عيد المقاومة وانتصار الحركة الاسيرة يشكلان اسس لمرحلة جديدة

تابعنا على:   14:38 2017-05-28

عباس الجمعة

نقف اليوم امام مناسبة وطنية وقومية عظيمة ذكرى انتصار لبنان ومقاومته على الجيش الذي لا يقهر،لتؤسس لمرحلة جديدة في النضال والمقاومة العربية، اعطى تأثيره المعنوي على صمود الشعب الفلسطيني ، حيث استطاع الشعب الفلسطيني العظيم بمقاومته ان يمتلك الارادة الحية فكان الصمود الاسطوري في الضفة والقدس بمواجهة الاحتلال الصهيوني ، وكان انتصار معركة الحرية والكرامة التي قادتها الحركة الاسيرة ، بأمعائهما الخاوية، ضد المحتلين الصهاينة. 

وامام هذه الانتصارات وبعد زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للمنطقة بدءًا من السعودية، خطوة خطيرة لإعادة ترتيب أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة في المنطقة العربية من خلال السعي لبناء تحالفات سياسية وعسكرية تخدم المصالح الأمريكية وحليفها الرئيس في المنطقة الكيان الصهيوني على حساب شعوب المنطقة وفي مقدمتها الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه الوطنية الثابتة.

أن الاستهداف التي تتعرض له قوى المقاومة هو توجيه ضربة الانتصارات التي تحققت من خلال استنزاف مقدرات المنطقة العربية وتوظيفها لخدمة المشروع الأمريكي الذي يسعى لتفتيت وتجزئة المنطقة العربية إلى دويلات متناحرة، على أساس ديني وطائفي ومذهبي وعرقي، ومنح الكيان الصهيوني المزيد من القوة والاستفراد بالشعب العربي الفلسطيني، وتبديد حقوقه الوطنية الذي غابت قضيته عن هذه القمم التي عقدت في الرياض.

أنّ المخطط الأمريكي بالشراكة مع الكيان الصهيوني العنصري والذي تسعى إدارة ترامب لتنفيذه ليس قدراً، ويمكن مواجهته بتضافر وتوحيد جهود قوى المقاومة، المسنودة بدعم شعبي عربي واسع، ورفض كل محاولات حرف بوصلة الصراع عن اتجاهها الرئيسي مع الكيان الصهيوني، فالشعوب قادرة على صنع المعجزات ، وان الشعب الفلسطيني سيتمكن من خلال تمسكه ببوصلته من الاستمرار في المقاومة والانتفاضة حتى تحرير الارض والانسان.

أن تسارع الأحداث والتطورات السياسية وتداخلاتها تؤكد في جوهرها حقيقة أهداف المشروع الصهيوني في فلسطين  والمنطقة العربية التي تهدف للسيطرة والهيمنة عليها وعزلها وتفتيتها ونهب ثرواتها واحتجاز تقدمها وإدامة تخلفها عبر التوسع والاستيطان والفصل العنصري والتطهير العرقي وتجاوز حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال بما يفرض وقائع ترسيم ما يسمى الدولة اليهودية على الأرض الفلسطينية.

وفي ظل هذه الأوضاع التي تهدف لتذويب قضيتنا الفلسطينية وتصفية مشروعنا الوطني بات المطلوب منا تعزيز الوحدة الوطنية وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني حتى نواجه معا  المشروع الصهيوني الإمبريالي ، ومواجهة كل التحديات وتطبيق قرارات المجلس المركزي وقطع العلاقات مع دولة الاحتلال وفضح جرائمها أمام العالم أجمع.

ان الشعوب التي تصنع الانتصارات والتي قادها عظام وفي مقدمتهم الرئيس الخالد جمال عبد الناصر واحمد بن بيله وهواري بومدين وعمر المختار والرئيس الرمز ياسر عرفات ورفيق دربه ابو جهاد الوزير وفارس فلسطين ابو العباس والحكيم جورج حبش ورمز جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية جورج حاوي وسيد الشهداء عباس الموسوي ومعروف سعد وكمال جنبلاط ومحمد سعد وغيرهم من القادة ،المؤمنين بوحدة الهدف والمصير،المؤمنين بأن هذه الشعوب يجب أن يكون لها مكانة لائقة بين الأمم، ستبقى أمة عزة وكرامة ،أمة رغم كل حالة الانكسار والهزائم قادرة على النهوض والتوحد،قادرة على قبر وإفشال مشاريع الفوضى الخلاقة،مشاريع تفتيت الوطن العربي واستباحة جغرافيته، أمة ستفشل مشاريع الشرق الوسط الكبير والجديد الامريكية، ولن تقبل هذه الشعوب بوجود كيان عنصري واستمرار احتلاله للأراضي العربية،وبأن تكون العصا الغليظة التي تستخدمها أمريكا في ضرب حركة التحرر العربي وقواها الثورية. 

من هنا وامام ذكرى انتصار المقاومة في لبنان  نقف بكل اجلال واكبار امام شموخ لأسرى الأبطال خلف متراس المجابهة الأول، الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية والذين كلما فقدت البوصلة اتجاهها أعادوا ضبطها نحو فلسطين نحو وجهتها الأصلية وأعادوا للصراع ذروته مع هذا المحتل حيثما يجب أن تكون معادلة احتدامه.

ان المقاومة، التي صمدت وانتصرت في لبنان وفلسطين ، فإنها ستصمد اليوم ، حيث تثبت كلّ الوقائع والحقائق أنها ستخرج من هذه الأزمة أكثر قوة ومنعة وحصانة بمواجهة المشاريع المعادية التفتيتية .

أن مجرى التاريخ بدأ يتغير على إيقاع الفعل الذي صنعه الصمود وكتبت المقاومة صفحاته الناصعة البيضاء، وان ما نشهده اليوم من تغير للمعادلات الجيو ـ سياسية، يأتي نتيجة الإرادة القومية الصلبة الرافضة للمشاريع الاستعمارية، والتي تلاقيها إرادة إقليمية ودولية ترفض كذلك سياسة الهيمنة والأحادية الأميركية التي انتهى زمنها ومفعولها.

وعلى هذه الارضية نرى ان الانتصار الذي حققته المقاومة في لبنان بقيادة حزب الله وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية بدحر الاحتلال الصهيوني ذليلا من لبنان يستوجب حراكاً سياسياً شعبياً ، وذلك لحماية إنجازات المقاومة ، وللاستجابة فعلياً للمتغيرات الإقليمية الحاسمة التي تشهدها منطقتنا العربية، كما يستوجب دعم صمود ونضال الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال ومشاريعه التي تستهدف الحجر والبشر والشجر بكل الوسائل ، ولا بد ان يتمخض عن هذا الحراك العمل الشعبي من كافة القوى الحية واحزابها وهيئاتها مواكبة التطورات الخطيرة التي تستهدف القضية الفلسطينية .

ونحن في شهر ايار شهر النكبة والانتصار والذي يحمل في ثناياه بصمات واضحة وعميقة على مسيرة الكفاح والمقاومة ، حيث حفر شهداء المقاومة وشهداء عملية القدس البحرية لابطال جبهة التحرير الفلسطينية تاريخهم وسجلهم في عمق ذاكرة الشعوب العربية والشعب الفلسطيني باعتبارهم الرموز والعناوين الخالدين في سفر النضال ،شهداء تركوا بصماتهم واضحة وعميقة على مسيرة الكفاح والنضال ،وكتبوا بأحرف من نار ودم أرواحهم على مذبح الحرية، بلا تردد او خوف او رهبة من الموت،وما زال شعبنا وثورتنا وفصائلنا تسيرعلى نهجهم ودربهم وثقافتهم.

من هذا المنطلق نؤكد بان التلاحم الفلسطيني اللبناني العربي شكل عنوان الصمود والعطاء والتضحية، إبان الغزو الصهيوني للبنان عام 1982،حيث كان صموداً غير مسبوق من قبل المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية لمدة 88 يوما في وجه أعتى آلة حرب عسكرية في الشرق الأوسط،بدون حاضنة ودعم عربي،بل لا نبالغ اذا ما قلنا خذلان وتآمر عربي على الثورة الفلسطينية، حيث أضاف العدوان الصهيوني الوحشي على لبنان صورة جديدة من صور جرائمه البشعة حاول فيها النيل من صمود شعبه المقاوم، وما الاستهداف الصهيوني للمدنيين والبنية التحتية في لبنان وفلسطين سوى نموذج لسياسة المجازر وحرب الإبادة الجماعية التي انتهجها العدو الصهيوني خلال تاريخه الدموي الطويل.

لقد أعطى صمود المقاومة والشعب اللبناني، دعماً قوياً ونهضة ثورية جديدة للأمة العربية بأسرها، ومظهراً الحقيقة العارية لجيش الاحتلال الصهيوني، ذلك الجيش المعتدي المهزوم من داخله يحاول أن يبحث عن إنجاز وهمي ولو بحدود صغيرة، يفشل أمام صمود المقاومة التي حققت نصراً استراتيجياً من واجب اللبنانيين والأمة العربية التمسك به والحفاظ عليه. 

ختاما : ان الاحتفال بعيد المقاومة والتحرير وانتصار معركة الحرية والكرامة للحركة الاسيرة اعطى دروس وعبر ، وهذا يستدعي من القوى العربية وشعوبها دعم الحركة الاسيرة في معتقلات الاحتلال الصهيوني حتى يكتمل النصر الأكبر  بتحرير الارض والانسان وبتحرير كل أسرانا من سجون الاحتلال، لان لهذا النصر،كان وراءه ابطال اسود خاضوا هذه الملحمة البطولية، وهذا يتطلب منا تصويب المسار، ورسم استرايجية وطنية تستند الى كافة اشكال النضال حتى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني المشروعة في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

كاتب سياسي

 

 

اخر الأخبار