مبادرة عقلاء فلسطين وظاهرة العلاج بالخارج الفيسبوكية

تابعنا على:   23:53 2016-10-21

غازي مرتجى

خطاب السيد رمضان شلّح خرج هذه المرة عن سياقه الكلاسيكي وأعاد أمين عام الجهاد طرح نفسه كسياسي مخضرم شاهدناه في حرب غزة الأخيرة ملكاً في قراءة الوضع القائم وتقديم نصائح وقراءات لو طُبقت لما وصلت الحرب إلى ما وصلت له .

مبادرة شلّح وإن طغى عليها تحميل المسؤولية لـ"أب" الشعب الفلسطيني ومسؤوله الأول الرئيس أبو مازن إلاّ أنه يُمكن تصنيفها بخارطة طريق وطنية يُمكن الاستناد على أساسها للوصول إلى إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية .

حركة الجهاد التي ما تزال منكفئة على نفسها ولم تتجرّأ على اتخاذ خطوات التأثير الفعلي سواء على الداخل الفلسطيني حيث انقسام بات شبه دائم أو حتى في العلاقات العربية والاقليمية وكذا المبادرات الدولية للسلام . هذا الانزواء غير المبرر يجب أن لا يستمر طويلاً فالفرصة تسنح يوماً بعد يوم لهذه الحركة التي تحظى باحترام الفصائل الفلسطينية لأن تصبح ذات تأثير ملموس بدلاً من الاستمرار بلعب دور الصليب الأحمر في غالب الأحيان , مبادرة شلّح يجب أن تُتابع وليتم تطويرها ووضع آليات لتنفيذها وأقترح أن تُعلن الحركة عن خطتها لتدويل هذه المبادرة ولتكُن مبادرة عقلاء فلسطين .

**

كنت قد بدأت الكتابة عن ظاهرة المناشدات الانترنتية والحملات الفيسبوكية التي انتشرت فور تأخر علاج أي شخص في قطاع غزة بل وفور تقديم طلب التحويل تبدأ ظاهرة فلان يجب أن يتعالج .. هذه الظاهرة ليست صحيّة وتُعبر عن خلل كبير في التحويل يضطر لمعالجته الوزير النشيط الذي ما إن تصل مناشدة له إلا واستجاب لها بناء على توصية من الوزير الأول له .. وإن لم تصل له يستجيب لها الرئيس أو رئيس الوزراء وهكذا , هذا الخلل يتطلب من الوزير عوّاد البحث عن مكمن الخلل وليس انتظار "فزعة" الفيسبوك ليضطر هو لتجميل النهاية ويُعلن الاستجابة بما لها من فوائد وما عليها من انتقادات .

ما جعلني أتوقف عن التفصيل في هذا الملف هو تحقيق "أو كما أًطلق عليه" يستهدف شخص "الحمدلله" ومستشفى النجاح , ويكفي أن يعرف المواطن في قطاع غزة أنه مُعفى بقرار رئاسي من أي نفقات في التحويل للعلاج بينما أقصى حد لإعفاء المواطن في المحافظات الشمالية يصل لـ90% فقط , الاتهام والتعرض للخدمات المقدمة بشكل كامل للمواطنين في قطاع غزة هو نوع من القفز غير المحسوب وبالإمكان تفنيد هذا التحقيق بشكل كامل إذا ما علمنا أنه لم يُرفق به أي اثبات واعتمد على حوارات جانبية هذا أولاً أو منافسة تجارية في سوق التحويل للعلاج ثانيًا ! لست في معرض الدفاع عن جامعة النجاح أو غيرها وإنما يجب أن توضع الحكاية في نصابها الحقيقي بدلاً من مُجاراة حواديت الحارات وضغائن المتنافسين .

***

منذ عقد تشريعي غزة بنصاب غير مكتمل وأقرّ عودة حكومة هنية العاشرة للعمل شاهدنا عدة تصريحات و"تجييف" قانوني للجلسة وخطة عودة الزمن سبع حكومات لتصل للعاشرة بدلاً من السابعة عشر وهي حكومة الوفاق الحالية .

عدة أسئلة تتبادر إلى الذهن فور سماع النقاش القانوني , فعلى أي مُسوّغ قانوني تم الاستناد في تحرك التشريعي لطرح هذه الخطة ؟ وهل هناك سابقة تشريعية قانونية في أي من بلاد العالم بإعادة حكومة بعد تشكيل سبع حكومات بعدها ؟ وهل ستعود الحكومة بتشكيلتها الأساسية وفقاً لاتفاق مكّة أم بعد التعديلات التي أُدخلت عليها خلال سنوات الانقسام التسع ؟ هل يُمكن أن تقبل حماس إذاً بعودة عزام الأحمد نائباً لاسماعيل هنية ؟ وماذا لو رفض عضو مركزية فتح ؟

إن ّ زج القانون والتشريع في مناورات سياسية تصرف غير مقبول , فحفاظ طرفي الانقسام على صورة عضو المجلس التشريعي بعدم التعرض له أو التضييق ضده كانت سمة مُميزة لسنوات الانقسام , أما العوار القانوني الواضح في طرح التشريعي وبعيداً عن قانونية الجلسة من عدمها او شرعية التوكيلات من دونها فإنّ هذا الطرح يُمكن توصيفه بالقفز في الهواء دون معرفة الأسس التي ستنتهي إليها القفزة إلاّ بإعلان غزة دولة مستقلة .

السؤال الأخير لمن طرح مشروع "عودة هنية" .. لو قررت الحكومة الفلسطينية الحالية بقرار رئاسي وقف كل ما تقدمه لقطاع غزة في كافة الجوانب , هل ستستطيع حكومة هنية توفير التحويلات الطبية إلى الخارج وهل ستتمكن من تسلم الأموال المخصصة لإعمار غزة ..

بعد مشروع عودة هنية فوجئنا بقرار من "المكتب الحكومي" في غزة لتنقلات واسعة شملت وكلاء وزارات ومدراء عامون , هذه التنقلات وفقا للقانون تتم بتنسيب الوزير لمجلس الوزراء الذي يوافق عليها في جلسة رسمية , لن نتعمّق كثيراً في تفاصيل القرار المُشار له لكن السؤال المطروح .. ما هي "الترويسة الرسمية" التي على أساسها أُبلغت الأطراف المعنية بنقلها من وزارة لأخرى ؟ ومن الذي وقّع على القرارات بدلاً من رئيس وزراء حكومة التوافق ؟

اخر الأخبار