنا هذه ، فهي لم تلهث وراء كلمة مديح او اطراء ، ولا وراء منصة أدبية او ميكرفون ، ولم تطلب من ناقد ان يكتب عن دواوينها ، فآثرت الصمت والانعزال بعيداً عن دنيانا الثقافية . والسؤال : هل هو احتجاج على واقع الرداءة والمهازل الثقافية ، ام انها انشغالات والتزامات يومية ، ام انها استراحة المحارب..!

الشعر بالنسبة لنهاية عرموش هو العاطفة ، والمطر ، والشمس ، والفصول ، والتراب ، والسماء، والطوفان ، والقشعريرة ، والتوتر ، والقلق الوجودي ، والتمزق ، والتوهج ، والفيض ، الفرادة والرؤيا ، البداية والنهاية .

انه تجلي الانسان في اروع كلماته ومظاهره، هو لغة جديدة لكل عصر جديد ، ولكل زمن ات ، هو البطل الفاتح المتموج ، النبي الذي يحمل الغيم ، والشجر ، والأعشاب ، والبحار ، والضوء، والليل ، وكلمات السحر والغيب والحقيقة .

الشعر هو قضية الانسان في مصيره ، في حضوره وغيابه ، في جوعه وفرحه ، وبؤسه والامه ، في ارتوائه وشبعه ، وغبطته بالوجود في حرمانه ولذته ، في وطنه وسيادته ، وحريته وانتصاره ، في الحب والسلام .

نهاية عرموش تكتب قصيدتها بالمحبة والفرح ، بالحزن والنار ، تفتح صدرها فتتذوق ينابيع الشعر وجداوله من زوايا القلب ، تنشد الشعر وكأنه يفيض من جوارحها .

انها تعبر في شعرها عن قضاياها الذاتية

حتى الابتلاء، وعن قضايا وطنها وشعبها الفلسطيني وبيتها ، فهي تناجي وتخاطب الوطن والطفل الفلسطيني ، وتحاكي هموم الشعب وجراحاته .

في دواوينها ترسم نهاية لوحات شعرية تحرك من خلالها فكر القراء، وتستفز مشاعرهم برومانسية جميلة راقية يخفق لها القلب .

نهاية عرموش تعيش الحب بكل نبضة وخلجة من خلجات قلبها ، وتعبر عنه بايمان واخلاص ، وبكل ما تحس به من عواطف مترعة ومتدفقة ، وبشوق عاصف للحبيب ، فلنسمعها كيف تناجي الحبيب بكل دفء وحنان ولهفة :

من جوانح صدري

تطل شمس / انت

تضيء صباحي ..

احبك ، وأخشع / لراحتيك

احبك ،

وانت تأتي من

برزخ

من عباب الليل

تضمني ،

وتنفلت من أشواقي ولهفتي

المختبئة في امواج زفيري

تهيج ترتعش ..

تلاطم الصخر ،

غضبا..

احبك والاطياف تجمعنا

ويقتلنا الحلم

احبك ،

وانحني على أضلعك

وعلى معصميك

كي لا ترحل عني

كي لا تسافر مني

كي لا اتجرد منك

وتذوب

كدرة في لجة البحر

كهيام السكينة

في الموانئ ..

نهاية عرموش شاعرة لديها الموهبة الفطرية ، وقصائدها المخملية العابقة بالحب والعشق ، منبثقة من القلب ، ومبثوثة من عمق الروح والوجدان ، طابعها انساني ورومانسي حالم، وتتصف بالتلقائية والعفوية ، وتشع صدقاً وجمالاً وشفافية ، ومضمخة بالدفء ، ومتأججة بالمشاعر والاحاسيس الجياشة الصادقة ، الفاظها منسابة كالنهر ، وموسيقاها اخاذة مشبعة بالتقنيات الشعرية المتقدمة سواء في الاسلوب الشعري ام في العبارة الشعرية بما فيها الصورة البلاغية المدهشة .

نهاية عرموش شاعرة نقشت حروفها على صفحات القلب ، وعزفت على اوتار الحس الانساني المرهف ، فحركت مشاعرنا وجعلتنا نحلق في آفاق اللامحدود .

وكما قال الشاعر زهير دعيم في مقدمة ديوانها الشعري " اريج الرذاذ والحبق " :" شاعرتنا تزخر بزخم الشذى ، وتعبق باريج البنفسج ، فيها صقل للمرهبة ، وجداول اخرى تصب في بحر اللغة العارم ، فتأتي يانعة ، شهية ، دانية القطوف ، تنادي هاكني ".

لنهاية عرموش سلام ، مع التمنيات لها بمواصلة المشوار والانطلاق من جديد ، فاسمها لا يزال وسيبقى محفوراً على بوابة الشعر وجدران الابداع .

دمت بصحتك وعطائك والقك يا شاعرة الاحساس .

 

اخر الأخبار