الشاعر الكبير/ أحمد خضر دحبور في ذمة الله

تابعنا على:   18:45 2017-04-09

لواءركن/عرابي كلوب

غيب الموت ظهر يوم السبت الموافق 08/04/2017م في مستشفى رام الله الحكومي الشاعر ‏الكبير/ أحمد خضر دحبور (أبو يسار) أحد رموز الأدب والشعر والثقافة الفلسطينية ومن الرواد ‏الذين حفروا بصمات واضحة في شعر المقاومة الفلسطينية بشكل خاص والأدب بشكل عام وذلك ‏بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز الواحدة والسبعين عاماً.‏

أحمد خضر دحبور هو ابن فلسطين الشجاع وابن حيفا الميلاد وابن مخيم حمص للعائدين النشأة ‏والتربية والدراسة وهو ابن القضية وابن الثورة الفلسطينية وابن حركة فتح أولاً وأخيراً، وهو الذي صاغ ‏نضالها بأشعاره ودواوينه والتي تغنت بها فرقة العاشقين ما بعد الانطلاقة.‏

ولد/ أحمد خضر دحبور في مدينة حيفا بالشمال الفلسطيني بتاريخ 21/04/1946م، هاجرت أسرته ‏بعد النكبة عام 1948م إلى سوريا واستقرت في مخيم حمص للعائدين، شب وكبر في المخيم ‏وترعرع ودرس وعاش فيه احدي وعشرين عاماً وكان لحياة المخيم بكل ما يمثله من فقر وفاقه ‏وحرمان وبؤس وجوع، تأثير في تكوينه النفسي والاجتماعي والسياسي والشعري.‏

أنهى دراسته الأساسية والاعدادية والثانوية، وتفتحت شاعريته في سن مبكرة وحضر الكثير من ‏المهرجانات الشعرية والمؤتمرات الأدبية، لم يتلق أحمد دحبور تعليماً أساسيا كافياً، لكنه كان قارئاً ‏نهماً وتواقاً للمعرفة فصقل موهبته الشعرية بقراءة عيون الشعر العربي قديمة وحديثة وكرسه للتعبير ‏عن التجربة الفلسطينية.‏

نشر أحمد دحبور قصائده الأولي وهو في سن الثامنة عشر من العمر ونشر بواكير قصائده في ‏مجلة الأدب اللبنانية وفي نفس العام أصدر مجموعته الشعرية الأولي (الضواري وعيون الأطفال) ‏عام 1964م.‏

عاصر أحمد دحبور المأساة الفلسطينية وعاش رحله العذاب والتشرد بكل خلجه شعوريه من خلجات ‏قلبه، ونما في داخله الشعور الوطني والروح القتالية فأسهم بقلمة وفكرة في النضال الوطني التحرري ‏وفي الثورة الفلسطينية، وشكلت قصائده سلاحاً ثورياً وزاداً روحياً للمقاتلين والمدافعين عن اشرف ‏واقدس قضية.‏

أحمد دحبور دائماً يؤمن بالكتابة كرسالة والتزام للدفاع والذود عن قضايا شعبه الوطنية وسلاح ثقافي ‏في معارك التحرير والاستقلال، وهو شاعر ثوري وقومي ملتزم يرى في القصيدة جسداً كاملاً ومربعاً ‏بين لغة الحلم ولغة الواقع، وفي اشعاره يبرز أحمد دحبور بطاقة هوية انتمائه الطبقي والإنساني ‏وانتصاراً للفقراء والجماهير الكادحة.‏

أحمد دحبور شاعر أصيل ملتزم يتصف شعره بالصفاء والعذوبة والصدق والحب العميق للإنسان ‏فوق كل أرض وتمجيد الإرادة الفلسطينية الحقيقية والروح الوثابة الطموحة الباحثة عن الخير والفرح ‏والمتعطشة للحرية والمستقبل المشرق.‏

أحمد دحبور من ينابيع الشعر الفلسطيني المعاصر المقاوم، واحد أعمدة الحركة الثقافية الفلسطينية ‏الراهنة، فهو شاعر وناقد وباحث وموسوعي وقارئ جاد وسياسي ومثقف واسع الاطلاع وصاحب ‏مواقف سياسية وفكرية تقدمية واضحة.‏

لقد تمكن الشاعر/ أحمد دحبور من أن يجعل لفلسطين هوية نضالية وأصبح الحضور الفلسطيني ‏في العالم رمزاً لنضال المعذبين في الأرض، حيث يُعد أحمد دحبور أحد أعمدة الثقافة الفلسطينية ‏بالنظر إلى ثراء مسيرته الأدبية والوطنية.‏

عمل الشاعر أحمد دحبور محرراً سياسياً لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) فرع سوريا عام 1972م، ‏كما كان مراسلاً ميدانياً لصحيفة فتح من عام 1969-1970م ومحرراً أدبياً فيها (1971م-‏‏1972م).‏

وبعد الخروج من بيروت إلى تونس عمل الشاعر/ أحمد دحبور مديراً لتحرير مجلة اللوتس حتى عام ‏‏1988م ورئيساً لتحرير مجلة بيادر من (1990م- 1993م) ومديراً عاماً لدائرة الثقافة في منظمة ‏التحرير الفلسطينية وعضواً في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.‏

حاز الشاعر/ احمد دحبور على جائزة توفيق زياد في الشعر عام 1998م، وكتب العديد من اشعاره ‏لفرقة أغاني العاشقين.‏

أحمد دحبور كتب الشعر الحر ويتراوح أحياناً بين الشعر والنثر محاولاً توليد اوزان خاصة في ‏القصيدة الواحدة، يغلب على شعره الحس التجريبي الذي يؤدي به إلى الغوص.‏

عاد الشاعر/ أحمد خضر دحبور (أبو يسار) إلى أرض الوطن عام 1994م وعين مديراً عاماً في ‏وزارة الثقافة الفلسطينية ومن ثم وكيلاً مساعداً حتى تقاعده عام 2006م.‏

بعد عودته إلى أرض الوطن أول ما قام به هو زيارة مدينة حيفا التي بقيت مائلة أمام عينيه ولم ‏تبرحها بالمرة.‏

تنقل الشاعر الكبير/ أحمد دحبور بين كثير من الأقطار العربية مثل (سوريا، الأردن، مصر، لبنان، ‏اليمن، تونس، الجزائر وغيرهما).‏

كتب الشاعر/ أحمد دحبور العديد من المقالات والمراجعات النقدية والأغنية والمسلسل التليفزيوني ‏والميلودراما وله في ذلك مسلسل (عز الدين القسام) الذي أنتجه التلفزيون القطري مع دائرة الثقافة ‏الفلسطينية عام 1980م وله عشر سهرات تلفزيونية ثقافية وثائقية.‏

كتب الشاعر/ أحمد دحبور العدد الأكبر من الأغاني لفرقة (العاشقين) وحقق بعضها شهرة كبيرة ‏مثل (أشهد يا عالم علينا وع بيروت، والله لزرعك بالدار يا عود اللوز الأخضر).‏

كتب منذ عودته إلى أرض الوطن المقال الأسبوعي في جريدة الحياة الجديدة بعنوان (عيد الأربعاء) ‏يتناول بالدرس والنقد والتحليل مجموعات شعرية وروايات وقصص عربية وأجنبية وكذلك عموداً ‏أسبوعياً في جريدة الاتحاد الحيفاوي بعنوان (حجر في الهواء). ‏

من أعماله الشعرية:-‏

‏-‏        الضواري وعيون الأطفال – منشورات الأندلس – حمص – 1964م.‏

‏-‏        حكاية الولد الفلسطيني – دار العودة – بيروت – 1971م.‏

‏-‏        طائر الوحدات – دار الآداب – بيروت – 1973م.‏

‏-‏        بغير هذا جئت – اتحاد الكتاب الفلسطينيين – بيروت – 1977م.‏

‏-‏        اختلاط الليل والنهار – دارا لعودة – بيروت – 1979م.‏

‏-‏        واحد وعشرون بحراً – دار العودة – بيروت – 1981م.‏

‏-‏        شهادة بالأصابع الخمس – دار العودة – بيروت – 1982م.‏

‏-‏        هكذا – دار الآداب – بيروت – 1990م.‏

‏-‏        كسور عشرية – الأهالي للنشر – بيروت – 1992م.‏

‏-‏        هنا هناك – الشروق – عمان – 1997م.‏

بعد تقاعده عاد إلى سوريا ومكث فترة من الزمن ومع الوضع الصعب الذي حدث وما زال يحدث في ‏سوريا الشقيقة عاد وأستقر هو وزوجته وابنه يسار في رام الله.‏

تعرض الشاعر الكبير/ أبو يسار في شهر يونيو عام 2016م إلى وعكة صحية نقل على أثرها إلى ‏مستشفى رام الله الحكومي ومن ثم إلى داخل الخط الأخضر للعلاج حيث كان يعاني من فشل كلوي ‏تام.‏

بتاريخ 20/08/2016م انتقلت زوجته ام يسار إلى رحمه الله تعالي بعد أصابتها بأزمة قلبية.‏

رحل أبو يسار بعد حياة حافلة بالعطاء من أجل الوطن، غاب عنا الشاعر الكبير بجسده وترك لنا ‏أرث من أشعاره وما خط قلمه وما انبست به شفتاه فانه لن يموت.‏

أحمد دحبور كان شاعر الثورة والإنسانية الفدائي الثائر الرجل المعطاء بلا حدود والمحب للوطن، ‏هذا هو قدرنا وقدر الفلسطيني أن نودع واحداً تلو الآخر، هم السابقون ونحن اللاحقون.‏

أحمد دحبور الشاعر المتميز والانسان النبيل والفلسطيني الوفي والمناضل من أجل الحرية، حاضر ‏في كل بيت فلسطيني بشعره واغانيه التي يرددها معظم أهل فلسطين.‏

أحمد دحبور الباقي أبداً في وجدان شعبه وفي مدارات الوجود الإنساني الحق والذي سوف تبقي ‏أشعاره خالده فيننا ما حيينا.‏

أحمد دحبور قامة شعرية لها وزنها الإبداعي والثقافي بما قدم من أغاني وطنية وشعبية، ولازلنا نستمع ‏إليها ونسترجع بها تاريخنا الثقافي المقاوم.‏

وقد نعي السيد الرئيس/ محمود عباس (أبو مازن) الشاعر الكبير/ احمد دحبور وكذلك نعته ‏الحكومة الفلسطينية.‏

هذا وقد نعت حركة فتح إلى جماهير الشعب الفلسطيني والأمة العربية والمثقفين في العالم الشاعر ‏والكاتب الكبير/ أحمد خضر دحبور (أبو يسار) الذي ارتقت روحه بعد أن فاضت بعطائها الخالد ‏على قلوب المؤمنين لفلسطين وطناً تاريخياً وطبيعياً لشعبها، حفر أحمد دحبور الانسان والشاعر ‏الكاتب بدون استئذان بيت ثقافة الفلسطيني التحرري بعود اللوز الأخضر بعد أن شهد العالم علينا ‏وع بيروت وبعد النشيد للأسرى في معسكر أنصار، فهو الذي حمل وردة لجريح الثورة واسمعنا ‏صوت البارود عندما غنى، وبعد أن روى لنا قصة جمجوم وفؤاد حجازي وعز الدين وكتب عن حيفا ‏أجمل المدن، وأنشد وغنى أشعاره حتى ترك لنا ميراثه عند العاشقين.‏

أحمد دحبور قامة راقية بعلو مفاهيمها وأبعادها وهو أحد رواد فلسطين الذين عملوا على صياغة ‏الهوية الوطنية والثقافية للشعب الفلسطيني، حيث ساهم بإبداع وعطاء فياض قل نظيره مع رواد ‏الثقافة الوطنية في بلورة الشخصية الحضارية للثورة الفلسطينية المعاصرة.‏

وأعربت حركة فتح عن مشاركتها قيادة وكوادر ومناضلين لعائلة الشاعر الكبير/ أحمد دحبور وذويه ‏أحزانهم وعزاؤها أن دحبور سيبقي منارة ثقافية وضميراً حياً موجهاً نحو الانتماء الوطني الخالص.‏

وكذلك نعت وزارة الثقافة الفلسطينية الشاعر الكبير/ أحمد دحبور وقالت في بيان لها: بمزيد من ‏الحزن والآسي تنعى القامة الإبداعية الكبيرة الشاعر/ أحمد دحبور الذي وافته المنية في مدينة رام الله ‏بعد ظهر اليوم معتبرة رحيله خسارة كبيرة على المستويات الوطنية والثقافية الإبداعية والإنسانية.‏

وقالت: إن برحيل دحبور تفقد فلسطين واحداً من عمالقة الأدب الفلسطيني بل بوصلة كانت حتى ‏اللحظات الأخيرة تؤشر إلى فلسطين وأيقونة لطالما كانت ملهمة للكثير من أبناء شعبنا في مختلف ‏أماكن أقامتها وفي مختلف المفاصل التاريخية الوطنية هو الذي كان بكلمات اشعاره يعكس العنفوان ‏والكبرياء الفلسطيني خاصة في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وبقي حتى رحيله ‏المفجع.‏

إنه من الصعب بمكان سد الفراغ الذي سيتركه صاحب حكاية الولد الفلسطيني وكاتب كلمات ‏الأغنيات الخالدة ومنها (أشهد يا عالم علينا وع بيروت، وعوفر والمسكوبية، ويا شعبي يا عود ‏الندى، والله لازرعك بالدار ويا بنت قولي لأمك، وغزة والضفة وصبرا وشاتيلا) وغيرهما الكثير من ‏الأغنيات التي كان الوطن جوهرها.‏

وقالت أن الوزارة ستبقى حريصة على تعميم أرث أحمد دحبور الشعري والنثري، مؤكدة لو رحل أحمد ‏دحبور جسداً تبقى كلماته في وجدان الشعب الفلسطيني بأجياله المتعاقبة.‏

رحم الله الشاعر الكبير/ أحمد خضر دحبور (أبو يسار) وأسكنه فسيح جناته

اخر الأخبار