ياســـر عرفـــات ..العملاق الذي لن يتكرر

تابعنا على:   11:09 2016-11-10

لواء ركن/ عرابي كلوب

رحل العملاق ياسر عرفات، لكنه باق فينا، وسوف يسجل له التاريخ أنه قاد الفلسطينيين من وضع مشرذم إلى وضع متحد، ومن لاجئين إلى مقاومين ثوريين، وأعاد لشعبنا الفلسطيني هويته الوطنية.

ياسر عرفات أصبح عملاقاً بكل ما تعنيه الكلمة، لأن شعبه عملاق ومناضل، وأدرك منذ البداية بحنكته وذكائه تلك العملية التبادلية بينه وبين شعبه، تلك العملية التي رفعت مكانته كقائد وزعيم عالمي يشار إليه بالبنان حتى من أعدائه، حيث أشغل الناس وأشغل الدنيا كلها.

ياسر عرفات الزعيم القائد الذي رحل ... ولن يرحل عنا تاريخه المشرف.

ياسر عرفات الذي ظل صامداً وداعماً لشعبه وقضيته ومحافظاً على أرضه، ومقدساته لتحقيق حلم الأجيال وحلم الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال.

لقد كرس حياته ونذر نفسه في الدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة لتحقيق تطلعاته في إقامة دولته الفلسطينية على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.

لقد لعب ياسر عرفات دوراً بارزاً في كفاح الشعب الفلسطيني من أجل إعادة انبعاث هويته الوطنية بعد نكبة عام 1948م، كان مدافعاً عن قيم العدالة والمساواة ومتمسكا بالثوابت القومية والوطنية والدينية وساعياً نحو السلام والأمن والاستقرار، حيث كان عنيداً في الدفاع عن الثوابت والحقوق، وكان حضوره يتجاوز في حجمه ودوره حدود الوطن.

سيبقي ياسر عرفات دائماً رمزاً للكفاح والصمود والإيمان بعدالة القضية الفلسطينية وبحتمية النصر وبناء الدولة المستقلة واستعادة الحق الفلسطيني.

لقد قاد ياسر عرفات السفينة الفلسطينية بكل اقتدار، وسوف يبقي شامخاً للصمود والتحدي والثبات حيث كرس جهده في سبيل المبادئ والأرض والشعب والذي أبي إلاَّ أن يظل كما عرفته الدنيا، وأحبه أبناء شعبه القائد الرمز ... والرقم الصعب ... والآب الحاني ... والثوري الصامد ... والحامي للمشروع الوطني والمجاهد الذي ضحي بكل شيء في سبيل أمته وأبناء شعبه وقضيته العادلة، محافظاً على الثوابت الوطنية وحق العودة.

أنه ولئن أختلف معه البعض (أتفقنا أو اختلفنا معه) فلا يختلف عليه أحد، يبقي رمزاً وطنياً، ولا يمكن أغفال تاريخ عرفات ومدى العلاقات التي كونها، فهو شخصية فريدة ومحورية في تاريخها ومسيرتها، تختلف عن أي شخص آخر.

لقد كان ياسر عرفات مجاهداً شجاعاً في سبيل شعبه ووطنه، وبعد أن حمل قضيته في قلبه وروحه طيلة حياته، وظل حتى اللحظة الأخيرة.

أن الذين تربوا في مدرسته سيواصلون المسيرة ولن يتخلوا عن المبادئ التي أمن وعاش من أجلها.

ياسر عرفات كان ذكياً، يحب الفذلكة، وكان حكيماً يمارس المسؤولية بكل اقتدار، وكان جباراً، يتحمل الألم، وكان فلسطينياً يعيش المأساة التي حلت بشعبه.

بغياب ياسر عرفات، فان القضية لن تغيب، أنه العهد والوفاء للقائد الرمز الشهيد/ ياسر عرفات وكل الشهداء الأبرار الذين سقطوا وهم يحملون مشاعل الحرية.

كان أبو عمار يتمتع بالكاريزما اللازمة لإدارة الصراع وبوصلة واحدة تؤشر إلى القدس وكنائسها، وكان دائماً متفائلاً بإمكانية النصر، وأقامه الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

لقد أصبح أبو عمار صمام الأمان للثورة الفلسطينية والوحدة الوطنية وهو الوحيد المجمع عليه من كل الفصائل الفلسطينية.

أبو عمار ليس أسطورة، إنه حكاية شعب ستبقي ترويها الجدات للأحفاد، والبندقية لن نقبل أن يكون بديلاً عنها إلاَّ غصن الزيتون.

لقد صنع أبو عمار التاريخ وكتبه بدمه ... تاريخ شعبه عبر ملحمة أسطورية عملاقة وحكاية شعب.

وإذا كان التاريخ عربة يجرها الأبطال ... فإن تاريخ فلسطين وعلى امتداد عقوده المتوالية منذ النكبة التي آلمت بالأرض والشعب الفلسطيني، كان للعربة التي جرها أبطال فلسطين وفي مقدمتهم ياسر عرفات ... قائداً لمسيرة النهوض العظيم الذي أحدثته رصاصة التحول الأولي في المسيرة الطويلة نحو الوطن في الفاتح من يناير عام 1965م.

رحل ياسر عرفات بماله وما عليه، ولكنه سيظل ملهماً لكفاح شعبه من أجل التحرر، ومأثرته أنه صنع ثورة المستحيل وحقق حضور شعبه من الغياب وساهم في بلورة الهوية الوطنية الفلسطينية، ووضع القضية الفلسطينية في قلب المعادلات السياسية وأطلق أسم فلسطين في الفضاء العالمي.

أن الواجب علينا أن نبقي أوفياء للشهداء والمناضلين الراحلين وحقاً علينا... أن نذكر محاسنهم ومأثرهم، وعهداً قطعناه معهم على أنفسنا بأن تستمر هذه المسيرة حيث أعطي الشهيد الخالد/ أبو عمار جل جهده لفلسطين ولشعبه، وقاتل وقاوم وصارع وقاد الشعب الفلسطيني من محطة إلى محطة ... ومن زمن إلى زمن ... ومن موقف إلى موقف ... وظل صامداً متحدياً العواصف والأعاصير التي كادت أن تهدد مسيرة هذه الثورة.

لقد ترك ياسر عرفات خلفه صفحات عز وغار سطرها في ميادين الدفاع عن حقوق شعبه وأمته.

إن تختزل ياسر عرفات ... والتجربة الطويلة معه ببضع كلمات أو سطور أو صفحات، فإن ذلك يبدو ضرباً من التبسيط الذي يظلم الحقيقة والرمز معاً، فياسر عرفات في حياته ونضاله وتجربته وشخصيته القيادية الكاريزمية يشكل اقتراحا لأكاديمية تبحث فيه رمزاً فذاً وقائداً استثنائياً، ولن يليق بمثل هذا الرجل الرمز إلاَّ مكتبة متكاملة تكرس لتاريخه وفن قيادته لشعب حر عصي وعلي الانقياد.

أبو عمار كم يفتقدك شعبك هذه الأيام، وستبقي خالداً وراسخاً في قلوبنا وعقولنا للأبد.

سنبقي على دربك يا سيدي، سنكمل المشوار، وسيبقي أسمك وأفعالك ومآثرك الضوء الذي نستنير بها على الدوام.

رحمك الله سيدي وقائدي رحمه واسعة وأسكنك فسيح جناته

 

اخر الأخبار