على طريق العودة (6)

تابعنا على:   22:57 2016-09-27

د.عصام عدوان

وإن كانت قضية عودة اللاجئين وتعويضهم عما أصابهم من أضرار ليست قضية قانونية بالدرجة الأساسية، إلا إنه مع ذلك لم يجر توظيف القانون لصالحها بأي مستوى. كثيرون هم الذين يملكون أوراق الطابو الخاصة بمليكتهم الفردية لأراضيهم المحتلة. وكثيرون الذين يملكون إثباتات ملكياتهم لبيوتهم أو مصانعهم أو متاجرهم أو مزارعهم أو سياراتهم، او حتى لأرصدتهم في البنوك؛ والتي قام الاحتلال بوضع يده عليها منذ اللحظة الأولى، تماماً كعصابة مسلحة سطت على قرية، فجردتها من كل شيء. لم تقم جهة ما فلسطينية أو عربية أو دولية برفع دعاوى في المحاكم الدولية أو المحاكم المحلية لأي دولة من الدول ضد اليهود المحتلين لفلسطين، فعلى عاتق مَن تقع هذه المسئولية؟

عند وقوع النكبة عام 1948م أصبحت فلسطين تحت وصاية عربية ضمناً، فمصر تدير قطاع غزة، والأردن ضمَّ الضفة الغربية إليه، والفلسطينيون في الخارج تحت حكم الدول المضيفة. وبالتالي كانت الدول العربية؛ ولاسيما دول الطوق مسئولة مسئولية مباشرة عن التقصير في المطالبة بأملاك اللاجئين، ليس من باب التعويض، بل من باب إعادة الممتلكات إلى أصحابها، وهذا يتم بإعادة أصحاب الأرض إلى أرضهم.

وبالمستوى نفسه من التقصير، تعبّطت منظمة التحرير الفلسطينية المسئولية منذ إنشائها عام 1964م ولم تقم بالدور المنوط بها في هذا المجال، ربما لاستمرار الهيمنة العربية على القرار الفلسطيني وعلى الشعب الفلسطيني، وهو الأمر الذي استمر حتى الآن.

فصائل فلسطينية عِدّة برزت في النضال الفلسطيني منذ النكبة وحتى اليوم، لم تباشر أيٍّ منها رفع دعاوى قضائية ضد الاحتلال، ذلك أنها اهتمت بالمقاومة المسلحة – وهذا مطلوب – ولكنها أهملت جوانب أخرى وأهمها القانونية. والشيء نفسه ارتكبته منظمات العودة واللاجئين داخل فلسطين وخارجها.

ليس الخطأ الوحيد في تجاهل هذه الوسيلة منذ النكبة، بل الأخطر هو استمرار الخطأ، أو عدم الالتفات إليه. وعندما نستدرك فإن مسئولية جماعية تقع على عاتق الفلسطينيين أولاً: من منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، والفصائل الفلسطينية كافة، والمنظمات الأهلية المعنية باللاجئين وعودتهم، وأخيراً بأفراد اللاجئين الذين يملكون إثباتات ملكياتهم.

إن الوقائع تؤكد أنه لا منظمة التحرير ولا السلطة الفلسطينية معنيتان بهذا الأمر. وأن أية منظمة أهلية لا تقوى على تحمِّل أعباء هذه المرافعات وحدها، تماماً كما الأفراد. بينما تستطيع الفصائل مجتمعة أو منفردة القيام بالمسئولية، وتستطيع مجموعة منظمات أهلية القيام به أيضاً وربما بفرص نجاح تفوق تحرك الفصائل. وعليه؛ فإن الواجب اليوم يقتضي توظيف كل الأدوات التي يمكنها أن تُظهر حقوق اللاجئين أو تعيدهم إليها، ومن هذه الأدوات: القضاء المحلي والدولي. وعلى جامعة الدول العربية، والدول الصديقة وأثرياء الفلسطينيين دعم هذه التحركات إذا ما بدأت. ولن يضيع حق وراءه مُطالِب.

اخر الأخبار