حيّا أحببناك .. وميتا لن ننساك يا تيسير

تابعنا على:   16:37 2016-07-29

خالد منصور

كنا في بداية مرحلة الوعي حين سمعنا اسمه يهمس به رفاقنا الأكبر منا سنا ( تيسير العاروري )، ولم تسمح لنا ظروف العمل السري حينها أن نسال من هو هذا الرفيق القائد ، الذي يحوز على الإعجاب والاحترام .. والذي كان يصفه الرفاق بالمنظر والمفكر والقائد الحديدي .. وعرفنا حينها انه من أسرة موسرة لكنه اختار الانحياز للفقراء والشغيلة ، وقرر هجر رغد الحياة ليعيش حياة المتاعب ، شدنا ذلك إليه أكثر.. كيف لا ونحن من أولئك الفقراء المحرومين من معظم متع الدنيا ، لاجئين لا نملك الا قوة عضلاتنا وبطاقة التموين من وكالة غوث اللاجئين ، أدركنا حينها قوة الفكر الاشتراكي العلمي في جمع وتوحيد المناضلين المنحدرين من مختلف الفئات والطبقات ، ليصنع منهم جيشا وحزبا يتميز بالصدق والجرأة الثورية، حزب يعيش في اعماق الجماهير يتلمس همومهم ويقودهم للدفاع عن حقوقهم.

وكبرنا مستندين على جدار عظيم ، شكله رفاق يقودوننا بتفان وإخلاص ، صرنا دوما نتمثلهم في كل نواحي حياتنا .. بشير البرغوثي وسليمان النجاب ومعين بسيسو وفؤاد رزق وفايق وراد ورشدي شاهين وعمر عوض الله وسليم السلمان وخلدون عبد الحق والبغدادي وفؤاد قسيس واحمد دحدول وراجح السلفيتي ومحمد ومحمود منصور وحسن العرجا وفارس المسعود وخليل أبو جيش وفؤاد قرش ووليد الأغبر وخضر العالم وعمر أبو عياش .. والقائمة تطول .. وكان الرفيق تيسير العاروري واحدا في مقدمة أولئك العظام ، الذين ألهمونا السير في طريق المصاعب رافعي الرؤوس، زارعا الامل فينا بحتمية الانتصار.

تيسير العاروي دخل في أغانينا الثورية وهتفت شبيبتنا باسمه في المسيرات والمهرجانات فخرا واعتزازا بنضالاته

يا عاروري يا تيسير .. تشهدلك الجماهير

في قاوم كنت الضمير .. للجان الشعبية .. (قاوم هي اختصار للفيادة الوطنية الموحدة )

سمعنا جزءا من قصصه في مقارعة المحتل وهو يتنقل من مكان لآخر يحرض ويعبئ الرفاق والجماهير ، وسمعنا كيف ضاق المحتل به ذرعا فألقى به مكبلا بالأغلال في غياهب السجون ، ثم حكم عليه بالإبعاد خرج الوطن لسنين طوال، عقابا له نشاطاته وخوفا من قدرته الفائقة على تنظيم صفوف القيادة والجماهير ، وحشد الكل الوطني في معارك التحدي للمحتل ..

أبو فارس كان قائدا مميزا ملهما ، واشهد ان الاجتماعات التي كان يحضرها ونلتقي به فيها -- كانت على الدوام اجتماعات ناجحة مثمرة -- حيث كنا نخرج مفعمين بالأمل أكثر استعدادا لخوض المعارك الوطنية والاجتماعية ، كان يوجهنا ويثقفنا ويعطينا المثل في الصلابة والجرأة ، وفي التحليل وتحديد الأهداف

نعم كنا نعتز به ونفاخر الدنيا انه جزء من قيادتنا .. وزادت محبتنا له أكثر حين اقتربنا منه وتلمسنا حسن خلقه ونظافة يده وإنسانيته .. وتعلمنا منه كيف لا تضيع بوصلتنا ، بحضه لنا على القراءة والتثقيف الذاتي .. واشددنا إليه وهو يلعب دورا محوريا في الانتفاضة الكبرى ويقود الجماهير ويفكر ويبدع بأساليب المقاومة الشعبية .. وكانت فكرة اللجان الشعبية واحدة من إبداعاته

أبو فارس تيسير العاروري هرم من أهرام العمل الوطني والطبقي .. علم من أعلام الشعب الفلسطيني .. سيفتقده رفاقه وأصدقاؤه وأهل مدينته وكل فلسطيني .. المدافع الفذ عن حقوق الكادحين المنحاز حتى النخاع لفكر الطبقة العاملة ولقضية التحرر الوطني والاجتماعي .. القائد الذي لم تهن عزيمته ولم ييأس ولم ينحني ولم يتوقف عن العطاء حتى اللحظة الأخيرة من حياته.

مازلت اذكر آخر لقاء لي معه على هامش إحدى الفعاليات .. قابلني بابتسامته المعهودة الرائعة .. عانقني بشدة .. وقال لي : ( واصل ما تفعله وعملك في الشارع حتما سيؤتي أكله .. الشارع ميدان النضال والمحك لمعادن الرجال)

اااه يا رفيقي تيسير نم قرير العين .. فقد أعطيت الكثير ولن تنساك الجماهير .

اخر الأخبار