ذكرى رحيل المناضل الليبي صالح مسعود بويصير

تابعنا على:   21:03 2017-02-21

لواء ركن/ عرابي كلوب

صالح مسعود بويصير مواليد مدينة بنغازي/ ليبيا عام 1925م تلقى تعليمه في مدارسها وذلك أثناء الحكم الفاشي الإيطالي واحتلال ليبيا ومن ثم أرسله والده إلى القاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف من عام 1937م وحتى عام 1946م، خلال دراسته في الأزهر الشريف، أشترك صالح بويصير في جميع الهيئات الليبية السرية التي أسسها الطلبة الليبيون في مصر في ذلك الوقت، وكان لها دورها الفعال في إذاعة ما ارتكبه الفاشيين من ضروب التنكيل بالليبيين المجاهدين.

عاد صالح بويصير إلى ليبيا/ بنغازي عام 1947م حيث عمل صحفياً في جريدة (برقة الجديدة) ومن ثم رئيساً لتحريرها وليصدر بعد ذلك مجلة الفجر الليبي وجريدة الدفاع.

أنتخب صالح بويصير بعد الاستقلال عضواً في مجلس النواب الليبي ووكيلاً للمجلس.

قاد المعارضة البرلمانية في مجلس النواب الليبي خاصة ضد توقيع المعاهدات مع فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أستطاع خلال فترة نيابته والتي أستمرت حتى عام 1955م أن يلهب المجلس بآرائه لتثبيت قواعد الدستور والقانون، غاد صالح بويصير ليبيا بعد أن ضيقت عليه السلطات الحاكمة الخناق وحاصرت قوات من الشرطة منزله في طرابلس تمهيداً لاعتقاله في يوليو 1955م وبعد أن رفعت عنه الحصانة البرلمانية، توجه متخفياً إلى تونس ومنها إلى القاهرة، وقد قامت السلطات الحاكمة بفرض الحراسة على أمواله وممتلكاته.

قضى صالح بويصير في القاهرة الفترة بين يوليو 1955م وسبتمبر عام 1969م وأثناءها حصل على درجة الماجستير في التاريخ وكان عنوان رسالته (جهاد شعب فلسطين).

وقد اجتاز صالح بويصير خلال منفاه مرحلة مالية قاسية بعد فرض الحراسة على ممتلكاته، ورفض بشكل قطاع أن يكون له مرتب شهري من الخزينة المصرية.

كان صالح بويصير أول الذين تبرعوا وساندوا حركة فتح، كما ساند جميع الحركات التحررية في شتي الأقطار العربية وكان بيته قبلة لكل قادة التحرر العربي من أبو عمار وبومدين وبن بله وغيرهم كثر، كما شكل لجنة للدفاع عن فلسطين، كما أنشأ اللجنة الإسلامية في مصر عام 1968م وكان هدفها تبني الطلبة الفلسطينيين الدارسين بعد هزيمة حزيران عام 1967م وتحمل تكاليف دراستهم.

عندما قامت ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969م كان أول ناطق رسمي باسم الثورة، حيث عاد إلى أرض الوطن بتاريخ 08/09/1969م، ثم تبوأ منصب وزير الوحدة والخارجية في أول وزارة لها ثم وزيراً للإعلام.

في عام 1972م ترك الوزارة ليخوض انتخابات المجلس الاتحادي وفاز عن دائرة توكره بنجاح ساحق، حيث أنتخب عضواً بمجلس الأمة الاتحادي عن الدائرة الثالثة في بنغازي واختير رئيساً للجنة الشؤون الخارجية بالمجلس.

عندما سئل صالح بويصير عن غايته من رسالة الماجستير قال: (أعددت الرسالة لنصرة الشعب الفلسطيني بعد أن ظلموه، نصرته من واقع الوثائق التي أمضيت في البحث عنها وجمعها سنوات طويلة)، كما سجل رسالة دكتوراه عن جهاد الشعب الليبي ضد الغزو الإيطالي، إلاَّ أن القدر لم يمهله طويلاً وأستشهد صالح مسعود بويصير يوم 21/فبراير عام 1973م عندما أسقطت الطائرات الإسرائيلية طائرة الخطوط الجوية الليبية التي كان يستقلها فوق سيناء، وشيع مع رفاقه في جنازة مهيبة ودفن بمقبرة الشهداء في بنغازي.

أُتسمت حياة صالح بويصير بالكفاح المستمر من أجل القضايا العربية وخاصة قضية فلسطين.

صالح بويصير هو ابن العرب في ليبيا، وهو ابن الأزهر الشريف تعلماً وتثقفاً، وهو أبن القضية العربية جهاداً وتضحية وحلماً، وهو ابن العطاء المشرق على كل الساحات الدولية، وهو صاحب الأصالة ومستشرق الغد.

تعرفه أجيال المجاهدين من أجل حرية العرب والمسلمين، ويعرف هو أن طريق المجد هو حريتهم ووحدتهم.

لقد أدرك صالح مسعود بويصير بعمق أيمانه وبثاقب بصره أن اغتصاب فلسطين هو كارثة العرب والمسلمين الأولي وأن تحرير فلسطين هو مدخل العرب والمسلمين إلى الوحدة والتقدم والازدهار.

لم يدخر وسعاً ولا جهداً، ولم يغره منصب ولا جاه ووضع نفسه جندياً من أجل فلسطين وتمنى الشهادة على طريقها.

لقد أدرك صالح بويصير خطر الدعاوي الصهيونية وتصدي لأقوالهم الكاذبة والمضللة ولم يتكيف بمجرد سرد تاريخ الأرض والشعب، بل حرص على ابراز معارك الجهاد التي خاضها الشعب الفلسطيني دفاعاً عن وطنه وعروبته.

لقد أنعم سبحانه وتعالي على صالح بويصير بما تمنى، ولاقي وجه ربه شهيداً على الأرض العربية المحتلة، وبأيدي الصهاينة الغزاة، وفي يوم لا يمكن لعربي أن ينساه 21/فبراير يوم الوحدة العربية، عيد أول وحدة عربية في تاريخ العرب الحديث، والراحل الشهيد كان ذاهباً إلى صور في جنوب لبنان حيث تحتفل الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية بهذه الذكرى، وفوق أرض سيناء ... وفي سمائها ... كانت طائرة الركاب المدنية التي تقل الشهيد قد عبرت قناة السويس ... خطأ كما قيل ... واجبارها كما يرجح ... وعند ذاك طاردتها طائرات العدو الإسرائيلي وأطلقت عليها صواريخها دون إنذار، ودون أي محاولة لإرغامها على الهبوط ... عن عمد وقصد ... وبدم بارد قتل الصهاينة ركاب الطائرة المدنية الليبية، وكان بين ركابها الشهيد/ صالح مسعود بويصير.

هناك على أرض سيناء العربية توزعت أجساد الضحايا ورقد صالح بويصير مطمئناً وقد وافته الشهادة كم تمني.

ها هو اسم الشهيد صالح مسعود بويصير يتوزع على المجاهدين من أجل فلسطين تيمناً وتشبهاً، حيث أن أعماله الطيبة تظل حية متجددة مع الأجيال وكتاب (جهاد شعب فلسطين) الذي أعده الشهيد الراحل للقراء العرب هو واحد من أعماله الخالدة شاهد على ذلك.

رحم الله الشهيد/ صالح مسعود بويصير ورحم جميع شهداء الطائرة الليبية وأسكنهم فسيح جناته

اخر الأخبار