"ورطة حماس" المقبلة!

تابعنا على:   10:29 2017-06-01

كتب حسن عصفور/ لم يكن مفاجئأ أن تخوض حركة حماس "معركة شاملة" في كل ما لها من سوائل اعلامية متعددة الأشكال، دفاعا عن قطر وأميرها الشاب تميم بن حمد، بل وتعتبرها دولة تمثل "عمقا عروبيا"، وهوتعبير بالأصل ليس من ضمن "مرادفات الاخوان الفكرية والثقافية" منبت حماس الذي لم تتركه، وفقا لتصريحات رئيسها السابق خالد مشعل، عند تقديم "شرحا" لوثيقتها الجديدة..

حماس لا تدافع عن الماضي تحت شعار "شكرا قطر" عما قدمته لها، رعاية وأموالا وحماية بل ودورا "تاريخيا" في نقل حماس من واقع الى واقع بالتنسيق القطري الأمريكي الاسرائيلي لفرض أمر الانتخابات التشريعية على محمود عباس 2006، مرحلة أنهكت حركة فتح ورئيسها، حتى ساعته، كما أنهكت وحدة المشروع الوطني ولا زال..

حماس، ليس من عادتها، كإرثها الإخواني أن تتذكر من قدم لها مساعدة أو خدمة أو دعما، إن توقف، وتجربتها منذ "التأسيس" أواخر عام 1987 بمباركة من "الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية"، وفقا لشهادة يعقوب بيري رئيس الشاباك الأسبق المسجلة، ولم ترد عليها الحركة، مباركة لمواجهة منظمة التحرير الفلسطينية، واستضافت الأردن قيادة حماس الأولى، لاعتبارات سياسية خاصة..

 ولكن بعد ما يقارب العشر سنوات غادرت قيادة الحركة الحمساوية عمان لتجد باب سوريا مفتوحا، بدعم إيراني، وكانت الاستضافة السورية المدعومة ايرانيا، من أجل تشكيل قوة ضغط ضد الرئيس الخالد ياسر عرفات، ومنظمة التحرير تحت "يافطة" تشكيل قوة "ممانعة ومعارضة لاتفاق أوسلو"، رغم ما كان بين سوريا والاخوان، فكلا الطرفين تجاهل الماضي، من أجل حاضر مشترك، فالمسألة لم تكن بالأصل لها صلة بشعار "المقاومة والممانعة"، لكنها المصلحة والاستخدام..

 وكشفت حماس موقفها مع أول حركة تمرد ضد الدولة السورية عام 2011، فنقلت مكان الاقامة والدعم من دمشق الى الدوحة العاصمة القطرية، ولا ضرورة لاعادة فتح ملف حماس مع سوريا، والاتهامات التي قالتها دمشق عن دور حمساوي لتدريب الاخوان وتسليحهم خدمة لمشروع تقسيم سوريا الأمريكي - القطري - التركي والاسرائيلي..

والآن، المعركة ليست مع قطر، فهي الحاضنة الأبرز لحماس وراعيتها العامة، وقدمت لها ما لم يكن ببال قيادتها، لكن التطورات الأخيرة بعد خطاب الرئيس الأمريكي في قمة الرياض ووصفه حماس كـ"حركة ارهابية"، وتوقيع قطر على "مذكرة التفاهم" بين دول الخليج وأمريكا، التي تنص فيما تنص على محاربة المنظمات "الإرهابية"، يمثل "ورطة سياسية كبرى" لحماس، حيث أن المسألة الراهنة ليس كما كانت سابقا، عندما تم إدراج شخصيات حمساوية ضمن "قوائم الارهاب الأمريكية"، وكانت واشنطن تغض الطرف عن قطر وتركيا المستضيفة لبعض تلك الشخصيات لاعتبارات معلومة جدا..

الجديد هنا، ان حماس بكلها باتت مصنفة أمريكيا، ضمن "منظمات الارهاب"، ووفقا للمذكرة فيجب ان يتم ملاحقتها، كما حزب الله، وهنا تبدأ المشكلة التي لم تكن ضمن حسابات حماس، خاصة بعد أن عرضت "وثيقتها السياسية" وأهداها "مشعل" للرئيس الأمريكي ترامب، فكان الرد بتصنيف هو الأول في تاريخها..

قطر مهما قاومت راهنا، فهي ستجد نفسها أمام خيارات ليس بينها على الاطلاق أن تستمر الحركة السياسية لما قبل قمة الرياض، أو لما قبل معركة التسريبات، صحيحة كانت أم ملفقة، لكن تبعياتها فاقت كثيرا حدود قدرة قيادة قطر أن تحاصرها دون أن تدقع ثمنا كبيرا، وستكون أمام خيارتحديد موقفها من حماس وخاصة الاستضافة المكانية لقيادتها..

حماس تعلم جيدا أنها أمام مرحلة جديدة، سيكون لها أثمان وليس ثمن، وما تم نشره مؤخرا عن اعادة فتح الباب لتنشيط العلاقة مع ايران، هو خيار الضرورة وليس خيار "المقاومة" كما يمكن أن تدعي بعض من قيادات حماس، التي كان موقفها ما بعد الخروج من سوريا والاصطفاف في محور معادي كليا لطهران وسوريا، لذا ستفكر كل من الدوحة وقيادة حماس في اعادة ترميم علاقة حماس بايران علها تساهم في "ترميم" علاقة حماس مع سوريا، بحثا عن "ملجأ سياسي" جديد، خاصة وأن تركيا بكل العطف والتعاطف لن تستقبل تلك القيادة لحسابات العلاقة مع اسرائيل وأيضا بحثا عن عدم خلق توتر جديد مع واشنطن..

خيارات حماس المقبلة محدودة جدا، بل وغالبها لن تخرج منه رابحة كما حدث في السابق، بعد أن انتقلت من محور لمحور، فقيادة الحركة تدرك أن ارتباطها مجددا بمحور ايران سوريا سيقفل أمامها أبواب الخليج وكثير من الدول العربية، وقد تزيد الاشكالية مع مصر، وستكشف ذاتها أمام الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، انها حركة انتهازية بجدارة ومصلحتها هي فوق الجميع، مبادئ وأفكار..

حماس اليوم في الدفاع عن قطر، ليس من باب "الاخلاق السياسية" ولا كونها حركة عروبية ، بل لأنها تعلم يقينا أن مستقبلها بدأ يشوبه "ظلاما" خارج الحسابات..

ربما تكون غزة هي الحل لقيادة حماس، ولكن بوابتها لن تفتح ما لم تقدم حماس على تطهير ما علق بها من "شوائب داعشية" في العلاقة مع مصر، حتى لو فتحت طهران لها الباب السوري ثانية، فما كان منها لا يمكن أن يتم تجاهله من الحكم السوري، خاصة وأنه لم يعد محتاجا لحركة من نبت إخواني يرى أنها خانته وخانت "العشرة والدعم"..

هل تقرر حماس خطوتها الاستراتيجية المقبلة نحو قطاع غزة وصياغة ذاتها صياغة "جديدة " حقا سلوكا وممارسة وأفكارا ومواقفا، لتصبح "حاضنتها" بعيدا عن "تدفيع ثمن" لو فعلته لن تبقى حماس هي حماس..وقد تكون النهاية كما البداية بمساعدة غير فلسطينية..

التفكير واجب وضرورة  لمن يحسن القراءة السياسية وغيرها لكل حادث حديث!

ملاحظة: ما نشرته صحيفة قطرية عن "غضب عباس" من اضراب الأسرى يبدو قريبا جدا من الحقيقة..خاصة وأن بيان القائد مروان تجاهل كليا أي "شكر" لعباس..ومع ذلك ننتظر توضيحا من "الفرقة العباسية"!

تنويه خاص: رحل القائد الشيوعي البارز العراقي عزيز محمد.. شخص عروبي جدا وكردي جدا وأممي جدا..رحل "كاكا عزيز"، كما كان رفاقه في الحزب ينادونه.. قاد الحزب في أحلك ظروفه بعد مجازر دموية ارتكبها نطام الحكم العراقي بعد 63..قاد السفينة بحنكة وحكمة وقدرة سجلها تاريح الوطنية العراقية..شخصيا سعدت يوما بلقاء هذه الشخصية الفريدة..سلاما "كاكا عزيز" وما زرعت سينبت من جديد يوما!

اخر الأخبار