خطاب الرئيس عباس في قمة "اللا أمل"..كي لا يبقى "ملطمة سياسية"!

تابعنا على:   10:54 2016-07-27

كتب حسن عصفور/ بدون أدنى شك، لم يتوقع أي متابع سياسي ما جاء في خطاب الرئيس محمود عباس، أمام القمة العربية في "نواكشوط" يوم 26 يوليوم 2016، والتي ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية رياض المالكي، بسبب غياب الرئيس "حزنا"..

الخطاب حمل كمية من "المفآجات" خارج النص المتداول وطنيا، بل أنها قد لا تكون جزءا منه من حيث المبدأ، فيما مر سريعا على واحدة من أهم قضايا النضال الوطني، قضية الأسرى، ويبدو أنها سقطت سهوا في خضم "المعركة اللغوية الكبرى" مع التآريخ البعيد"..

كان ملفتا في الخطاب، أن يعلن الرئيس عباس تأييده للعمليات العسكرية في اليمن، وهو موقف سياسي تجنبته منظمة التحرير وكل الفصائل الفلسطينية، كي لا نصبح طرفا من "خلاف سياسي عربي -عربي" وايضا عربي – إقليمي، وهو ما كان يجب تجنبه، خاصه وأنه ليس مجبرا على الحديث عنه بعد مرور كل ذلك الوقت على "أحداث اليمن"..

أما "أم المفاجآت" الكبرى في خطاب الرئيس عباس، هو مطالبته من الجامعة العربية المساعدة " لإعداد ملف قانوني لرفع قضية ضد الحكومة البريطانية لإصدارها وعد بلفور، وتنفيذه كسلطة انتداب بعد ذلك، الأمر الذي تسبب في نكبة الشعب الفلسطيني، وتشريده، وحرمانه من العيش في وطنه وإقامة دولته المستقلة مثل باقي شعوب المنطقة".

نعم، هي "أم المفاجآت" التي ربما ستسجل تاريخيا لـ"العهد العباسي"، سواء كانت مطالبة لا تخرخ خارج "خيمة قمة اللأمل"، أو أنها مطالبة لإحراج دول العرب، أو هروبا الى المجهول، من المواجهة الحقيقية، وفقا للمثل الشعبي السائد في بلادنا فلسطين، اللي بيكبر حجره ما بيضرب"..

ولأن المطالبة بمحاكمة بريطانيا على جريمتها الكبرى في "وعد بلفور"، لا يجب أن تكون وكأنها "فشة خلق سياسية"، وأن لا تلقى عبر خطاب غاب عنه صاحبه أساسا، قبل أن تكون جزءا من مشروع سياسي كامل الأركان، توافق عليه الأطر الرسمية، خاصة اللجنة التنفيذية، أما أن تفاجئ "الخلية القيادية الإولى" للشعب الفلسطيني كما أهل فلسطين داخل الوطن وخارجه، بمثل هذا الطلب، فتلك لا تمنحه "الجدية الكاملة"..

ولكن إفتراضا أن الرئيس عباس جاد كل الجدية في مطلبه لمطاردة بريطانيا، مستغلا "هشاشة موقفها بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي"، هل شكل لجنة خاصة بهذا الطلب، لجنة فلسطينية مستقلة، أم أنه سيضيفها الى مهام "لجنة عريقات" التي تقول أنها "ستقدم طلبا الى المحكمة الجنائية ضد دولة الكيان على جرائم حرب ارتكبتها" منذ أكثر من عام، ولا تزال تدرس وربما ستبقى تدرس الى ما لانهاية..

ملاحقة بريطانيا هو حق سياسي مشروع، ولكن أليس من الضرورة أن يسبق تلك الخطوة، أو بالتوازي معها، إعلان دولة فلسطين، التي صادقت عليها الأمم المتحدة منذ أربع سنوات، في قرار هو الأهم منذ عام 1948 لتجسيد الكيانية - الهوية الفلسطينية رسميا في إطار دولة معترف بها، ويكون من حق الدولة إستكمال باقي ما لها من "حقوق مهدورة"، سواء مطاردة الغاصبين أو مانحيهم حق الإغتصاب..

الجدية السياسية لا تكتفي بطلب عاطفي جدا، بل وحق سياسي جاد، لكن "العرض العبثي" هو ما يحيله من حق سياسي الى مهزلة سياسية، خاصة وان هناك ما هو أكثر جدية والحاحا وحيوية من ذلك الطلب، تقديم دولة الكيان الى "المحكمة الجنائية الدولية"، وفقا لتقرير غولدستون وما تلاه، وما سبقه من جرائم مسجلة دوليا، بما فيها مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982..وجرائم بلا حصر..

الجريمة السياسية، هو أن يتم الاستمرار في الحديث تحت شعار ..نريد العمل..نريد تقديم..بحث سبل..ندعو الى .." والنهاية صفر مربع ومكعب ومثمن"، قل ما تريد قوله..

ملاحقة المجرم والجريمة ليس خطابا ولجنة واجتماعات وكفى، ولكنها فعل متراكم يصبح "خلية عمل حقيقية"، تخلق واقعا جديدا يدرك العالم قبل أهل فلسطين جديته الكاملة..

ويبدو أن الخطاب الرئاسي أصر على تقديم واحدة من أغرب "الطرائف السياسية"، عندما طالب بعدم تطبيع العلاقات أو التنسيق الأمني مع اسرائيل قبل إنهاء الاحتلال، حيث قال ،"نحذر من مفهوم يتمُ تداولهُ ويُروج له تحت مسمى" التعاون الإقليمي أو الأمن الإقليمي" بهدف خلق تنسيق أمني إقليمي بين إسرائيل والدول العربية يهدف إلى تطبيع تلك العلاقات قبل تحقيق هدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية"..

طلب جاء بعد ساعات قليلة فقط عن كشف دور السلطة بتمرير واحدة من "أشكال التطبيع السياسي - الأمني" مع دولة الكيان بترتيب زيارة للواء سعودي متقاعد، وبتنسيق كامل مع عضو مركزي حركة فتح جبريل الرجوب، وهو أيضا يحتل منصبا رسميا "المجلس الأعلى للشباب والرياضة"..وقبلها بأيام أعلنت هي والكيان عن البدء في بناء منطقة تجارة حرة في أريحا تفتح الباب للإستيراد والاستمثار العربي في فلسطين، عبر تعاون مع دولة الكيان..دون أن تشترط انهاء الاحتلال أصلا!

يبدو أننا أمام "شيزوفرنيا سياسية نادرة" بأن يطالب الرئيس في خطاب بشيء، ويقوم بتنفيذ نقيضه على الأرض..

قبل الطلب من العرب، هل يلتزم الرئيس عباس وحكومته وأجهزته الأمنية بتنفيذ قرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية بوقف التنسيق الأمني مع الكيان، وتحديد كل أشكال العلاقة معها..وقبل كل ذلك يعود لإحترام قرار أعلان دولة فلسطين، لقطع العلاقة مع المرحلة الانتقالية كليا..

كي لا يصبح خطاب الرئيس عباس شكلا من "اشكال الملطمة السياسية والهروب غي المنظم"، وكي يأخذ منحى لمصداقية سياسية، عليه تنفيذ قرارات "الشرعيتين الفلسطينية والدولية"، والعمل الحقيقي لإعادة الروح لمنظمة التحرير واغلاق ملف الانقلاب - الانقسام..دون ذلك تكون لدينا نص كلامي للعامة بشي وللخاصة بشيء آخر..!

ملاحظة: حسنا نفت حركة حماس ما نسب لخالد مشعل من تصريحات حول "الاعتراف " بالكيان..النفي عاد لمن ترجم المقابلة ولم ينف المقابلة أصلا..هل تعيد وسائل اعلام حماس نص المقابلة كما نشرت في وسائل الاعلام الهندية..كما تفعل دائما في مقابلته..ليطمأن الشعب!

تنويه خاص: نتنياهو واصل أعلى درجات السخرية - الاستهزاء من الحال العربي..من يجرؤ على مقاتلة اسرائيل ومحاربتها..هذا إدعاء لم يسبق قوله في زمن قديم..يا مصائبنا المركبة!

اخر الأخبار