ابرز ما تناولته الصحف العبرية15/04/2017-14

تابعنا على:   14:46 2017-04-15

اسرائيل لم تهدم البيوت غير القانونية التي اقيمت قرب بؤرة عمونة

تكتب صحيفة "هآرتس" انه رغم تصريح السلطات بأنها تنوي ازالة البيوت المؤقتة "الكرفانات" التي اقيمت بالقرب من بؤرة عمونة بشكل غير قانوني، الا انها لم تفعل ذلك حتى الان. وكان المجلس الاقليمي "بنيامين" قد وضع هذه الكرفانات في المنطقة الفاصلة بين مستوطنة عوفرا والتل الذي قامت عليه بؤرة عمونة، وتم عرضها في البداية كحل مؤقت لسكان بؤرة عمونة، الا ان مستوطني عمونة رفضوا الانتقال اليها، فبقيت فارغة وغير مرتبطة بالبنى التحتية

ومع اقامة هذه المباني قالت مصادر في الادارة المدنية بأنه ستتم ازالتها خلال شهر، لكنه مضت منذ ذلك الوقت حوالي ثلاثة اشهر، من دون ان تتم ازالتها. وادعوا في الادارة المدنية انه لم تصدر ضد هذه المباني اوامر إخلاء في اعقاب المصادقة على قانون التسوية، لكنها اقيمت هناك قبل اسابيع من المصادقة على القانون. وتقوم المباني في موقعين رفض مستوطنو عمونة السكنى فيهما، كما اقيمت عدة مباني قانونية في منطقة مجاورة بهدف استيعاب المستوطنين، وبقيت هي ايضا فارغة. وفي نهاية الشهر الماضي، صادق المجلس الوزاري السياسي – الأمني، ومن ثم الحكومة، على اقامة مستوطنة لسكان عمونة في غور شيلو، تنفيذا لالتزام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وستكون هذه هي اول مستوطنة تقيمها الحكومة بشكل رسمي منذ 20 سنة.

ويجري حاليا دراسة مخطط انشاء المستوطنة ولم يبدأ التنفيذ بعد. وجاء من الادارة المدنية بشأن الكرفانات: "بناء على ما ابلغته الدولة للمحكمة العليا، فقد تم تجميد تطبيق القانون بشأن المباني القائمة في يهودا والسامرة التي يسري عليها قانون التسوية، ولذلك لم يتم تسليم اوامر ضد المباني غير القانونية في عوفرا". ويشار الى ان الكنيست صادقت على قانون التسوية لمصادرة الاراضي الفلسطينية الخاصة، بعد شهر من اقامة هذه المباني، وخلال هذه الفترة لم تعمل السلطات على ازالتها.

 الى ذلك، عاد المستوطنون مؤخرا الى البؤرة غير القانونية "ملأخي هشلوم" التي اقيمت على ارض القاعدة العسكرية سابقا على مدخل شيلو، والتي تم اخلاؤها في نهاية الشهر الماضي. ويعيش هناك منذ عام 2015 عدة فتية، تقوم الادارة المدنية بإخلائهم بين الحين والآخر. وقالت مصادر في جهات تطبيق القانون لصحيفة "هآرتس" ان المستوطنين وافقوا على إخلاء المكان بعد التوضيح لهم بأنهم ان لم يفعلوا فستقوم السلطات بإخلائهم من المكان نهائيا، لكنه تبين هذا الأسبوع انهم عادوا الى المكان واعادوا انشاء المبنى الذي تم تفكيكه، بل احضروا معهم عشرات الخرفان.

حوالي الف امرأة تتظاهرن في بيسان مطالبات بتحريك العملية السلمية

تكتب "هآرتس" ان حوالي الف امرأة من حركة "نساء تصنعن السلام" سافرن يوم الخميس، بالقطار من تل ابيب الى بيسان، بهدف المطالبة بتحريك العملية السلمية. ونظمت النساء مسيرة من محطة القطار وحتى موقع المهرجان الذي تم تنظيمه في المدينة.

وفي حديث مع "هآرتس"، قالت ليلي فايسبرغ، من سكان "عيمك حيفر"، وهي ام لجندي خدم في حرب الجرف الصامد، وابن اخر يخدم في وحدة مقاتلة، انه وصل الى المسيرة نساء واولاد وعائلات من كل انحاء البلاد، من ديمونة واوفاكيم وايلات واشدود ويفنيه والكيبوتسات والقرى الزراعية، ومن كريات شمونة وطبعون وغور الأردن. "هذا مشهد رائع. نحن نرتبط بالمكان الأكثر عمقا، المكان الذي تولده المحبة والقلق والارتباطات الشخصية، وهو يشمل كل الاحزاب والديانات والقطاعات".

وقالت ان مطلب الحركة هو "قلب كل حجر، ومراكمة كل الابداع في هذه البلاد، في مختلف المجالات – العلوم والتكنولوجيا والزراعة، من اجل تشكيل تفكير خلاق يخترق الطريق نحو الحل. نحن كنساء، كأمهات، نطالب بقلب كل حجر من اجل التوصل الى حل".

وقالت يهلوما زخوت، من بلدة اوفاكيم، ان قرار الخروج الى بيسان يهدف، ايضا، للربط بين المركز والبلدات الطرفية. والقت زخوت كلمة في المهرجان الذي اقيم في ختام المسيرة، قالت فيها ان "حركة نساء تصنعن السلام تواجه التحدي كل يوم من خلال تنوع الاصوات الشريكة في الحركة. انا كابنة اوفاكيم، التي تصل من مجتمع محافظ ويميني اقف في التحدي مع المختلف الاجتماعي في الحركة. هناك من يستغلون الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في الدولة من اجل تعميق الفصل في المجتمع الاسرائيلي، الفصل الذي يولد الحكم السياسي لكل الاحزاب المشاركة في السلطة".

وشارك في المسيرة رؤساء سلطات محلية من المنطقة والنائب يهودا غليك الذي القى كلمة قال فيها للنساء انهن رائعات. واضاف: "اقمنا دولة لكي نكون حساسين ازاء معاناة الآخر وهذا لا يمس بحقيقة اننا نجونا. هناك اناس يفتقدون الى الامل، لكن النساء تنظرن الى البعيد. لا تفقدن الأمل.تذكرن انه قبل مئة سنة فقط، لم تملك النساء حق الانتخاب وبالنسبة لنا كان الأمر مفهوم ضمنا".

رئيس الدولة يهاجم الصحفي كلاين ويعتبر مقالته ضد المتدينين القوميين افتراءات

تكتب صحيفة "هآرتس" ان رئيس الدولة تطرق، يوم الخميس، الى المقالة التي نشرها الكاتب يوسي كلاين في "هآرتس" بعنوان "النخبة التقية لدينا"،  وكتب ان "اقوال كلاين هي افتراءات تكشف الكراهية العميقة التي تقوض كل امكانية للحوار او الانتقاد. الصهيونية الدينية هي جزء لا يتجزأ من هذه البلاد، نوعية اكثر وجذورها اعمق من كل منتقديها".

من جهته دعا وزير الامن، افيغدور ليبرمان، الى مقاطعة صحيفة "هآرتس" ردا على المقالة، وكتب على صفحته في الفيسبوك: "انا ادعو كل مواطني اسرائيل الى وقف شراء وقراءة صحيفة "هآرتس" فورا. حقيقة ان هيئة تحرير "هآرتس" قررت نشر المقالة تثبت بأن الصحيفة فقدت صوابها وان كراهية رجال "هآرتس" الضخمة لكل ما هو اسرائيلي ويهودي اصابتهم بالجنون".

وقالت "هآرتس" في تعقيبها على الانتقاد ان "المقالة تعبر عن رأي صاحبها. ورغم صياغتها بشكل فظ، الا انها حسب رأينا شرعية. الدعوة لمقاطعة "هآرتس" تدل على اننا كمجتمع يجب ان نقطع طريقا طويلة حتى نصل الى حرية التعبير الكامل والتعددية الفكرية. نحن ندعو الكتاب الذين يريدون نشر مقالة تعبر عن رأي معكوس لرأي كلاين، الى ارساله للصحيفة، وسندرس بجدية كل مقالة تستحق النشر".

وكانت مقالة كلاين التي نشرت في الصحيفة يوم الخميس قد اثارت انتقادات كثيرة من قبل السياسيين، من بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير التعليم نفتالي بينت، ورئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ، والذين هاجموا الكاتب والصحيفة، وشجبوا نشر المقال. وطالب نتنياهو الصحيفة بالاعتذار وكتب على صفحته في الفيسبوك، بأن "المقالة في "هآرتس" مخجلة وغريبة، لقد فقدوا الخجل تماما. الجمهور المتدين القومي هو ملح الأرض، ابناؤه وبناته يخدمون في الجيش الاسرائيلي وفي الخدمة القومية من اجل دولة اسرائيل وأمن اسرائيل. انا افاخر بهم كما يفاخر بهم غالبية المواطنين".

 وكتب رئيس البيت اليهودي، وزير التعليم نفتالي بينت: "دائما عندما تعتقد ان صحيفة "هآرتس" وصلت الى الحضيض، فإنها تنجح بمفاجأتك بحضيض جديد. لا يستحق المتدينون القوميون ولا اليساريون ولا العرب ولا أي قطاع آخر، نص الكراهية والتجديف والحماقة هذا". واضاف بينت: "قبل لحظة من أن يكلفنا هذا الدماء، توقفي يا صحيفة هآرتس. واخجل يا عاموس شوكن، واخجلوا يا محرري هآرتس".

وكتب كلاين في مقالته ان "المتدينين القوميين خطيرون، اخطر من حزب الله، واكثر من السائقين الدهاسين والبنات اللواتي تحملن مقصات. يمكن احباط العرب، اما هم فلا. ما الذي يريدونه؟ السيطرة على الدولة وتنظيفها من العرب. اذا سألتم فسوف ينكرون. انهم يعرفون انه لا يزال من المبكر ان يكونوا واضحين. لا تصدقوا نفيهم". كما كتب ان "القومية الدينية لديهم هي قومية متطرفة، مغطاة بالتقوى الورعة. انها تتغلغل في الجهاز التعليمي، تتعزز في الجيش وتؤثر على المحكمة العليا. انهم في الطريق الينا. بعد لحظة سيقتحمون الباب".

احباط عملية في اسرائيل عشية عيد الفصح العبري

تكتب "يديعوت احرونوت" انه تم عشية عيد الفصح العبري احباط عملية في اسرائيل، فقد وصل مشبوه فلسطيني الى معبر قلنديا وحاول الدخول الى اسرائيل، لتنفيذ عملية طعن. وبفضل يقظة القوة تم اعتقاله.

وقالت الجندية في الشرطة العسكرية ليزا ليدوكوف: "وصل شخص تصرف بشكل غريب، كان يرتعد ويتعرق، شيء ما لديه كان مشبوها. وحين حاول عبور البوابة الالكترونية، انطلقت صافرة التحذير، فقلت له ان يخرج كل ما في جيوبه. وفجأة اخرج سكينا وقنبلة صدمات".

وأصيبت ليدوكوف بالصدمة، لكنها سرعان ما انتعشت واعتقلته، وتم نقله الى غرفة الفحص ومن ثم تسليمه للشرطة. وتقول انها اتصلت بعائلته وتمنت لهم عيدا سعيدا وروت لهم ما حدث، "وهذا سبب لهم الفرح بالعيد".

نصب تذكاري لشهداء النكبة في الطيرة يثير "عاصفة"!

تحرض "يسرائيل هيوم" على قرار اهالي مدينة الطيرة (في المثلث الجنوبي) بناء نصب تذكاري لشهداء النكبة، الذين سقطوا خلال معركة الطيرة في نكبة سنة 1948. وتدعي ان القرار يثير "عاصفة". وتقول انه كتب على الشبكات الاجتماعية باللغة العربية انه "يجري استكمال العمل لإقامة نصب تذكاري لشهداء الطيرة الذين ابعدوا العصابات الصهيونية عن المدينة في حرب 1948. ويقام النصب التذكاري بالقرب من بلدية الطيرة." كما يشار الى دعم رئيس بلدية الطيرة مأمون عبد الحي، لإقامة النصب الذي صودق عليه في المجلس البلدي, وحسب البيان نفسه، فان المبادرين يخططون لإقامة حديقة للذكرى وملتقى لأبناء المدينة بهدف تذكر دور شهداء الطيرة في أيام النكبة.

وقال احد النشطاء المركزيين في موضوع الطيرة بأن المبادرة لإنشاء النصب التذكاري جاءت من السكان، وقرار اقامته في الساحة الرئيسية للمدينة تم اتخاذه قبل اربعة اشهر. كما نشر رئيس البلدية على الفيسبوك ثلاث صور للمخطط وطلب من السكان اختيار احدها. وبعد اختيار المجسم، ازيل المخطط عن جدول الأعمال لعدة اشهر، حتى اعيد طرحه وبدأ البناء.

واكد رئيس بلدية الطيرة في حديث مع "يسرائيل هيوم" ان النصب يقام على ارض عامة قدمتها البلدية، وقال: "قوى الظلام لن تنجح باسكاتنا. لا احد ينوي اغضاب احد. مع ذلك نحن نعرف كيف نحافظ على كرامتنا وعلى تاريخنا". وقال رئيس البلدية: "لقد اثبتنا اخلاصنا لدولة اسرائيل اكثر بكثير من يهود يخونون الدولة بواسطة "قيم" يحاولون تمريرها". واضاف: "نحن نعرف كيف نثقف اولادنا ونمرر الرسالة لهم بأننا نحترم الدولة وقوانينها. انا اعتمد على اننا كمجتمع نجح طوال قرابة 70 سنة بالحفاظ على الاخلاص للدولة وعلى هويته، سننجح بعمل ذلك في الحاضر وفي المستقبل".

ويتبين من الخبر ان "العاصفة" التي تتحدث عنها الصحيفة ليست الا تصريحا من رئيس حركة يمينية اسمها "لك يا قدس"، هو مؤور تسوماح الذي تكتب انه كشف عن اقامة النصب. وتقتبس قوله" "ادعو وزير الداخلية الى استدعاء رئيس بلدية الطيرة لجلسة استجواب وفصله نهائيا. لا يمكن ان يتم في دولة اسرائيل تخليد ومنح منصة لأسوأ اعداء اسرائيل. يجب شجب واقتلاع كل تمجيد لأعداء الشعب اليهودي في ارض اسرائيل".

وامام الانتقاد،، تدعي الصحيفة، ان مصادر في الطيرة اتهمت رئيس البلدية يعمل بالذات على ابعاد النصب من مركز المدينة. "ليست البلدية هي التي مولت النصب كما يحاول رئيس البلدية عرض الأمر، وانما جهات خاصة في الطيرة.  ولاحظنا لاحقا ان البلدية تحاول نقل النصب الى الشوارع الداخلية في المدينة. والان يجري الحديث عن تلقي رئيس البلدية لأوامر عليا بشأن موقع النصب، من اجل اخفائه وتقزيمه".

لكن رئيس البلدية يرد على ذلك ويقول ان من يطرحون الانتقاد يخلطون بين نصبين يقامان في الطيرة، ونصب شهداء النكبة سيقام في موقعه في مركز المدينة.

ازمة الطاقة في غزة تتجدد في ظل انتهاء التمويل الخارجي

تكتب "يسرائيل هيوم" انه يبدو بأن ازمة الطاقة الخطيرة التي سادت في قطاع غزة خلال فصل الشتاء، ستتجدد، حسب ما يستدل من بيان لسلطة الطاقة في غزة التابعة لحماس، والتي اعلنت عن انتهاء اموال الدعم القطرية والتركية لشراء السولار المطلوب لتفعيل محطة الطاقة في القطاع.واضافت سلطة الطاقة الغزية بأنه لا يمكنها شراء السولار ودفع الضرائب عنها للسلطة الفلسطينية في رام الله. واعلنت سلطة الطاقة بأنه اذا اصرت سلطة رام الله على جباية الضرائب، ستتوقف محطة الطاقة في غزة عن العمل يوم الاحد القريب.

مقالات وتقارير

الأزمة الجديدة في سورية تضع اسرائيل امام تهديدات جديدة في الشمال.

يكتب عاموس هرئيل في "هآرتس"، ان الحلبة الدولية تشهد تغييرا بوتيرة متسارعة. الى ما قبل اسبوع تقريبا، تردد رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب في الرد على الهجوم الكيميائي الذي نفذه نظام الاسد في ادلب. وفي البداية عرض المتحدثون باسم الادارة ردود متلعثمة، واغلبية التقديرات في وسائل الاعلام (بما فيها هآرتس)، ادعت أن العلاقة بين ترامب وروسيا تصعب عليه المصادقة على قصف سوريا عقابا لها. وفي صباح يوم الجمعة الماضية شنت الولايات المتحدة هجوما بواسطة 59 صاروخ كروز على قاعدة سلاح الجو في حمص، التي خرجت منها الطائرات السورية لقصف ادلب. ومنذ ذلك الحين يهدد ترامب بشن هجوم آخر على سوريا. وتطالب الادارة الأمريكية روسيا بالتنصل كليا من الرئيس بشار الاسد. والرئيس الروسي بوتين يهين نظيره الامريكي ويدعي أن العلاقات بين الدولتين تضعضعت منذ مغادرة الرئيس براك اوباما للبيت الابيض.

هذه التطورات المتطرفة تثير الاشتباه بأن “نظرية ترامب” بشأن السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والتي بدأ المحللون في الولايات المتحدة يتحدثون عنها بعد القصف في سوريا، قائمة على الورق فقط. وحسب ما يحدث في الآونة الاخيرة يبدو من المعقول اكثر، ان الرئيس لا يحافظ على استمرارية  في افعاله ورسائله، وانما ينثر الغموض المقصود، بسبب تعوده على ذلك أو من اجل ترك مجال واسع من المرونة لنفسه من اجل العمل.لقد عمل ترامب، طوال الحملة الانتخابية، على ابراز رسالتين اساسيتين كان فيهما تناقض معين. الرسالة الرئيسية تتعلق برغبته ووعده “بإعادة امريكا الى قوتها الكبيرة”. وكجزء من ذلك ابرز الحاجة الى جعل الشؤون الداخلية وعلى رأسها ترميم الصناعة الامريكية، كأولوية عليا أكثر من الشؤون الخارجية.

ولكن الى جانب التركيز على الشؤون الداخلية والاحجام عن تخصيص الاموال والجنود للحروب البعيدة، أكد ترامب باستمرار على رسالة اخرى وهي الحاجة الى اصلاح مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى في نظر المجتمع الدولي. في تلك الفترة وفي الاسابيع التي تلت فوزه وتنصيبه رئيسا، برز أمران آخران وهما الحاجة الى الاثبات بأنه أفضل من اوباما، احيانا وصل الى حد السخرية، والحاجة للتقرب من بوتين.

مسؤولون في الادارة الامريكية، تحدثوا بعد فترة قصيرة من توليه الرئاسة، مع نظرائهم في اسرائيل، قالوا إن الرئيس ورجاله  يبحثون عن ساحة مناسبة لإظهار القوة أمام المجتمع الدولي. وخلال تلك المحادثات تم ذكر كوريا الشمالية كهدف أول يشغل الادارة، بسبب القلق الذي تسببه لحلفاء الولايات المتحدة، كوريا الجنوبية واليابان، وطبيعة النظام الجنوني هناك وحقيقة أنه يمتلك السلاح النووي. وللمقارنة، وصف الامريكيون ايران وسورية وحزب الله وكأنهم يصنفون في أولوية منخفضة نسبيا في نظر الادارة الجديدة. قرار الاسد استخدام السلاح الكيميائي، بسبب الثقة الزائدة بالنفس والرغبة في ابعاد المتمردين عن ادلب، جعل ترامب يختار سورية كحلبة لعرض الجوهر (وبالفعل، بعد فترة قصيرة من القصف الامريكي في سورية بدأ ترامب بتوجيه التهديد المباشر ليونغ يانغ، وربطه بما فعله في سورية).

لقد تم تنفيذ القصف الامريكي العقابي بعد أقل من 72 ساعة على نشر التقرير الاولي حول المذبحة الكيميائية التي نفذها نظام الاسد في سورية. وقال ترامب انه تأثر من صور “الاطفال الجميلين” القتلى الذين شاهدهم في التلفاز. وتحدثت وسائل الاعلام الامريكية عن التأثير العاطفي لابنته وزوجها على هذا القرار، كما يبدو بشكل مناقض لموقف مستشاره الاستراتيجي ستيف بانون. خلال الايام التي أعقبت عملية القصف، لجأ ترامب الى لهجة متشددة تجاه موسكو، والتي رد عليها بوتين بالمثل، علما ان هذا كله حدث في ظل زيارة وزير الخارجية الامريكي ريك تيلرسون الى روسيا. وفي المقابل، بعد حضور تيلرسون، أعلنت روسيا عن استئناف آلية التنسيق لمنع الصدام الجوي مع الولايات المتحدة في سورية، بعد ان جمدت استخدامها في أعقاب القصف الامريكي لسورية.

وبما ان الحديث يدور عن زعيمين مُتهكمين يوليان أهمية كبيرة لعنصر المفاجأة، ونظرتهما للحقيقة مرنة جدا، يصعب تقدير ما اذا كان هذا التصعيد سيتأجج. ويوم أمس عاد ترامب وغير المزاج، عندما غرد على حسابه في تويتر بأن "الامور بين الولايات المتحدة وروسيا ستتم تسويتها". على كل حال، حصل ترامب على مكسب فوري في الساحة السياسية الامريكية: ليس فقط الاحتضان الذي حظي به بشكل مفاجئ من قبل المحافظين والليبراليين الذين يؤيدون التدخل العسكري، وانما في حرف النقاش على التحقيق حول العلاقات بين مقر ترامب الانتخابي وبوتين والادعاء بأن الرئيس الجديد هو في الواقع دمية روسية.

لكن شهر العسل لم يستمر طويلا، أولا، بسبب الطبيعة الغريبة للنظام الامريكي نفسه. في البداية جاء العرض المخيف للمتحدث بلسان البيت الابيض، شون سبايسر، الذي نجح بشكل ما في الدفاع عن أدولف هتلر. وبعد ذلك جاءت سلسلة التصريحات التجميعية لترامب خلال مقابلة تلفزيونية، والتي تذكر خلالها الاطراء على كعكة الشوكولاتة الفاخرة التي أكلها مع الرئيس الصيني شي جين فينغ، عندما صادق على الهجوم، ولكن ليس الى الدولة التي تم توجيهها اليها (لقد تحدث خطأ عن العراق بدلا من سورية).

وهكذا، يبدو أن ترامب قام من الناحية الاخلاقية بالخطوة الصحيحة والملائمة عندما قرر الرد وعدم الصمت على استئناف هجمات الأسد الكيميائية. وبهذا يكون قد فعل أكثر من سابقة، الذي قام بتغيير الاتجاه الشهير في العام 2013، والتراجع في اللحظة الاخيرة عن التزامه باستخدام القوة في حال تجاوز النظام السوري الخطوط الحمراء التي وضعتها الولايات المتحدة، واستخدم السلاح الكيميائي. صحيح أن براك اوباما حقق نتيجة هامة - الاتفاق مع روسيا على تفكيك معظم الاسلحة الكيميائية لدى الأسد - ولكن تردده والغاء قرار العمل استقبلا بشكل سيء في معظم عواصم الشرق الاوسط، من القاهرة وحتى الرياض مرورا بالقدس.

اضافة الى ذلك، تبين أنه منذ نيسان 2016، كما ذكرت صحيفة “هآرتس″، عاد الاسد لاستخدام السلاح الكيميائي ضد المتمردين. والهجوم الكيميائي الاخير يطرح من جديد التساؤل عما اذا لم تكن التقديرات الامريكية المتفائلة حول حجم تفكيك السلاح الكيميائي مبالغ فيها- تحدثت المعطيات عن 95 – 98 في المئة.

"من قبل أي جهة كانت"

من حيث المحفزات يمكن لتفاقم الوضع بين الولايات المتحدة وروسيا وايران أن يؤثر على اسرائيل. في يوم الاحد الماضي،  نشرت وسائل الاعلام التابعة لحزب الله، بيانا استثنائيا، باسم "القيادة المشتركة، لطهران وموسكو والميليشيات المؤيدة انظام الاسد، جاء فيه بأن القصف الامريكي في السابع من نيسان تجاوز "الخطوط الحمراء"، وأن التحالف المؤيد للأسد "سيرد بقوة" شديد على كل اعتداء على النظام. “منذ الآن فصاعدا سنرد بقوة على كل معتدي وعلى كل تجاوز للخطوط الحمراء، من قبل أي جهة كانت”. كما جاء في البيان ان “الولايات المتحدة على يقين بأننا نستطيع الرد جيدا”. ليس من الواضح مدى مصداقية هذا البيان الصادر عن جهة غير معروفة.

هناك تصريحات رسمية مشابهة صدرت عن روسيا وايران تعبر عن تأييد مشابه للأسد، لكنها لم تتضمن مثل هذا التهديد المباشر بالرد. هل يتعلق بيان القيادة المشتركة هذا، في حال كان يتمتع بالمصداقية، بالولايات المتحدة فقط، أم ان "من قبل أي جهة كانت" تشمل اسرائيل ايضا؟ في 17 آذار فقط، في أعقاب تسارع الاحداث الاستثنائية، تحدثت اسرائيل للمرة الاولى بشكل مباشر عن القصف الذي نفذته في سورية. صحيح أن وسائل الاعلام العربية تتحدث عن قصف قوافل السلاح ومستودعات السلاح التابعة لحزب الله في سورية منذ كانون الثاني 2012 –بعد اقل من سنة على اندلاع الحرب- وعلى الرغم من اعلان اسرائيل بأن هذه هي سياستها، إلا أنها لم تعترف بشكل مباشر بأي هجوم.

خلال القصف الاسرائيلي في الشهر الماضي في جنوب شرق سورية، تم اطلاق صواريخ مضادة للطائرات من طراز "اس. ايه 5" نحو الطائرات الاسرائيلية، وتسلل أحد هذه الصواريخ الى المجال الجوي الاسرائيلي، في غور الاردن، الامر الذي قاد الى قرار اسقاط الصاروخ بواسطة صاروخ السهم، واصدار بيان رسمي حول الحادث. وفي الوقت نفسه، وليس لأول مرة في الآونة الأخيرة، هددت بالانتقام من اسرائيل. ظاهرا، يمكن التعامل مع التصريحات السورية كتهديدات فارغة المضمون.

يمكن الافتراض انه باستثناء تورطه مع الولايات المتحدة نتيجة خطأ، في الاسبوع الماضي، فان آخر ما يريده الاسد هو المواجهة مع اسرائيل. ولكن التهديد الروسي -الايراني غير المباشر لإسرائيل هو أمر أكثر خطورة. زيادة التدخل الروسي لصالح نظام الاسد - في البدء من خلال نشر سربين من الطائرات الحربية في شمال غرب الدولة، وبعد ذلك نصب بطاريات الدفاع الجوي بعيدة المدى- كان له تأثير على مجال المناورة الاسرائيلي. ولكن حسب تقارير وسائل الاعلام العربية فان هذا لم يؤد الى وقف استهداف قوافل السلاح التابعة لحزب الله في سورية.

لقد قامت روسيا واسرائيل ببلورة آلية عسكرية لمنع الصدام الجوي بينهما، ومرة اخرى حسب تقارير وسائل اعلام اجنبية، منع الطرفان اكثر من مرة حدوث صدام غير مقصود. في حادث آخر، القصف الاسرائيلي في 17 آذار، تم الادعاء بأن الروس غضبوا على الخطوة الاسرائيلية، لأن ذلك تم قرب موقع عسكري لهم في سورية. وهذا مطروح بقوة اكبر على الطاولة الان، خاصة حين لجأت الولايات المتحدة الى خطوة هجومية كهذه، وليس من الواضح ماذا ستكون خطواتها القادمة. في الخلفية يسود التخوف الاسرائيلي، والذي يجري الحديث عنه بشكل علني، من أن استمرار تقدم النظام في جنوب سورية، أو وقف اطلاق النار طويل الأمد في الدولة، سيجدد سيطرة الاسد على الحدود مع اسرائيل في هضبة الجولان، ويعيده الى الحدود مع المليشيات الشيعية وحرس الثورة  الايراني أو مقاتلي حزب الله.

يمكن لهذه الجبهة أن تمتد الى لبنان ايضا. لقد نشرت “الاندبندنت” البريطانية هذا الاسبوع مقالة لنيكولاس نو، الباحث الغربي الذي يعيش في بيروت، وفيه يتوقع الحرب في الوقت القريب بين اسرائيل وحزب الله. وهو يمضي بعيدا في استنتاجه ويعتمد من جملة امور اخرى، على ما يبدو لي بأنه تفسير خاطئ لنوايا اسرائيل، على خلفية استكمال استيعاب المنظومة المضادة للصواريخ “مقلاع داود” ونجاح صاروخ “حيتس″. وكما تبدو الامور هنا فان القيادة في اسرائيل لن تستفيد في الوقت الحالي من المواجهة مع حزب الله، وهي تدرك امكانية تعرض الجبهة الداخلية لأعداد كبيرة من الصواريخ من لبنان.

لكن من المثير انطباع نو بأن الامين العام لحزب الله، حسن نصر الله وقادة منظمته “تسحرهم فكرة أن الشعب الاسرائيلي اصبح شعبا ضعيفا يدافع عنه جيش ضعيف لن يتمكن من تحمل الحراك السكاني الذي سيفرضه هجوم حزب الله”. هذا هو تحليل خاطئ في جوهره من قبل نصر الله، كما يعترف نو نفسه. ورغم ذلك، يضيف أنه خلال 13 سنة من متابعة المواجهة مع اسرائيل، لم ير ابدا هذا القدر من الخوف لدى القيادة السياسية في لبنان من امكانية الحرب في الوقت القريب.

لحظة قبل ان يكلفنا الدم.

تكتب كارولاينا لاندسمان، في "هآرتس" ان وزير التعليم وممثل المستوطنين في الحكومة، نفتالي بينت، هدد قائلا "قبل لحظة من أن يكلفنا هذا الدماء، يا صحيفة “هآرتس″، كفوا”، وذلك ردا على مقال يوسي كلاين (“النخبة التقية لدينا”، “هآرتس″، 13/4/2017). دم من سيكلف هذا، أيها الوزير بينت؟ في حينه، في اعقاب تهديد حياة روبين ريفلين كرد على تنديده لعملية قام بها مخربون يهود في قرية دوما، طلبت المستوطنة المتطرفة دانييلا فايس تهدئة الخواطر. وفي مقابلة مع القناة الاولى قالت: “يمكنني توجيه رسالة الى ريفلين، يمكنك أن تنام بهدوء. هذا هراء. لا احد ينوي قتله. فهو ليس مهما بما يكفي لكي يقتلوه”. نقل رسالة ممن، يا سيدة فايس؟

لم تقرر فايس سياسة رد القوميين المتطرفين اليهود، وبقدر ما نعرفه فهي ليست منفذتها، بل مجرد نطقت باسمها. السياسة واضحة: عندما يكون شخص ما من المعسكر الخصم بالغ الأهمية، يقتلوه. وحسب تلك السياسة عمل يغئال عمير. ونذكر قوله بعد قتل اسحق رابين: “لم اطلق النار على بيرس، لأنه كان هدفا ثانويا”.

بينت وفايس لا يتنكران لاحتمال الرد العنيف من قبل معسكرهما، وانما يوضحان فقط، بان المقصود ليس عنفا غير خاضع للمراقبة. العنف هو جزء من ترسانة ردود فعل اليمين القومي المتطرف، ولما كان استخدامه ينطوي على اعتراف بقوة واهمية الضحية المحتمل، يمكن القول ان اليمين القومي المتطرف يتواجد في ذروة نقاش داخلي: هل تعتبر “هآرتس″ هامة بما يكفي كي يكلف هذا دما؟ وبالفعل، فان من يتابع ردود الفعل على المقالة التي تثير حفيظة اليمين القومي المتطرف، يمكن ان يلاحظ بانها تتراوح بين طرفين. في احدهما توجد تعابير التهديد والوعيد. يمكن للتهديدات ان تكون مبطنة (مثل تهديد جلعاد اردان قبل بضعة اسابيع)، او مباشرة (بما في ذلك التمنيات بالموت، الاغتصاب والضرر الجسدي لأبناء العائلة على الشبكات الاجتماعية وفي الشارع). وفي الطرف الثاني لردود الفعل نجد الغاء تاما للقوة المميزة للصحيفة.

النقاش لا يتمحور فقط حول اهمية “هآرتس″. فكل من يتم تشخيصه – ولو للحظة – متماثلا مع معسكر الخصم الايديولوجي يكون ضحية محتملا للاعتداء. يمكن ان يكون الضحية وزير الأمن موشيه يعلون، رئيس الاركان جادي آيزنكوت، نائبه يئير غولان، وكل جنرال يفتح فمه. العنف والتهديدات تتواجد في كل مكان. تلويح اليمين القومي المتطرف في اسرائيل بالعنف هو الحقيقة الاكثر وضوحا. والسر الذي يعرفه الجميع. وعندما يندلع العنف الجسدي، يكون هذا دوما عشبة ضارة، أناس غريبو الاطوار، حفنة، استثناء.

متى ينتقلون من الاقوال الى الافعال؟ هذا منوط بأهمية “العدو السياسي”. هكذا مثلا رد نتنياهو في اعقاب مشاركة حجاي العاد، مدير عام “بتسيلم” في النقاش في مجلس الامن: “في الديمقراطية الاسرائيلية تجد تعبيرها ايضا منظمات صغيرة ومهووسة مثل “بتسيلم”. هذا يعني ان “بتسيلم” ليست هامة بما يكفي. فهل تعتبر المحكمة العليا هامة بما يكفي كي يمارس ضدها العنف؟ حسب النائب موطي يوغاف من البيت اليهودي، بالتأكيد. فقد قال: “على المحكمة العليا يجب رفع كفة جرافة دي – 9".

اليمين القومي المتطرف لا يتردد في ممارسة العنف حين يكون مطلوبا حسب رأيه، ولهذا يخافون منه. الكل يسيرون على البيض. ليست محفزات العنف التي يمكن استخلاصها في الخيال من مقال يوسي كلاين هي التي انتجت جملة التنديدات والتهديدات من اليمين ومن الوسط، بل العنف الحقيقي الذي يهدد كل من لا يشارك في طقوس التنديد العلنية للضحية الدوري. مهام الفاشيين يقوم بها الجبناء. والخوف هو رد فعل طبيعي للعنف. وتوسيع دائرة الشاجبين ومشاركة الوسط واجزاء من اليسار هي الانجاز الاكبر لليمين القومي المتطرف. 

من يزرع العنف يحصد الخوف. نتنياهو، يئير لبيد، اسحق هرتسوغ وآخرون ليسوا هم أول الجبناء في التاريخ. اين يختبئ الاسرائيليون الشجعان الذين يمكنهم أن ينقذوا دولة اسرائيل.

أي ميراث بالضبط تصرون على تخليده

يكتب عومر عيناف، في "هآرتس" ان قرار رئيس الحكومة البحث عن موقع لتخليد ذكرى رحبعام زئيفي (غاندي) بدلا من باب الواد هو قرار صحيح ومبارك. وسبب هذا القرار هو نجاح الحملة التي قادتها جمعية "جيل البلماح" (وانا عضو فيها) ضد تخليد ذكرى زئيفي في المكان؟

التفسير الرسمي الذي يقف وراء الحملة، والذي يعتمد على ادعاءات قانونية راسخة، هو انه كان من المناسب ان يتم في هذا المكان تخليد الميراث الهام لجنود لواء هرئيل الذين اخترقوا الطريق الى القدس، بينما خدم زئيفي في لواء يفتاح في قطاعات اخرى خلال حرب الاستقلال. المشكلة هي انه في نضالهم، لم يتطرق قدامى البلماحيين بشكل علني الى الفيل الضخم المتواجد في الغرفة، وهو ميراث زئيفي المختلف عليه في ساحة الحرب وخارجها.

قرار تخليد ذكراه بشكل رسمي، رغم القصص المعروفة منذ زمن بعيد عنه، يعتمد على اتحاد عاملين غير مرتبطين: الاول، هو كونه جنرالا في الجيش، من الاسرائيليين الأصليين ومن جبل حرب 48، والثاني هو حقيقة مقتله بأيدي مخربين. ولكن اذا قمنا بتحليل كل واحد من هذين العاملين، سنجد انه ضعيف جدا. بالنسبة للميراث الأمني، يكفي ان نفحص بشكل سطحي، لكي نكتشف بأنه خلافا للآخرين من أبناء جيله، لا يملك زئيفي خلفية عملية مثيرة جدا كقائد، اذا لم نعتمد على السطور التي تمجده في ويكبيديا ("زئيفي شارك في اكثر من 120 مطاردة").

في الوقت الذي قاد فيه رفاقه في 1948 كتائب وفرق، كان يعمل ضابط استخبارات لوائي. وحتى عندما انتقل لقيادة اطر كهذه بعد الحرب، فانه لم يحقق نجاحات زائدة (ابحثوا في غوغل عن "معركة تل موتيلا". وخلال السنوات اللاحقة شغل مناصب في المقرات غالبا، وليس قائدا ميدانيا مجيدا كما يمكن الاعتقاد بشكل خاطئ. حتى شغله لمنصب قائد المنطقة الوسطى لم يحقق انجازا كبيرا، وانما في الأساس تعطر بنعم الانتصار الكبير في 1967 (الذي شغل زئيفي خلاله منصب نائب رئيس مقر القيادة العامة)، من خلال الاستمتاع مع الحيوانات المفترسة وفرض الرقابة على اغاني الجوقة العسكرية. المطاردات في الأغوار خلال ورديته لم تحفر بأحرف من ذهب في كتاب التاريخ العسكري.

صحيح لقد كان وزيرا اثناء قتله في عملية ارهابية. ولكن ماذا مع اكثر من الف قتيل وقتيلة سقطوا في تلك السنوات. ما الذي يجعله يستحق اكثر منهم؟ ميراثه السياسي (الترانسفير) المجيد؟ الموت بأيدي قتلة لا يخلق بشكل فوري ميراثا يستحق التخليد، حتى وان كان القتيل صاحب منصب رسمي.والأمر اشد بالنسبة للأعمال المرفوضة المنسوبة اليه خارج ساحة الحرب.

من اجل المصداقية، يجب القول ان زئيفي ليس الوحيد. هناك شخصيات اخرى يتم تخليد ذكراها رسميا، وهي ايضا يمكن اجراء حوار عام حول مدى استحقاقها لذلك. ولكن يمكن القول عن الآخرين، انه تم تسجيل انتصارات مجيدة على اسمائهم، وسيرة عسكرية لامعة تركت بصماتها على مدار اجيال من المحاربين. وزئيفي؟

في اساس النقاش لا يمكن تجاهل الصلة. من المستهجن جدا انه على الرغم من بدء الصراع "بالصدفة" في وقت قريب من نشر تقرير "عوفداه" حول زئيفي، لا توجد في حملة البلماحيين أي اشارة الى الاتهامات التي وجهت اليه، حول ارتكابه لمخالفات جنسية واعمال جنائية اخرى نسبت اليه.

قبل سنة سمعت جنرالا من البلماحيين في الاحتياط، من جيل زئيفي، يتطرق الى ذلك التقرير. لقد ادعى ان نشر التقرير في الأيام التي يتم فيها شجب الجيش على خلفية قضية اطلاق النار في الخليل، تعتبر بمثابة القاء حجر بوزن طن على رأس الجيش، وانه يمنع بث التقرير لأنه يمس بمكانته العامة.

كلماته كانت متنافرة. لقد كانت بمثابة محاولة بلماحية لمنع نشر الغسيل القذر في الخارج. قادة نضال البلماحيين كانوا سيفعلون خيرا لو صرحوا بالسبب الحقيقي لإدارة نضالهم: نشاط زئيفي الأمني و"روح القائد" التي سادت لا تستحق تخليده رسميا في اسرائيل.

القلق يجب أن يساور الجميع

يكتب اليكس فيشمان، في "يديعوت احرونوت" انه لا يوجد زعيم في العالم لا ينظر الآن الى صور الانفجار الضخم الذي احدثته "ام كل القنابل" في افغانستان، ويسال نفسه: الى أين يقود ترامب العالم؟ ما هي الرسالة التي يبثها لي وكيف سيؤثر ذلك على دولتي؟ كلهم – حتى حلفاء الولايات المتحدة، يشعرون بالقلق.

القنبلة الضخمة التي لم يتجرأ أي رئيس امريكي سابق على استخدامها حتى اليوم، ولو فقط بسبب حقيقة انه تم الاحتفاظ بها لظروف بالغة التطرف، تعتبر الثالثة في سلسلة احداث غير متوقعة من الغرفة البيضاوية، خلال اسبوع واحد.هذا تصعيد بوتيرة مفزعة: لقد بدأ بإطلاق 59 صاروخ كروز من نوع "توماهوك" على مطار عسكري في سورية، تواجد فيه رجال الجيش الروسي، ايضا. في حينه صفقوا لترامب لقاء شطبه لسياسة الخارجية الضعيفة التي اتبعها سابقه اوباما. ولكن بعد ذلك جاء نبأ ابحار اسطول امريكي نحو كوريا الشمالية، وامس تم القاء اكبر مدمرة للخنادق في العالم GBU 43 على خندق تحت الأرض لتنظيم داعش في افغانستان.

السبب، ظاهرا، كان مقتل جندي امريكي خلال مواجهة مع رجال داعش في المنطقة قبل عدة أيام. وسرعان ما تحول الحادث – بتوجيه من الرئيس ترامب – الى تظاهرة للقوة تقف من خلفها استراتيجية واحدة هي: انا اعيد امريكا الى مجدها. لن يتلاعب أحد معنا. لا الكوريون الشماليون ولا الايرانيون، ومن المناسب ان يتعلم الروس بأننا غير متوقعين.

المجموع الكلي لهذه القنابل التي انتجتها الولايات المتحدة هو 20 قنبلة، استخدمت من بينها، حتى يوم امس، كما يبدو، قنبلتين لتجربتها والتدرب على تدمير منشآت باطنية تشبه تلك القائمة في ايران وكوريا الشمالية. وتم تنفيذ التجربة امام قادة اصدقاء لكي "يثقوا" بقدرات الولايات المتحدة – ولا يأخذون المبادرة الى أياديهم. والحديث عن قنبلة موجهة بواسطة تطبيق "جي. بي. اس" وتضم منظومة صمامات ذكية بشكل خاص. ويتم القاء هذه القنبلة من ارتفاع شاهق جدا بوساطة طائرة من طراز بي 2 او طائرة الشحن والهجوم سي - MC 130 (التي استخدمت امس لإلقاء القنبلة في افغانستان). ويصل وزن القنبلة الى عشرة اطنان، وهي تحمل اكثر من ثمانية اطنان من المواد المتفجرة. وحسب النص المهني فانه يمكنها بسرعة الضوء، اختراق ما بين 12 – 20 متر من الباطون والانفجار داخل الفراغ.

خلال التجربة التي جرت في منشأة "رمال بيضاء" في الولايات المتحدة تم "شطب" جبل تجري داخله عدة انهار، وهذا ما حدث امس في افغانستان.

اذا فهموا في كوريا الشمالية الرمز – فليكن. ولكن اذا كان الرد الكورياني هو اطلاق صاروخ باليستي او اجراء تجربة نووية – فما الذي تبقى في المستودع الأمريكي؟ قصف كوريا الشمالية والدخول في مواجهة حربية مع الصين؟ وما الذي ينتظر العالم في المرحلة القادمة؟ رد متهور من قبل رئيس ليس من الواضح ما اذا كان يملك سياسة منظمة لليوم التالي؟ هذا هو فعلا ما يجب ان يقلق، ليس فقط اعداء الولايات المتحدة، وانما الأصدقاء ايضا.

توقيع: وزير التقشف

ينشر يوفال كرني في "يديعوت احرونوت" استعراضا لأهم ما جاء في يوميات وزير التقشف في حكومة دافيد بن غوريون، دوف يوسيف، والذي كان يعتبر احد الرجال المقربين والمخلصين لأول رئيس حكومة اسرائيلية بعد حرب 1948. وقد كتب بن يوسيف بخط صغير ومتلاصق على دفاتر كبيرة، بروتوكولات جلسة الحكومة. ومن خلال التسجيل الحريص، الى جانب التحليل الشخصي، تكشف اليوميات عن جلسات درامية وعاصفة، وعن قضايا سرية وحساسة، اسرار صغيرة ونقاشات سياسية رافقت قيام دولة اسرائيل.

وقد وصلت الى "يديعوت احرونوت" 16 دفترا كتبها يوسيف ووثقت لجلسات الحكومة بين 16 ايار 1948 وكانون اول 1964. وتوثق الدفاتر قصص اقامة دولة اسرائيل وقضايا وصراعات سياسية وشخصية ومسائل لا تزال مفتوحة حتى اليوم: اليمين واليسار، المتدينون والعلمانيون، الاشكناز والشرقيون، الاسرائيليون والعرب، اسئلة ومشاكل ترافق اسرائيل منذ 69 سنة.

وقد ولد دوف يوسيف في 27 أيار 1899 في مونتريال – كندا. واعتبر احد ابرز المحامين اليهود في ارض اسرائيل خلال فترة الانتداب البريطاني. وخلال حرب الاستقلال شغل منصب الحاكم العسكري لمدينة القدس، ومن ثم تم تعيينه وزيرا للتموين والتقنين، او حسب لقبه آنذاك – وزير التقشف. وأنهى منصبه في عام 1951، بعد الغاء الوزارة بفعل الضغط الذي مارسه الجمهور في الدولة الفتية. وشغل لاحقا مناصب وزير القضاء، وزير المواصلات، وزير الصحة وغيرها. وشغل عضوية الكنيست من الكنيست الأولى وحتى الثالثة، ومن ثم شغل منصبا وزاريا في الكنيست الخامسة. وبعد استبعاده من قائمة حزب المعراخ للكنيست السادسة، على ايدي رئيس الحكومة ليفي اشكول، استقال من الحياة السياسية وتوفي في 7 كانون الثاني 1980.

قبل عدة اشهر حصلت على يومياته من موطي سندار، جامع الفنون. قال لي سندار: "في احد الأيام اتصل بي زميل واقترح علي شراء او معالجة يوميات كتبها دوف يوسيف، التي عثر عليها مقاول قام بهدم بيت يوسيف في القدس قبل سنوات بعيدة. وكان المقاول قد عثر في احدى الغرف على مخبأ سري ولما فتحه وجد فيه اليوميات. وتم بيع النسخة الاصلية من اليوميات لجامع أثريات كبير في الولايات المتحدة، بينما احتفظت بنسخة منها".

وقال سندار: "هذه يوميات مثيرة، تكشف نقاشات أصيلة. وقد لفت انتباهي بشكل خاص، معارضة الوزير يوسيف بورغ لاعدام ايخمان، والنقاش الضمني حول مفاعل ديمونة. وهناك قصص تسلط الأضواء على قرارات هامة تتعلق بإقامة الدولة. وكلما تعمقنا في اليوميات نكتشف نوعية الوثيقة الرائعة. انها تثير الانطباع بأن قادتنا كانوا في حينه يتمتعون بقيم اكبر، ويضعون مصلحة الدولة في المقدمة".

فيما يلي القصص التي اخترناها من بين مئات الاف الكلمات التي كتبها دوف يوسيف في يومياته. بعضها معروف واخرى يتم الكشف عنها هنا لأول مرة. انها درس لافت في التاريخ، وذات صلة دائمة.

جلسة الحكومة، 20 حزيران 1948

قضية التلينا: "ستكون دولتان وجيشان".

رئيس الحكومة دافيد بن غوريون يطرح مسألة (سفينة) "التلينا"، في ذروة الأزمة التي حاول خلالها رجال "ايتسيل" تفريغ حمولة السفينة في منطقة كفار فيتكين: "لا يمكن ان يكون جيشان ودولتان. بيغن سييتصؤرف على خاطره. تصرفنا وفقا لحدود التسوية الممكنة. وافقنا على بقائهم في المقر ولكنهم التزموا بأن ايتسيل لم تعد قائمة.. انا اناقش الموضوع الان من ناحية خطر خرق الهدنة من جانبنا والتورط الدولي الذي سيحدث بعد ذلك.. علينا ان نقرر ما اذا سنسلم السلطة لبيغن او القول له بأن يوقف نشاطه الانفصالي، واذا لم يفعل سنطلق النار. او نقرر تفكيك جيشنا... على متن السفينة يوجد 900 شخص، 5000 بندقية و250 مدفع. اذا كان هذا صحيحا فان ما يفعلونه الان هو لعبة اطفال مقابل ما سيفعلونه غدا، وعندها ستكون هنا دولتان وجيشان".

القرار: تقرر بالإجماع تخويل القيادة العمل المضاد اذا تمكن من تركيز قوة في الموعد المطلوب. على القائد في المكان محاولة منع استخدام القوة، ولكن اذا لم يتقبلوا قراره – يستخدم القوة.نهاية القضية كان مأساويا: عندما ابحرت "التلينا" الى شواطئ تل ابيب في 22 حزيران وقع تبادل للنيران بين قوات الجيش ورجال الايتسيل في تل ابيب. وبعد عدة ساعات من ذلك اصيبت السفينة بقنبلة مدفعية اطلقها الجيش، فاحترقت. في المواجهات بين الأطراف قتل 16 من مقاتلي ايتسيل وثلاثة جنود من الجيش، واصيب العشرات. وبقيت هذه القضية طوال سنوات بمثابة جرح سياسي نازف.

جلسة الحكومة، 21 تموز 1948

مسألة اللاجئين والاحتلال: "لا يوجد سلام بعد، لماذا الفزع"؟

دافيد بن غوريون: "لا نتسرع بإعادة العرب. الحرب لم تنته بعد. العرب في حيفا هربوا، وجنين هربت – لم يتم احتلالها. عندما اقتربنا من جنين هربت جنين كلها. ربما يكون العمل (المذبحة – المترجم) في دير ياسين قد أثر، لكنني لا اعتقد ان ها العمل فقط سبب الهرب. انتم لم تتأكدوا بعد من ان العرب الذين سيرجعون غدا لن يحاربوكم. لا يوجد سلام بعد، لماذا الفزع..؟  انا اريد السلام مع العرب. العرب لا يريدون ذلك بعد. انهم يقولون بأنهم لا يستسلمون لقرار مجلس الأمن. انهم لا يعترفون بوجودنا، ورجال المفتي كلهم نازيون وسيذبحوننا حتى آخرنا. لم نطرد العرب – لقد هربوا. ربما تكون بعض الاماكن التي ساعدوا فيها قليلا على العرب، ولكن في جوهر الأمر كانت هذه ظاهرة غير مفهومة. لم يتم اخراجهم من يافا، فقد هربوا قبل احتلال يافا، هربوا من حيفا، هربوا من طبريا، هربوا من صفد. هذه مسألة غريبة من المناسب فحصها اجتماعيا. انا ضد هدم القرى بشكل جماعي، لكن هناك اماكن تشكل خطرا كبيرا وعلينا محوها. لكن هذا الأمر يجب ان يتم بمسؤولية وبوعي".

القرار: حاليا لا يتم اعادة العرب الا في الحالات الاستثنائية ولأسباب انسانية. لجنة المناطق المهجورة تعين لجنة للتحقيق في اسس هرب العرب. لجنة المناطق المهجورة تقرر بشأن هدم القرى. في القيادة العام يقام قسم لإدارة المناطق المهجورة. مدير القسم يعين الحكام العسكريين للمناطق المحتلة.

جلسة الحكومة، 26 ايلول 1948

بن غوريون ضد السيادة الدولية في القدس: "لا اريد اعادتي الى عبودية الأغيار".

دافيد بن غوريون: "لن يكون أي وجود للقدس اليهودية خارج دولة اسرائيل. من الواضح لنا انه اذا صدر الحكم وفصل القدر القدس عن الدولة – فانه لن يكون للقدس مستقبل في ايامنا، وعلى كل حال لا وجود لها. عندما سيناقشون هذه الامكانية، وكما سمعت توجد امكانية كهذه، ربما سنضطر للاختيار بين طريقتين بديلتين: بين القدس اليهودية داخل الدولة وبين القدس الدولية – لا افهم كيف يمكن لاحد التفكير باختيار الطريق الثانية بأن تكون القدس تحت سلطة دولية. "اريد ان تعرفوا، وانا اتحدث اليكم من اعماق قلبي: لا نريد اعادتنا الى العبودية لدى الأغيار. نحن نرفض هذا. لقد حاربت كل حياتي من اجل الحرية اليهودية، ولا اريد ان يعيدوني لسلطة الأغيار. معكم حاربنا من اجل الدولة. معا عملنا من اجل الدولة – ونحن نريد ان نكون رعايا متساوين معكم وليس رعايا من خارج المنطقة. نريد ان نكون داخل الدولة. لا يوجد لنا أي وجود آخر بالمعنى النفسي، لا يوجد لنا وجود كيهود خارجها".

جلسة الحكومة 17 كانون الثاني 1950

بن غوريون ضد القهر الديني: "لست مستعدا لأن يتمكن انسان من منع اليهود من أكل طعام غير محلل"

نقاش حول اتهامات بفرض القهر الديني في معسكرات المهاجرين. دافيد بن غوريون: "لست مستعدا لأن يتمكن انسان من منع اليهود من أكل طعام غير محلل، ولن اكون شريكا في مثل هذا المنع. لا يمكنك منع يهودي من السفر يوم السبت، وانتم لا تقدمون قربانا حين يسافر يهودي يوم السبت. لا نطرح شيئا بعد عن المسألة الكبيرة الدولة والدين، لأننا نريد بناء الدولة ووحدة اسرائيل. نحن نرى حاجة للجلوس معا. انا اعرف ما هي ديانة اسرائيل، رغم انني لا اطبقها مئة بالمئة. نحن نعرف الفرق بين الدين والسياسة وانا اختلف على ان تكون الديانة مقصلة سياسية. انا ارى في ذلك خطرا كبيرا، لأننا نريد ان تخدم الديانة اهداف سياسية. لا اقول انه يمنع قيام احزاب دينية، ولكن حين يجري الحديث عن ديانة صارمة يصعب التمييز اين الأحزاب وأين الديانة. لا اضع التفيلين، ولكن اذا اراد أي غريب منع ديانة اسرائيل فسنقدم ارواحنا دفاعا عنها لأن هذه هي ديانة شعب اسرائيل ولدينا علاقة بها. لن نسلم الاحتكار لحزب عن المسائل الروحية".

القرار: تعيين لجنة لفحص الاتهامات بشأن فرض القهر الديني على الأولاد في معسكرات المهاجرين.

جلسة الحكومة، 22 أيار 1951

الأمم المتحدة: "تشجب بشكل احادي الجانب اسرائيل فقط"

وزير الخارجية موشيه شريت يشرح القرار الأحادي الجانب لمجلس الأمن ضدنا، بشأن الحدود السورية. "انهم يذكرون بشكل واضح فقط قصف الحمة من قبلنا ويقولون ان هذا يتعارض مع اتفاق وقف اطلاق النار. انهم يذكرون، ايضا، "اعمال اخرى تم عملها" من دون التذكير بما اذا كانت من قبل السوريين او من قبلنا". دوف يوسيف: "أنا احتم الرد على مجلس الأمن لأنني ارى في قرارهم خطر علينا. يمكن ان يشجع العرب على استفزازنا مرة تلو اخرى، لأنهم بشكل احادي الجانب يشجبون فقط من فعلناه نحن".

جلسة الحكومة، 7 كانون اول 1952

اتفاق التعويضات: نقاش بين شريت وبن غوريون

موشيه شريت اقترح تحويل النقاش حول اتفاق التعويضات بين اسرائيل والمانيا الى الأمم المتحدة: "ألمانيا تخضع لضغط العرب. افكر بطرح موضوع دفع التعويضات للأمم المتحدة". بن غوريون: "لا اوافق مع صيغة شريت. التعويضات هي مسألة بين المانيا والشعب اليهودي فقط. لقد وافقوا على اعادة جزء مما سرقوه منا، وهذا ليس مسألة تخص العرب ولا الأمم المتحدة. العرب هم أقل من يحق لهم التدخل وقد تعاون المفتي مع هتلر في قتل اليهود. علينا الا نتحرك قيد انملة حتى وان تم الغاء الموضوع".

جلسة الحكومة 20 شباط 1955

قضية "العمل السيء" (قضية لافون): لافون يتحمل المسؤولية ويستقيل

رئيس الحكومة موشيه شريت: "للأسف، وزير الامن (بنحاس لافون) اعلن يوم الخميس الماضي عن استقالته. لقد طلب مني السماح له بشرح اسباب استقالته امام الحكومة". بنحاس لافون: "ارغب بتقديم البيان التالي: أ. حدثت في الجهاز الأمني بعض الاخفاقات. حدث تقدم كبير في القدرات القتالية. بجملة واحدة يمكنني القول: "الجيش الاسرائيلي اقوى اليوم مما كان عليه وتم زيادة مدى جاهزيته بشكل جدي.

"ب. كانت هناك بعض الاخفاقات، بعضها لا يمكن منعه في كل عملية حية وكبيرة، ومنها القليل الذي كان يمكن منعه. بصفتي وزير الأمن اتحمل المسؤولية البرلمانية عن الفشل حتى وان لم اكن اتحمل المسؤولية الاخلاقية عنها.

"ج. اريد تكريس حديثي لاخفاق واحد، وهو الاحداث والمحاكمة في القاهرة. الصحيفتان، 'دفار' و'لمرحاب'، قاموا بخيانة قومية حين نشروا حقيقة ان دولة اسرائيل مسؤولة عن هذه الأعمال. هذا النشر سبب ضررا للذين يحاكمون.

"د. اكتفي باعلان صارم ومطلق بأن العمليات في مصر لم تتم بمصادقة مني او بمعرفتي. التحقيق الذي تم بناء على طلبي انتهي للأسف بالتعادل او بالاستنتاج: لم يثبت. لقد طلبت التحقيق بنفسي وهذا يثبت انني كنت واثقا تماما بمصداقيتي. حتى ان لم انجح بإقناع محققين اختارهما رئيس الحكومة.

"سأشير الى عدة حقائق لوصف النقاط الأساسية: خلال شهري ايار وحزيران تم القيام بعمل تنظيمي شامل لتفعيل وحدة تخريب في مصر. الهدف الذي القي على الوحدة حسب تقرير شعبة الاستخبارات كان: تقويض ثقة الغرب بالنظام القائم من خلال التسبب بعدم الأمن العام. وهي اعمال ستقود للاعتقالات والتظاهرات واعمال انتقام، من خلال الاخفاء المطلق للعامل الاسرائيلي وتوجيه التفكير لكل جهة ممكنة. التوجه هو: منع تقديم المساعدات الاقتصادية والسلاح لمصر من قبل الغرب".

"العمل السيء" هو الاسم الذي اطلق على قضية تنفيذ اعمال ارهابية ظاهرا، على ايدي تنظيمات داخلية في مصر بهدف ضعضعة استقرار السلطة في اقوى دولة عربية في تلك السنوات. وتم تنفيذ العمليات من قبل خلايا تجسس اسرائيلية تألفت من يهود محليين. بعد فشل محاولة زرع عبوة في سينما في الاسكندرية، تم اعتقال 13 عضو في الخلية، وتم اعدام اثنين وانتحر آخر في السجن المصري. فشل الخطة ادى لتشكيل لجنة تحقيق واستقالة وزير الأمن.

على جبهة الجبل

يكتب يوآب ليمور في "يسرائيل هيوم" ان المشهد الطبيعي في جبل دوف [جبل روس، غربي هضبة الجولان – المترجمٍ] أخاذ: من كل جهة يمتد العشب الأخضر في نهاية فصل الشتاء، وفي الخلفية منحدرات جبل الشيخ المغطاة بالثلوج، في مشهد يبدو وكأنه موقع استجمام في سويسرا. لكن هذا المشهد يكذب: فمن ورائه تستتر الحرب: صحيح انها نائمة، لكنها جاهزة للعمل في كل لحظة.

هذه المفارقة هي حكاية جبل دوف. من جهة، يعتبر اكثر قطاع هادئ في العالم، ومن جهة اخرى – عدو خطير، نراه بأعيننا، وتهديد يمكن ان يتحول خلال ثواني الى واقع. هذا ما حدث هنا في كل مرة اراد فيها حزب الله خرق الهدوء، خلال 17 عاما مضت منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان. منذ اختطاف الجنود الثلاثة في تشرين اول 2000، وحتى العملية التي وقعت قبل عامين، وقتل خلالها الرائد يوحاي كلانغل والعريف دور حاييم نيني، تحول جبل دوق الى "ساحة اللعب" غير الرسمية بين اسرائيل وحزب الله، الى مكان اصبح فيه الرد العسكري، ظاهرا، مسالة مشروعة ومعقولة.

الاقلية النسبية من السكان على جانبي الحدود (قرية الغجر فقط في الجانب الاسرائيلي وعدة قرى في الجانب اللبناني) وكثرة المواقع العسكرية حولت الجبل الى هدف يمكن فيه جباية الثمن من الجانب الثاني، من دون المخاطرة بالتدهور غير المرغوب فيه والذي لا يريده الطرفان. هذه الحالة غير الاعتيادية – التهديد المتطرف والدائم والذي يكاد لا يتم تفعيله ابدا – يجعل جبل دوف اخر بقايا عهد آخر. هذا هو المكان الوحيد الذي يذكر الى حد ما بجنوب لبنان. من ناحية طوبوغرافية طبعا، ولكن، ايضا، من حيث السلوك العسكري. في هذا المكان يرابط جيش مقاتل حقيقي، كما كان ذات مرة.

كتيبة "روتم" من لواء جبعاتي هي التي تسيطر حاليا على جبل دوف. ويرتبط لواء غبعاتي بتاريخ طويل مع جبل دوف: لقد فقدت غبعاتي ثلاثة قادة للكتائب وعدد غير قليل من الجنود طوال السنوات. كلانغل ونيني قتلا هنا ايضا عندما اطلق حزب الله صاروخا ردا على اغتيال خلية لحزب الله (وجنرال ايراني) في هضبة الجولان. المستوى العسكري العالي للقوة منع سقوط عدد اكبر من القتلى، ما كان سيقود الى تصعيد في الشمال. لا شك ان اكبر تحد للقيادة هنا، هو الحفاظ على حالة التأهب والجاهزية، وعلى محفزات عالية. كتيبة روتم تسيطر على هذا القطاع على الحدود اللبنانية وحتى البحر، كما تخدم في جنوب الجولان وفي نابلس. قائد الكتيبة الرائد طال اشور، يقول ان "جبل دوف يختلف عن كل مكان آخر. التهديد هنا ملموس اكثر، واذا حدث شيء فكما يبدو سيكون اكثر تعقيدا".

لا شيء بريء هنا

الجنود على جبل دوف يشاهدون التهديد امام اعينهم، حزب الله في 2017 لم يعد يستتر، او يعمل فقط برعاية مدنية. انه يحرص على الظهور العالي، كي يكون من الواضح للجميع من هو صاحب البيت. على امتداد الحدود تنتشر عشرات المواقع كجزء من تظاهرة وجود وعمل متواصل لجمع المعلومات. في جبل دوف، الذي لا يقوم فيه جدار فاصل، يجري جمع المعلومات من قبل الرعاة والزارعين، الذين استخدموا في اكثر من مرة في السابق، كمنصة للعمليات مقابل مدفوعات يحصلون عليها من حزب الله. قائد الكتيبة اشور يقول "ان جوهر نشاطنا هنا يكمن في مجال الحراسة: كشف وتشويش ومنع التسلل الى اراضينا او زرع عبوات. لا شيء يحدث هنا بالقرب من منطقتنا يعتبر بريئا بشكل كامل. التحدي هو البقاء متيقظين حتى عندما يظهر كل شيء من حولنا هادئا ولا يسبب الضرر، والفهم بأن هذا يمكن ان ينقلب خلال ثانية".

حسب اقواله فان طريقة عمل ذلك تتم في الأساس بواسطة التدريبات: الجنود في جبل دوف يمضون الكثير من الوقت خارج الموقع، في الكمين وفي عمليات نبادر اليها. ونحن نحقق في ذلك ربحا مثلثا: تدريب، كسر الروتين وايضا تضليل دائم للعدو. اكبر تهديد في جبل دوف هي عمليات التسلل، خاصة لجمع معلومات استخبارية، واستمرار لذلك – في حال حدوث تصعيد – إطلاق صواريخ ضمادة للدبابات، قذائف، اعمال قنص، وطبعا التهديد الدائم بالاختطاف.

في الماضي هاجم حزب الله من مسافة قريبة موقع غلاديولا، وادعى انه احتله، بل عرض في تلفزيونه علما رفعه ظاهرا فوق الموقع. لكنه في الواقع تم رفع العلم على تل مجاورة وتم تصويره من زاوية تظهر وكأنه تم رفعه في الموقع. لكن الرسالة كانت واضحة: "حزب الله – استمرار لتصريح نصرالله بأنه يطمح لاحتلال الجليل – يبحث ليس فقط عن الاصابات الجسدية، وانما ايضا (وربما الاهم) عن انجاز يدوي في الوعي.

مستعد، لكنه لا يبحث عن المواجهة

يمر حزب الله حاليا في فترة جيدة نسبيا. انه قوي جسديا، وانجازاته الاخيرة في الحرب الاهلية السورية، منحنه معنويات عالية. من ناحية سياسية، يتواجد التنظيم حاليا في احدى ساعات الذروة في لبنان. لقد نجح بتعيين رئيس، هو ميشيل عون، الذي سارع في المقابل الى  منح الشرعية للمنظمة عندما قال للتلفزيون المصري ان "المقاومة هي جزء منا". الرسالة التي يمررها وتماثل المصالح هذا واضح: حزب الله هو السيادة. حسن نصرالله هو صاحب البيت. وليس عبثا قال نائبه، الشيخ نبيل قاووق، بأن هذه هي "أيام المجد" للتنظيم؛ حتى رئيس اركان الجيش اللبناني، جوزيف عون، يعتبر مقربا منه، ويحرص على تنسيق دائم معه. وقد عبر عن مشاعر الثقة هذه بوق نصرالله، الصحفي ابراهيم الأمين، الذي كتب مؤخرا انه "اذا ارتكب الاسرائيليون حماقة فسيدفعون ثمنها".

يحظر الاستنتاج من هذه الامور ان حزب الله يبحث عن المواجهة. فالعكس هو الصحيح: التنظيم ينشغل حتى قمة رأسه في الحرب الاهلية السورية التي فقد خلالها حوالي 1800 مقاتل وآلاف الجرحى، وهو ليس مبنيا لفتح جبهة اخرى، وفي كل الأحوال ليس معينا بذلك، خاصة على خلفية الردع الاسرائيلي القوي. لكن سنوات القتال في سورية – والنشاط المقابل للمستشارين في التنظيم الذين يعملون الى جانب القوات الشيعية في العراق واليمن – فعلوا له خيرا ايضا: لقد تعلم معرفة نفسه، بناء قوته والاستعداد للتحدي الحقيقي – حرب مع اسرائيل.

لا يزال من المبكر لأوانه تحديد تأثير الهجوم الأمريكي على قاعدة سلاح الجو السوري ردا على الهجوم الكيميائي في ادلب. ولكن حزب الله كان يمتطي صهوة الحصان حتى ذلك الهجوم. لقد كان جزء من قوة متعددة القوميات، الى جانب روسيا، وسجل انجازات عسكرية، ابرزها اعادة احتلال حلب، الأمر الذي حقق الاستقرار لسلطة الاسد ورسخ تفوق المسار الشيعي كقوة متفوقة في الحرب السورية. وبذلك برر التنظيم الاستثمار الايراني الضخم فيه، كمدافع عن الشيعة، وبرر نصرالله القرار الذي ترافق بانتقادات داخلية في لبنان – اغراق التنظيم في الحرب الدامية في سورية، لأنه بواسطتها يمكنه الادعاء بأنه صد تسلل الحرب الى لبنان.

"كلهم على اطراف الأصابع"

رغم هذه الثقة العالية بالنفس، بقي التقييم في اسرائيل كما هو: فرصة مبادرة حزب الله الى حرب ضد اسرائيل منخفضة جدا، وتساوي الصفر، وبالتأكيد طالما يواصل الحرب في سورية. لكن نسبة الاحتمالات ترتفع عندما ستطالب الاطراف بالرد على حدث موضعي: مثلا، حدث في سورية يتم ضبط اسرائيل كمسؤولة عنه، ويستصعب حزب الله اجتواءه، كما حدث في اغتيال الخلية قبل عامين، او اغتيال جهاد مغنية وسمير قنطار، والتي نسبت لإسرائيل. رد حزب الله، اذا كان على مستوى اعلى من المتوقع من ناحية حجم الاصابات او القطاع الذي ستقع فيه، يمكن ان يجر ردا اسرائيليا قاسيا يقود الى رد آخر من قبل حزب الله، ومنه الى التدهور غير المرغوب.

هذا السيناريو الذي يقف في مركز استعدادات الجيش الاسرائيلي. تماما كما في المرات السابقة، يمكن ان يبدأ في جبل دوف: إطلاق صواريخ على الموقع، عبوات، قذائف على قوات الاخلاء. يتوقع ان يكون الحادث مركبا، وليس فقط بسبب العدو الماهر: طوبوغرافية جبل دوف – الطرق الملتوية، المراقبة المريحة من لبنان والتي تسمح بإصابة كل من يتحرك على قمة الجبل، والبعد المادي الكبير نسبيا بين موقع وآخر – يطرح تحديات ليست بسيطة امام الجيش.

إخلاء الجرحى قد يستغرق الكثير من الوقت لأن المروحيات لن تتمكن من الهبوط في المنطقة. وسيجد القادة الكبار صعوبة في الوصول الى المواقع من اجل قيادة الحدث عن قرب، وستحتاج قوات التعزيز الى قوت كبير لكي تتمكن من الصعود الى الجبل.  هذا يحتم على قوات غبعاتي المرابطة على الجبل، العمل باستقلالية اكبر من المعتاد، وبالتأكيد في المقارنة مع القطاعات الاخرى. القوة في موقع غلاديولا مثلا (التي تساعد كتيبة روتم) تمتلك كل المعدات لكي تتمكن من العمل لوحدها، تحت الهجوم، والبقاء لفترة طويلة. لديها دبابات، قذائف، صواريخ، نقاط مراقبة، معدات هندسية ثقيلة – وسائل قتالية خارجة عن المألوف نسبيا، ولكنها مطلوبة اذا اخذنا القطاع في الاعتبار.

"نحن نمسك بالجميع على اطراف الأصابع هنا"، يقول الرائد اوري شبات، قائد احدى القوات المرابطة في غلاديولا. "كل يوم يبدأ بتوجيهات، تشمل استعراضا للتهديدات في القطاع. نحن نعرض على الجنود افلام الحرب السورية لكي يتعرفوا على قدرات العدو. كل شيء لكي نمنع انقطاع التيار ولكي نكون جاهزين للسيناريو المتوقع، الذي يحاكي تعرضنا للهجوم والبقاء لوحدنا".

المواقع، أيضا، مبنية كما يجب. الحياة في غلاديولا تجري داخل مناطق محاطة بالباطون، والتي يمكنها التعرض لهجوم مكثف وتقليص خطر اصابة الجنود الى الحد الدنى. التحرك بين المواقع تتم عبر قنوات، والعمل كله يجري في مناطق محمية. لم يسبق لأي جندي هنا المشاركة في حرب لبنان (ولا حتى قائد الكتيبة طال، الذي تجند في بداية الانتفاضة الثانية)، لكن بالنسبة للمخضرمين من بينهم يشكل موقع غلاديولا ذكرى حية لأيام الحزام الأمني، مع المواقع الصغيرة التي نام فيها الجنود على أسرة متعددة الطبقات، من اجل توفير مجال للتحرك.

الجيش يغير خط الاحتكاك

يمكن لحرب لبنان الثالثة ان تبدأ في غلاديولا، والتدحرج من هناك. سيناريوهاتها لا متناهية، لكن المبدأ الذي يوجه حزب الله واحد: الانتصار. اذا رغب حزب الله في 2006 بألا يخسر في الأساس، فانه يسعى في المستقبل الى اعلى من ذلك بكثير. التنظيم يريد انزال ضربة مؤلمة بإسرائيل، وترسيخ من هو الرابح والخاسر في الوعي الاسرائيلي واللبناني والاقليمي والعالمي.هذا سيحدث بثلاثة اذرع.

الاولى والهامة جدا هي النار – عشرات الاف القذائف والصواريخ التي جمعها التنظيم، والتي يمكنها تغطية كل نقطة في اسرائيل. ومن اجل التجسيد فقط: اذا كانت حماس قد نجحت بإطلاق حوالي 120 صاروخا يوميا، فان حزب الله يستعد لإطلاق عدد يتألف من اربعة ارقام خلال كل يوم من ايام الحرب. غالبية القذائف قصيرة المدى (كاتيوشا)، ما يعني ان الحياة على خط حيفا – طبريا والشمال ستكون تحديا ليس بسيطا. لكن حزب الله يوجه بشكل واضح لضرب تل ابيب ايضا (بواسطة صواريخ طويلة المدى، خاصة (M-600، وهو يستثمر الان جهوده لضمان دقة القذائف وزيادة عدد رؤوس المتفجرات من اجل تضخيم الضرر الذي ستسبه.

الذراع الثانية تتعلق بالمفاجآت من مختلف الأنواع: طائرات غير مأهولة ومروحيات صغيرة (بعضها تحمل مواد متفجرة)، غواصون وقوارب سريعة، هجمات سيبر واصابة اهداف استراتيجية، وكل هذا بهدف اصابة اسرائيل بشكل ملموس، وايلامها، واذا كان الأمر ممكنا، شلها ايضا.

الذراع الثالثة تتعلق بالوعي تماما، وترتبط بتصريحات نصرالله حول "احتلال الجليل" بوساطة كتائب رضوان، قوات النخبة لديه. انه معني بتنفيذ اقتحام نوعي للأراضي الإسرائيلية والسيطرة على بلدة او موقع، في الوقت الذي يمطر فيه خط الاحتكاك بمئات الصواريخ الثقيلة من طراز بركان، لكي يسبب اقصى ما يمكن من المصابين. الحديث عن اكثر بكثير من مسألة رفع العلم في غلاديولا: عملية نوعية تجبي ثمنا باهظا – قتلى، جرحى ومختطفين – والى حد كبير ترسيخ صورة الانتصار منذ الضربة الاولى.

الاستعداد للتحديين الاولين هو قومي، وداخل الجيش متعدد الأذرع والحلبات. اما التهديد الثالث فيستعين فعلا بجهات كثيرة، لكن المسؤولية الحصرية تقع على كتيبة الجليل. في كل سيناريو حربي تتحمل الكتيبة مهمة الدفاع عن الحدود من اجل منع حزب الله من تحقيق انجازات.

كل من يسافر على شارع الشمال لا يمكنه تفويت الاعمال الهندسية الواسعة التي يجري تنفيذها من اجل تصعيب حياة حزب الله: شق طرق، اقامة منحدرات، اقامة اسيجة. الجيش يغير خط الاحتكاك، ويرى كيف يعمل حزب الله وراء الحدود مثله تماما، يرسخ وجوده، يتخندق، يتعمق في المناطق المأهولة والمفتوحة، لكي يصعب عمل الجيش الاسرائيلي في الجولة القادمة.

في هذا السياق يستحق حزب الله علامة عالية. فهو يقوم بعمل جوهري. وهذا ينعكس في جمع المعلومات الاستخبارية بشكل منهجي، في العمل المنظم الذي يشمل كل واحدة من الـ 230 قرية في جنوب لبنان، والتي يجري تحويلها الى مناطق حرب محصنة، واقامة عراقيل وترسيخ العلاقة مع الجيش اللبناني.

بالنسبة لإسرائيل ينطوي هذا على اخبار جيدة: في الحرب القادمة لن تواجه مأزق الاضطرار الى الفصل بين دولة لبنان وحزب الله. في 2006 امتنعت اسرائيل عن ضرب البنى التحتية اللبنانية من اجل دق اسفين بين لبنان وحزب الله، لكن في الجولة القادمة لن تطرح تساؤلات. تصريحات الرئيس ورئيس قيادة الاركان في لبنان، والتعاون العلني بين جيش لبنان وحزب الله، يحولان لبنان وجيشها، من وجهة نظر اسرائيل، الى هدف مشروع، والى حد كبير يسهل هذا الأمر على الجيش الاسرائيلي.

اخر الأخبار