ملامح "صفقة التنازلات التاريخية الكبرى"..تحددت!

تابعنا على:   11:00 2017-05-25

كتب حسن عصفور/ بعد أن ذهب "غبار" رحلة ترامب الى المنطقة جلوسا وإقامة في السعودية ودولة الكيان و"مرور عابرا" الى بيت لحم،  دون أن يذهب الى كنيستها الأهم تاريخيا ودينيا للمسيحيين في العالم، رغم جدولتها المسبقة، لغضب شعبي دفاعا عن أسرى الكرامة ورفضا للزيارة، بدأت الآن رحلة صياغة "الصفقة السياسية التاريخية الكبرى" لحل الصراع العربي - الفلسطيني مع الكيان الاسرائيلي..

ودون إضاعة للوقت الذي يبدو أنه "أثمن" كثيرا مما يعتقد الكثيرون، أخذ "الفريق الترامبي اليهودي بالكامل"، بتحديد أسس تلك "الصفقة الكبرى" لما يسمونه حل نهائي للصراع، صفقة لا تماثل أي مما تقدمت بها الإدارات الأمريكية السابقة، بل ولم تجرؤ أي منها على مجرد التفكير بها..

ولم يكن عفويا من قبل ترامب اسقاط تعبير "الدولة الفلسطينية" أو المخترع الأمريكي الخادع، "حل لدولتين"، أو العبارة العائمة جدا "حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني" في كل ما تحدث به سياسيا في "قمة الرياض"، التي كان الثمن المدفوع بها "اقتصاديا وسياسيا" كفيل أن يفرض ليس فقط أن يعلن ترامب ضرورة إقامة دولة فلسطينية وفقا لرؤية سلفه بوش الإبن، بل كان الثمن كفيل أن يطالب ترامب الرئيس الفلسطيني عباس - منتهي الولاية -، بتنفيذ قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012..وكذا في تل ابيب والقدس وبيت لحم، رغم أن عباس حاول أن يظهرله كفاءة معرفة باللغة الإنجليزية عندما استخدمها في خطابه الترحيبي بترامب..

اسقاط ذلك، بالتأكيد هو رسالة سياسية "مسبقة الصنع" كي يضع الاطار الذي يستخدمه لفرض "الصفقة الكبرى" على عباس أولا، وشعب فلسطين ثانيا، بأن الخيار أمامكم: قبول ما سيعرض عليكم أو الذهاب الى "المجهول السياسي"..

ومن خلال مسار ترامب السياسي ووفقا لما اشارت له مصادر أمريكية اسرائيلية، وبعد زيارة عباس ووفده الى واشنطن، والانتهاء من جولة ترامب الشرق أوسطية، فأن العناصر الرئيسية لتلك الصفقة أخذت في التبلور، بعناصرها الأساسية لكل "قضايا الحل النهائي" التي وردت في متن الاتفاقات الفلسطينية الاسرائيلية "المغتالة" بيد الارهاب السياسي - الأمني الاسرائيلي، وسنبدأ في تناول تلك القضايا واحدة واحدة :

*القدس: بات واضحا جدا أن الصفقة القادمة تقوم على الاعتراف بأن الحرم القدسي الشريف يتضمن "الهيكل"، وهو ما أكده ترامب ليس بالقول كما غيره، بل عمليا عندما ذهب لابسا طاقية اليهود لزيارة حائط البراق،  باعتباره "حائط المبكى" ولم يرفض عباس وفريقه ذلك، بل هو أن عباس ايد هذا الرأي..لذلك فالنقطة المركزية في جوهر الخلاف بين الشعب الفلسطيني وقادة دولة الكيان تم حسمها نهائيا لصالح "رواية الكيان التهويدية"..وعمليا الاعتراف بها كـ"عاصمة للكيان"..الذي بات رسميا في العرف الأمريكي "وطنا قوميا لليهود"، وهو ما لم ينطق به يوما اي رئيس أمريكي الا هذا..

*المستوطنات وتبادل الأراضي: ووفق لما نشرته أوساط عباس بعد رحلة وفده الى واشنطن، وتقديمه خرائط للحل المنتظر، تبدأ من حدود "عرض أولمرت" الذي رفضه عباس بأمر أمريكي في حينه - 2006 - لاعتبارات واشنطن الخاصة نحو تنفيذ مشروعها التقسميمي في المنطقة، مشروع يتحدث عن نسبة ضم اراضي - تبادل – بداية من نسبة 6% وقد تقارب الـ8% من أراضي الضفة والقدس، وهو الطلب الذي لم يعرضه اي مسؤول اسرائيلي سابق، والنسبة هنا لتحقيق ضم "أراضي وكتل استيطانية" يعتبرها اليهود انها جزء من مفهوهم التوراتي للضفة الغربية التي يصرون على تسميتها "يهودا والسامره"..ولذا أي صفقة قادمة لتبادل الأراضي تعني ضم كل المستوطنات الكبرى ومحيطها بحيث يقترب من "الحلم اليهودي"..

*اللاجئين: الحل الأمثل لأي ادارة أمريكية لحل قضية اللاجئين تم صياغته من قبل "الأمريكي اليهودي" توماس فريدمان في نص "مبادرة السلام العربية"، عندما وضع "السم اليهودي" في نص الفقرة الخاصة بحل القضية الأعقد، بالقول "حل متفق عليه"، وهو هنا وضع فيتو  اسرائيلي مسبق لأي حل منصف أو يقترب من تنفيذ قرار الأمم المتحدة 194 لعام 1949 الخاص باللاجئين، المؤكد على حق العودة والتعويض، ومعاقبة اسرائيل لعدم تنفيذها القرار..ورغم كل "غوغائية قادة الكيان حول مبادرة السلام العربية" لكنها عمليا قدمت عبر فريدمان "درة الحل التصفوي لقضية اللاجئين الفلسطينيين"، ولا نستغرب لو أصر قادة اسرائيل على اعتبار "اللاجئين اليهود" ايضا جزءا منها..

الأمن: يبدو أن هذه المسألة باتت الأكثر اتفاقا وتوافقا قبل أي بحث في قضايا الحل النهائي، إذ تقترب كل الصياغات المتداولة كثيرا من الموقف الاسرائيلي، بحيث يصح "أمنا مشتركا اقليما بمشاركة أمريكية"، سواء عبر قوات مراقبة مباشرة كما طرح وفد عباس، أو مراقبين للقوات الأمنية المشتركة، دون المساس بـ"يد اسرائيل العليا" في هذه القضية التي تعتبرها "جوهر فرض سيادتها الخاصة"..

العلاقات بين الأطراف: وهنا تبدأ عملية "الرشوة الكبرى" الى دولة الكيان، بعد رشوة التهويد والقدس والأمن، بأن تعيد الصفقة الأمريكية ربط الحل الثنائي كما حدد اتفاق أوسلو ليصبح "حلا اقليميا" شرطا مسبقا للموافقة على "الصفقة الكبرى"، وهذا ليس تغييرا شكليا بل هو الجوهر الأهم - الأخطر عندما يصبح الحل اقيليما وفق الأسس السابقة، بحيث يتم "تدفيع الثمن" مرات متعددة..

ومقارنة بما سبق وأي مشروع اسرائيلي للحل، لن يكون هناك فوارق جوهرية، بل ربما بها ما هو مضاف له، خاصة "الحل الاقليمي"، الذي لم يكن جزءا من اي اتفاق سابق كون "التطبيع العربي" هو نتاج للحل وليس شرطا له كما سيكون في الصفقة القادمة..

هل هذا قدر سياسي لا راد له، بالتأكيد لا ، ولكن كي لا يصبح مطلوب اعادة صياغة الحالة الفلسطينية لتعيد الاعتبار للوطنية التائهة وسط المشهد الانقسامي، ولا نهاية للانقسام دون انهاء أسبابه ومسببيه، وهذه هي نقطة الفصل السياسي لتشكيل "نهضة سياسية وطنية" بعيدا عن "صياغة الحاضر القائم"..تلك هي المسألة  منها يكون الرد وبها يمكن المواجهة ودونها "سيكون ما لا يحمد عقباه لزمن بعيد"!

وقبل النهاية لا نملك سوى التذكير بأن الخالد دفع حياته ثمنا كي لا تهود القدس أرضا ومقدسات..

ملاحظة: بعيدا عن ضرورة كبح جماح مخاطر الكيان القطري واعادته الى حيث يجب أن يكون، فإن سياسة "حجب المواقع" ليس حلا، بل ليست مثمرة في عالم اليوم..الرد على مهازل الدوحة يجب أن يكون بسبل أنجع وأوجع!

تنويه خاص: رسالة "اتحاد قبائل سيناء" العلنية الى حماس يجب أن تقرأها قيادة الحركة قراءة فلسطينية خالصة..وتعيد قراءتها مرات عدة، ففيها ما لم يكن أحد يوما يشير له..ليتهم يفقهون..وقد تحتاج اطلالة خاصة يوما!

اخر الأخبار