ذكرى رحيل الشيخ سعد الدين جلال الدين العلمي مفتي القدس الأسبق

تابعنا على:   11:19 2017-02-06

لواء ركن/ عرابي كلوب

ولد الشيخ/ سعد الدين جلال الدين العلمي في مدينة القدس عام 1911م، لسيد من أسياد القدس وأشرافها وهو المرحوم/ جلال الدين العلمي، الذي تزوج من أبنة عمه وأنجبت له خمسة من الأبناء وبنات.

كان سعد الدين في العاشرة من عمره حين خطفت يد المنون والده الذي كان يحبه ويفضله على سائر أبنائه، حيث أدخلته والدته مدرسة (الفرير) التي كانت تعتبر في تلك الفترة مخصصة لأبناء الطليعة، فدرس فيها اللغة الفرنسية والانجليزية بالإضافة إلى اللغة العربية، وكان طوال دراسته يحرز الترتيب الأول في دفعته.

قامت والدته بأرساله إلى الأزهر الشريف ليتابع دراسته في العلوم الاسلامية والتي نال منها على الشهادة الأهلية بعد ثلاث سنوات ومن ثم على العالمية وذلك عام 1932م، عاد إلى مدينة القدس حيث عين مدرساً في المسجد الأقصى ومن ثم أنقل للعمل في دار العلوم الاسلامية في يافا، ومن ثم انتقل للتدريب بمدرسة دار الأيتام الاسلامية بالقدس عام 1935م.

تدرج الشيخ سعد الدين العلمي في العديد من المناصب، حيث عمل في بداية عام 1948م قاضياً لمحكمة الناصرة الشرعية، وبقي فيها إلى نهاية الانتداب البريطاني وقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين.

شغل الشيخ سعد الدين العلمي فيما بعد من عام 1948م إلى عام 1967م العديد من المناصب إذ كان قاضياً في رام الله ومن ثم في نابلس وبعدئذ في مدينة القدس.

عين عام 1953م مفتياً للقدس الشريف وشغل هذا المنصب مدة أربعين عاماً لا يتركها ولا يفارقها إلاَّ لمهمات رسمية.

بعد احتلال إسرائيل ما تبقي من الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس تشكلت الهيئة الاسلامية العليا بعد الاحتلال رداً على محاولات اسرائيل تسلم مسؤولية الشؤون الدينية الاسلامية بدلاً من وزارة الأوقاف الأردنية، ويعتبر منصب رئاسة هذه الهيئة حساساً لعلاقته بالأردن والفلسطينيين والاسرائيليين في الوقت عينه.

ومنذ عام 1982م عين قائم مقام بأعمال قاضي القضاة ورئيساً لمحكمة الاستئناف الشرعية، ورئيساً لمجلس أمناء الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية، ورئيساً لمجلس كلية الدعوة وأصول الدين وكلية العلوم الاسلامية في القدس.

أنتخب الشيخ/ سعد الدين العلمي عام 1983م عضواً في المجلس العالي العالمي للمساجد التابع لرابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة، ثم أنتخب في العام 1985م عضواً في رابطة العالم الاسلامي ممثلاً عن فلسطين وعين كذلك رئيساً للجنة إعمار المسجد الأقصى.

يعتبر الشيخ/ سعد الدين جلال الدين العلمي من كبار علماء الدين الفلسطينيين، حيث كان مشهوداً له بمواقف في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وفي حماية المسجد الأقصى، وزاد عدد الحراس فيه، وقد تعرض لعدد من محاولات الاعتداء من الجنود الاسرائيليين، كان له موقف متميز عند حريق المسجد الأقصى عام 1968م رغم تقدم سنه.

ألف الشيخ/ سعد الدين العلمي كتاب (وثائق الهيئة الاسلامية) وسجل فيه العدوان الاسرائيلي على المسجد الأقصى وفلسطين من عام 1967م حتى عام 1984م.

الشيخ/ سعد الدين العلمي رجل كبير، أرتبط أسمه أوثق ارتباط في القدس والدفاع عنها ضد الغزوة الصهيونية، التي ترمي إلى تهويد المدينة المقدسة، وقد عمل الشيخ/ سعد الدين في الحياة العامة زهاء ستين عاماً تقلب فيها في وظائف التدريس والقضاء والإفتاء وغيرها، وأشرق أسمه في ربع القرن الأخير وهو في العقدين السابع والثامن من عمره في الدفاع عن المسجد الأقصى، ولم يتوان الشيخ الطاعن في السن عن المشاركة النشيطة في الاحتجاجات والمظاهرات وتعريض حياته للخطر، وقد تعرض مرات عدة للضرب على أيدي الجنود الصهاينة، فلم يهن أو يتراجع وظل وفياً للقدس والمقدسات حتى أخر حياته.

كان الشيخ/ سعد الدين جلال الدين العلمي عاشقاً للقدس بمعني الكلمة، كان متيماً بها ذلك العشق الصوفي، حضر العديد من المؤتمرات من أجل القدس.

توفي الشيخ/ سعد الدين جلال العلمي في السادس من شهر فبراير عام 1993م، ودفن في مدينة القدس.

رحم الله الشيخ/ سعد الدين جلال الدين العلمي وأسكنه فسيح جناته

اخر الأخبار