مشايخ البرازيل يدخلوا على خط التطبيع

تابعنا على:   02:13 2016-07-29

جادالله صفا

يوم 20 حزيران بلقاء غير مسبوق في البرازيل يجتمع اليهود والمسلمين على حفل ديني من الافطار اقامتة الكونفدرالية "الاسرائيلية" ببيت مسؤول القسم الديني، حيث لبى الدعوة كل من الشيوخ حسام احمد البستاني، ومحمد المغربي، وعبد الحميد متولي، بالاضافة الى ممثل عن المركز الثقافي البرازيل – تركيا، والمركز الاسلامي ولجنة الحوار بين الاديان والثقافات (المصدر (الكونفدرالية "الاسرائيلية" 24/06/2016)، وقنصل الامارات العربية صالح احمد السويدي يوم 23/06 اقام حفل افطار دعا اليه كل من رئيس الكونفدرالية "الاسرائيلية" بالبرازيل ومسؤول قسم الاديان فيها، وعن المؤسسات الاسلامية دعا الشيخ عبد الحميد متولي، المصدر (الكونفدرالية "الاسرائيلية" 04/07/2016).

هذه اللقاءات لا يمكن ان تكون بعيدة عن التطورات التي تحصل بالمنطقة العربية، فقنصل الامارات لا يمكن ان يقدم على خطوة كهذه دون موافقة حكومته، كذلك المشايخ ما كان لهم تلبية الدعوة دون طلب وموافقة من جهات حكومية عربية كالسعودية او قطر او الامارات او حركة الاخوان المسلمين ومموليهم.

البرازيل هي ساحة خصبة للتطبيع، وما يجري بالبرازيل له انعكاساته على مستوى القارة دولا وشعوبا وتجمعات، سواء كان لصالح القضية ام ضدها بحكم أن البرازيل لها وزنها الكبير على مستوى القارة واللاعب الاساسي، وأن أي موقف يصدر من البرازيل تكون له انعكاساته على كل دول القارة وشعوبها، وهذا ايضا ينعكس على قرارات الجالية الفلسطينية ومواقفها ايضا.

تنشط الحركة الصهيونية البرازيلية من خلال المؤسسات التي اقامتها للتجمعات اليهودية على مدار ما يزيد من قرن، حيث عملت على تنظيم التجمعات اليهودية واقامة المؤسسات التمثيلية القوية والمتينة ضمن سياسة تخدم بها المشروع التوسعي للحركة الصهيونية العالمية على الاراضي الفلسطينية المتمثل بالكيان الصهيوني، وتنشط ايضا باتجاه اضعاف اي حملة دولية او محلية على مستوى القارة وإفشالها تدعو الى ادانة او محاصرة الكيان الصهيوني نتيجة ممارسته وسياساته العدوانية، اما حالة التراجع الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية وصراعاتها الطائفية وتردي الواقع الفلسطيني على وجه الخصوص.

تطرح العديد من المؤسسات التي تنتمي الى الحركة الصهيونية بطريقة منظمة او مبادرة فردية ولكنها كلها تصب بخدمة المشروع الصهيوني، تطرح سياسة التقارب والتعايش رافعين شعار "لنضع الفروقات بيننا على جنب من اجل ان نعطي قيمة للحاجات المشتركة" حيث من يرفع هذا الشعار لم يحدد طبيعة هذه الفروقات ولا الحاجات المشتركة، وتجد هناك البعض من ابناء الجالية افلسطينية والعربية الاغبياء طبعا يلهثون وراء هذا الشعار، دون ان يفهموا مخاطره، والاقذر من ذلك انهم يتظاهرون بالوعي ليفندوا ادعاءات مقاومي التطبيع، معتبرين أن الصراع قائم على الارض الفلسطينية ونحن هنا بامكاننا ان نبني افضل العلاقات وامتنها مع التجمعات اليهودية، ففي هكذا حالة قد نكسبهم الى جانب قضيتنا ونضالنا العادل، وهذا الطرح لخطورته، يبرز أن الجانب الفلسطيني والعربي يضع نفسه فوق المؤسسة الفلسطينية الغائبة والمهمشة، والطرف الاخر يلاقي الدعم من المؤسسة الصهيونية التي تدعم هذا التوجه امام حالة التفكك للجالية العربية والفلسطينية، وهنا تطرح الاسئلة التالية: هل مثلا احتلال الاراضي الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني من ارضه هي فروقات وضرورة وضعها على جنب؟ ما هي الحاجات المشتركة التي تجمعهم؟ هل العداء لإيران هي من الحاجات المشتركة التي تبرر هذه العلاقة؟

الكونفدرالية "الاسرائيلية" تود من هذه العلاقات والتطبيع تمرير عدة رسائل الى المجتمع البرازيلي واخرى الى التجمعات العربية والفلسطينية المعارضة لهذه السياسة، بالنسبة للجانب البرازيلي تريد ان تقول لهم ان المحاولات التي تقومون بها لمقاطعة الكيان الصهيوني هي محاولات فاشلة واننا نتمكن من بناء افضل العلاقات وامتنها مع التجمعات الفلسطينية والعربية والاسلامية، لسان حالهم يقول أن"اسرائيل" بامكانها ان تعيش بامن وسلام اذا تمكن من القضاء على بؤر الارهاب التي تهدف بمشروعها واهدافها الى القضاء على دولة "اليهود"، و"اسرائيل" لا تشكل خطرا على الانسان الفلسطيني والعربي بشكل عام، فهي توفر الحماية لشعوب المنطقة من بطش وجرائم حركات ومنظمات الارهاب الدينية التي تمارسها الجماعات الاسلامية المتطرفة ضد العرب والمسلمين، ويجب ان تصب الجهود كلها من اجل القضاء على بؤر الارهاب والعيش بسلام، وهذا الطرح بجوهرة هو تزييف للحقائق، فالارهاب بالمنطقة العربية من اوجدته الحركة الصهيونية وكيانها والامبريالية العاليمة بقيادة امريكا، وتقول ان من يستقبل ويساعد اللاجئين هي الدول الغربية الامبريالية العالمية والحركة الصهيونية ليتظاهروا بانسانيتهم.

اما الرسالة الاخرى التي يريدون ايصالها للعرب اساسا، ان هناك خطرا يواجهكم وهو المد الايراني بالمنطقة، ومحاولاته لتعديل ديمغرافي بالبنية والكثافة السكانية، وهذا تقتنع به بعض الدول العربية كالسعودية والامارات وقطر وحركة الاخوان المسلمين، وترى بخطورة ايران على استقلال وسيادة دولها، والحركة الصهيونية بالبرازيل تعرف جيدا مدى ولاء وارتباط هذه الافراد او المشايخ المسلمين لهذه الدول الرجعية التي تقيدت اكثر من السابق بالشروط الصهيونية والامبريالية بعد ان اصبحت ايران دولة اقليمية، وأن الكثير من الفلسطينين والعرب يكنون العداء لايران والحكومة السورية العلوية وحزب الله وأن المجتمع العربي هو مجتمع مفتت طائفيا، ولهذا ترى الحركة الصهيوني ان تلعب على هذا الوتر الطائفي لتستفيد منه لتقسيم وتفتيت الجالية الفلسطينية والعربية، ليصبح امرا واقعيا لا يسمح المستقبل بالتلاحم والتعايش، ايضا هذه التفكير سهل للحركة الصهيونية العالمية من خلال ارتباطات بعض الحكومات والحركات الاسلامية بالمنطقة العربية مع هذا التوجه، لتعطي اوامرها لمشايخ المساجد بالبرازيل الى اللقاء مع قادة الكونفدرالية "الاسرائيلية" تماشيا مع هذا التوجه السياسي الجديد والخارطة السياسية التي بدأت خيوطها وحدودها ترسم بالمنطقة العربية.

بعض المنظمات غير الحكومية التي يديرها "اسرائيليين" قدموا من فلسطيني بعد الخدمة العسكرية، تمكنوا من توفير الكثير لبعض العائلات الفسطينية والعربية الذين لجئوا من سوريا كالمدارس الخاصة بدلا من الحكومية ووفرت حفلات اكل ودورات تقيمها باستمرار احدى العائلات الفلسطينية السورية التي على يبدو انها غير قادرة على ان تتحرر من هذه المنظمة وانها غرقت كثيرا بوحلها، كما ان هذه المنظمة إستغلت حاجة الناس الى المال والى العمل، لتدفع باتجاه دعم ورعاية تشكيل فرقة موسيقية مشبوهة من فلسطينين ولبنانين وسوريين ويهود.

الجالية الفلسطينية العربية امام تحديات كبيرة لمواجهة هذه المرحلة، وأن التصدي يكون من خلال المؤسسات القوية والمتينة للجالية الفلسطينية والعربية، وتعزيز العلاقات مع القوى الفلسطينية والعربية التي تهمها تنظيم الجالية الفلسطينية والعربية وتقوية مؤسساتها، بدون ذلك تبقى القضية الفلسطينية والقضايا العربية ضعيفة وسهلة الاختراق من قبل الحركة الصهيوينة والموساد الاسرائيلي ليلعب دوره بتحطيم الجالية وتفكيكها، فالاغلبية من جاليتنا الفلسطينية تعي ذلك وستتمكن من تجاوز هذه المرحلة والمحنة، وان المستقبل لقضيتنا الفلسطينية.

 

اخر الأخبار