ذكرى رحيل الرئيس الجزائري هواري بو مدين

تابعنا على:   21:21 2016-12-26

لواء ركن/ عرابي كلوب

هواري بو مدين وأسمه الحقيقي محمد إبراهيم بو خروبه هو الرئيس الثاني لجمهورية الجزائر الشقيقة بعد الاستقلال، ويعتبر من أبرز رجالات السياسة في الجزائر في النصف الثاني من القرن العشرين، وأحد رموز حركة عدم الانحياز، حيث لعب دوراً هاماً ومحورياً على الساحتين العربية والأفريقية.

محمد إبراهيم بوخروبة من مواليد ولاية قالمه (دوار بني عدي) بتاريخ 23/08/1932م ابن فلاح بسيط من عائلة كبيرة العدد ومتواضعة الحال، ورغم فقر العائلة وظروفها المادية الصعبة التي كانت تمر بها إلاّ أن والده قرر تعليمه وهو صغير السن فأدخله (المدرسة القرآنية) في القرية التي ولد فيها وكان عمره آنذاك أربع سنوات، وعندما بلغ السادسة من العمر دخل المدرسة حيث زاول تعليمه باللغتين العربية والفرنسية بمسقط رأسه في مدينة قالمه، ومن ثم ذهب إلى قسنطينة فزاول دراسته في المدرسة الكنانية، عام 1948م ختم القرآن الكريم، وأصبح يدرس أبناء قريته القرآن واللغة العربية.

عندما طلب للخدمة في الجيش الفرنسي المحتل لبلده فر محمد بوخروبه من الجزائر باتجاه تونس ومنها إلى مصر عبر الأراضي الليبية والتحق بالأزهر الشريف، حيث درس هناك وتفوق في دراسته، وقسم وقته بين الدراسة والنضال السياسي، حيث كان منخرطاً في حزب الشعب الجزائري، كما كان يعمل ضمن مكتب المغرب العربي الكبير عام 1950م وهو المكتب الذي أسسه زعماء جزائريون ومغاربه وتنسيون، تعاهدوا فيما بينهم على محاربه فرنسا، ومن مؤسسي هذا المكتب (علال الفارس من المغرب وصالح بن يوسف من تونس واحمد بن بله وآية أحمد من الجزائر).

ومع اندلاع الثورة الجزائرية في 01/11/1954م أنضم محمد بو خروبه إلى جيش التحرير الوطني في المنطقة الغربية، وتطورت حياته العسكرية فيما بعد كالتالي:

- عام 1956م أشرف على تدريب وتشكيل خلايا عسكرية حيث تلقى التدريب العسكري في مصر مع رفاقه.

- عام 1957م أصبح منذ هذه السنة مشهوراً باسمه العسكري (هواري بومدين) حيث أتخذه طيلة الكفاح المسلح التحرري وبقي حاملاً هذا الاسم عندما أصبح رئيساً للجمهورية.

- عام 1958م أصبح قائداً لأركان المنطقة الغربية.

- عام 1960م أشرف على تنظيم جبهة التحرير الوطني عسكرياً ليصبح قائد الأركان.

- عام 1962م أصبح وزيراً للدفاع في حكومة الاستقلال.

- عام 1963م أصبح نائب رئيس المجلس الثوري.

وكمسئول عسكري بهذا الرصيد جعله يحتل موقعاً متقدماً في جيش التحرير الوطني الجزائري.

تولي هواري بومدين الحكم في الجزائر بعد أن قاد عملية عزل الرئيس (أحمد بن بله) ليلة 19/06/1965م وأصبح بعدها رئيساً لمجلس الثورة.

بعد أن تمكن الرئيس هواري بومدين من ترتيب البيت الداخلي الجزائري شرع في تقوية الدولة على المستوي الداخلي وكانت أمامه ثلاث تحديات، وهي: الزراعة، والصناعة، والثقافة.

حيث قام بتوزيع آلاف الهكتارات من الأراضي على الفلاحين في عموم الجزائر وقام بتوفير لهم المسكن، أضافة إلى السياسة التنموية أهتم الرئيس/ هواري بومدين بالإصلاح الاجتماعي والسياسي ووضع أسس الدولة الجزائرية، بدأ بقانون التأميم ووضع ميثاق وطني شاركت فيه جميع فئات الشعب الجزائري، حيث أنبثق عنه دستور للدولة وتم انتخاب مجلس تشريعي.

أما علي صعيد الثورة الصناعية فقد قام الرئيس/ هواري بومدين بإنشاء المصانع الثقيلة والتي كان خبراء من دول الكتلة الاشتراكية ومن الغرب يساهمون في بنائها، وكان من أهمها قطاع الطاقة، حيث كانت فرنسا تحتكر إنتاج النفط الجزائري وتقوم بتسويقه، وكذلك وضع ركائز الدولة الحديثة، أما السياسة الخارجية فقد كانت علاقة الجزائر خصوصاً مع الدول الاشتراكية حسنة للغاية، وبالنسبة للقضية الفلسطينية، فقد فتح الرئيس/ هواري بومدين أبواب كلية شرشال العسكرية أمام الضباط وكانت له مواقف ثابتة من القضية الفلسطينية بشكل خاص حيث كان له مقولة مشهورة (أنا مع فلسطين ظالمة أو مظلومة) وأرتبط بعلاقة وثيقة وجيدة وحميمة مع الرئيس الشهيد/ ياسر عرفات وقيادة الثورة الفلسطينية.

عام 1968م أنتخب رئيساً لمنظمة الوحدة الأفريقية.

شاركت قوات عسكرية من الجزائر على الجبهة المصرية خلال حرب أكتوبر المجيد بالفوج الثامن المشاة الميكانيكية.

قام الرئيس/ هواري بومدين بشراء طائرات وعتاد وأسلحة من الاتحاد السوفيتي سابقاً إلى مصر خلال الحرب، وقام باعطاء الروس شيكاً فارغاً وقال لهم اكتبوا المبلغ الذي تريدونه مقابلة تلك الصفقة.

أصيب الرئيس/ هواري بو مدين بمرض أستعصي علاجه وقل شبيهه، حيث أنتقلت روحه الطاهرة إلى بارئها صباح يوم الأربعاء الموافق 27/12/1978م في الساعة الثالثة وثلاثين دقيقة فجراً، عن عمر ناهز السادسة والأربعين عاماً.

تم تشييع جثمانه الطاهر بموكب رسمي وشعبي حضره العديد من القادة والزعماء العرب والأجانب.

بموت الرئيس/ هواري بومدين كانت الجزائر الشقيقة تتهيأ لدخول مرحلة جديدة تختلف جملة وتفصيلاً عن الحقبة البومدينية.

لقد فقدت الجزائر والأمة العربية والإسلامية قائداً من قادتها الأبطال ورمزاً من رموزها المشهود لهم بالوطنية، وكان رجل المواقف الصعبة.

رحل عنا رجل من خيرة الرجال وأعز الرجال، في زمن عز فيه الرجال وندر فيه الوفاء.

سيبقي الرئيس الراحل/ هواري بو مدين خالداً في ذاكرة الشعب الفلسطيني والأمة العربية.

رحم الله الرئيس القائد/ هواري بومدين وأسكنه فسيح جناته

اخر الأخبار