من النكسة الكبرى الى الوكسة الأكبر..وبريق الأمل!

تابعنا على:   11:10 2017-06-05

كتب حسن عصفور/ ما قبل عدوان 1967، وما حدث لاحقا من احتلال دولة الكيان لأراضي مصرية وكامل فلسطين والجولان، كشفت وثائق عدة، ان الهدف الاساسي لتلك الحرب لم يكن بعدا احتلاليا فحسب، وربما لم يكن هو الهدف المركزي لتلك الحرب العدوانية، بل كان "ثمنا" لتنفيذها عبر دولة الكيان..

فالهدف المركزي، كان ضرب مصر ضربة " لا تقوم لها قائمة بعدها"، كما قال مسؤول عسكري أمريكي لمسؤول عربي في دولة رجعية، خلال مناقشة كيفية وضع حد للدور المصري المتنامي في المنطقة، والدعم المصري العسكري والسياسي لليمن..

مصر كانت ما قبل عدوان 67، أحد أهم قوى "عدم الانحياز" أو ما كان يعرف في حينه بـ"العالم الثالث"، بل كان جمال عبد الناصر رمزا هو الأبرز لتلك القوى، والتي ساهمت وحدتها السياسية في حصار "المشروع الاستعماري القديم" في القارة الأفريقية و"المشروع الاستعماري الحديث"، الذي مثلته الولايات المتحدة في قارتي آسيا وأمريكا اللاتنية، ولعبت مصر الناصرية دور حاضنة حقيقية لقوى حركات التحرر الوطني..

ما قبل العدوان، ثم ما عرف باسم "النكسة"، وهي في واقعها أكبر كثيرا وأعمق من "المصطلح" الذي اختاره محمد حسنين هيكل للتخفيف من اثر العدوان التدميري، كانت مصر ترسخ حضورها الى جانب السياسي،  دولة صناعية زراعية تسير نحو خلق دولة اقليمية حقيقية متكاملة الأركان، وباتت "نموذجا خاصا" لدول العالم الثالث، وهو ما كان يمثل "خطرا حقيقيا" على المشروع الأمريكي لفرض السيطرة والوصاية على المنطقة العربية، لنهب ثرواتها التي بدأت تتكشف، خاصة النفط ومصادر الطاقة ومستقبلها في الصراع العالمي، مع انحياز مصر بثقلها الى جانب المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي..

فكان قرار الحرب لتدمير مصر، بصفتها العمود الفقرى للأمة العربية، وتدميرها أو كسر ظهرها، كما قال العسكري الأمريكي قبل الحرب العدوانية باشهر للمسؤول العربي، الذي دفعت بلاده تكاليف الحرب المالية كاملة، ما يؤدي عمليا الى اعادة رسم خريطة المصالح في ظل "حصار مصر وهزيمتها"..

ورغم احتلال دولة الكيان لأراضي عربية، ومنها فلسطين التي باتت بكاملها تحت سلطة الاحتلال، وأثر الهزيمة العسكرية الكبرى لمصر الدور والقوات لكنها سريعا سيطرت على تماسكها كدولة هزمت ولكنها ستعود، وبدأ الإعداد السريع لمستقبل سياسي عسكري جديد..

"نكسة يونيو الكبرى" لم تتمكن من فرض "شروط لاعبيها"، فكانت الانطلاقة الثورية المعاصرة لحركة التحرر الوطني الفلسطيني خاصة بعد معركة الكرامة عام 1968، لتكون عامل تغيير سياسي هائل في الواقع العربي، حضور أعاد "الأمل الثوري" لأمة كاد شعور الهزيمة أن يكون الثابت الوحيد لها، كما خططت دوائر الاستعمار والرجعية العربية، انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، جاءت ردا بغير حساب قوى "الردة" ونصرا لقوى الثورة..

لكن رؤوس المؤامرة لا يستسلمون بتلك السهولة التي ظنها البعض "الطري في عالم السياسية"، فكان اغتيال الخالد جمال عبد الناصر خطوة تكميلية لقطف ثمار عدوان يونيو 67، خاصة وأنها ترافقت مع خلق أكبر فتنة فلسطينية أردنية في سبتمبر (أيلول) 1970، وما نتج عنها..

ورغم كل ما حدث لاحقا من معارك نصر عسكية خاصة حرب أكتوبر 1973، وانتصارات سياسية وتحديدا لمنظمة التحرير والثورة الفلسطينية، فإن "مخطط الاستهداف التدميري للواقع العربي" تمكن لاحقا وبعد سنوات قد تبدوا بعيدة" من تحقيق كثيرا مما كان مطلوبا عام 1967..عندما اقدمت الولايات المتحدة على رسم مشروعها التقسيمي للمنطقة العربية ضمن بعد سياسي - طائفي يسمح لها بفرض هيمنة مطلقة ودائمة على المنطقة التي تمثل ثقلا سياسيا هاما في المعادلة الدولية، وكنزا ماليا في المعادلة الاقتصادية..

ومع بداية التسيعينات أطلقت أمريكا "رصاصة البدء لتنفيذ مخططها القديم الجديد"، عندما خدعت النظام العراقي ودفعته لاحتلال الكويت، لترتكب أحد أكثر الخطوات "حماقة في التاريخ السياسي العربي"، ومنها أعادت أمريكا وجودها العسكري بشكل مباشر تحت غطاء "حماية الشرعيات العربية"..

من هنا، بدأت "الوكسة العربية الأكبر"، حيث تمكنت أمريكا وأدواتها الرجعية وقوى الاسلام السياسي، خاصة الاخوان المسلمين، لتنفيذ المشروع الأخطر لتقسيم المنطقة كيانات مقسمة طائفية منهكة تعود الى صيغة "المحميات السياسية الكيانية"، بما يحقق الهدف المركزي للولايات المتحدة، وحليفها الأساس دولة الكيان الاسرائيلي، ان لا تقوم للأمة العربية قائمة..

وكاد مشروع "الوكسة الأكبر" ان يحقق المراد السياسي الأمريكي، بعد اعادة احتلال العراق عام 2003، ثم الخلاص من الخالد ياسر عرفات عام 2004 للخلاص من البعد التحرري للمشروع الوطني الفلسطيني، عبر أدوات تطيع ثم تبدأ في تدمير "الكيانية الفلسطينية الناشئة" بخلق انقسام سياسي جغرافي، وانتقلت "جرثومة التقسيم" الى مصر فسوريا فليبيا فتونس..وكادت واشنطن تقطف "ثمار زرعها العدواني"..

لكن مصر أصل الحكاية، كان لشعبها رأي آخر، فثار في ثورة شعبية سيخلدها التاريخ، وفي ذات شهر "النكسة الكبرى" ليصنع "ثورة 30 يونيو الكبرى" التي أطاحت بأداة تنفيذ المشروع الأمريكي واعادت لمصر بعض من بريق وحضور، حاصر المشروع في ليبيا ثم أطاح به في تونس وبدأت انتكاسته في سوريا، لكن فلسطين بقيت تحت تأثير ذلك المشروع بفضل قطبي النكبة الانقسامية، والتي بدأت ايضا في 14 يوينو 2007..وكأن شهر يونيو بات شهر الألعاز الكبرى..

نعم، لم تنتصر قوى الثورة بعد لتهزم المشروع التقسميمي الطائفي، لكنها تمكنت منه بشكل ما، وبدأت تعيد رسم خريطته بعيدا عن جوهره العدواني..

هناك أمل سياسي حقيقي بدأ يطل لأن تنكسر "حركة النكسة" وأن تنهزم "حركة الوكسة"..وإن طال زمنها وقتا!

ملاحظة: في وقاحة سياسية نادرة أصر امين سر فتح على ممارسة الكذب والتضليل فيما خص هديته لليهود بسيادتهم على حائط البراق كجزء من ثمن صراع ما بعد عباس..لكن الأكثر وقاحة هو عدم مساءلته وكـأن "كبيرهم" بدأ ينفذ "أمرا لم يعد مجهولا"!

تنويه خاص: حكم تميم القطري بدأ يترنح..ما حدث من قطع علاقات مصر والسعودية والامارات والبحرين رسالة هي الأبرز منذ سنوات على أحد رؤوس الشر في المنطقة..ليت البعض منهم يدرك أن التأمر على سوريا كان جزءا من ذلك الشر!

اخر الأخبار