حماس تستعد لما بعد عباس..فهل تنجح!

تابعنا على:   10:06 2016-12-22

كتب حسن عصفور/ لا يوجد هناك ما يمكن اعتباره كشفا لـ "أسرار خاصة"، في أن "مرحلة ما بعد عباس" قد بدأت تزحف سريعا الى الواقع الفلسطيني، وأن "أطراف" عدة أخذت في الاستعداد عبر "أدوات" لخدمة مشروعها الخاص، ولكن المفارقة الأخطر أن الصراع على ما بعد عباس يخرج عن السياق المفترض به أن يكون "سياقا متفقا عليه" وضمن "رؤية وطنية مشتركة"..

"ما بعد عباس"، بات سباقا ملموسا تتنازعه أطراف عدة، لكن الأساس يبرز في طرفي "القوة العملية" في جناحي "بقايا الوطن" بالضفة حيث دولة الاحتلال، وقطاع غزة حيث سيطرة حماس الأمنية..بينما لا حضور ولا دور ملموس لـ"الشرعية الرسمية"، المفترض انها صاحبة "الولاية القانونية - السياسية" لترتيب النظام السياسي الفلسطيني..

الرئيس محمود عباس، لا يريد المبادرة نحو "حماية بقايا الشرعية الرسمية"، التي هي دون غيرها كفيل بمواصلة المسار الوطني واستكمال تحقيق البرنامج نحو الخلاص من المحتل واقامة دولة فلسطين فوق بعض فلسطين، ضمن الممكن السياسي..

الاصرار على إضعاف مؤسسات منظمة التحرير وتبيانها وكأنها باتت "عالة سياسية" بلا أي دور أو قيمة سياسية، أظهرها مؤسسة غير ذي صلة بالشعب الفلسطيني، بل أن "السخرية" من مسمياتها باتت حاضرة بقوة في الواقع الراهن، خاصة مع أي بيان أو تصريح يتعلق باللجة التنفيذية لمنظمة اللتحرير، التي نجح الرئيس عباس نجاحا غير منظور في الغاء دورها وحضورها بل وأي احترام لها، خاصة منذ أن فرض بالقوة الجبرية أمينا لسرها يعمل ضمن "سياسة الريموت كنترول العباسية"..

وليس هناك دليلا أوضح على كيفية فعله لانهاك – انهاء الرسمية الفلسطينية من عرضه عقد مجلس وطني في رام الله ، دليل أنه يرمي بتلك الرسمية الى الهلاك السياسي، وتسليمها لمن يستطيع جهدا!

وكي لا يقال أن ذلك تجاوز سياسي، نطالب مؤسسة الرئيس عباس الأمنية قبل السياسية، أن تجري استطلاعا خاصا حول معرفة الشباب الفلسطيني بمؤسسات المنظمة، أسماءا واشاخصا، ولو تجاوزت النسبة الـ10% من الداخل الفلسطيني له حق الفخر بنصره المبين..

تغييب المؤسسة الرسمية ليس هروبا من "مواجهة المعارضة"، بل جزءا من "إنهاك المؤسسة الضامنة" للشرعية بما يساهم في تمرير مشروع الفوضى لما بعد عباس، والذي باتت دولة الاحتلال تعمل له وتتعامل وفقا لكونه قائم قادم..

دولة الاحتلال، لم تعد تخفي تلك الحقيقة السياسية، بأن الفوضى هي المنتج الذي سيورثه عباس في الضفة الغربية، ولذا بدات في وضع الترتيبات الأمنية - العسكرية لتلك المرحلة، وبالقطع منها إعادة "السيطرة الكلية" على الواقع في شمال "بقايا الوطن"، وترتيب المعادلة السياسية وفقا لذلك، بما فيها التعامل مع "الشخصيات" التي تراها قادرة أن تكون جزءا من قوة تنفيذ مخططها، وتلك مسألة باتت تعمل لها أطراف عربية ودولية مع بعض الشخصيات "الوضيعة" وطنيا خاصة على ضوء نتائج مؤتمر فتح السابع..

ولأن حركة فتح، تعيش "أزمة سياسية - تنظيمية" تتجاوز كثيرا تلك "الابتسامات الواهية" التي خرجت بعد انتهاء المؤتمر السابع ، فإن حركة حماس لم تترك الوقت يسرقها، وبدأت في اعادة ترتيب أوراقها لـ"مرحلة ما بعد عباس"، خاصة وأنها على صلة بأطراف عربية ودولية لها قنوات اتصال مفتوحة مع دولة لكيان، وهناك حركة "تنسيق غير مسبوقة" في هذا الإطار، وبقنوات سرية مع مكونات فتحاوية تستخدم "مكانة عباس الرسمية" لتمرير بعضا من مخططها..

حماس تسارع الآن، وعبر أكثر من مظهر لترتيب ما لها لاحقا، رغم "أزمتها الداخلية"، وما يعتري موقفها السياسي من اشكالية عامة، ودور لا يتفق والمزاج الفلسطيني العام، لكن سلوك عباس منحها قوة لفعل خاص، تمكنت من الاستفادة منه بالقدر الممكن..ولذا تسارع من أجل "قفط ما يمكن قطفه"!

حماس، تحاول أن تعيد "تبيض" صورتها السياسية، فكانت ذكرى اعلانها قبل 29 عاما البوابة المناسبة لتمرير "حركة التبيض السياسية"، وبالغت بشكل غير مسبوق في القيام بتلك المهرجانات في مدن قطاع غزة، وبعض مدن الضفة، وكان المهرجان "الأهم" لها ليس مهرجان الاستعراض العددي في مدينة غزة، والذي وصل "هوس" بعضهم القول بأن قطاع غزة ضاق بأنصار حماس، بل كان مهرجان رام الله الذي حضره عضو مركزية فتحاوي ومسؤول فصيل مقرب من عباس، وخاطبهم مشعل من الدوحة، مقرا للمرة الأولى أن منظمة التحرير هي الممثل والمرجعية، لكنها بحاجة لتعديل وتطوير لتضم الكل الفلسطيني..

رسالة قاطعة، أن حماس بدأت تعد عدتها للمستقبل السياسي، سواء عقد المجلس الوطني أم لم يعقد، وستعمل هي لاحقا على دفع عقد المجلس ضمن "شروط" قد تجد توافقا عاما..

حماس تعلم يقينا أن أزمة فتح أكثر عمقا من حديث بعض قادتها، لذا لن تتركها تمر عبورا، وستعمل بالممكن المتاح لها لتستفيد منها في الضفة والقطاع وخارج الوطن..

حماس تدرك أن علاقة عباس بمصر والأردن لن تعود الى سابق عهدها مهما زينت مؤسسة عباس الكلام، وتلك ليس معادلة خفيفة، فمصر والأردن هما الثقل المركزي ولا يوازيه أي دور سعودي في الجوهر السياسي، فالمال ليس كافيا لتغيير جوهر معادلة المكان السياسي..

حماس ترسل رسائل الى مصر، ولن يكون مفاجئا أن تتقدم بكل ما يمكن أن يسهل ازالة عقبات تطور العلاقة، خاصة من القوة النامية في قطاع غزة، رفضا للعرقلة القطرية لتلك العلاقة، فجمهور حماس الغزي وقواتها العسكرية لن تسمح بالتشويش من أي طرف على تطور العلاقة مع مصر، بكل جوانبها لقيمة ذلك على مكانة حماس أولا، ولتبيان أنها ليست حركة اخوانية مغلقة، بل أنها تتجه لتعيد صياغة ذاتها كحركة وطنية فلسطينية..

حماس تدرك يقينا أن محمود عباس وفريقه لن يتجاوزا "أزمتهم"، ولن يجرؤوا على كسر "معادلة التنسيق الأمني" بكل شمولها السياسي مع دولة الكيان، ولن يجرؤ عباس في خلق "صدام عام" باعلان دولة فلسطين باعتبارها السلاح الأهم لقطع الطريق على مشروع الفوضى التهويدي والانفصال القسري السياسي..

حماس دون غيرها تستعد للقادم، رغم "خطاياها الكارثية"، لكن "المسار العباسي" يمنحها "القا صناعيا مؤقتا"..

حماس تستعد وغيرها ما بين مرتبك وملتبس ومنتظر وتائه، أو ما هو أخطر..

حماس تعمل على "خطف الرسمية الفلسطينية" ما بعد "العهد العباسي"..فهل تنجح وفقا لما ورد أعلاه، تلك هي المسألة!

ملاحظة: آخر كلمات الشهيد أحمد الخروبي فجر اليوم 22 ديسمبر ستبقى خالدة: "صراخ الشرفاء لا يسمعه الساقطون"..وهل أبلغ تكثيفا من هذا الكلام منتظرا فداء وطن..سلاما لروحك وخالدا كلامك يا أحمد!

تنويه خاص: تبني جبهة النصرة اغتيال السفير الروسي في تركيا يلقي بشهبة واضحة على داعميها: قطر والسعودية وأردوغان..ماذا سيكون القول بعد البيان..لنتفرج قليلا على مهازلهم!

اخر الأخبار