فتح وليلة "إسقاط مروان".. وتجاهل "تصريحات ترامب"!

تابعنا على:   09:26 2017-02-16

كتب حسن عصفور/ رغم ان وسائل اعلام فتح الرسمية، وكذا اعلام الرئاسة الفلسطينية العام والخاص، لم يعلن رسميا توزيع مناصب أعضاء مركزية فتح، فإن كل ما تم تأكيده من قبل قيادات فتحاوية بشكل علني أنها تمكنت أخيرا من إنهاء أزمة التوزيع، وومعها حدثت سلسلة من المفاجآت التي لن تمر مرورا هادئا على مسار فتح، سواء ما له صلة بالتنظم أو السياسة..

من قراءة سريعة للمناصب الجديدة، يبرز تحالف القيادة الفتحاوية على "إسقاط" مروان البرغوثي من أي موقع  فتحاوي رسمي، رغم أنه بات "رمزا حاضرا" بقوة تفوق أي من مجمل الحاضرين على طاولة توزيع المناصب، وهو الأمر الذي لم تصمت عليه زوجة مروان عضو المجلس الثوري لفتح، فدوى البرغوثي، حيث أعلنت سريعا وبشكل صريح كلاما به الكثير من الأسئلة التي ستفرض ذاتها على مائدة النقاش خارج طاولة مركزية فتح، فقالت فدوى في اعلانها، " تصر اللجنة المركزية وللاسف على ان مروان غائب ولم يقدروا ان هذا سيسجل عليهم من أبناء شعبنا بأنهم انصاعوا لتهديدات نتنياهو ، مروان ليس غائب بل هو الاكثر حضورا.."

وطالبت البرغوثي المركزية بمراجعة قرارها بجدية، وأن تستلهم تجربة الجيهة الشعبية بالإبقاء على أحمد سعدات أمينا عاما رغم سجنه، وانتخاب حماس للقسامي السنوار قائدا لها في قطاع غزة، رغم تهديدات قادة الكيان وجيش الاحتلال..

اسقاط مروان من "حصة التوزيع"، ليس خبرا عاجلا عابرا، بل سيفرض ذاته مسارا إجباريا على القادم الفتحاوي، سواء اعترفت قيادة فتح بذلك أم تجازوته، وسيزيد من "عمق الأزمة الداخلية" التي تطالها منذ زمن..

التوزيع المناصبي الجديد، أفرز ظاهرة قد تستوقف البعض لاحقا، وهي أن فتح تتجه لتسليم رايتها الى قيادات من أبناء الضفة وسكانها، وتطيح بمركز غزة التاريخي في الحركة، وهذا يشير الى أن مركز الثقل القادم سيكون في نطاق جغرافي جديد، وربما تساوقا مع "مشروع سياسي جديد"!

توزيع المناصب أكد استمرار "تحالف خاص" نشأ عشية المؤتمر السابع ضمن ترتيبات شاركت بها أجهزة أمنية، خاصة المخابرات والأمن الوقائي، ما عرف بمحور العالول والرجوب، والذي حظي بمباركة الرئيس عباس، ما أدى لغضب قيادات أخرى وهددت في حينه بـ"كشف المستور"، لكنها  توقفت وانتهت الأمر بخيار "ثنائية العالول - الرجوب"، والذي سيصبح "القوة الأساسية لقيادة فتح والسيطرة على مقاليدها لاحقا، وهو ما يتوافق مع رغبات بعض الأطراف الإقليمية  وأيضا حماس."!

التوزيع المناصبي الجديد، سيترك اثره على مستقبل فتح خاصة مسألة اسقاط مروان من حقه الوطني، واتهام زوجته الصريح، أن ذلك كان استجابة لتهديدات نتنياهو، كما سبق وان حدث مع سلطان أبو العينين واسقاطه في المؤتمر السابع بعد تهديدات نتنياهو..

تصريح فدوى البرغوثي، والتهمة التي أعلنتها لحرمان مروان من حقه التنظيمي لن تمر مرورا عابرا، لا فتحاويا ولا وطنيا، وستلقي بظلالها على مسار فتح القادم، بحيث لن تقتصر المسألة على البعد التنظيمي فحسب، بل سيأخذ بعده السياسي..

وما لم تعلن مركزية فتح الحقيقة بشفافية لعدم اختيارها مروان، ستحضر "التهم السياسية" وراء القرار ما سيضع علامات استفهام حقيقية على موقف فتح من المشروع الذي يتم تنفيذه ميدانيا، سواء تعزيز التهويد والاستيطان، أو تكريس الانقسام والإنفصال الوطني، وبأن تغييب "المقاومة الشعبية" وملاحقة من يفكر بها ليس سوى جزءا من "جديد فتح" القادم، بعد التوزيعات الجديدة..

ويبدو أن التجاوب السياسي مع "التوزيعات التنظمية" جاء سريعا، ففي بيان لفتح نشرته الوكالة الرسمية فجر يوم الخميس 16 فبريرا 2017، تجاهل كلي لتصريحات الرئيس الأمريكي حول عملية السلام، بأنه لا يفضل "حل الدولتين"، وأن الاستيطان ليس عقبة بقدر أنه يعرقل ولا يفيد..

بيان فتح بعد التزويعات الجديدة يمكن اعتباره مؤشرا على مرحلة تمثل"هدنة سياسية كاملة" مع الإدارة الأمريكية"، وبالتالي فأنها لن تذهب لتنفيذ أي من تهديدات رئيسها أو قادتها قبل ساعات من اجتماع "توزيع المناصب"، بالذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية، أو سحب الاعتراف بدولة الكيان، وبالتأكيد ستوقف العمل بكل قرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية حول التنسيق الأمني ودولة فلسطين وتحديد العلاقة مع دولة الكيان..

فتح "الجديدة" لن تعلن "الحرب السياسية العامة" على دولة الكيان، وستعمل على "اعادة صياغة موقفها" وفقا لموقف رئيسها الباحث عن "المفاوضات خيارا وحلا" وأنه "جاهز" للعمل مع الرئيس الأمريكي ترامب، بل أن الرئيس عباس وعبر الناطق باسمه طالب نتنياهو أن يستجيب لموقف ترامب حول الاستيطان..في مقارقة لا تحدث الا في زمن الرئيس عباس!

فتح بالتوزيعات الجديدة لمناصب قيادتها تؤكد، أن المستقبل السياسي ليس "تصادميا" مع المشروع الاحتلالي بل هو "تفاوضيا"، خاصة  بعد لقاء مدير المخابرات المركزية الأمريكية مع الرئيس عباس والذي طلب منه وقف أي إجراء تصعيدي، فجاء الجواب له سريعا جدا، عبر بيان مركزية فتح بتوزيعها الجديد..

القادم الفلسطيني مخزون بالظلامية السياسية..وقضم المشروع الوطني يسير تحت سمع وبصر "الرسمية الفلسطينية بكل مكوناتها"..وصفقة ترامب الاقليمية ستدوس "حلم الدولة الوطنية"، ما لم تنهض قوى فلسطينية جادة بالعمل قبل الكلام!

ملاحظة: تصريحات خالد مشعل ومحمود الزهار حول "تفعيل الخارج" مؤشر عملي لبدء التحضير لتشكيل بديل لمنظمة التحرير أو "حصارها"..قراءة الكلام بهدوء ضرورة قبل أن يصبح الأمر متأخرا جدا!

تنويه خاص: تسمية صائب عريقات مفوضا عاما لـ"المفاوضات" في مركزية فتح هو تأكيد عملي أن "المفاوضات خيار وحياة" للقيادة الفتحاوية الجديدة..واللي بيفكر غير هيك يحل عنا أو يرحل..!

 

اخر الأخبار