الصوت الإيراني الخافت

تابعنا على:   11:25 2017-07-27

عمر حلمي الغول

لا يود المرء مناقشة الصوت العربي الرسمي المتهافت والمنسحق في سراديب التنسيق الأمني والتجاري والديبلوماسي مع دولة إسرائيل الإستعمارية والخشية من السوط الأميركي، لإن واقع حال اهل النظام الرسمي العربي، وليس الشعبي، هو واقع بائس ومريب ومتهالك. ويشكل عبئا على قضية العرب المركزية. ولولا الحياء، لوقف العديد من الأنظمة العربية علانية مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وناصبوا القيادة الفلسطينية الشرعية العداء. وبعضهم لا يخجل في إعلان الحرب على القيادة والشعب الفلسطيني تحت حجج وذرائع واهية وكاذبة بإسم "الحرص" على المصلحة الفلسطينية، وبعضهم يناور ويكذب، كما يتنفس في العلاقة مع القيادة الفلسطينية، حيث يعطي القيادة "من طرف اللسان حلاوة"، غير انه يبطن العداء لها، ويتآمر عليها في نفس اللحظة والوقت دون اي وازع سياسي او اخلاقي، وبعضهم دخل منذ زمن لا بأس به مرحلة الترويض للشارع العربي والفلسطيني بهدف نفي مكانة واهمية ومركزية القضية الفلسطينية. ويستخدم ذريعة مواجهة الإرهاب ليرسم مع إسرائيل الإستعمارية والولايات المتحدة سيناريو خطير يمس بمستقبل الشعب العربي الفلسطيني واهدافه الوطنية، وبعضهم يتولى قيادة منظمات ومؤسسات عربية وإسلامية ترتبط بفلسطين وعاصمتها وقضيتها، ولم يحركوا ساكنا تجاه ما يجري من أحداث عاصفة على الأرض الفلسطينية وخاصة في القدس العاصمة... إلخ وبالتالي ينطبق على العلاقة القلسطينية العربية ما قاله الشاعر العربي الكبير، محمود درويش "يا وحدنا"، لإن الواقف في الخندق الأمامي، هم ابناء الشعب الفلسطيني وخاصة في القدس الشرقية المحتلة عام 1967، الذين إنتصروا لإنفسهم ولشعبهم وقيادتهم. 

يبقى السؤال المرتبط بعنوان المقال، أين إيران من التطورات الجارية في الساحة الفلسطينية؟ وأين القدس، التي سمت جمهورية الملالي الشوارع والفيالق والمؤتمرات والمؤسسات، وأعلنت الأعياد الدينية بإسمها؟ أين قضية المقاومة، التي روجت لها الجمهورية الإسلامية على مدار العقود الأربع الماضية تقريبا من نشوئها؟ بماذا تفكر إيران؟ وما هي حساباتها الفئوية؟ وهل هناك علاقة لإنخفاض صوتها مع ما يجري في الإقليم؟ وأليس من المعيب على القيادات الإيرانية بقضها وقضيضها من خامئني إلى سليماني إلى روحاني أن تكتف بتصريح لنائب وزير خارجية الجمهورية المصدرة للثورات ل"إستنكار" و"شجب" الممارسات الإسرائيلية؟ أم ان الجمهورية الإسلامية "تبيت" خططا لشن الحرب على إسرائيل ودولة الشر الأميركية؟

كثيرة الأسئلة، التي تطال الجمهورية الإيرانية. لاسيما وانها زاودت تاريخيا على القيادات الفلسطينية والعربية، و"تغنت" بشعارات "المقاومة" ودعمها، فضلا عن انها، تعقد سنويا المؤتمرات ذات الصلة بالقدس وفلسطين وفصائل المقاومة في طهران. فاين هي من الهبة الشعبية الفلسطينية الرافضة للانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لإولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟ وأين صوتها مما يجري؟ ولماذا هذا الصمت المعيب؟ لقد كشفت القيادات الإيرانية من رأسها على خامئني إلى آخر عضو قيادي في تسلسها الهرمي، بأن لا علاقة لها بفلسطين وقضيتها، وما شعاراتها الغوغائية إلآ للمزاودة والضحك على الدقون، وإستغلال الشارع الفلسطيني والعربي وفي الدول الإسلامية للحسابات الخاصة القومية الإيرانية. وأكدت بما لا يدع مجالا للشك، انها سعت للمتاجرة بالقضية الفلسطينية بهدف تلويث وتمزيق الجبهة الداخلية الفلسطينية، وتعميق خيار الإنقلاب الحمساوي بطرق ووسائل أخرى.

كما ان إنخفااض صوتها جاء متلازما مع التهديدات الأميركية والإسرائيلية لها، ورفضهما للتواجد الإيراني على الحدود التاريخية لفلسطين من جهة الشمال والشرق. ومن الواضح في ظل الحرص على حماية وجودها في الهلال "الشيعي" (وهي في الحقيقة ليست معنية بالشيعة ولا بالدين عموما إلآ بمقدار ما تخدم المسألة الدينية توجهاتها الفارسية) في سوريا ولبنان والعراق، أخفضت الجمهورية الإيرانية الصوت. ولو كانت القيادة الإيرانية صادقة في توجهاتها السياسية تجاه المسألة الفلسطينية لكان لها مواقف مغايرة ومختلفة إختلافا جذريا.

إستنادا لما تقدم، فإن الضرورة تملي على المراقب، ان ينحني للهامات والقامات الوطنية البطلة في القدس العاصمة، التي فضحت وعرت العرب الرسميين وقادة جمهورية الملالي على حد سواء. ولعلها في يوم الجمعة القادم (بعد غد) تزيل عن وجوههم آخر مساحيق التزوير والنفاق، وتؤكد إرادتها العالية، وترفع صوتها في وجه الجميع، لتعلن عن دفاعها عن السيادة والقرار الفلسطيني المستقل، وشطب كل من يتطاول على القيادة والشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية العليا.

[email protected]

[email protected]    

اخر الأخبار