ذكرى رحيل اللواء عاطف عبد اللطيف بدوان
اللواء عرابي كلوب
(عمار بن ياسر)
عاطف عبد اللطيف عبد الجبار بدوان من مواليد الأردن بتاريخ 21/04/1954م وهو من بلدة بيتين قضاء رام الله، التحق بحركة فتح مبكراً وهو شبل عام 1968م، حيث كان من أشبال حركة فتح الذين كتبت الثورة الفلسطينية سفراً خاصاً من كتابها الكبير (سفر الأشبال الثوار أو الأشبال الرجال).
كان عمار بن ياسر أحد أفراد دورية دخلت إلى الأرض المحتلة عام 1969م رغم صغر سنه، فهو من أبطال عملية العمق واشتباك الجنيدية بالأغوار، وهو من الرجال الذين ينتظرون إلى التحديات في وجهها، كان أصغر مقاتل، وكان من أشبال الشهيد القائد/ أبو علي إياد، عمل عمار بن ياسر بالأغوار وقطاع (201) جرش، ثم عمل مع الشهيد/ عزمي الصغير والتحق بالقطاع الغربي عام 1969م ودخل في دورية العمق للمساهمة في استنهاض العمل الفدائي بالداخل مع زملائه، حيث كان يشرف على ذلك في البدايات كل من المرحوم/ عمر الخطيب (أبو شامخ) والمرحوم/ احسان سمارة (أبو القاسم)، استمر في العمل وتنقل في عدة مواقع في القوات العسكرية، كان ملاصقاً للشهيد القائد/ أبو علي إياد في أحراش عجلون عام 1971م حيث صاحبه في المعارك التي حدثت بين قوات الثورة الفلسطينية والجيش الأردني صيف عام 1971م، القي القبض عليه وأودع السجن في الأردن وحكم عليه بالإعدام ومن ثم خفض السجن إلى لمدة أثنى عشر عاماً نظراً لصغر سنه ومن ثم تم الافراج عنه لاحقاً.
أنتقل إلى سوريا ولبنان وشغل عدة مواقع قتالية حيث اقام علاقات وثيقة مع الأخوة/ حمدي وأبو حسن قاسم ومن ثم عمل في لجنة التنظيم (77) التابعة للقطاع الغربي بعد تشكيلها وكانت تضم كإطار نخبوي من المناضلين المميزين ويشهد له كثير من الضباط بشجاعته واخلاصه وتفانيه في العمل.
كان عمار بن ياسر من أوائل من عمل في السرية الطلابية في سنوات نشأتها الأولي ومن ثم كتيبة الجرمق فيما بعد.
شارك في دورية بفك الحصار عن مخيم تل الزعتر عام 1976م خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي عصفت بلبنان آنذاك.
أصيب عمار بن ياسر بجراح في معارك بالجنوب اللبناني مع القوات الإسرائيلية عام 1977م.
شارك في الدفاع عن وجود الثورة الفلسطينية خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982م.
تزوج عمار بن ياسر عام 1983م في طرابلس، لبنان، حيث كان يشارك في الدفاع عن القرار الوطني المستقل ضد المنشقين والسوريين الداعمين لهم.
بناء لتعليمات القيادة فقد بقى عمار بن ياسر في طرابلس ولم يغادرها مع القوات التي غادرت وبقى حتى منتصف عام 1984م، توجه بعدها إلى تونس.
عام 1985م صدرت له تعليمات بالعودة إلى بيروت ومكث حوالي الستة أشهر عاد بعدها إلى تونس مرة ثانية وتوجه إلى الأردن مع الرئيس/ أبو عمار رحمه الله وذلك للمساعدة في حل مشكلته السابقة مع الجهات الأمنية الأردنية المختصة.
بعد أقامته سنة في الأردن تمكن من لم شمل أسرته التي حضرت للالتحاق به وذلك بعد معاناة طويلة.
عمل مع كل من الشهيد/ حمدي وأبو حسن قاسم ومروان كيالي الذين كانوا متواجدين في الأردن، وتم اعتقاله من قبل المخابرات الأردنية لمدة عامين، اعتقل مرة ثانية عام 1991م لمدة ستة أشهر وتم ابعاده إلى تونس.
عمل عمار بن ياسر مع الشهيد الرمز/ ياسر عرفات رحمه الله في المهمات الخاصة.
ذاق عمار بن ياسر المر في السجون العربية وخرج منها مؤمناً، صابراً، مجاهداً، ملتزماً.
كان عمار بن ياسر الجندي المجهول، رجل المهمات السرية والأمين المؤتمن لتلك المهمات، كان يعمل في أصعب وأدق الظروف يخطط وينفذ، وكان يتمتع بفكر متقد ومحبة من الجميع ويتمتع بالإيثار والتضحية بالنفس، وكان من مميزاته الصبر والصمت الهادئ، حيث كان رجلاً صلباً بكل ما تعنيه الكلمة، حيث كانت فتح والثورة تنبض في عروقه، وكان يتمتع بالأصالة والشهامة والشرف الرفيع والاحترام والاعتزاز بالنفس عمار بن ياسر كان من أحباب الشهيد/ أبو عمار والشهيد/ أبو جهاد، والشهيد/ أبو علي إياد وكان من الفعاليات الأساسية في القطاع الغربي.
كان عمار دوماً صديقاً وفياً لأعضاء القطاع الغربي، ربطتهم معاً علاقة روحية ونضالية وأخويه متينة، وكان قدوة بسيرته الحسنة.
بعد عودة قيادة المنظمة والسلطة الوطنية إلى أرض الوطن رفضت السلطات الاسرائيلية بالسماح لعمار بن ياسر بالعودة وبقي في تونس حتى انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في مدينة غزة عام 1996م حضر إلى أرض الوطن كعضو مراقب في المجلس.
بعد العودة إلى أرض الوطن للأسف لم ينل عمار بن ياسر أي موقع حيث بقى جندياً مجهولاً.
انتقل اللواء/ عاطف بدوان (عمار بن ياسر) إلى رحمه الله تعالي أثر أزمة قلبية آلمت به قبل غروب شمس يوم الخميس الموافق 23/06/2011م ودفن بعد صلاة الجمعة الموافق 24/06/2011م في مقبرة قرية بيتن/ رام الله وقد شاركت هيئة المتقاعدين العسكرين اصدقاء الفقيد في بيت العزاء الذي أقيم له.
اللواء/ عاطف بدوان متزوج ورزق بولدين وثلاث بنات.
كان عمار بن ياسر رحمه الله يتمتع بروح المغامرة ولديه تجربة غنية وكبيرة في العمل الفدائي والتنظيمي.
كان رحمه الله طاهر الفرج، نظيف الكف، مناضلاً صلباً، وجريئاً في قول كلمة الحق، عاش صامتاً ومات صامتاً.
كان عمار نموذج فذ وحمل فلسطين في حدقة العين، وحمل روجه فوق كفه في كافة المهام التي كلف بها من قبل القيادة، وكتب في جبهة المجد أسم بلاده بالحبر الأحمر.
عمار قائد ومناضل فتحاوياً بامتياز، حمل الأمانة بكل اقتدار وأفنى حياته في سبيلها، والمحافظة عليها، كان صلباً، وقدوة حسنة وذو سمعة طيبة وكان مثالاً للشجاعة والرجولة.
أنه المناضل الوفي الصادق صاحب الأخلاق الراقية، الجندي المجهول، صاحب الشخصية المحببة لدى جميع من حوله.
تاريخه النضالي كان مميزاً في كافة المواقع التي عمل بها.
لقد كنت يا عمار تعلم أن نهاية كل مجاهد ومناضل هو الموت، لقد رحلت عنا يا عمار جسداً، ولم ترحل من الذاكرة الوطنية، فأنت باق في قلب ووجدان كل مناضل، وتاريخك وعطاءك ووفاءك ونضالك شاهد على ذلك.
هكذا يمضى الرجال ولكل واحد منهم حكايته ومواقفه في ساحات النضال الوطني الفلسطيني.
وأخيراً ترجل فارس من فرسان حركة فتح وقواتها العاصفة، رجل المهمات الصعبة، أعطى كل ما يملك عندما بخل الكثيرون، بعد مسيرة طويلة بالعطاء منذ التحاقه شبل صغير بحركة فتح عاشها في عمل دؤوب من أجل فلسطين حتى وفاته.
وداعاً يا مفخرة الرجال ... وداعاً يا ابن بيتين.
سلاماً عليك يوم ولدت .... وسلاماً عليك يوم تبعث حياً.