(تقرير خاص) الجريمة في قطاع غزة والقرع على جدران الخزان والسؤال المفتوح.. من الضحية التالية؟!

تابعنا على:   19:22 2017-04-28

أمد/ غزة- خاص- أنسام القطاع : يشهد قطاع غزة، حالة من شد الأعصاب، والتوتر مصحوباً بقلق البعض على حياته، بعد إرتكاب ثلاثة جرائم في أسبوع واحد، الأمر الذي تسبب في صدمة غير متوقعة بالمجتمع، خاصة وأن التوتر بات واضحاً من تلقف سكان قطاع غزة للأخبار المستعجلة والغير دقيقة ومجهولة المصدر، ليدخل القطاع في مرحلة نشر الاشاعات وإثارة القلاقل،وزيادة الحالة السائدة سوءً.

ولأن الجرائم المرتكبة جرائم قتل وفي شقق سكنية لعمارات مشتركة، كان لوقعها عمقاً أخر، أذ أن العمارات السكنية تشكل حالة تشارك سكاني غير بسيط، من البوابة حتى الشرف المطّلة على بعضها البعض، والممرات المتقاربة، لذا شعرت مجموعة من النسوة بخطورة بالغة في ابراج عين جالوت بعد قتل سيدة على يد شاب قام بقطع أذنها، وتحطيم رأسها بعد ارتكاب جريمته بأنبوبة غاز، الجريمة التي استنكرها الجميع، واضطرت نساء الابراج السكنية من النزول الى الشارع، وقطع الطريق الرئيس"صلاح الدين" الرابط بين جنوب القطاع بشماله، تعبيراً عن حالة الاستياء الشديد لدى هات النسوة .

واستعرض (أمد للإعلام) آراء العديد من المختصين والمراقبين والمتابعين لوضع القطاع بعد هذه الجرائم:

ترى المواطنة شيرين أبو قمر أن سبب انتشار الجريمة هو تخاذل الجهات الأمنية عن صد المجرمين   وتقول لـ(أمد) "لو العدالة أخذت مجراها ما كان صار إلي صار فالجريمة تقع  و تنتشر لتثير الرعب بين أفراد الشعب، وبعدها  تقبض الجهات الأمنية على المجرم  ويتم سجنه ثم تختفي آثارها ولا كأنه حدث شيء، حتى بتنا ننتظر ان نكون نحن الضحايا القادمون"

وأبو قمر كما غيرها من النساء أصبحت مصابة بهوس الخوف من اللصوص الذين قد يقتحمون منزلها في أية لحظة، تقول "  أغلق نوافذ البيت بإحكام ، فالخوف لا يفارقني من اقتحام أي لص أو جائع لمنزلي في أي وقت" وتتابع "ما في أمان وطول الوقت تأتيني هواجس أني معرضة للخطر".

انحلال مجتمعي

ويرى د.حسام أبو ستة المحاضر في علم الاجتماع أن القتل بهدف السرقة أو الهرب بعد السطو على منزل بغرض السرقة، لا يمكن  أن نعزيه لتناول عقاقير الهلوسة مهما كانت درجة تأثيرها، لأن السرقة ببساطة، عمل مخطط ومدبر له بشكل مسبق.

وعن ما  يشهده قطاع غزة من تزايد الجريمة والسلوك المنحرف بشكل عام، يرجح  ابو ستة انها تعود  لحالة انحلال مجتمعي وثقافي، أصابت منظومة القيم وأخلت به، و لا يمكن عزيها إلا لعدم الاستقرار والفوضى التي يعيشها المجتمع منذ عدة سنوات، والتي فاقمت من تداعياتها حالة الفساد التي ضربت كافة مستويات المؤسسات الاجتماعية من الأسرة وصولا للمؤسسات الرسمية، حيث نتج عنها تزايد غير مسبوق بنسب الفقر والبطالة والاغتراب ،المصحوبة بمثيلاتها من الأمراض والاضطرابات النفسية المتعددة، والتي يعتبر الإدمان على العقاقير المخدرة أحداها.

وتقول سمية كرسوع الأخصائية النفسية في جمعية عايشة لـ (أمد)  إن الجريمة من  أخطر الظواهر الاجتماعية في كل المجتمعات البشرية وينظر للمجرمين على أنهم فئة مرفوضة بسبب ما تلحقه جريمتهم من أضرار تطال أمن المجتمع  واستقراره  وتختلف النظرة للجريمة من مجتمع الى أخر؛ فالفعل الذى يعد سلوكا إجراميا في مجتمع ما قد لا يكون كذلك في مجتمع أخر.

وتؤكد كرسوع أن الفرد لا يولد شريرا ولا جشعا فالانحراف لا يرجع إلى نقص في طبيعة الفرد أو إلى نزاعات داخلية في نفسه البشرية وإنما  إلى نقص في البيئة وعدم تهيئة الجو النفسي والمناخ الملائم للتربية والتوجيه.

علاقة الجريمة بالمخدرات

وترى كثير من الدراسات أن علاقة المخدرات بالجريمة نابعة من مصدرين رئيسين هما: تغير في الحالة العقلية والمزاجية للمتعاطي وما يحدث نتيجة ذلك التغير من اختلال في وظائف الإدراك والتفكير وبالتالي ضعف السيطرة على ضبط الذات ،أما المصدر الثاني لعلاقة المخدرات بالجريمة فيتمثل في حاجة الفرد الملحة إلى المادة المخدرة.

يشاع بين الغزيين بوجود حبة الفيل الأزرق (الثور) والتي تصيب الإنسان بالهلوسة وتدفعه لارتكاب الجرائم، ويبلغ سعر الحبة الواحدة من الDMT أو الفيل الأزرق 40 دولار، ممنوعة  لأنها مخدرة.

يقول الصيدلي  ذو الفقار سويرجو  والذي يعمل في مجال الصيدلة منذ أكثر من ثلاثين عام عبر صفحته على "الفيس بوك" " تعرفت خلال عملي على غالبية الأدوية التي تدخل قطاع غزة بشكل قانوني وغير قانوني (مهرب) ولم يحدث خلال تلك السنوات أن دخلت حبوب مخدرة على هذا القدر من الخطورة مما يشاع الان" .

يواصل" العقاقير التي تحمل اسم السعادة بمختلف ألوانها وأنواعها  هي عقاقير خطرة وغير خاضعة للرقابة ،ولكن حجم الضرر الذي تسببه ليس كارثيا كما يحاول البعض تصويرها رغم خطورتها على صحة الإنسان العامة و حياته الخاصة" .

أما ما يشاع عن حبوب الهلوسة التي تحمل اسم الثور وغيرها، فلم يصادف سويرجو طول مسيرته الصيدلانية مثل هذه العقاقير التي تذهب العقل و تتسب بإصابة المتعاطي بالعدوانية و النزوع نحو القتل .

المواد المخدرة

وفيما يتعلق بانتشار المواد المخدرة  يرى  بلال النجار المحامي في الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون  ان المسؤولية الأولى تقع على من يتولى الحكم في قطاع غزة بغض النظر على ما يفرض عليه أو ما يعاني منه من  أزمات  اقتصادية فلا يمكن تبرير  تقصير الجهات الحاكمة و المسؤولة عن المواطنين  عن تقديم  خدماتها لهم.

 يشدد النجار " يجب متابعة مصادر دخول المواد المخدرة ، ثانيا إيقاع العقوبات  وهذا يستدعي تعديل قانوني وتدخل من السلطة التشريعية موضحا ان الانقسام عائق أمام تطبيق هذه البنود في ظل عدم وجود مجلس تشريعي موحد وقادر على الانعقاد .

يتابع "هذه الازمات والجرائم توجب علينا أن نلتف على بعضنا ونعيد للمجلس التشريعي شرعيته من خلال اعادة الانتخابات وانعقاده بنسبته القانونية وتعديل القوانين بما يتوائم مع نوعية الجرائم .

ويضيف " هناك عدد كبير من المدمنين ، ولا يوجد لهم مراكز متخصصة لمعالجتهم، فعذر الحصار وعدم وجود موارد  كافية لمعالجة الجرائم غير مقبول؛ لأن كما المواطن ملتزم بدفع الضرائب يجب على الجهات المسؤولة أن تلتزم بتوفير الخدمات على حد قوله.

الانحراف الاجرامي

ويرى سامي موسي الباحث في الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني  إن الظروف الحالية في قطاع غزة، توفر بيئة خصبة للانحراف الإجرامي، وأن المعالجة الأمنية والقانونية لن تفلح وحدها في وضع حد لهذه الجرائم في المستقبل، ولن تستطيع أن تلعب دور وقائي يؤدي لنتائج على أرض الواقع، منوهًا لـ (أمد) يجب إيجاد معالجة متكاملة لظروف السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عموما.

ويتابع موسي " يجب وقف أي تسييس للخدمات الحكومية المقدمة للمواطن الفلسطيني، وعدم استكمال الحكومة الفلسطينية سلسلة أخذ القرارات غير المبررة بحق أبناء قطاع غزة، والوفاء بالتزاماتها ، والتراجع عن نيتها التخلي عن التزاماتها تجاه خدمات الكهرباء، والمياه، والصحة، والتعليم، والاتصالات،  في غزة، وايجاد صيغ توافقية أخري لحمل طرفي الانقسام الداخلي إنهاء هذه الصفحة السوداء من تاريخ شعبنا الفلسطيني.

اخر الأخبار